نصر البوسعيدي يكتب عبر “أثير”: استعمار وقتل من أجل الفلفل!
تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT
أثير – نصر البوسعيدي
كان العالم المجنون بالاستعمار والنهب وسفك الدماء واستعباد الشعوب مشغولا كثيرا للجري خلف العديد من السلع التي كانت تُعد يومها الأهم في عالم التجارة.
لم أكن أستوعب تماما كيف لسلعة باتت اليوم عادية للغاية، كانت في فترة زمنية من التاريخ سببا في قتل آلاف البشر واستعمار دولٍ بأكملها لعدة قرون وإلى يومنا هذا؟!
نعلم اليوم أن سلعة النفط ومصادر الطاقة والمعادن أصبحت في الوقت الحاضر الدافع الأكبر لكل الأطماع الاستعمارية والمؤامرات المخطط لها لسرقتها من شعوب يراها الناهب بأنها لا تستحق كل تلك الثروات، ونرى ذلك جليا وواضحا بصورة مستفزة في الوقت الحالي في تعامل بعض الدول الأوروبية الاستعمارية مع ثروات الدول الأفريقية!
خلال تتبعي تاريخيًا لوجه من وجوه الاستعمار في تاريخنا، أي أقصد الاستعمار البرتغالي الإسباني على السواء الذي ذاق ويلاته أجدادنا منذ عام 1507م وحتى عام 1650م، للسيطرة على خطوط التجارة ونقل أهم السلع بين الشرق والغرب، وجدت أن أهم سلعة كانوا يسيطرون عليها عالميا ورسخت خططهم السياسية والعسكرية من أجلها هي سلعة الفلفل!!
نعم الفلفل الذي كان هو المحرك الرئيس لكل خططهم التجارية كون هذه السلعة تدر أموالًا طائلة على خزينة الملك في لشبونة ومدريد، بل كان الملك بنفسه يتابع قضايا نقل الفلفل ويصدر مراسيم شديدة من أجل حماية سلعتهم هذه (كنز الشرق) من التهريب أو من سفن المسلمين والعرب الذين يحاولون أخذ نصيبهم من الفلفل متجاوزين هذا الاستعمار الذي كان من أجل ذلك يحتل ويقتل وينهب!
ولنتمعن هنا رسالة الملك فليب الرابع ملك إسبانيا والبرتغال لنائبه في الهند، وهو يصدر مراسيمه الملكية من أجل القضاء على أي محاولة لتهريب الفلفل ومنع الجميع وبالأخص طبعا المسلمين والعرب من الحصول على الفلفل ومعاقبة المخالفين بشدة، والذين يريدون حصارهم بين الهند ومسقط في 27 فبراير عام 1622م، لنعلم كيف كان الفلفل هو المحرك الأساسي للاقتصاد لديهم، حيث كتب:
” صديقي الكوند ونائبي، أنا الملك أحييكم تحية من أعزه، لقد أمرت بإصدار مرسومين يخول أولهما لقباطنة بحر هرمز الرؤساء، ولقبطان مسقط وباقي قباطنتي الاحتفاظ لهم ولجنودهم بكل الغنائم التي قد يحصلون عليها مستقبلا من مهربي الفلفل التي يستولون عليها، وأن تقتصر استفادة خزينتي على تلك السفن فارغة وعلى مدافعها.
للعلم تم إرسال هذه الرسالة في ثلاث سفن ليضمن الملك وصولها إلى الهند ليتم الاعتماد الرسمي للرسالة التي تصل أولا، وهذه هي عادة الملك ليضمن إدارة مستعمراته وكأن الهند وعمان أقرب لإسبانيا والبرتغال من أي وقت مضى عن طريق البحر.
كانت همتهم كبيرة للغاية من أجل الاستعمار والمال وكانوا يرصدون للملك كل شيء ولو كان علبة سمن، بل حتى عدد النخيل التي تحيط بالمستعمرة من أجل أن يسرقوا قيمة تمرها، وأي شيء يستطيعون الاستفادة منه مثلما حدث في صحار حينما أرسل الملك ذاته يأمر قادته بالحصول على فوائد بيع تمر النخيل التي تحيط بقلعة صحار لصالح خزينته!!
كانوا يأخذون أي شيء ولو كان يسيرا من أجل أن يستفيدوا من بيعه كملوك إقطاعيين بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، ولذا تجد الملك بذاته يتابع تجارة الفلفل كأهم سلعة لديه تدر أموالا لخزينته نتيجة سيطرته على بيعها لبقية شعوب العالم، ولا أعلم لماذا تحديدا الفلفل في ذلك الوقت كان السلعة الأهم التي وردت كثيرا في وثائقهم الرسمية العسكرية الموجودة في موسوعة الوثائق البرتغالية ببحر عُمان، لكنني أعتقد شخصيا بأن في ذلك الزمن كان الفلفل مهما للغاية كونه يدخل في صناعة نوع من الأدوية والعقاقير التي يحتاجها الناس كثيرا لمجابهة بعض الأمراض المتفشية في ذلك الزمن، بالإضافة إلى أهميته بالنسبة لبقية التوابل وهذا استنتاج شخصي قابل للنقد والمناقشة.
وعموما نتجاوز هنا بعض السنوات ونذهب سويا لوثيقة برتغالية مهمة في سنة 1628م تم إرسالها من قبل القائد جاك دو كوتو لنائب الملك الإسباني من أجل السيطرة بصورة حازمة على مشكلة تهريب الفلفل التي تسببت بهروب الكثير من الجنود البرتغاليين وتمردهم على ملكهم الإسباني لمحاولة تهريب الفلفل بسفنهم الخاصة وبالتعاون مع العرب المسلمين (العمانيين وغيرهم) مما تسبب في انهيار هيبة الاستعمار وميزانية أمواله وكان سببا في ضعفهم بالمنطقة، وهنا سأنقل لكم نص الوثيقة بتصرف واختصار لتبين لكم الحال السيئ للبرتغاليين في مستعمراتهم حينها:
“سيدي أكتب هذه الملاحظات القليلة تنفيذا لرغبة سيادتكم خدمة لديننا وجلالة الملك، لا تترددوا يا سيدي في تجنيد مهندسين اثنين حتى لو كانا أجنبيين يكونا قد راكما خبرة في بناء القلاع والحصون، ولا تترددوا في اصطحاب 6 مدافع كبيرة وجيدة فهي قليلة في الهند وما يوجد منها عديم الفائدة لكونها مصنوعة من نحاس تسك به عملة رائجة في بلاد المسلمين، وهو معدن سيئ، في المقابل حاولوا فور وصولكم سالمين إلى بلاد الهند إعلان حرب تجارية على العدو، وأبعدوا مهربي الفلفل عن بلاد المسلمين (يقصد عمان وبلاد فارس والبصرة والقطيف)، وامنعوا جنود الأساطيل من الالتحاق بأولئك المهربين ووضع أنفسهم رهن إشارتهم فقد كان ذلك النشاط من أهم أسباب ضياع هرمز”!
تمعن عزيز القارئ في هذه الوثيقة سنجد بأنها تعكس حال البرتغاليين السيئة وافتقارهم للمال وبالتالي للسلاح الجيد، مع وجود هروب منظم من قبل جنودهم للالتحاق بمهربي الفلفل لرغبتهم الخلاص من مشقة الحروب والاستفادة ماديا من ذلك الوضع السيئ الذي يعانون منه نتيجة جوعهم ومرضهم وفقرهم وجشع قادتهم وملكهم في الاستيلاء على جل الأموال، وكان لهروب الجنود الأثر الكبير في هزيمتهم في هرمز وضياعها من أيديهم أمام القوات الفارسية المدعومة من الإنجليز.
ولنكمل ما كتبه هذا القائد لنعرف الأوضاع بصورة أوضح:
” سيدي ينشط 40 مركبا مجدافيا مسلحا في ملكية برتغاليين ومولديين، وهي كلها مراكب لتهريب الفلفل تنتقل مرتين في السنة إلى مضيق هرمز محملة بالسلع المحظورة كالفلفل والأثواب والصمغ والخيزران المستعمل في صناعة الرماح، والصلب والحديد والقنبار وغيرها من السلع المحرم نقلها دون أن يدفعوا ضرائب لخزينة صاحب الجلالة، وقد اعتادوا خلال رحلة العودة نقل الخيول التي يبتاعوها من المسلمين (العمانيين) كما ينقلون الكبريت والفوة التي تستعمل في الصبغة وأموالا فضية كثيرة يسمونها لاري، ويبدو أن عدد كبيرا من الجنود يفرون من أساطيلنا ويلتحقون بخدمة أولئك المهربين، إن محاربتهم يا سيدي لا تقل عن محاربة الهولنديين، فحتى جيران جوا (الهند) يساعدونهم ويراسلونهم باعتماد شفرة خاصة”!!
هل تتخيلون معي هذا المشهد؟!
سلعة الفلفل وتهريبها وسقوط هرمز وضعف الاستعمار بهروب جنوده، والتعامل بشفرات خاصة أي مراسلات سرية مشفرة في ذلك الوقت بين المهربين والهولنديين لكيلا يفهم أي أحد الرسالة إن وقعت بيد القوات البرتغالية!
ولنكمل هنا وصايا هذا القائد لسيده وهو يشير إلى مسقط وصحار لمحاربة مهربي الفلفل، حيث يقول:
” ابعثوا وكيلا تجاريا للملك إلى مسقط وآخر إلى صحار التابعين لنا ووكيلا آخر إلى القطيف ورابعا إلى البصرة وأماكن أخرى من بلاد العرب المحاذية للساحل (ساحل الخليج)، فهم حلفاؤنا، لذا ابعثوا لهم من سلع الملك فلفلا كثيرا وأثوابا وخيزرانا وصلبا وحديدا وقنبارا وألواحا ليبيعوها بثمن معقول لكي تستفيد الخزينة، ولتضايقوا تجارة مهربي الفلفل، رغم أن بعض السلع التي ستبعثونها لأولئك الوكلاء ممنوعة بحكم براءة بابوية، فإني أظن أن في إرسالها درءا لضرر كبير، فالهدف هو القضاء على تجارة أولئك المهربين ومنافسة تجارة الهولنديين والإنجليز الذين يتاجرون في بلاد فارس”!
ونلاحظ هنا من خلال هذه الجزئية من الوثيقة كيف أن تهريب الفلفل كان مزعجا جدا للبرتغاليين والإسبان، وكيف أن خطته تقضي بتغريق أسواق مسقط وصحار وبقية المدن التابعة للملك الإسباني بالفلفل وبقية البضائع من أجل اكتفاء السوق هناك وعدم تقبلهم لبضاعة المهربين، والغريب أن هناك تحريما دينيامن البابا لنقل بعض السلع لبلاد العرب والمسلمين كي لا يستفيدوا منها مثلما نراه جليا في الوثيقة كون استعمارهم عسكريا دمويا صليبيا!
ومحاولة منهم في الحد من تهريب الفلفل أوصى هذا القائد نائب الملك بخطة عسكرية محكمة مشيرا إلى مسقط كمركز أساسي لإنجاح الخطة:
” سيدي ابعثوا من جوا إلى هرمز 25 سفينة مجدافية يكون على كل واحد منها 25 جنديا، وكلفوا تلك السفن بعد إفراغ حمولتها من الفلفل في مسقط وباقي الوكالات التجارية بالتحرك داخل المضيق (هرمز) لمطاردة الفرس والهولنديين والإنجليز ومهربي الفلفل لمضايقة تجارتهم، وأوصوا يا سيدي قبطانكم الرئيس (قائد الأسطول البرتغالي) بألا يؤذي أي مسلم وأن يعمل على مصادقتهم خدمة لتلك التجارة ولكي يتطوعوا لمساعدتنا، وابعثوا بعد شهر مارس 25 سفينة من جوا محملة بالسلع نفسها لتعوض المجموعة الموجودة في المضيق لتعود إلى جوا محملة بالفضة والخيول، وبعد أن يتمكن الملك من إلحاق خسائر فادحة بالأعداء سيضطر تجار الفلفل إلى المجيء لطلب عفوكم، ومن المستحسن سيدي العفو عنهم لاسترجاع الجنود درءا لذلك الضرر الكبير، وأصدروا تعليماتكم الصارمة بشنق من يؤسر داخل مراكب التهريب، وأما إذا مكن أحد قباطنة أسطولكم أحدهم من الفرار على غرارا ما اعتادوا فعله فأمروا بشنق القبطان المذكور”!
إذًا؛ كانت عمليات الإعدام بلا شك كبيرة وكثيرة لكل مهربي الفلفل وبصرامة كونها البضاعة الأهم التي ترفد خزينة الملك بالأموال.
واختصارا للوثيقة المطولة سأختم بوصايا هذا القائد لسيده من أجل أن تصادق القوات البرتغالية باشا مكة وباشا عدن بعدما صادقوا باشا البصرة فقال وهو يشير إلى نشاط ميناء قشن اليمني:
” يوجد خارج المضيق بساحل بلاد العرب ميناء يسمى قشن تلتحق به سفن كثيرة لممارسة التهريب، لذا يستحسن تعيين وكيل في ذلك الميناء وخصوصا وأن الشيخ الذي يحكمه صديقا للبرتغاليين، ومن الأفضل كذلك أن تعملوا على التقرب من باشا مكة وباشا عدن للاستفادة من الرواج التجاري الذي تعرفه المدينتان، فقد أصبحت سفن كثيرة تقبل من الهند على مكة والقاهرة العظيمة بعد أن يتسلم جلها تراخيص من نائب الملك لكيلا تعترض أسطولنا سبيلها، لذا فمن المستحسن أن نتصادق مع الحاكمين على غرار ما تم مع باشا البصرة ليتسنى للبرتغاليين نقل سلعهم إلى تلك المدن التي تسوق فيها جميع سلع الهند”.
للعلم كانت السفن البرتغالية الإسبانية تمارس طوال فترة استعمارها في المنطقة القرصنة والقتل والنهب لأغلب السفن المتوجهة إلى مكة عبر مضيق باب المندب الذي يسمونه في كل وثائقهم ” مضيق مكة”، ولاحظوا بأن ضعفهم الناتج من ضربات الفرس والإنجليز والهولنديين في القرن 17م مع نشاط تهريب الفلفل وهروب الكثير من الجنود البرتغاليين والتحاقهم بالمهربين، جعلهم يحاولون بقدر المستطاع مسالمة العرب في المدن المهمة على مواقع التجارة العالمية كي يكسبوا ودهم ومساعدتهم لبقائهم في المنطقة بصورةأكبر لينقذوا ميزانية خزينة ملكهم التي بدأت تلوح بالإفلاس في المستعمرات الآسيوية!
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: هذا القائد من أجل فی ذلک
إقرأ أيضاً:
استعمار العقول أخطر من احتلال الأوطان
لم يعد التهديد الذي يواجه مجتمعاتنا يأتي من غزو الجيوش واحتلال الأراضي، فقد أدرك الغرب أن الشعوب التي تمتلك الوعي والهوية لا تهزم، حتى وإن ضعفت قوتها العسكرية.
لذا، تحولت المعركة من ميادين القتال إلى ساحات الفكر، وانتقل الاستعمار من السيطرة على الأرض إلى غزو العقول، حيث لم يعد الهدف إسقاط الدول، بل تفكيك الأفراد من الداخل، وسلخ الأجيال عن هويتها.
فبعد أن فشل الغرب في إخضاعنا عسكرياً أمام صمود جيوشنا وثبات رجالنا، وجد طريقاً آخر لاختراق مجتمعاتنا عبر أدوات حديثة تزرع الفراغ والانحلال، وتفقد الإنسان ارتباطه بجذوره العربية والإسلامية.
نحن اليوم أمام استعمار خفي، أكثر دهاءً من أي احتلال تقليدي، يحكم سيطرته على العقول قبل الأوطان، ويسرق الوعي قبل أن يهدم الجدران وأبرز أدوات هذا الاستعمار هي منصات التواصل الاجتماعي، وفي مقدمتها تيك توك، الذي لم يعد مجرد تطبيق ترفيهي، بل أصبح أخطر الأسلحة المستخدمة في تفكيك القيم، وهدم المبادئ، وإضعاف المجتمعات من الداخل، إنه ليس منصة عشوائية، بل مشروع مدروس لإعادة برمجة وعي الأجيال، وتوجيهها بعيداُ عن الأخلاق والدين والانتماء. اللغة العربية تهمش، الهوية الإسلامية تطمس، والمبادئ الراسخة تستبدل بمفاهيم غريبة، فتنتج هذه المنصات أجيالاً بلا هوية، بلا مبادئ، بلا انتماء، مجرد نسخ مفرغة من القيم، سهلة الانقياد لأي فكر يفرض عليها.
إن أخطر ما في هذا الاستعمار أنه لا يفرض بالقوة، بل يتسلل في صمت، فيغزو العقول ويغير السلوك دون أن يدرك الضحايا حجم الخطر فنحن لا نواجه عدواً مرئياً يحمل السلاح، بل آلة إعلامية ضخمة تحارب العقيدة، تشوه الهوية، وتصنع أجيالاً ضعيفة، ترى الانحلال حرية، والتفاهة نجاحاً، والانقياد ثقافة.
فالرجال لم يعودوا رجالاً، والنساء فقدن دورهن في بناء الأجيال وانتشرت ثقافة اللامسوؤلية والتفاخر بالمظاهر الفارغة، وتحولت الرجولة إلى مجرد عدد متابعين بدلاً من قوة المواقف والإنجازات. أما النساء، فقد وقعن في فخ الحرية المزيفة حيث باتت قيمتهن تقاس بالاستعراض والبحث عن القبول الرقمي، بدلاً من العلم والأخلاق أو دورهن في بناء الأسرة والمجتمع. أصبح الابتذال وسيلة للصعود، والانحلال عنوان النجاح، حتى فقدت الأسرة دورها في تربية أجيال واعية. لكن الكارثة الكبرى تتجلى في مصير الجيل الواعد، الذي كان أمل الأمة ومستقبلها. انهارت القيم الدينية، واختفت المبادئ العربية، وأصبح العلم بلا قيمة بعدما رأوا أن المال والشهرة تأتي من التفاهة والانحراف، لا من الاجتهاد والبناء. نحن اليوم مجتمع مستعمر فكرياً، تقاد عقولنا من خلف الشاشات، وتعاد برمجة أجيالنا دون مقاومة تذكر، الانقياد لا يطلب منك أن ترفع السلاح، بل أن تلهو، أن تفقد هويتك دون أن تشعر.
إن أخطر ما قد يحدث لأي أمة هو أن تستيقظ يوما لتجد أن أبناءها لم يعودوا يشبهونها، أن ثقافتها اندثرت أن رجالها فقدوا الرجولة، ونساؤها تخلين عن الحياء، وأن جيلها الجديد أصبح نسخة مشوهة، صنعت بأياد أجنبية لا تريد لنا البقاء.
يا سادة، الوطن لا يحمى بالكلمات، ولا تبنى الأجيال بالصدفة، بل بالوعي والتحصين الفكري والتوجيه المسؤول نحن لا نطالب بإغلاق التطبيقات فقط، لأن المشكلة ليست في تيك توك وحده، بل في منظومة كاملة تستخدم لاستهداف مجتمعاتنا. الحل يبدأ من كل يد تربي وتوجه، من كل عقل يدرك أن هذه ليست مجرد "مرحلة"، بل حرب مفتوحة على وعي الأمة ومستقبلها.
الحكومات العربية اليوم أمام اختبار مصيري، فإما أن تتخذ موقفاً حازماً، وتفرض رقابة صارمة على المحتوى الذي يبث في فضائنا الرقمي، أو أن تشهد انهيار مجتمعاتها، دون أن تدرك متى وكيف حدث ذلك.
فالأوطان لا تصان بالأمنيات، بل تحمى بالمواقف الحاسمة والإجراءات الفاعلة. وإن لم يتخذ الآن قراراً جادً، فلن نجد غداً رجالاً يدافعون عن أوطانهم، ولا نساءً يصنعن أجيالاً قوية وواعية، بل سنواجه مجتمعات هشة، مفككة عاجزة عن الصمود أمام أي تحد، لأننا أصبحنا مجتمعاً مستعمراً فكرياً، يقاد دون وعي نحو الانهيار. اللهم احفظ امتنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأزل عنها الغفلة، واعدها الى هويتها ودينها رداً جميلاً. ووفق قادتنا لاتخاذ القرارات الصائبة لحماية مجتمعاتنا. وأعز امتنا، واحمها من الدمار الفكري، يا ارحم الراحمين.
اقرأ أيضاًمفتي الجمهورية: دار الإفتاء تسعى لتعزيز الوعي الإنساني في المجتمع
طلاب جامعة حلوان يزورون قاعدة المشير طنطاوي العسكرية لتعزيز الوعي الوطني
ثقافة البحيرة تواصل فعالياتها بأنشطة ثقافية وفنية لتعزيز الوعي وتنمية المهارات الإبداعية