الوزير بلينكن … هناك عود ثقاب
اخيراً صدر القرار الذي كان متوقعاً ، فالولايات المتحدة الامريكية ظلت دوماً تتبني المواقف الخطأ في السودان ، وكان هناك قليلون جداً لديهم أمل في ان يحدث تغيير ما في طريقة تفكير واشنطن ، التي ظلت اسيرة لوجهة نظر نشطاء الحرية والتغيير وبعض مواطنيها الفاعلين في قضايا بلادهم الام ، وهولاء يؤثرون وبشدة على جهات نافذة في صناعة القرار داخل الخارجية الامريكية بل والبيت الابيض ، وانشأوا تحالفاً شريراً حقق مصالح كبيرة لافراده على حساب الشعب السوداني الذي عانى بسببهم ومات عشرات الالوف منه بسبب السياسات الامريكية الجائرة والمنحازة .

تلك المجموعات ظلت تحمل عداءً لا يمكن تفسيره ضد السودان وكنا نظنه موجهاً للاسلاميين ، لكن وضح اخيرا انهم ضد جغرافيا معينة تمثلها الخرطوم ،التي تتعرض الان لنكبة لا مثيل لها في العصر الحديث ! حين تحول انقلاب عسكري قامت به قوات الدعم السريع التي هي قوات شبه عسكرية تابعة للجيش نفسه ، مدعومةً من الحرية والتغيير، الى حرب بلا سقوفات انسانية ولا اخلاقية دمرت عاصمة البلاد ومدن اخرى .

لقد رفض المسؤولون الامريكيون مجرد الاشارة الى ما تعرضت له المدينة الاكبر في البلاد وذات الكثافة السكانية الاعلى ، التي ارتكب فيها الدعم السريع جرائم وحشية ترقى لتكون جرائم ضد الانسانية ،تم فيها قتل الالاف وانتهاك كامل وشامل لحقوق الانسان وعنف جنسي واختطاف واسترقاق للنساء !! لقد رفضت الولايات المتحدة مجرد الاشارة للخرطوم !! التي دمرت فيها مؤسسات الدولة التعليمية والخدمية ، حولت فيها المليشيا المستشفيات الى ثكنات عسكرية ، وقتلت النساء في غرف الولادة ! دمرت المتاحف والمكتبات والمساجد والكنائس ، أجبرت اكثر من 7 مليون نسمة على مغادرة منازلهم ، وفقدت منها حوالي 700 فتاة ، وانتهكت كرامة الالاف من نسائها ، الخرطوم التي اختفى منها قسريا أكثر ثمانية الف مواطن .

السيد انتوني بلينكن وزير الخارجية الامريكي اتهم السيد . على كرتي والمتشددين الاسلاميين بعرقلة التحول الديمقراطي والاتفاق الاطاري ! هل اطلع السيد بلينكن على هذا الاتفاق؟! ، الذي حجر على قطاع غالب من القوى السياسية ذات الثقل المشاركة السياسية!! ،

ومنعها من المساهمة في تقرير مستقبل بلادها او المشاركة فيه ، وقد قاومه الاسلاميون وآخرون بالوسائل الديمقراطية المعلومة بالمظاهرات والاحتجاجات والخطابات والمذكرات وبالاعلام والسوشيال ميديا ، لم يحملوا سلاحاً ولم يثيروا عنفاً ! بل ان البيان الامريكي للغرابة اتهمهم بمعارضة المدنيين !! وهل الاسلاميون وبقية القوى الوطنية السودانية التي تضم الموظفين والمزارعين والعمال والتجار ، النساء والشباب والطلاب وغيرهم ليسوا مدنيين !

ما هي المعايير التي تصنف وفقاً لها الولايات المتحدة والسيد بلينكن السودانيين الى مدني وغير مدني؟ هذا الموصوف بأنه مدني تسانده امريكا ولو تحالف مع مليشيا بربرية ووحشية !!

ان هذه العقوبات هي رسالة تهديد لكل القوى السياسية والمجتمعية التي رفضت الاتفاق الاطاري ، ومارست حقها الدستوري والقانوني في مقاومته عبر الطرق السلمية والاساليب المدنية وفق مقتضيات الديمقراطية ، ولذلك فإن الاتهامات الامريكية للأمين العام للحركة الاسلامية مولانا علي كرتي ، تدعو للرثاء ، فهذه القوى الكبرى والمنفردة التي يتضعضع نفوذها ومكانتها الدولية تصر على الاستمرار في طريق الفشل ! وهذا بسبب سياساتها هي ! وسلوكها هي ! حتى اصبحت شبه عاجزة عن القيام بمستحقات قيادة العالم ، وتحولت لخصم للجميع ! وبسبب قصر نظر موظفيها المختصين برز الان منافسون حقيقيون يزاحمونها على النفوذ ، وقد تعلموا من اخطاء هذا الفيل الذي صارع حتى النمل والنحل !! ،

كان حريّاً بالاستابلشمنت الامريكية معالجة هذا الوضع بالتريث ودراسة اسباب هذا التقهقر وهذه التململ منها الذي شمل حتى حلفائها التاريخيين، الذين فكروا في توسعة نفوذهم على حساب واشنطن في افريقيا عامة وفي السودان تحديداً ، لكن على العكس فانها تكرر ذات السياسات الخاطئة ، وذات المواقف التي كانت هي دوما الخاسر منها في النهاية .

ان فرض العقوبات على كرتي استناداً على المبررات البائسة التي ظل يجترها الدعم السريع وجناحه السياسي الممثل في الحرية والتغيير ، والتي يسعيان عبرها للخروج بأقل الاضرار من الجريمة التي ارتكباها بحق السودان والسودانيين ،

وان نجاحهم في استخدام الخارجية الامريكية وموظفيها في معركتهم هذه لن يثني كرتي وغيره من القيادات الوطنية الحرة ، التي اتسمت بالموضوعية ورفعت دوماً صوتها بالدعوة للوفاق الوطني وبالحفاظ على استقرار البلاد والاقليم ، عن القيام بدورهم الوطني .

ان هذا القرار وضع الرجل الذي اسماه زملاءه في مجلس وزراء الخارجية العرب ” حكيم العرب” في مكانة رفيعة لم يكن جهده وبذله الشخصي كافياً لدفعه اليها ،

فان اتهام “الناظر ” كما يناديه الشباب بالدفاع عن حق السودانيين جميعاً في ممارسة حقوقهم السياسية ضد الدعم السريع وحلفائه عبر وقوفه ضد الاتفاق الاطاري ، ثم الدفاع عنهم وعن اعراضهم ووجودهم ضد الدعم السريع وحلفائه في حرب الكرامة ، حوله لرمز وطني يقود المقاومة الشعبية المساندة للجيش الوطني دفاعاً عن النفس والعرض والمال وهذه المقاومة تضم طيفاً عريضاً من السودانيين يشكل الذين تعرضوا لوحشية وعنف الدعم السريع الاغلبية فيها ،

وبذلك قضى هذا القرار على امال الذين سعوا لاقصائه و الاسلاميين عن المشهد في السودان .

سيوسع هذا القرار المسافة بين اميركا والاجيال الجديدة من الشباب الواعي و المنحازين للعمق الافريقي ،

هذا الشباب يسعى لما اصطلح عليه بالاستقلال الحقيقي ، واللافت للنظر في هذه الحركة الشعبيةً الشبابية الافريقية القوية المناهضة للنفوذ الغربي واستغلاله الجشع لموارد افريقيا ، والداعية لبناء علاقات جديدة بين المستعمرين السابقين وافريقيا ، وان تكون هناك علاقة تعاون متكافئة بين الطرفين ، لم يعد هذا الخطاب حكراً على الاسلاميين بل movement تنتظم القارة ، ما زالت امريكا لا تراها ولا تهتم بدراستها ، ولا تعمل على تغيير سياساتها !!
.
كنا نأمل ان تتصرف الادارة الامريكية بشجاعة وتفرض العقوبات على الدول التي تغذي الحرب وتمد من امد الصراع في السودان ، والتي تتعامل برعونة في اقليم هش .. قابل للانفجار والانهيار في كل لحظة ، اقليم يبدو كأرض مليئة بالاعشاب الجافة ، وتحتاج فقط الى عود ثقاب ! وقد القاه بعض حلفائكم في السودان ، فتمدد الحريق شرقاً وغرباً ، وما زال ينتشر ..

سناء حمد

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الدعم السریع فی السودان

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة من الدعم السريع

أعلن الجيش السوداني، يوم السبت، استعادة مدينة سنجة الرابطة بين ولايتي سنار والنيل الأزرق الحدودية، من قوات الدعم السريع.

ونشر الجيش مقاطع فيديو يقول فيها إنه استعاد السيطرة على مقر قيادته وكامل أجزاء المدينة.

ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023، كانت المنطقة تعتبر ملاذا آمنا للنازحين من الخرطوم والجزيرة في وسط البلاد، لكن منذ أكثر من 7 أشهر تشهد المنطقة عمليات قتالية عنيفة ظلت سجالا بين الطرفين وسط تقارير عن انتهاكات كبيرة ارتكبت في حق المدنيين.

ومنذ اندلاع الاشتباكات فيها في يونيو الماضي شهدت المدينة حركة نزوح كبيرة للسكان في اتجاه الجنوب نحو ولايتي النيل الأزرق والقضارف، حيث تشير تقديرات إلى نزوح أكثر من 80 في المئة من السكان.

 وخلال الأشهر الأربع الماضية تعقدت الأوضاع الميدانية أكثر في المنطقة في ظل هشاشة أمنية كبيرة، ما أدى إلى إغلاق معظم الطرق التي استخدمها السكان للخروج من سنجة.

وأثارت المعارك العنيفة في محور ولايتي سنار والنيل الأزرق الواقعتان جنوب شرق البلاد تساؤلات حول أهمية هذا المحور والتبعات السياسية والعسكرية التي قد تترتب على الواقع الجديد الذي أحدثته المعارك الأخيرة.

وتربط المنطقة التي تضم مدنا مثل سنجة وسنار والدمازين بين 4 ولايات حيوية في وسط وغرب السودان، كما تبعد مدينة الدمازين على مسافة 100 كيلومترا من الحدود مع أثيوبيا، كما ترتبط المنطقة بحدود مباشرة مع دولة جنوب السودان التي انفصلت عن السودان في العام 2011.

 ومن الناحية العسكرية، تشكل المنطقة خط امداد لوجستي مهم لربط القوات الموجودة بوسط البلاد بالحاميات الموجودة هناك.

وتعتبر المنطقة واحدة من أغنى المناطق بالبلاد وتضم مشاريع زراعية وانتاجية شاسعة المساحة، من بينها مشروع السوكي الزراعي، وعدد من المشاريع الكبرى.

وتضم أيضا خزاني الروصيرص وسنار اللذان يسهمان بنحو 52 في المئة من الإمداد الكهربائي في البلاد ويتحكمان في قنوات الري الرئيسية التي يعتمد عليها مشروع الجزيرة وهو أكبر مشروع على مستوى العالم يروى بنظام الري الانسيابي ويقع على مساحة 2.3 مليون فدان.

وتضم المنطقة أيضا محمية الدندر التي تعتبر اكبر محمية طبيعية في أفريقيا وتمتد على مساحة 10 آلاف كيلومتر مربع، وتعتبر المنطقة موطنا لأكبر الغابات في السودان حيث تشكل أكثر من 80 في المئة من مساحات غابات البلاد.

مقالات مشابهة

  • السودان يجدد مطالبته للمجتمع الدولي بتصنيف الدعم السريع جماعة إرهابية
  • البرهان يعلق على أنباء التسوية مع الدعم السريع
  • البرهان: لا تفاوض ولا تسوية مع "قوات الدعم السريع" 
  • الدعم السريع يهاجم أم درمان بالمسيرات ويقتحم 10 قرى بشرق النيل
  • الجيش السوداني يكثف ضرباته على مواقع الدعم السريع في الخرطوم وبحري
  • الجيش السوداني يسيطر على مدينة سنجة ويلاحق عناصر الدعم السريع
  • إيكونوميست: هذه تداعيات تبدل أحوال الدعم السريع في السودان
  • الجيش يعلن استعادة مقر الفرقة 17 من الدعم السريع وسط السودان
  • لماذا توقفت أميركا عن تأييد الدعم السريع؟
  • الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة من الدعم السريع