بوابة الوفد:
2025-04-14@22:55:12 GMT

النور الذاتي

تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT

يُصيب العبد المؤمن من الهموم والأحزان ما قد يُفتت فؤاده، فلابدّ له من تنفيس وإلا هلك. لابدّ من أشعة النور الأعلى تنقشع بها حُجب ظلمات المعاصى والآثام : متنفس الهموم والأحزان، وهى ظلمات تتراكم من فعل الخطايا والغفلات والتعلق بالدُون فى عالم الشهوات. 

نعم ! هى حُجُب لكنها سرعان ما تزول من فعل سرّ الأنوار.

الروحانيّة فى المؤمن أقوى من الظلمانيّة، الروحانية هى الباقية، والظلمة فانية لا محالة. وممدُّ همم الروحانية هو حضرة النبى أكمل خلق الله، وأول خلق الله، وأحبُّ خلق الله إلى الله، هو نور الله الذاتى، والنسمة المنفوخة فينا هى من نوره حقيقة لا مجازاً، وهى سرٌ من أسراره (واعلموا أنّ فيكم رسول الله)، (لقد جاءكم رسول من أنفسكم)، (قل بفضل الله وبرحمته، فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ ممّا يجمعون)، (لقد جاءكم من الله نورٌ وكتابٌ مبين).

ومن أعظم وأكمل وأبقى سُبل التنفيس عن الهم وكفايته؛ كثرة الصلاةِ على النبى.. والكثرة تعنى الزيادة من الإمداد الإلهى إلى حيث الاستمداد الروحانى للمؤمن، من الملأ الأعلى إلى النسمة الروحيّة التى هى فينا؛ لأن صلاة الله تعالى عليه إمداد، وصلاة المؤمنين استمداد، ولذلك جاء الأمر الإلهى بالصلاة والتسليم عليه لاستمداد النور الذاتى وهو الذى يجلو الغمّة ويكشف الكٌربة فيكفى الهم ويغفر الذنب.  «إذنْ تُكفَى هَمَّك ويُغفَرُ لك ذَنبُك».

وكيف تُكفى همّك ويغفر ذنبك؟.. أقول لك إنّ الهموم والأحزان وما شابهها من آثار المعاصى، إنّما هى تجليات إلهية لصفات الجلال. وسيدنا رسول الله نوره ذاتى يسرى سره فى سائر الأسماء والصفات الإلهيّة، ومعدن النور تجليات لصفات الجمال ومنها تجليات المحبّة، ولذلك فرض صلوات الله عليه محبته وأوجبها أن تكون مقدّمة على حب النفس شرط تحقيق الإيمان. والعالم كله محكوم بالأسماء الحسنى والصفات العلا، والسر السارى سره فى الأسماء الحسنى والصفات العلا هو نورانية حضرته صلوات الله وسلامه عليه. 

فالكروب والهموم والأوجاع إنْ كانت تجليات لصفات الجلال الإلهي؛ فإنّ نور سيدنا رسول الله أسبق وأعلى، لأنه من مرتبة نور الذات، قبضة النور الإلهيّة. ومرتبة نور الذات أعلى من مرتبة الأسماء والصفات. ناهيك عن سريان نوره، فى سائر الأسماء والصفات الإلهيّة. وبمقتضى هذا النور الأزلى القديم تجلًت الأسماء والصفات فيما خلق الله من عوالم الأكوان، ظاهرة وباطنة؛ لذلك كان ولا يزال صلوات الله وسلامه عليه من الأزل إلى الأبد رحمة من الله مُهداه، رحمة للعالمين. العالمين بكل أنواعهم وأجناسهم وأطيافهم وأشكالهم وأصنافهم. وله فى ذاته النورانية صفات الجلال، وصفات الجمال، وصفات الكمال؛ لذلك كان الإنسان الكامل حقيقة لا مجاز.  

فيا من أصابك الهمُّ والحزن واشتد بك الكرب أكثر من الصلاة والسلام عليه. واشتغل بها (بالنورانيّة) واستشعر بقاءك فيها. عش الحالة وتذوق حلاوتها، وجاهد من أجلها. وكلما غفلت عنها أذكرها، وعاود ذكرها، وانقطع لها، وتبتّل، وبالغ فى محبته وفى تعظيمه صلوات الله وسلامه عليه حتى يفنيك عنك به، هنالك ترى من الأثر، وتجنى الثمر، وترقى لتدرك الحقائق بموالاته صلوات الله وسلامه عليه ومحبته واقتفاء أثره والانشغال به على الدوام بغير انقطاع. فاللهم صَلِّ وسَلِّم على سيِّدِنا ونبيِّنا مُحَمَّد وعلى آلهِ وصحبِه أجمعين.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: خلق الله

إقرأ أيضاً:

تفاصيل القدّاس الإلهي في أحد الشعانين وتبريك أغصان الزيتون

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في أجواء إيمانية مميزة، ترأس  البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، القدّاس الإلهي الاحتفالي بمناسبة أحد الشعانين، في الصرح البطريركي في بكركي، بحضور عدد كبير من المؤمنين الذين توافدوا للمشاركة في هذه المناسبة المباركة.

حضور الشعب 

افتُتح القدّاس بزياح شعبي تقليدي يحمل الطابع الروحي والرمزي، حيث شارك الأطفال بأثوابهم البيضاء وحملوا أغصان الزيتون وسعف النخيل، رمز السلام والنصر، مقتدين بالأطفال الذين استقبلوا السيد المسيح عند دخوله الانتصاري إلى أورشليم. وبعد التلاوة الإنجيلية التي تروي هذا الحدث، قام غبطته بتبريك الأغصان، مؤكّدًا في عظته على معنى هذا الدخول الملوكي المتواضع، وعلى أهمية السلام الحقيقي الذي يحمله المسيح للبشرية.

معاني الاحتفال بالشعانين 

في عظته، تطرّق  إلى معاني الشعانين من الناحية الروحية والراعوية، فشدّد على أنّ يسوع المسيح، ملك السلام، يدخل حياتنا متواضعًا، راكبًا جحشًا، ليعلّمنا أنّ طريق الخلاص لا تمرّ بالعنف، بل بالمحبة والغفران. ودعا غبطته الحاضرين إلى عيش أسبوع الآلام بتأمل وإيمان، استعدادًا لفرح القيامة.

كما لم يغفل  عن التطرق إلى الأوضاع الراهنة في لبنان والمنطقة، فرفع الصلاة من أجل السلام والاستقرار، ومن أجل القيادات السياسية كي تتحمّل مسؤولياتها تجاه الوطن والشعب، في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ البلاد.


مباركة الاغصان 

في ختام القدّاس، بارك  أغصان الزيتون مجددًا، وقام الحاضرون بزياح رمزي داخل باحة الصرح، مردّدين التراتيل الخاصة بهذه المناسبة، في أجواء من الفرح الروحي والرجاء.


 

ويُعدّ أحد الشعانين من أبرز الأعياد في التقويم الليتورجي المسيحي، إذ يشكّل المدخل إلى أسبوع الآلام، ويذكّر المؤمنين بمحبة المسيح الفادية، ودعوته إلى اتباعه في درب التواضع والخلاص.


 

 

مقالات مشابهة

  • فضل الصلاة في الصف الأول.. الإفتاء تكشف ثوابها
  • بين النور والظلام: قراءةٌ في التأييد الإلهي لأنصار الله
  • أنوار الصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام
  • دعاء بعد الركوع تحبه الملائكة وتتسابق عليه أيهم يصعد به إلى السماء
  • علي جمعة يكشف عن اسم الله الأعظم الذي إذا دعى به أجاب
  • هل صلاة الشروق بعد طلوع الشمس مباشرة؟.. الإفتاء تصحح خطأ شائعا
  • دعاء انشراح الصدر.. ردده الآن وتخلص من الهم والحزن
  • تفاصيل القدّاس الإلهي في أحد الشعانين وتبريك أغصان الزيتون
  • في عكار.. توفي إثر سقوط صخرة كبيرة عليه
  • دعاء قبل المذاكرة للفهم والحفظ وعدم النسيان.. احرص عليه حتى الامتحانات