وعود وأخطار العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت في البلدان النامية
تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT
سرايا - تتيح فرص العمل الكريم للجميع أضمن سبيل للإفلات من براثن الفقر المدقع، فضلا عن تعزيز الرخاء المشترك للجميع. ومع قيام التكنولوجيات الجديدة بإحداث تحولات في الاقتصادات العالمية، علينا توسيع نطاق تفكيرنا بشأن فرص العمل في البلدان النامية.
ويمثل اقتصاد العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت، من خلال المنصات الرقمية التي تعمل على التوفيق بين العمالة المتاحة والمهام المطلوبة من جانب العملاء، ما يصل إلى 12 % من سوق العمل العالمي.
وإلى جانب ذلك، يوفر العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت مصدر دخل ضروريا في أوقات الصدمات والفترات الانتقالية، ويساعد على بناء المهارات الرقمية للعمالة الأصغر سنا ويوفر فرص كسب مرنة للجميع، وعلاوة على ذلك، توفر منصات العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت أيضا مصدرا فعالا من حيث التكلفة من أصحاب المواهب للشركات الصغيرة والناشئة، وبالتالي مساندة الشركات للحفاظ على الإنتاجية والمرونة، والتكيف مع التحولات السريعة في طلب السوق.
وتماشيا مع نمو الاقتصاد الرقمي وروح الابتكار في جميع أنحاء العالم، نجد الطلب على العمالة الحرة عبر الإنترنت في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل آخذا في الارتفاع ويسير بوتيرة أسرع مقارنة بالدول الصناعية، ففي أفريقيا جنوب الصحراء على سبيل المثال، زادت إعلانات الوظائف المنشورة على منصة رقمية كبيرة للعمالة بنسبة 130 %، في حين لم يتجاوز معدل نموها في أميركا الشمالية 14 % من 2016 إلى 2020. ومن المثير للاهتمام نجد بين البلدان متوسطة الدخل أن الشريحة الدنيا من هذه البلدان تساهم في الطلب على العمالة الحرة المؤقتة عبر الإنترنت أكثر من الشريحة العليا من هذه البلدان، والسبب الرئيسي في ذلك هو تلبية احتياجات الشركات الصغرى والصغيرة والمتوسطة.
ومن المثير أيضا أن أثر العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت في الاقتصادات الصاعدة غير مفهوم بصورة كبيرة ويتطلب الأمر مزيدا من الاهتمام لتحديد الطاقات الكامنة لهذه النوعية من العمل. فما هي أفضل السياسات لتعظيم منافع العمل الحر عبر الإنترنت في الاقتصادات النامية؟ وما اللوائح والضوابط اللازمة لحماية العمالة الحرة عبر الإنترنت؟ وما الدور الذي تؤديه منصات العمل الحر المحلية والإقليمية؟
ويتتبع تقرير جديد للبنك الدولي بعنوان "عمل بلا حدود: وعود وأخطار العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت"، العمالة المؤقتة عبر الإنترنت في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك من يعملون عبر المنصات المحلية أو يستخدمون لغات أخرى غير الإنجليزية، وهذه العمالة غالبا ما يتم تجاهلها في معظم الأبحاث. وكشف هذا التقرير أن انتشار العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت على مستوى العالم أكبر بكثير من التقديرات السابقة، وما يصل إلى 435 مليون شخص يؤدون هذا العمل كعمل ثانوي.
ما يزال الكثير من العمال محرومين من فرص العمل الحر عبر الإنترنت حيث إن ما يقرب من 3 مليارات شخص على مستوى العالم لم يستخدموا الإنترنت في عام 2022، ومعظمهم في البلدان النامية. ولمواجهة هذا التحدي، يعمل البنك الدولي مع الحكومات والقطاع الخاص لسد هذه الفجوة. ويشمل ذلك إصلاحات على مستوى السياسات وتوفير التمويل من القطاعين العام والخاص وبرامج الدعم الذكية لشرائح سكانية محددة لتحفيز نشر البنية التحتية الرقمية في المناطق الريفية وزيادة القدرة على تحمل تكاليف خدمات الإنترنت عالية السرعة والأجهزة الرقمية واستخدامها. وبالإضافة إلى ذلك، يعد بناء المهارات الرقمية غاية في الأهمية. وفي بنغلاديش وماليزيا وكوسوفو، تقدم الحكومات دورات تدريبية على العمل الحر عبر الإنترنت لمساندة الشباب والنساء وأفقر 40 % من السكان على وجه التحديد.
تواجه الغالبية العظمى من العمالة الحرة المؤقتة عبر الإنترنت، مثل معظم العمالة غير الرسمية في البلدان النامية، مخاطر مثل عدم استقرار الدخل، وصعوبة ظروف العمل، ومحدودية القدرة على الادخار. ولا تتمتع هذه العمالة بالحماية الاجتماعية، لا سيما في البلدان منخفضة الدخل، حيث إن أكثر من 90 % من القوى العاملة غير مشتركين في التأمينات الاجتماعية وبالتالي لا يخضعون للوائح العمل. وعلى النحو المبين في نظام البنك الدولي للحماية الاجتماعية، ينبغي للحكومات أن تتبع أساليب مبتكرة لتوسيع نطاق التغطية لتشمل العمالة غير الرسمية والعاملين لحسابهم الخاص، ومنهم العمالة الحرة المؤقتة عبر الإنترنت.
ويمكن للتكنولوجيا الرقمية أن تتيح أنواعا جديدة من الحلول، كما يمكن أن تساعد منصات العمل الحر عبر الإنترنت في زيادة التعريف بالعمالة عبر الإنترنت، مما يدعم جهود الحكومة لتوسيع نطاق مظلة الحماية الاجتماعية. وتتخذ العديد من البلدان خطوات في هذا الاتجاه وتعمل مع المنصات لتشجيع العمالة على التسجيل والاشتراك في مظلة التأمينات الاجتماعية. على سبيل المثال، تعاونت الحكومة في ماليزيا مع إحدى منصات العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت لتقديم مساهمة مقابلة قدرها 5 % للعاملين في سوق العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت لمن يشتركون في برنامج مدخرات التقاعد الحكومي.
وبالإضافة إلى ذلك، من الضروري تصميم أشكال أكثر حداثة من التفاوض الجماعي للعمالة غير الرسمية مثل العمالة الحرة المؤقتة عبر الإنترنت. وتعد التقييمات من جانب الجمهور لأصحاب العمل والشركات والمنصات أو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتجميع مجموعات العمالة المتفرقة أمثلة على استخدام التكنولوجيا لإعداد نماذج وحلول جديدة.
وعلى الرغم من أن عدد النساء المشاركات في اقتصاد العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت أكبر من عدد النساء في سوق العمل العام ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى مرونة العمل عبر الإنترنت، نجد فجوة الأجور بين الجنسين ما تزال قائمة . فعلى سبيل المثال، في بعض منصات العمل الحر عبر الإنترنت في البلدان النامية، تحقق النساء دخلا أقل من الرجال ــ في الأرجنتين، يقل دخل النساء من العمل بنسبة 68 % عن دخل نظرائهن من الرجال.
على الرغم من أن العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت ما يزال شكلا جديدا وسريع التطور من أشكال العمل، فقد ترسخ بشدة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، بل ويتيح سبيلا ممكنا للإفلات من براثن الفقر، ويربط العمالة بفرص العمل على مستوى العالم.
كما يتيح فرصة لمجموعة متزايدة من الشباب المتحمسين لتعلم المهارات الرقمية والتوسع فيها بهدف الكسب من العمل، فضلا عن أن هذا العمل يمثل خيارا عمليا للنساء اللاتي يواجهن قيودا كبيرة في أسواق العمل التقليدية. وأصبح هذا العمل مصدرا مرنا لأصحاب المواهب التي يحتاجها رواد الأعمال والشركات لتنمية أعمالهم، وبالتالي خلق المزيد من فرص العمل.
ومن خلال التركيز على توسيع نطاق الربط الرقمي وبناء المهارات الرقمية ومساندة جهود توسيع نطاق تغطية برامج الحماية الاجتماعية، يمكن زيادة أعداد من ينعمون بالازدهار والرفاهية في عالم العمل الجديد عبر الإنترنت.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: فی البلدان النامیة المهارات الرقمیة عبر الإنترنت فی على مستوى فرص العمل
إقرأ أيضاً:
تفاصيل خطة اللجنة الاستشارية لإعادة إعمار غزة بنقابة المهندسين
أعلنت اللجنة الاستشارية لإعادة إعمار غزة بنقابة المهندسين، خطتها العاجلة لإعادة إعمار القطاع، وذلك خلال مؤتمرها الصحفي الذي عقدته اليوم، بحضور المهندس طارق النبراوي- نقيب مهندسي مصر، والمهندس محمود عرفات- أمين عام النقابة، واللواء المهندس أحمد زكي عابدين- رئيس اللجنة، وأعضاء اللجنة.، والمهندس كريم الكسار- الأمين العام المساعد، والدكتور المهندس عبد القوي خليفة والدكتور المهندس محمد عبد الغني، عضوا اللجنة.
وخلال المؤتمر الصحفي أعلنت اللجنة التفاصيل الكاملة للخطة العاجلة لإعادة إعمار غزة، مؤكدة أنها خطة عاجلة وواقعية وعملية، تمتد على مدى ستة أشهر، وتستند إلى منهجية علمية وموضوعية، بهدف تلبية المتطلبات العاجلة للسكان، وفي مقدمتها الإيواء المؤقت وتأمين الاحتياجات والخدمات الأساسية لأهالي القطاع. وتتضمن الخطة المحاور الآتية:
تأمين الإيواء المؤقتويتحقق ذلك من خلال التالي:
1- إنشاء وحدات إقامة مؤقتة بطاقة استيعابية ملائمة.
2- إصلاح وترميم المباني المتضررة.
3- إزالة الحطام الناتج عن المباني التي دُمِّرت بالكامل.
4- هدم وإزالة المباني الآيلة للسقوط، وإزالة الحطام والركام وفتح المحاور والطرق الرئيسية وإعادة تأهيلها كليًّا أو جزئيًّا.
وتم تحديد عدد التجمعات المقرر إنشاؤها بـ (30) تجمُّعًا للإيواء المؤقت، يستوعب كل تجمع منها (25.000) نسمة، أي ما يعادل حوالي (4000) أسرة، لتصل الطاقة الاستيعابية الإجمالية المستهدفة إلى (750.000) نسمة. ويراعى في توزيع هذه التجمعات قربها النسبي من مناطق السكن الأصلية التي تعرضت للضرر، مع الوضع في الاعتبار خصوصية الجوانب الاجتماعية والثقافية، وقد تركز اختيار المواقع على أراضٍ ذات ملكية عامة شاغرة، تجنُّبًا للتعدي على الملكيات الخاصة.
ويشتمل كل تجمع للإيواء المؤقت على الآتي:
- وحدات سكن مؤقتة، حوالي (من 4000 إلى 4200 وحدة).
- مدارس ابتدائية (لاستيعاب نحو 30% من السكان) - مدارس إعدادية (لاستيعاب نحو 15% من السكان)- داخل منشآت خفيفة مؤقتة- مدرسة أو اثنتان (لاستيعاب 3% من السكان).
- مستوصفات صحية، وحدة لكل (8000 نسمة)، تشمل صيدليات.
- مركز خدمات صحية متعددة التخصصات على مستوى التجمع.
- مركز لتوزيع الإمدادات وخدمات الإغاثة، ومجمع أسواق.
- ساحات مفتوحة متعددة المستويات/ المساحات على مستوى التجمع: المستوى الأول داخل الوحدة التجميعية الأولية (10 وحدات سكنية)، المستوى الثاني في مواقع وسيطة داخل الساحات الفرعية (240 وحدة سكنية)، وساحة رئيسية عامة على مستوى التجمع.
- مجمع صغير لخدمات الإصلاح والصيانة.
- عناصر البنية الأساسية والتحتية داخل كل تجمع، وتشمل (محطة توليد كهرباء/ وحدات طاقة شمسية/ خزانات مياه/ وحدة ضخ شبكة المياه/ وحدات لمعالجة مياه الصرف الصحي.. إلخ).
- المسجد الرئيسي للتجمع، ومساجد صغيرة ضمن كل وحدة تجميع (المستوى الثاني)، (منشآت مؤقتة).
- مركز إداري وأمني.
- منشأ خفيف بتصميم «تكعيبي» (يختلف عن شكل الخيمة التقليدية) ذو مسقط أفقي مستطيل، وارتفاع لا يقل عن 2.6 متر، مصنوع من مادة غشائية مرنة (Membrane) مثل البوليستر السميك المعالج أو ما شابهه، ذي الكفاءة العالية، بخصائص مقاومة للحريق وتسريب مياه الأمطار، مع عزل حراري مناسب.
- الغلاف الغشائي (الغلاف الخارجي أو السقف) يرتكز على هيكل معدني خفيف من أسطوانات الألومنيوم أو الحديد، سهل الفك والتركيب.
- المساحة التقديرية تتراوح بين (30) و(35) م²، لتناسب متوسط أسرة مكونة من 6 أفراد.
إصلاح وتأهيل البنية التحتية لخدمة تجمعات الإيواء المؤقتيُعنى هذا المحور بتأمين الإمدادات المائية، وإنشاء نظم لتجميع الصرف الصحي، والإمداد بالطاقة الكهربائية، بما يخدم تجمعات الإيواء المؤقت على مستوى قطاع غزة.
إعادة تأهيل شبكة الطرقويشمل إعادة تأهيل وربط مسارات طرق تجمعات الإيواء المؤقتة بالمسار الإقليمي الرئيسي (محور صلاح الدين)، وبقية المناطق العمرانية في القطاع.
دارة وتدوير الحطام على مستوى القطاعتهدف عملية «تدوير الحطام» إلى الاستفادة الاقتصادية من المُخلفات الإنشائية من خلال استخلاص "القيمة" منه، إما مباشرة عبر استخدامها في ردم الحفر الناتجة عن القصف، أو في تصنيع مواد بناء، مثل (الطوب المُصنع، الخرسانة.. .إلخ)، أو من خلال استخدامها في أعمال (ردم البحر.. .إلخ) لاكتساب أراضٍ جديدة مقتطعة من الساحل.
ختامًا، فإن الرؤية التي وضعتها نقابة المهندسين المصرية لإعمار قطاع غزة، بما تتضمنه من تفاصيل وتكامل بين الجوانب الفنية والاجتماعية والبيئية، تُعد خطة متكاملة وتمثل نموذجًا واقعيًّا، قادرًا على تحقيق نتائج ملموسة على الأرض، غير أنها تظل مشروطة بتوافر المتطلبات الأساسية، وعلى رأسها التمويل، وفتح المعابر، وضمان دخول المساعدات والإمدادات اللازمة لإعادة الإعمار.
اقرأ أيضاًأسبوع الآلام بين المسيحية وغزة
فلسطين: اقتحام نتنياهو لشمال غزة وبن غفير للحرم الإبراهيمي يطيل جرائم الإبادة