اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش الولايات المتحدة بالتقاعس عن تقديم تعويضات أو سبل إنصاف أخرى للعراقيين الذين عانوا من التعذيب وغيره من الانتهاكات، التي حدثت في سجن أبو غريب بالعراق عام 2004.

وأضافت المنظمة في بيان، أن الضحايا قدموا الأدلة لما تعرضوا له من انتهاكات جسيمة إلا أنهم لم يتلقوا سوى اعتراف ضئيل من الحكومة الأمريكية، ولم يحصلوا على أي تعويض.

 

وتابعت، "في آب/أغسطس 2022، أصدرت وزارة الدفاع الأمريكية خطة عمل لتقليص الضرر بالمدنيين في العمليات العسكرية الأمريكية. لكنها لا تتضمن أي طريقة لمنح تعويضات للمدنيين الذين تضرروا سابقا".

وقالت سارة ياغر مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش في واشنطن، "بعد مرور 20 عاما، لا يزال العراقيون الذين تعرضوا للتعذيب على يد عناصر حكوميين أمريكيين من دون سبيل واضح لرفع دعوى أو الحصول على أي نوع من الإنصاف أو الاعتراف من واشنطن".

وأضافت ياغر، أن "المسؤولين الأمريكيين يفضلون وضع التعذيب خلفهم"، مشيرة إلى أن "الآثار الطويلة الأمد للتعذيب ما تزال واقعا يوميا للعديد من العراقيين وعائلاتهم".



وأكدت المنظمة أنها لم تجد أي دليل على تقديم الحكومة الأمريكية تعويضات للضحايا أو أي محاولة لإنصافهم، على الرغم من اعتذار كبار المسؤولين آنذاك من بينهم الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن عما حدث، والوعد الذي أطلقه وزير الدفاع وقتها دونالد رامسفيلد بتعويض المتضررين.

وقابلت المنطمة بين نيسان/أبريل وتموز/يوليو 2023، المعتقل السابق في سجن أبو غريب طالب المجلي، بالإضافة إلى ثلاثة أشخاص على علم باحتجازه وقضيته بعد إطلاق سراحه، ورغبوا في عدم الكشف عن هويتهم. 

وقال المجلي للمنظمة إن القوات الأمريكية عرضته للتعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة، بما فيها الإذلال الجسدي، والنفسي، والجنسي أثناء احتجازه في سجن أبو غريب بين نوفمبر/تشرين الثاني 2003 ومارس/آذار 2005.

وأضاف أنه كان أحد الرجال الذين ظهروا في صورة من أبو غريب انتشرت على نطاق واسع تظهر مجموعة من السجناء عراة وفوق رؤوسهم أكياس وهم مكدسون فوق بعضهم البعض في هرم بشري، بينما يبتسم جنديان أمريكيان خلفهما.

وتابع المجلي "أصبحتْ حالة نفسية. فعلت ذلك في السجن، وبعد أن غادرت السجن، وما زلت أفعل ذلك اليوم. أحاول أن أنسى الأمر، ولكن لا أستطيع. حتى اليوم، لا يمكنني ارتداء قميص بأكمام قصيرة. عندما يراها الناس، أقول لهم إنها حروق. أتجنب الأسئلة".



بالإضافة إلى الآلام التي تعرض لها، يتألم المجلي من التأثير السلبي الذي خلّفه ذلك على أطفاله حيث يقول "غيرت هذه السنة والأربعة أشهر كياني كاملا إلى الأسوأ. دمرتني ودمرت عائلتي. سبّبت مشاكل صحية لابني وأدت إلى ترك بناتي الدراسة. سرقوا منا مستقبلنا" وفق المنظمة.

كما قابلت هيومن رايتس ووتش محاميا عسكريا أمريكيا سابقا عمل في بغداد العام 2003، وعضوا سابقا في "المفوضية العليا لحقوق الإنسان" العراقية، وممثلين عن ثلاث منظمات غير حكومية تعمل في مجال التعذيب. 

وراجعت هيومن رايتس ووتش أيضا تقارير إعلامية وتقارير غير حكومية، وكذلك وثائق حكومية أمريكية، بما فيها تحقيقات وزارة الدفاع الأمريكية في مزاعم إساءة معاملة المحتجزين.

وقالت المنظمة، أن السلطات احتجزن أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق من 2003 إلى 2011، آلاف الرجال، والنساء، والأطفال في سجن أبو غريب. 

وذكرت أن عناصر من المخابرات العسكرية الأمريكية أخبروا اللجنة الدولية للصليب الأحمر عام 2004 أن نحو 70 إلى 90% من المحتجزين لدى قوات التحالف في العراق في العام 2003 اعتقلوا عن طريق الخطأ.



وبينت المنظمة أنها كتبت إلى وزارة الدفاع الأمريكية في 6 حزيران/يونيو 2023، توضح فيها قضية المجلي، وتقدم نتائج البحث، وتطلب معلومات عن تعويض ضحايا التعذيب في العراق. رغم طلبات المتابعة المتكررة، لم تتلق هيومن رايتس ووتش أي رد.

وأكدت هيومن رايتس ووتش أن وزارة الدفاع الأمريكية لم ترد على طلبات متكررة للحصول على معلومات حول ما إذا كانت الحكومة الأمريكيّة قد دفعت تعويضات بموجب قانون المطالبات الأجنبيّة أو أي تعويضات أخرى للضحايا أو أسر أولئك الذي ماتوا بسبب الانتهاكات أثناء الاحتجاز في العراق.

وأشارت إلى أن بعض العراقيين حاول الحصول على العدالة في محاكم أمريكية، لكنّ وزارة العدل دأبت على رفض هذه المطالب باستخدام قانون يعود إلى أربعينيات القرن الماضي، يوفر حصانة للقوات الأمريكيّة من أي مطالبات ناشئة عن أنشطة قتاليّة للقوات العسكريّة أو البحرية أو خفر السواحل في وقت الحرب.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الولايات المتحدة التعذيب سجن أبو غريب العراقيون العراق الولايات المتحدة تعذيب منظمات حقوقية سجن أبو غريب سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وزارة الدفاع الأمریکیة هیومن رایتس ووتش

إقرأ أيضاً:

الرواية اليمنية لسقوط الـ«F-18»… ضربة عسكرية ورسالة استراتيجية تعمّق الورطة الأمريكية

يمانيون../
في خطوة عكست تحوّلاً لافتاً في معادلات الاشتباك البحري في البحر الأحمر، أقرت البحرية الأمريكية بسقوط طائرة حربية من طراز «F-18»، من على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان»، وهي طائرة متعددة المهام تُعد من أعمدة سلاح الجو الأميركي، وتبلغ قيمتها أكثر من 67 مليون دولار. وبينما حاولت واشنطن تصوير ما حدث على أنه “حادث عرضي”، تبرز الرواية اليمنية كمحور متماسك يشير إلى عملية هجومية مركزة أثمرت عن هذا الإنجاز الاستراتيجي، لتُظهر معادلة عسكرية جديدة تتبلور جنوب البحر الأحمر.

الارتباك في الرواية الأميركية: محاولة لاحتواء الفضيحة
في أول رد فعل رسمي، أصدرت البحرية الأميركية بياناً مقتضباً تحدّث عن “حادث عرضي” تمثّل في سقوط طائرة F-18 من على متن حاملة طائرات، دون تحديد اسم الحاملة أو سياق الحادثة. غير أن التناقض ظهر سريعاً، إذ نقلت وسائل إعلام أميركية عن مسؤولين قولهم إن الطائرة سقطت أثناء “مناورة حادة” أجرتها حاملة “هاري ترومان” تفادياً لنيران يمنية. هذه الرواية الثانية، رغم تحفظاتها، تعترف ضمنياً بأن الطائرة سقطت في سياق اشتباك، وتنسف بذلك سردية “الخلل الفني أو الخطأ العرضي”.

يُرجّح مراقبون أن هذا الاعتراف الأميركي المبتور جاء في سياقين:

خشية من السبق اليمني إعلامياً وعسكرياً، كما حصل في حادثة مماثلة في ديسمبر 2024 عندما اعترفت واشنطن لاحقاً بإسقاط طائرة مشابهة بعد تأكيد صنعاء للواقعة.

محاولة لصرف الانتباه عن جريمة صعدة، حيث قُتل وجُرح أكثر من 125 مهاجراً أفريقياً في غارة أميركية، وهو ما قد يُعد أكبر المجازر التي ارتكبتها واشنطن في اليمن خلال هذا العام.

الرواية اليمنية: اشتباك مركّز ونتائج ميدانية مدوّية
جاء الاعتراف الأميركي بعد ساعات فقط من إعلان القوات المسلحة اليمنية تنفيذ “عملية اشتباك مشتركة” استهدفت حاملة “هاري ترومان” والقطع الحربية المرافقة لها باستخدام صواريخ وطائرات مسيّرة، ما أجبرها على التراجع إلى أقصى شمال البحر الأحمر. هذا التزامن الزمني والعملياتي يعزز من مصداقية الرواية اليمنية، ويؤكد أن سقوط الـ«F-18» لم يكن وليد خطأ فني، بل نتيجة مباشرة لتكتيك عسكري محكم.

وتشير مصادر يمنية إلى أن الاشتباك الأخير تميز بزخم ناري غير مسبوق، استُخدمت فيه تكتيكات جديدة، وامتد لعدة ساعات، مما خلق حالة من الإرباك والضغط المستمر على حاملات الطائرات الأميركية، وأدى على الأرجح إلى إصابة “ترومان” بشكل مباشر.

وصرّح مصدر في وزارة الدفاع اليمنية بأن استمرار الضغوط قد يُفضي إلى انسحاب “ترومان” من مسرح العمليات نهائياً، في مؤشر على فعالية العمليات اليمنية، وحجم الإرهاق الذي تعانيه التشكيلات البحرية الأميركية في ظل الهجمات اليومية المركزة.

أبعاد الحادثة: سقوط تقني أم سقوط هيبة؟
الحادثة تكشف ثلاثة أبعاد رئيسية:

فقدان الهيبة الأميركية: إسقاط طائرة من أحدث أنواع الطائرات القتالية على متن حاملة تُعدّ رمزاً للهيمنة الأميركية، يُعدّ ضربة مؤلمة لصورة “القوة التي لا تُقهر”، خاصة أن الطائرة لم تسقط في حرب تقليدية، بل في مواجهة مع قوات توصف بـ”غير نظامية”.

نجاح استراتيجي يمني: العملية لم تُسقط فقط الطائرة، بل استنزفت العدو في الوقت والعتاد والجهد، وأظهرت قدرة اليمن على إدارة اشتباكات معقّدة ومركّبة، رغم استمرار الغارات الجوية والحصار.

إجهاد الطاقم الأميركي: اشتباكات يومية وضغوط مستمرة أجبرت حاملات الطائرات على ما يشبه “التفحيط العسكري” لتفادي نيران يمنية، ما يسلط الضوء على الإجهاد العملياتي والنفسي الذي يعيشه الطاقم البحري الأميركي.

سقوط أخلاقي قبل أن يكون عسكرياً
تحاول واشنطن طمس الحقائق بالحديث عن حوادث فنية أو مناورات حادة، لكنها في الواقع تواجه “سقوطاً أخلاقياً”، يتجلى في استهداف المدنيين والأبرياء، كما في مجزرة صعدة، حيث تشير تقارير يمنية إلى تورّط ناشطين موالين للتحالف في تزويد الأميركيين بإحداثيات لقصف مناطق مدنية، ما يجعل من سقوط الطائرة أحد تجليات الفشل الأميركي المتكرر في هذه الحرب.

خلاصة: معركة البحر الأحمر ترسم ميزان قوى جديد
حادثة سقوط الـ«F-18» ليست مجرد تفصيل تقني، بل محطة فاصلة في معركة ذات طابع استراتيجي. فاليمن، الذي يرزح تحت حصار وعدوان منذ سنوات، يثبت أنه قادر على استنزاف خصم يفوقه عدة وعتاداً. وفي المقابل، تجد واشنطن نفسها أمام خيارين: إما الاستمرار في مغامرة مكلّفة بالنيابة عن تل أبيب، أو الاعتراف بأن كلفة الحرب تتجاوز حدود المقبول استراتيجياً ومالياً وحتى معنوياً.

وإذا لم تغيّر إدارة بايدن (أو بالأحرى “ترامب” كما جاء بالخطأ في النص) مسارها، فإن “البحر الأحمر” لن يظل آمناً لقواتها، والخسائر – بحسب روايات متقاطعة – قد تتجاوز حاجز الـ3 مليارات دولار حتى الآن، في واحدة من أكثر الحروب استنزافاً منذ عقود.

مقالات مشابهة

  • هل رفع العقوبات الأمريكية على سوريا مشروط بالتطبيع؟
  • زوبي يصل واشنطن في زيارة رسمية
  • الصحة الفلسطينية: 52.418 شهيدًا حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي على القطاع
  • أول تعليق من إيران على العقوبات الأمريكية الجديدة
  • الرواية اليمنية لسقوط الـ«F-18»… ضربة عسكرية ورسالة استراتيجية تعمّق الورطة الأمريكية
  • رايتس ووتش: إعادة هيكلة الخارجية الأميركية تهدد حقوق الإنسان عالميا
  • ضحايا ودمار واسع في الممتلكات جراء الغارات الأمريكية الأخيرة على صنعاء والمحافظات
  • عقب قصف مركز إيواء.. هيومن رايتس: الهجمات المتعمدة على المدنيين في اليمن هي جرائم حرب
  • الخارجية الأمريكية: لا نعتزم تطبيع العلاقات مع سوريا .. ونواصل تقييم سياستنا بحذر
  • هيومن رايتس ووتش تتهم الحكومة الأردنية بتهجير سكان مخيم المحطة