احتفلنا بالأمس بالذكرى الـ٥٣ لرحيل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر. وفى مثل هذه المناسبة نعيش حالة من حالات الاستفزاز وتصفية الحسابات السياسية والشخصية والنفسية من رجل رحل منذ أكثر من نصف قرن!! وهذا يعنى عمليا وموضوعيًا أهمية الرجل وعصره ومواقفه سواء كانت فى الإطار الايجابى أو السلبى. وهذا أمر طبيعى حيث أن ناصر بشر غير مقدس ويخطئ ويصيب.
وضمن هذه الأحكام العاطفية المطلقة من يقول (لا وجود للديمقراطية فى عصر ناصر). فنسمع أكلاشيهات وشعارات أصبحت محفوظة ومملة من كثرة تكرارها. فما هى حكاية الديمقراطية هذه؟.. بداية، فالديمقراطية مصطلح يونانى يعنى حكم الشعب بالشعب وللشعب. مع العلم أن هذه الديمقراطية اليونانية لم يشاهد فيها الشعب ولم يمارس أى ديمقراطية حيث كانت ديمقراطية نخبة النخبة ولا وجود للشعب!! حيث كانت ديمقراطية مباشرة أى يجتمع مايسمون بالشعب ويناقشوا مايريدون. ثم تطور الأمر واخذت الديمقراطية أشكالًا متعددة اتساقًا مع المتغيرات السياسية فكانت الديمقراطية الغير مباشرة ثم الديمقراطية النيابية التى ينتخب فيها الشعب نوابًا ينوبون عنه فى التعبير عن الرأى. كما أننا نشاهد الآن انحسارا عمليا للديمقراطية النيابية معطية الفرصة للديمقراطية الجماهيرية (الشعبوية) عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي. على كل الأحوال فهذا يعنى أن الديمقراطية مسمى ومصطلح لا ينحصر فى ظل نظام بذاته. بالانظمة والتجارب السياسية لا تستنسخ ولا تستورد وإن كان هناك استفادة تتوافق مع المعطيات المجتمعية والسياسية والاقتصادية لكل نظام.
هنا وللموضوعية فالحديث عن ديمقراطية عبد الناصر لا يجب حصرها وحصارها فى إطار الشكل الديمقراطى الغربى التقليدى الذى كان يتوافق مع تلك الشعوب ومع معطياتها المعاشة هناك.
فالمعطيات السياسية عند ثورة يوليو كان تحتويها مناخ استقطاب دولى بين قوتين لكل منهما أهدافه. فكانت الديمقراطية التعددية وديمقراطية الحزب الواحد. فماذا حدث فى مصر؟ قامت الثورة فى شكل انقلاب تحول إلى ثورة. ولم يكن لدى الضباط برنامج ثورى متكامل حينها. ولكن كان الهدف هو إسقاط الملكية وتسليم الحكم للأحزاب عن طريق الديمقراطية التى تخول الحكم للحزب الحائز على الأغلبية مثل ماكان قائما قبل يوليو. فكانت تلك الأحزاب التى يتشدقون بديمقراطيتها الأن أحزابًا لا يعنيها غير مصلحة نخبتها السياسية والاقتصادية وهذا معروف تاريخيًا. هنا أدرك الضباط أن عودة النظام الحزبى القديم يعنى عودة للنظام المسقط. تغيرت الأمور وكانت المستجدات التى فرضت نفسها لمواجهة تلك المتغيرات السياسية فكان نظام الحزب الواحد. تطورت أشكال الحزب الواحد من هيئة التحرير إلى الاتحاد القومى إلى الاتحاد الاشتراكى. فنجد هذا التطور فى تلك المسميات. هيئة الحرير تناسبًا لمرحلة التحرير من الملكية والاستعمار. الاتحاد القومى يعنى اتحاد الشعب لحماية الثورة والحفاظ على مكاسبها. الاتحاد الاشتراكى بعد القوانين الاشتراكية فهو تنظيم يضم كل قوى الشعب. هنا نقول إذا كانت الديمقراطية فى جوهرها وليس فى أشكالها المتعددة تعنى المشاركة فى اتخاذ القرار عن طريق التعبير عن الرأى وتنفيذ مطالب الشعب وتحقيق آمال الجماهير، فهل كانت أحزاب ماقبل الثورة تفعل ذلك وتطبق هذا؟.. نعود إلى الحزب الواحد. كان الاتحاد الاشتراكى ومنظمة الشباب الاشتراكى والحزب الطليعى (غير معلن) يقومون يوميًا بتقديم تقارير بمشاكل الجماهير وقضاياها (زراعة، صحة، تعليم، ثقافة.. إلخ) إضافة إلى آخر نكته باعتبار أن النكتة أحد أساليب التعبير فى إبداء الرأى فى السلطة. كانت التقارير تصعد من القرية إلى المركز إلى المحافظة إلى المستوى المركزى وصولًا إلى رئيس الجمهورية. أى أنها تقارير شعبية وجماهيرية لا تقارير أمنية فقط. كما كانت مجالس المدن والمحافظات تشكل من الجهاز التنفيذى وقيادات الاتحاد الاشتراكى فكانت المشاكل تطرح وتحل فى الاجتماع بقرارات وليست توصيات. كان هذا أسلوب ونظام توافق مع المعطيات والاهداف السياسية التى كان لا هدف لها غير الجماهير وحل مشاكلها وتحقيق آمالها. وكان الشعار أن الديمقراطية هى تحقيق حياة تحقق العدالة الاجتماعية الحقيقية وليس الصراعات الحزبية. هنا لا تقول أن ذلك النظام يصلح الآن فكل نظام إبن زمانه. ولكن نقول إنها كانت تجربة حققت الكثير والكثير للشعب ولازالت باقية فى الوجدان المصرى وستظل هادية لتحقيق الاستقلال السياسى (طوال الوقت) والاستقلال الاقتصادى والعدالة الاجتماعية. فهل نعى أهمية الحوار الموضوعي بعيدًا عن اختلاق صراعات لا تليق بوطن يعانى من مواجهات لا أول لها ولا آخر؟.. حمى وحفظ الله مصر وشعبها العظيم.
*كاتب سياسى ونائب سابق
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الزعيم الخالد جمال عبد الناصر
إقرأ أيضاً:
بالصور: الجبهة الديمقراطية تؤكد تمسك الشعب الفلسطيني بأرضه وحقوقه
نظمت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، اليوم الأربعاء وقفة جماهيرية وسط مدينة غزة ، رفضاً لخطط ترامب للتهجير وتنديداً بقرار الاحتلال حظر الأونروا ، وسط مشاركة جماهيرية حاشدة.
بدوره، توجه عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية محمود خلف، بالتحية لأبناء شعبنا النازحين الذين تدفقوا كالطوفان إلى ديارهم وخاصة في شمال قطاع غزة.
وقال خلف في كلمة ألقاها أمام جموع المحتشدين في ميدان فلسطين وسط مدينة غزة، إن "عودة النازحين يؤكد تمسك أبناء شعبنا بالأرض والهوية الوطنية ورفضهم لكافة المخططات الهادفة للتهجير الطوعي أو القسري وإسقاط خطة الجنرالات لتهجير وتفريغ شمال قطاع غزة من أهله وتحويله إلى منطقة عازلة للاحتلال".
فشل "خطة الجنرالات"
وأضاف خلف "فشلت خطة الجنرالات بفعل صمود وإرادة أبناء شعبنا في شمال القطاع برفضه إخلاء المدن والقرى والمخيمات رغم الثمن الكبير الذي قدمه من آلاف الشهداء والجرحى والأسرى، وحجم الدمار الهائل على طول أكثر من مئة يوم من الحرب الإسرائيلية في شمالي قطاع غزة وأكثر من 15 شهراً من الحرب على القطاع".
وشدد خلف على أن تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تهجير أبناء شعبنا في قطاع غزة إلى دول عربية وغير عربية تحت دعاوى "منع الفوضى"، هي محاولة خبيثة لإعفاء حكومة الاحتلال برئاسة نتنياهو من مسؤولياتها عن تدمير وتقتيل وتجويع شعبنا في قطاع غزة.
نكبة جديدة
وأكد القيادي في الجبهة الديمقراطية أن شعبنا الفلسطيني راسخ بأرضه ولن يتخلى عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين هجروا من ديارهم وعاشوا ويلات التهجير على مسيرة 77 سنة في المخيمات والمنافي والشتات.
وتابع خلف كلمته، قائلاً إن "شعبنا يعتبر خطة ترامب للتهجير بأنها "نكبة جديدة" على غرار نكبة 1948"، مشيداً بالموقفين المصري والأردني في رفض تهجير أبناء شعبنا في قطاع غزة.
حظر "الأونروا"
وفي ذات السياق، أكد القيادي في الجبهة الديمقراطية رفضه وإدانته الشديدتين لقرار الكنيست الاسرائيلي بحظر عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" للنيل منها ونزع الشرعية السياسية والقانونية عنها كونها الشاهد الحي على قضية اللاجئين وحق العودة وويلات التهجير.
بالمقاومة والوحدة
وجدد خلف دعوته إلى استعادة الوحدة الداخلية وطي صفحة الانقسام الأسود بتطبيق اتفاق بكين، مؤكداً أن مفتاح الانتصار على الاحتلال والعدوان الإسرائيلي وكنسه بالوحدة والمقاومة.
وفي ختام كلمته، توجه بتحية الاجلال والاكبار لشهداء ومفقودي شعبنا الفلسطيني، متمنياً الشفاء العاجل للجرحى والمرضى، وأكد أن شمس الحرية آتية لا محال.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين حماس: نتوقع أن تكون المراحل المقبلة من المفاوضات معقدة وصعبة الخارجية: لا يمكن شطب أو الاستغناء عن "الأونروا" وفقا للقانون الدولي الرئاسة الفلسطينية تعقب على قرار إسرائيل وقف عمل الأونروا الأكثر قراءة الأردن : السلطة الفلسطينية يجب أن تتولى مسؤولية غزة مبعوث ترامب يبدأ خلال أيام محادثات المرحلة الثانية لاتفاق وقف إطلاق النار غزة: الإعلامي الحكومي يصدر تحذيراً عاجلاً للمواطنين الاقتصاد: السلع الأساسية متوفرة في الأسواق وتكفي لـ6 أشهر عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025