بقلم /أزال عمر الجاوي

 

خلال فترات الأنظمة السابقة الحاكمة شمالاً وجنوباً كانت تمر فترات احتقان شعبية ، كان في العادة يتم تنفيسها ولو بقرارات شكلية والذهاب نحو التهدئة ، وفي المرات القليلة التي توهمت السلطات قوتها هزمت حد السقوط ، ولعل أبلغ مثال معاصر لأوهام القوة الفاشلة هي حروب صعدة وكذلك ثورة الحراك والثورة الشبابية واستخدام القوة القمعية الفاشلة .

 

ماحصل بالأمس مؤشر محبط للغاية يجب معالجته لا تأجيجه في الوعي الشعبي ، وخطورته تكمن في محاولة تكريس فكرة أن ثورة ال ٢١ من سبتمبر هي نقيض معادٍ لثورة ال ٢٦ من سبتمبر وليست امتداداً لها وللحفاظ على ثوابتها ومبادئها الأساسية المتمثلة في ( الجمهورية والوحدة والإستقلال والسيادة ) لكل اليمن وليس لجزءٍ منه ، ولعل القائمين بأمور العباد في صنعاء لايدركون حساسية مثل هذا الأمر ، بل ويتعاملون معه بسطحية مفرطة حد الإعتقاد أن إحتفال الشعب “مؤامرة” تستدعي السخرية من قياداتهم وإعلامييّهم والقمع من عساكرهم وأتباعهم .

 

ما لايدركه أصحابنا أن كل ثورة شعبية ترتكز على أمرين (مادي ومعنوي) والمادي في الحالة اليمنية يتمثل في رغيف الخبز ( الراتب) والمعنوي يتمثل في ثوابته ومعتقداته الوطنية ، فإذا كان الجانب المادي المتمثل في موضوع الراتب خلال المرحلة الماضية لم يكن كافياً لخلق حالة صدام ،فإن محاولة استفزاز الناس في ثوابتهم ستكمل تلك الحلقة ،كما أن القمع والمواجهة تعد بمثابة إشعال الفتيل .

 

ما ندركه نحن أن أصحابنا حكام صنعاء الجدد لا يتعمدون منع الراتب ،كما أن ثورة ال ٢١ من سبتمبر ليست عدواً أو نقيضاً لثورة ال ٢٦ من سبتمبر ،لكنهم يتعاملون بخفة وسطحية وعشوائية مع هذه الأمور ،وهو ما يجعلنا لا نتفاءل خاصة وأننا ندرك ايضاً أنهم لايستمعون للنصيحة بل ويغضبون منها ،وهو مايزيد الطين بلة .

 

أحداث الأمس أكدت أننا فعلاً نحتاج إصلاحات جذرية .

 

مولد نبوي مبارك وعيد سبتمبري سعيد

وكل عام والجميع بخير

المصدر: موقع حيروت الإخباري

إقرأ أيضاً:

ثورة سوريا وفنانوها

بداية نقر بأن ما حدث في سوريا وانهيار نظامها وهروب الرئيس وعائلته إلى موسكو كلاجئين، هو معجزة بكل المقاييس، فلا أحد يتصور هذا الانهيار السريع المباغت لنظام عنيد حكم سوريا لأكثر من أربعين سنة، وارتكب ما ارتكب بحق المدنيين السوريين، ولكن ونحن أمام هذا المشهد المهيب، استرعى انتباهنا موقف الفنانين الموالين للأسد؛ هل سيغيرون قناعاتهم.. أم سيظلون على ولائهم للنظام السابق؟.. فمنهم من صمت وترقب ما ستؤول إليه الأمور، ومنهم من أكد على إخلاصه للنظام القديم، وأنه لن يعود إليها مرة أخرى أبدا، ومنهم من أراد أن يغير آرائه وقناعاته، وتحجج بعدم اتضاح الرؤية، ولكنه الآن مع الثورة قلبا وقالبا.

ومسألة انقسام الفنانين ما بين مؤيد ومعارض للنظم الديكتاتورية، مسألة قديمة، ولعل أبرز مثالين في هذين المضمارين هما الكبيران: بيكاسو وسلفادور دالي، ورغم أنهما كانا صديقين مع باقي شلتهم، المخرج السينمائي الكبير لوي بانويل والشاعر لوركا، وبرغم متانة صداقتهم ببعضهم البعض إلا أن سرعان ما دب الخلاف بينهم فعندما كشر ديكتاتور إسبانيا عن أنيابه وارتكب ما ارتكب من مذابح وقمع بوحشية بحق الإسبان، فقد اختار بيكاسو وبانويل المعارضة واللجوء إلى فرنسا، احتجاجا على ديكتاتورية فرانكو.

وأبدع بيكاسو لوحته الخالدة وأسماها جرنيكا، وهي اسم ذات القرية التي قصفها طيران فرانكو بلا رحمة ولا شفقة، محدثا مذبحة كبيرة كان أكثر ضحاياها من الشيوخ والأطفال والنساء.

أما سلفادور دالي فقد مكث في إسبانيا ودعم الديكتاتور وبارك كل سياساته القمعية. ولا شك في أن دالي حظي تحت مظلة الديكتاتور فرانكو بكل الرعاية والاهتمام والدعم بصعيديه المحلي والعالمي، وقد لمع اسمه في العالم في تلك الحقبة وانتعشت حالته المادية، وأصبح من أصحاب الملايين.

وهذا هو الحال فيي سوريا الحبيبة، فأكبر شبيه بدالي هو الفنان دريد لحام، وهو رجل مسرح بالدرجة الأولى، وقد كان دريد -أعتقد ولا يزال- من الموالين لنظام الأسد حتىً الثمالة، وقد استثمره النظام من أجل التنفيس للشعب السوري؛ فلا بأس أن يقف دريد على المسرح منتقدا بعض الأوضاع الاقتصادية والسياسية للنظام السوري، ولكن بحسابات دقيقة، بحيث لا يقع في المحظور الأكبر وهو انتقاد السيد الرئيس. وقد استعان دريد في هذا بكاتبنا الكبير محمد الماغوط حتى يكسب دريد شرعية ما يريد أن يثبت للشعب السوري جديته. وقد عانى الماغوط من تحكمات دريد لحام ما عانى، ولكن لم يكن في يديه حيلة.

أما النموذج الثاني فهو الفنان همام حوت، وبرغم أن همام كان الابن المدلل لسلطة الأسد والتي أغدقت عليه بكل عطاءاتها، ولكن همام اختار طريقه وانضم إلى صفوف الثوار، مما حدا بالسلطة لكي تصدر حكم الإعدام بحقه، ولكن من سخرية القدر أن ينتصر الثوار، ويأتي إلى سوريا فنانوها الحقيقيون كعبد الحكيم قطيفان وجمال سليمان وآخرين يحتفلون بالحرية لبلادهم، فالحرية غالية لمن امتلك كرامته ودافع عنها.

مقالات مشابهة

  • الرقابة المالية: 3.5 مليار جنيه تمويلات عقارية خلال سبتمبر الماضي
  • الذكرى السادسة لثورة ديسمبر المجيدة (2)
  • شرطة أبوظبي‬⁩ تنظم ندوة متخصصة حول جاهزية المؤسسات الأمنية لثورة الذكاء الإصطناعي
  • برج الجوزاء .. حظك اليوم الأربعاء 18 ديسمبر 2024 : زيادة في الراتب
  • 596 مليار درهم احتياطيات بنوك الإمارات خلال 9 أشهر
  • ثورة سوريا وفنانوها
  • الذكرى السادسة لثورة ديسمبر المجيدة (1)
  • ومضات توثيقبة : في الذكرى السادسة لثورة ديسمبر “القرنعالمية”
  • 7 أيام في يونيو.. الإجازات الرسمية للمصريين خلال 2025
  • معركة سبتمبر ... تذكير للرياض بنوايا صنعاء !