خبايا مجموعات "الصداقة البرلمانية"... برلماني عضو بـ13 مجموعة و42 من النواب "عاطلون" نصفهم من "الأحرار"
تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT
المثير للانتباه، في هذه القصة المدفوعة بالبيانات، حول خبايا مجموعات “الصداقة البرلمانية” بمجلس النواب، أن أكثر البرلمانيين عضوية في مجموعات الصداقة، لم يكن سوى النائب الذي أدانه القضاء المغربي في حكم نهائي تجاوز مرحلة التقاضي أمام محكمة النقض.
يتعلق الأمر بالبرلماني عبد النبي عيدودي، الصادر في حقه قبل أسابيع حكم بالحبس النافذ سنتين بسبب جرائم الأموال، وينتظر أن يجرد من عضوية البرلمان مع افتتاح السنة التشريعية الجديدة الأسبوع المقبل.
معطيات تنشر لأول مرة، يكشفها “اليوم 24″، عن مجموعات الصداقة البرلمانية التي شكلها مجلس النواب، و”الصادم” أنها تشتغل بعد سنتين من الولاية التشريعية الحالية، بدون نظام خاص بها، مما يشكل خرقا للنظام الداخلي للمجلس.
خديجة الزومي، النائبة الثانية لرئيس مجلس النواب، أكدت في حديث مع “اليوم 24″، أن مكتب المجلس لم يضع أي نظام خاص بمجموعات الصداقة حتى الآن، وهو ما أكده أيضا، رئيس فريق برلماني للموقع، في الوقت الذي بدا جليا أن عددا من رؤساء مجموعات الصداقة الذين تواصل معهم “اليوم 24″، لا علم لهم بوجوب إقرار نظام خاص بمجموعات الصداقة التي يترأسونها.
وينص النظام الداخلي لمجلس النواب، الذي أحدث طبقا للمادة 69 من دستور المملكة، على أن المجلس يشكل في بداية الفترة التشريعية “مجموعات الأخوة والصداقة البرلمانية”، ويضع مكتب المجلس نظاما خاصا لهذه المجموعات قبل أن تتم السنة الأولى من الفترة النيابية، يحدد فيه قواعد تنظيم عملها.
وتسند لمجموعات الصداقة البرلمانية، مهمة “تقوية وتطوير العلاقات البرلمانية بين برلمانات الدول التي تربطها بالبلد علاقات ثنائية”، و”تشجيع تبادل الزيارات والمعلومات والخبرات فيما بينها”، وكذا “تفعيل الدبلوماسية البرلمانية بما يخدم مصلحة المملكة”.
146 مجموعة صداقة
وشكل مجلس النواب منذ بداية الولاية التشريعية الحالية، كما ينص على ذلك نظامه الداخلي، 146 مجموعة صداقة مع برلمانات دول العالم، من مختلف القارات.
وإذا كان النظام الداخلي للمجلس، لا يحدد عدد أعضاء كل مجموعة، فإن تحليل البيانات التي اشتغل عليها “اليوم 24″، انطلاقا من معطيات تنشرها بوابة المجلس، يفيد بأن مجموعات الصداقة تستقطب ما بين 4 و10 برلمانيين وبرلمانيات، تقول إحدى رئيسات تلك المجموعات، مفضلة عدم ذكر اسمها، إن “الانتماء إلى مجموعات دون غيرها، له علاقة أحيانا بالسفريات، وكذا الرغبة في ربط علاقات مع مسؤولين دبلوماسيين، لقضاء مصالح خاصة”.
وتشير المعطيات إلى أن مجموعة الصداقة المغربية السينغالية الأكثر استقطابا للبرلمانيين المغاربة بـ10 أعضاء، وتعتبر أربع مجموعات صداقة (كلها مع دول إفريقية)، الأقل استقطابا للبرلمانيين بـ4 أعضاء فقط.
الأكثر عضوية مدان بالسجن!
المعطيات البيانية تؤكد أن البرلماني عبد النبي عيدودي، المثير للجدل بتدخلاته في الجلسات العامة للمجلس، عضو في 13 مجموعة صداقة، متصدرا لائحة البرلمانيين والبرلمانيات الأكثر عضوية في مجموعات الصداقة، وهو أيضا رئيس إحدى تلك المجموعات (المغرب- تشاد).
بعد البرلماني عيدودي، يحل أمينه العام في حزب الحركة الشعبية، البرلماني محمد أوزين، بعضويته في 10 مجموعات صداقة، وبنفس العدد، توجد البرلمانية وسيلة الساحلي، المنتمية للفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي، وهي عضوة في 10 مجموعات صداقة، ورئيسة لإحدى تلك المجموعات (المغرب- غانا).
كما تشير الأرقام إلى أن نحو ثلثي أعضاء المجلس (242 برلماني وبرلمانية)، أعضاء في مجموعة صداقة واحدة أو اثنتين على الأكثر.
وفي الوقت الذي لوح رئيس مجلس النواب رشيد الطالبي العلمي، بالشروع في الاقتطاع من أجور البرلمانيين المتغيبين في يوليوز الماضي، نجد في البرلمان “نوابا عاطلين عن العمل” في العلاقة بشغل عضوية إحدى مجموعات الصداقة، وهو المعطى الذي كشفه تحليل البيانات المتعلقة بالعضوية في مجموعات الصداقة، إذ أن 42 برلمانيا وبرلمانية من أعضاء مجلس النواب، لا تهمهم مجموعات الصداقة، وغير مكترثين بالاشتغال من داخلها بهدف تفعيل الدبلوماسية البرلمانية بما يخدم مصلحة المملكة.
وإذا كان النظام الداخلي للمجلس يتحدث عن تشكيل مجموعات الصداقة على أساس التمثيل النسبي للفرق والمجموعات، فإن نفس الصيغة وردت أيضا في تحديد كيفية تشكيل اللجان الدائمة، التي يوزع عليها كل أعضاء المجلس لزوما، مما لا يستقيم معه القول بأن العضوية في مجموعات الصداقة اختيارية وليست إجبارية.
وتؤكد المعطيات أن نصف عدد البرلمانيين الذين لا ينتمون لأي مجموعة للصداقة، ينتسبون لفريق الأصالة والمعاصرة، أحد مكونات الأغلبية المعروف بحضور الأعيان الكثيف في صفوفه.
ومن الأغلبية الحكومية أيضا، يوجد 9 برلمانيين من فريق التجمع الوطني للأحرار، قائد الائتلاف الحكومي في وضعية “عطالة” في العلاقة بالعمل من داخل مجموعات الصداقة، ثم 5 برلمانيين وبرلمانيات من الفريق الاستقلالي، ثم 3 برلمانيين من الفريق الاشتراكي ونفس العدد من الفريق الحركي، ونائب واحد من النواب غير المنتمين لأي فريق أو مجموعة، ولا يوجد أي برلماني أو برلمانية في وضعية “عطالة” من المجموعة النيابية للعدالة والتنمية ومن فريق التقدم والاشتراكية، ومن الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي.
الأغلبية الأقل حضورا
يفيد تحليل بيانات مجموعات الصداقة البرلمانية، بأن نواب حزب التقدم والاشتراكية الأكثر حضورا في مجموعات الصداقة بمعدل عضوية برلماني واحد في 7 مجموعات صداقة، يليهم نواب الفريق الدستوري الديمقراطي بمعدل عضوية برلماني واحد في 6 مجموعات صداقة.
ويأتي في المرتبة الثالثة نواب المجموعة النيابية للعدالة والتنمية ونواب الفريق الحركي، وكلاهما في المعارضة، وذلك بمعدل برلماني واحد في 5 مجموعات صداقة، يليهم في المرتبة الخامسة نواب الفريق الاشتراكي بمعدل برلماني واحد في مجموعتي صداقة.
واللافت للانتباه، أن نواب الأغلبية الحكومية هم الأقل حضورا في مجموعات الصداقة (كل برلماني أو برلمانية ينتسب لمجموعة صداقة واحدة أو اثنتين على الأكثر)، فنواب الفريق الاستقلالي ينتمون لمجموعات الصداقة بمعدل نائب برلماني واحد في كل مجموعة، وفي المرتبتين الأخيرتين، يوجد فريقا الأصالة والمعاصرة والأحرار، بمعدل عضوية برلماني واحد في كل مجموعة صداقة.
الرئيسات والرؤساء
وإذا كان مجلس النواب شكل في بداية ولايته الحالية، 146 مجموعة صداقة، فإن 139 مجموعة منها حددت أسماء رؤسائها، أغلبهم ذكور، وتصل نسبة الإناث رئيسات مجموعات الصداقة 23 في المائة، وهو رقم يقل بقليل عن تمثيل النساء في مجلس النواب المغربي الذي يبلغ 24.3 في المائة، ليظل مطلب المناصفة في رئاسة مجموعات الصداقة بعيد المنال، في الولاية الحالية على الأقل.
تحليل المعطيات المتعلقة برؤساء مجموعات الصداقة البرلمانية، يكشف أيضا وجود ثلاثة برلمانيين رؤساء مجموعتين للصداقة، بالإضافة إلى عضويتهم في مجموعات أخرى، ويتعلق الأمر بثلاثة برلمانيين ينتسبون لفريق الأصالة والمعاصرة أحد مكونات الأغلبية الحكومية، وهم عماد الدين الريفي، وهو رئيس مجموعتي الصداقة مع النيبال والكونغو، ثم عبد الفتاح العوني، وهو رئيس مجموعتي الصداقة مع المجر والسلفادور، ثم رفيق مجعيط، وهو رئيس مجموعتي الصداقة مع كولومبيا والتايلاند.
إحدى مفارقات تعامل فريق “البام” مع عضوية أعضائه في مجموعات الصداقة، تتعلق بوجود 21 برلمانيا وبرلمانية من أصل 86 الذين ينتمون للفريق، ليسوا أعضاء في أي مجموعة للصداقة، بنسبة تقارب 25 في المائة، بينما الفريق ذاته، منح رئاسة ثلاث مجموعات صداقة لنفس البرلماني.
كلمات دلالية مجلس النواب مجموعات الصداقة البرلمانيةالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: مجلس النواب مجلس النواب من الفریق صداقة مع الیوم 24
إقرأ أيضاً:
ليث نصراوين .. مشاجرة عنيفة بين نائبين بسلاح محرّم اجتماعيا
#سواليف
كتب .. أستاذ القانون الدستوري عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة أ. د. #ليث_كمال_نصراوين:
حادثة غريبة شهدتها أروقة #مجلس_النواب قبل أيام؛ فقد وقعت #مشاجرة_عنيفة بين #نائبين اثنين استُخدم فيها #الحذاء سلاحا تقليديا محرما اجتماعيا، لتبدأ بعدها عملية إصدار البيانات والتصريحات النارية التي تهدد باللجوء إلى القضاء وتقديم شكاوى جزائية.
إن هذه المعركة النيابية وإن لم تكن الأولى من نوعها، إلا أن ما يميزها عن سابقاتها طبيعة الأطراف المتورطين فيها والسلاح المستخدم فيها. فقد وقع شجار بين نائبين حزبيين خاضا #الانتخابات_النيابية الأخيرة معا ضمن #قائمة_حزبية واحدة، وذلك بعد أن نجحا في كسب ثقة الحزب السياسي الذي ينتميان إليه. فما هي سوى أشهر قليلة من فوزهما بالانتخابات حتى ثبت أن الرابطة الحزبية التي كانت تجمعهما لم تكن سوى وسيلة لتحقيق مآرب شخصية تتمثل بالترشح للانتخابات والفوز بعضوية مجلس النواب.
ويبقى التساؤل الأبرز حول الأسباب التي أدت إلى ايجاد هذه الحالة العدائية بين عضوين يُفترض أنهما قد عملا معا لانجاح قائمتهما الانتخابية الحزبية، وأنهما قد أمضيا الأيام والأسابيع في التخطيط لخوض غمار التنافس الحزبي ومن ثم النيابي لكسب ثقة الناخبين الأردنيين، وذلك طمعا منهم في الفوز بتمثيل مؤازريهم في المجلس النيابي.
إن التعامل مع هذه السلوكيات النيابية الفردية قضائيا سيصطدم بفكرة الحصانة النيابية التي يتمتع بها كلا النائبين كون المجلس في حالة انعقاد. فالمادة (86) من الدستور لا تجيز توقيف أي من أعضاء مجلسي الأعيان والنواب ومحاكمتهم خلال مدة اجتماع المجلس ما لم يصدر عن المجلس الذي هو منتسب إليه قرارا برفع الحصانة عنه.
كما أن نطاق الحصانة النيابية قد توسعت المحكمة الدستورية في تفسيره في قرارها الصادر عنها رقم (7) لسنة 2013 بالقول “إن الحصانة التي منحها المشرع الدستوري للعين أو النائب قد جاءت مطلقة من حيث زمان وقوع الفعل المرتكب؛ ولا يمكن الاستثناء منها سوى حالة القبض على أحد أعضاء المجلسين متلبسا بجريمة جنائية”.
أما الخيار الثاني للتعامل مع هذه الواقعة، فيتمثل بتحويل الأعضاء المعنيين إلى اللجنة القانونية صاحبة الولاية العامة بالنظر في أي تصرف يسيء إلى سمعة المجلس وهيبته.
إلا أن ما سيصدر عن هذه اللجنة من توصيات بعقوبات نيابية لن تكون كافية لمواجهة تبعات العنف النيابي الحزبي الذي حصل مؤخرا. فأي عقوبة ستصدر بفصل النائب أو تجميد عضويته ستتعارض مع أبرز مخرجات التحديث السياسي المتمثلة بإيجاد تمثيل نيابي للأحزاب السياسية المرخصة والفائزة في الانتخابات. فالنائبان المتورطان في المشاجرة هما الممثلان الوحيدان للحزب الذي ينتميان إليه، بالتالي فإن أي عقوبة برلمانية تتضمن تغييبهما عن جلسات المجلس، بشكل دائم أو مؤقت، يعني غياب أي تمثيل لهذا الحزب الفائز في الانتخابات.
إلا أن الدبلوماسية الاجتماعية وكالعادة كانت هي الأسرع لتطويق الخلاف الحاصل، فقد تم إجبار النائب المعتدي على أن يقوم بتقديم اعتذار علني خلال الجلسة القادمة لمجلس النواب. فإن كان النائب المعتدى عليه سيكتفي بهذا الاجراء، فإن “الحق العام” يجب ألا يسقط بسقوط الحق الشخصي للنائب المضروب. فهيبة مجلس النواب ورمزية أعضائه قد تضررت بسبب هذا الخلاف وطبيعة الأسلحة “الثقيلة” التي جرى استخدامها في ساحة المعركة. لذا، يجب التفكير في ايجاد حلول تشريعية مناسبة للحيلولة دون تكرار هذه الواقعة مرة أخرى.
فمن الأفكار المقترحة في هذا السياق ربط بقاء الحزب السياسي من عدمه بسلوك أفراده وممثليه في مجلس النواب، بحيث يترتب على أي سلوك أو تصرف من قبل عضو الحزب فيه مساس بهيبة المجلس وكرامة أعضائه أن يصدر القرار القضائي بحل الحزب وإلغاء وجوده القانوني.
ويبقى اللافت للأمر أن المعركة النيابية الأخيرة قد تصادفت مع تصاعد العنف الطلابي في المدارس والاعتداءات الجسيمة التي وقعت من الطلبة بحق زملائهم على مقاعد الدراسة، والتي لاقت استهجانا ورفضا شعبيا كبيرا، ليكتمل المشهد العام بانتقال حمى المعارك إلى مجلس النواب.
إلا أنه وكما أن الحوادث الطلابية لن تغير من الواقع المجتمعي بأن التعليم هو أمر أساسي لا مفر منه وبأن الجناة المتورطين من داخل الجسم التعليمي سيلقون جزاءهم المناسب، فإن “المعركة العمالية” الأخيرة لن يتسع نطاقها وآثارها لأكثر من أطرافها والكيان السياسي الذين ينتمون اليه، فالقضاء الأردني لم يقل كلمته بعد في مشروعية قرار فصل أحد المتورطين في الشجار العمالي.