سبتمبر 28, 2023آخر تحديث: سبتمبر 28, 2023

رامي الشاعر

كاتب ومحلل سياسي

صرح المفوض السامي للاتحاد الأوروبي لشؤون السياسة الخارجية والأمن جوزيب بوريل بأن القواعد التي حكمت العالم في السنوات الأخيرة “تختفي تدريجيا من الساحة”، بينما تبحث الدول عن “بديل للنموذج الغربي”.

وشدد بوريل على أن دول أمريكا اللاتينية وإفريقيا والشرق الأوسط وآسيا تبحث عن “بدائل موثوقة للغرب” ليس اقتصاديا فحسب، وإنما تكنولوجيا وعسكريا وأيديولوجيا.

لشد ما أعجبني ذلك المنطق الطفولي في اللعب، والمقامرة، التي يريد فيها الغرب أن يفرض القواعد على “طاولة اللعب السياسي” طالما كانت تضمن له الربح، وتضمن لبقية الدول في أمريكا اللاتينية وإفريقيا والشرق الأوسط وآسيا الخسارة، أما حينما تعاني أوروبا من الخسارة، وتفقد مصادر الطاقة الرخيصة، ومنافذ البيع لبضاعتها، في الوقت الذي تفرض فيه على نفسها قبل روسيا عقوبات مدمرة، فإن القواعد، وفقا لبوريل، قد أصبحت “تختفي تدريجيا من الساحة”.

كل ما هناك، والخطاب للسيد بوريل، أن جنوب العالم اكتشف عدم نزاهة الغرب، واستيقظ على وقع ازدواجية المعايير الأوروبية والغربية. انتهت أصول المقامرة واللعب الأمريكية الغربية على حساب غالبية شعوب وبلدان العالم يا سيد بوريل.

إن ما رأيناه في القمة الأخيرة لمجموعة “بريكس”، وما نلمسه من دول الجنوب العالمي من ثقة واحترام متبادل مع روسيا والصين يعكس بحق التغيير الذي يتحرك نحوه العالم، حيث تعترف روسيا والصين بالقيم الخاصة لكل شعب وتحترم قرارات وإرادة الدول، عكس سياسات الغرب وإملاءاته وضغوطه والأحادية القطبية التي لا تعطي أي قيمة لحرية الشعوب واختيارها لمسارها.

بالفعل بدأت القواعد التي حكمت العالم بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة بالاختفاء، بعد أن ظل الغرب طوال هذه الفترة يتحكم بـ “قواعده” التي فرضها من أجل تقويض القوانين المثبتة بميثاق الأمم المتحدة، والتي تعود بالفائدة على الجميع، وتحترم خصوصية الدول في اختياراتها لطرق تطورها وازدهارها.

لقد فرض الغرب قواعده السياسية والاقتصادية والعسكرية كي يجني هو وحده الثمار، ولعل ما نراه في إفريقيا اليوم، في النيجر، بعدما اكتشف الشعب أن فرنسا تسرق خيراتهم وتعوضهم فقط بما قيمته 5% مما يستحقونه، وقرار ماكرون سحب السفير، يثبت أن نهاية الأحادية القطبية اقتربت كثيراً وأن هيمنة الغرب على مقادير العالم إلى زوال قريبا.

وهل هناك ما يمكن أن يكون مثالا صارخا على الظلم والسرقة العلنية من أن تكون منطقة كمنطقتنا، منطقة الشرق الأوسط، الغنية بالموارد بجميع أشكالها وألوانها، بل وأغنى مناطق العالم قاطبة، أن تكون مسرحاً للصراعات والأزمات والكوارث والنوائب من كل حدب وصوب، وهل يعقل أن تعيش شعوبنا في لبنان وسوريا واليمن والعراق وفلسطين بلا كهرباء ولا ماء ولا مأوى. وهل يعقل أن تكون قارة إفريقيا التي تعد بحق مستقبل العالم من حيث الموارد موطناً للجوع والفقر والمرض والأوبئة، في الوقت الذي تمتص فيه أوروبا والولايات المتحدة دماء الشعوب، وتقذف بالأمة الأوكرانية إلى أتون حرب عبثية من أجل مصالح سياسية ضيقة.

وما دام الشيء بالشي يذكر، فقد أشار رئيس مجلس الدوما (البرلمان الروسي) فياتشيسلاف فولودين، يوم أمس، إلى ما يراه 7 أدلة على خسارة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي “حرب الاستنزاف” ضد روسيا.. أتفق مع معظمها، وربما كانت تصريحات بوريل أبلغ دليل على صحة كلمات فولودين.

يرى فولودين الأدلة السبعة هي:

1- نقص الأسلحة والذخائر في الغرب، حيث استنفدت الدول الغربية مخزونها الوطني لصالح كييف.

2- فقدان الشعوب الغربية الثقة في سياسات قادتها، وهو ما تكشفه استطلاعات الرأي الأخيرة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

3- فشل الهجوم الأوكراني المضاد، وما نراه يوميا من نزيف في القوات الأوكرانية والمعدات الغربية.

4- المشكلات الاقتصادية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية المتمثلة في معدلات التضخم المرتفعة، ونقص المساعدات للفئات المحتاجة، وخفض تصنيف الاستثمار طويل الأجل في الولايات المتحدة.

5- نقص الأفراد في الجيش الأوكراني، حيث فقد الجيش الأوكراني منذ بداية الهجوم الأوكراني المضاد ما يزيد عن 70 ألف فرد عسكري، وهو معدل كبير للغاية.

6- إفلاس أوكرانيا، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي لأوكرانيا بنسبة 30.4% عام 2022، وهي أسوأ نتيجة في تاريخ البلاد. وأصبحت كييف دون مساعدة واشنطن وبروكسل عاجزة عن الوفاء بأبسط التزاماتها تجاه مواطنيها.

7- الكارثة الديموغرافية في أوكرانيا، حيث فقدت أوكرانيا منذ عام 2014 حوالي 53.7% من سكانها.

ترى هل يستطيع السيد بوريل أن يعترف بهزيمة الاتحاد الأوروبي والغرب، وأن يفيق الاتحاد الأوروبي من تنويم الولايات المتحدة الأمريكية المغناطيسي له، وأن يوقف النزيف الاقتصادي، ويعود إلى رشده؟

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الاتحاد الأوروبی

إقرأ أيضاً:

البعثة الأممية: تيته ناقشت مع سفير الاتحاد الأوروبي التطورات السياسية الجارية

أعلنت بعثة الدعم الأممي إلى ليبيا، أن المبعوثة الأممية، هانا تيته، ناقشت مع سفير الاتحاد الأوروبي، نيكولا أورلاندو، التطورات السياسية الجارية.

وقال بيان صادر عن البعثة: “في إطار اجتماعاتها التعارفية، مع الجهات الدولية، التقت الممثلة الخاصة للأمين العام، ونائبتها للشؤون السياسية، ستيفاني خوري والممثل المقيم للأمم المتحدة أنيس تشوما، بسفير الاتحاد الأوروبي نيكولا أورلاندو. وخلال اللقاء، الذي عُقد البارحة، جرت مناقشة التطورات السياسية الجارية والتحديات الراهنة، إضافة إلى سبل دعم المجتمع الدولي للشعب الليبي في جهوده لتعزيز المؤسسات وترسيخ السلام والاستقرار”.

وأضاف البيان “أعربت الممثلة الخاصة تيته عن شكرها للاتحاد الأوروبي على دعمه المستمر لجهود الأمم المتحدة في ليبيا، مؤكدة تطلعها لمواصلة التعاون من أجل تحقيق السلام والاستقرار والازدهار في ليبيا”.

الوسومالاتحاد الأوروبي البعثة الأممية ليبيا

مقالات مشابهة

  • أردوغان: انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي أولوية استراتيجية
  • وزير الخارجية الإسباني: معظم دول الاتحاد الأوروبي تدعم مغربية الصحراء
  • «تيته» تبحث مع الاتحاد الأوروبي التطورات السياسية والتحديات الراهنة
  • البعثة الأممية: تيته ناقشت مع سفير الاتحاد الأوروبي التطورات السياسية الجارية
  • أوربان: قرارات زعماء الاتحاد الأوروبي في قمة لندن "خاطئة وخطيرة"
  • رئيس النواب الأمريكي: على زيلينسكي العودة إلى رشده أو ترك القيادة
  • رئيس الدولي للخماسي الحديث: مصر من أفضل الدول التي تنظم البطولات واللعبة أصبحت أكثر متعة وإثارة بالنظام الجديد
  • الاتحاد الأوروبي يحذر من التصعيد العسكري الإسرائيلي في شمال الضفة الغربية
  • المغاربة في المرتبة الثانية بين الحاصلين على جنسيات دول الاتحاد الأوروبي في 2023
  • بعد مشادة ترامب مع زيلينسكي..الاتحاد الأوروبي: العالم الحر يحتاج إلى قائد جديد