نزوح جماعي.. أذربيجان تحث أرمن قره باغ على البقاء والاندماج في المجتمع
تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT
حثت أذربيجان السكان الأرمن في إقليم ناغورني قره باغ على البقاء في مساكنهم والاندماج في المجتمع الأذري "متعدد الأعراق"، في حين توجهت عشرات الحافلات لعاصمة الإقليم لنقل المغادرين إلى أرمينيا.
وأفاد مراسل الجزيرة بأن نحو 40 حافلة تابعة للحكومة الأرمينية عبرت ممر لاتشين منذ صباح اليوم باتجاه ستيباناكيرت، عاصمة إقليم قره باغ، لنقل أرمن الإقليم الذين لا يملكون وسيلة للانتقال إلى أرمينيا.
وقالت الحكومة الأرمينية إنها خصصت نحو مليون دولار لتوفير الاحتياجات الأساسية للنازحين في مقاطعات جنوبي وشرقي البلاد، مع وصول أعداد النازحين إلى أكثر من 70 ألفا.
وأعلن الانفصاليون الأرمن في إقليم ناغورني قره باغ اليوم الخميس حلّ ما يسمونها "جمهورية آرتساخ" المعلنة من جانب واحد.
وأفاد مراسل الجزيرة بأن رئيس "جمهورية آرتساخ" سامفيل شهرامانيان وقع مرسوما بحل "الجمهورية" ومؤسساتها اعتبارا من مطلع 2024. ووفقا للمرسوم، فإن هذا الكيان لن يكون له وجود اعتبارا من الأول من يناير/كانون الثاني المقبل.
ودعا شهرامانيان السكان الموجودين داخل إقليم ناغورني قره باغ أو خارجه إلى التعرف على شروط الاندماج داخل أذربيجان.
دعوات للاندماج
في السياق ذاته، دعت باكو السكان الأرمن في إقليم قره باغ إلى عدم مغادرة الأماكن التي يعيشون فيها وأن يصبحوا جزءا من المجتمع الأذربيجاني المتعدد الأعراق.
وجاء ذلك في بيان نشرته وزارة الخارجية الأذربيجانية، اليوم الخميس، ردا على اتهامات وجهها رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان ضد أذربيجان.
وعبر البيان عن إدانة أذربيجان بشدة ورفضها ادعاءات باشينيان بأن السكان الأرمن في قره باغ يتعرضون لـ"تطهير عرقي"، مشددا على أن مغادرة السكان الأرمن للإقليم الأذربيجاني هو قرارهم الشخصي، وأن باشينيان يدرك جيدا أن هذا لا علاقة له أبدا بالتهجير القسري".
وتابع البيان "إذا كان بعض السكان الأرمن لا يريدون العيش في ظل قوانين وحكم أذربيجان، فلا يمكننا إجبارهم على القيام بذلك".
وأردف "نحن ندعو السكان الأرمن إلى عدم مغادرة الأماكن التي يعيشون فيها وأن يصبحوا جزءًا من المجتمع الأذربيجاني المتعدد الأعراق".
وشدّد البيان على ضرورة ألا تعرقل أرمينيا عملية اندماج السكان الأرمن في قره باغ مع أذربيجان، وأن تركز بدلا من ذلك على استكمال مفاوضات اتفاق السلام على أساس وحدة أراضي وسيادة كلا البلدين.
وفي السياق نفسه، قال إيلين سليمانوف سفير أذربيجان لدى بريطانيا، اليوم الخميس، إن بلاده لا تريد خروجا جماعيا للأرمن من قره باغ ولا تشجع أحدا على مغادرة المنطقة.
وفي مقابلة مع رويترز، أضاف سليمانوف أن أذربيجان لم تُتح لها الفرصة بعد لإثبات ما قال إنه التزامها الصادق بتوفير ظروف معيشة آمنة ومحسنة للأرمن الذين يختارون البقاء.
تحذير أرميني
وكان رئيس الوزراء الأرميني قال، اليوم الخميس، إنه لن يبقى أي أرميني في إقليم قره باغ خلال الأيام المقبلة.
واعتبر باشينيان أن ما يجري في قره باغ "تطهير عرقي" و"تهجير"، وقال إن أرمينيا حذرت المجتمع الدولي من ذلك، متهما أذربيجان بتنفيذ "اعتقالات غير قانونية" على الحدود.
بدورها، قالت موسكو -اليوم الخميس- إنها لا ترى سببًا يدعو الأرمن إلى الفرار من ناغورني قره باغ، نافية فعليا الاتهامات بالتطهير العرقي التي وجهتها يريفان لباكو.
وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف "لا يمكننا أن نقول من هو المذنب (بالنزوح الجماعي)، لأنه لا توجد أسباب مباشرة لمثل هذه الأعمال".
وأضاف "مع ذلك، يعبر السكان عن رغبتهم في مغادرة أراضي ناغورني قره باغ (…) وأهم ما في الأمر هو أن يتمكن هؤلاء الذين اتخذوا هذا القرار من تنفيذه في ظروف جيدة".
ومع ذلك، قال الكرملين إنه يتابع عن كثب الوضع الإنساني في الإقليم، مشددا على أن قوة حفظ السلام الروسية تقدم المساعدات لسكان المنطقة.
وردا على سؤال من صحفي، أوضح بيسكوف أنه لا خطط لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لزيارة أرمينيا.
وفي 19 سبتمبر/أيلول 2023، أعلنت أذربيجان إطلاق عملية "بهدف إرساء النظام الدستوري في قره باغ" انتهت بعد يوم واحد باتفاق لوقف العملية وتخلّي المجموعات المسلحة غير القانونية والقوات المسلحة الأرمينية الموجودة في قره باغ عن سلاحها وإخلاء مواقعها العسكرية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: السکان الأرمن فی ناغورنی قره باغ الیوم الخمیس فی قره باغ فی إقلیم
إقرأ أيضاً:
هل تنجح روسيا فى البقاء بسوريا؟.. تحديات متزايدة فى ظل الأوضاع المتغيرة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
فى تطور يعد الأول من نوعه منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد، شهدت العاصمة السورية دمشق مباحثات مكثفة بين الحكومة الانتقالية ووفد رفيع من الكرملين، حيث ناقش الجانبان ملف التعويضات وإعادة الإعمار، فى وقت تتصاعد فيه مطالب سوريا بمعالجة "إرث الماضي" وضمان سيادتها الكاملة.
ووفقا لصحيفة "فاينانشال تايمز" قام ميخائيل بوجدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، برئاسة وفد موسكو فى أول زيارة رسمية منذ انهيار حكم الأسد، حيث اجتمع مع أحمد الشرع (المعروف سابقًا باسم أبومحمد الجولاني)، الزعيم الفعلى للسلطة الجديدة.
وأكد بيان لوكالة "سانا" الرسمية تركيز المحادثات على "احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها"، مع إشارة صريحة إلى ضرورة تعويض الأضرار الناجمة عن سنوات الحرب، ودور روسيا فى "إعادة بناء الثقة عبر خطوات ملموسة".
وقالت الصحيفة إن الجانب الروسى أعرب عن استعداده للمساهمة فى إعمار سوريا، وفقًا لتصريحات وزارة خارجيته، لكنه أقر بعدم تحقيق تقدم فى الملفات الشائكة، مثل مصير القاعدة الجوية فى حميميم والميناء الاستراتيجى فى طرطوس، والتى تعد نقاطًا محورية لنفوذ موسكو العسكرى فى المتوسط.
وأوضح بوغدانوف أن المفاوضات حول هذه القواعد "تتطلب مزيدًا من النقاش"، مشيرًا إلى أن الوضع الراهن "لم يتغير".
فيما كشف وزير الخارجية السورى أسعد الشيبانى فى تصريحات سابقة لصحيفة "فاينانشال تايمز" عن وجود ديون على دمشق تُقدر بـ٨ مليارات دولار لروسيا، مُحمّلًا نظام الأسد مسئولية هذه الأعباء.
وفى سياق متصل، تسعى الحكومة الجديدة إلى فتح قنوات مع الغرب والدول العربية لتخفيف العقوبات وإنعاش الاقتصاد، مع تأكيدها رفض الدخول فى صراعات جديدة.
الوجود العسكرى الروسي
جاءت المحادثات فى أعقاب إجلاء موسكو مئات الجنود ومعدات عسكرية من سوريا، وفقًا لصور الأقمار الصناعية التى التقطتها شركة "بلانيت لابس"، والتى أظهرت نشاطًا لوجستيًا مكثفًا فى ميناء طرطوس، بما فى ذلك تحميل سفينتى شحن روسيتين معروفتين بنقل الأسلحة.
ورغم ذلك، أكد الكرملين عبر متحدثه دميترى بيسكوف استمرار الحوار مع القيادة السورية الجديدة، واصفًا المحادثات بـ"المهمة".
وأشارت الصحيفة إلى أن الدعم العسكرى الروسى كان عاملًا حاسمًا فى إطالة أمد حكم الأسد، خاصة بعد تدخل موسكو المباشر عام ٢٠١٥ عبر قاعدتها فى حميميم، والتى مكنت النظام من استعادة مواقع واسعة.
إلا أن تحالفًا للمعارضة بقيادة "هيئة تحرير الشام" تمكن من قلب الموازين الشهر الماضي، ما أدى إلى فرار الأسد وعائلته إلى موسكو، حيث يعتقد أن بعض أفرادها ما زالوا هناك.
هذا وتواجه موسكو تحديًا دبلوماسيًا فى التعامل مع التحولات الجذرية بدمشق، بينما تحاول سوريا الجديدة تحقيق توازن بين المطالبة بحقوقها التاريخية وبناء تحالفات إقليمية ودولية تخرجها من عزلتها.
مفاوضات متعثرة
فى ظل تحولات جيوسياسية متسارعة، تواجه موسكو تحديات دبلوماسية وعسكرية فى الحفاظ على قاعدتيها العسكريتين الرئيسيتين فى سوريا، اللتين شكلتا ركيزةً أساسيةً لفرض نفوذها الإقليمى عبر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال السنوات الماضية.
كشفت تقارير لوكالة "بلومبرج" الأمريكية عن تعليق المفاوضات بين الجانبين الروسى والسورى حول مستقبل القاعدتين، استنادًا إلى مصادر مطلعة فى العاصمة الروسية موسكو.
وأشارت الوكالة إلى أن الأنشطة العسكرية الروسية فى قاعدة حميميم الجوية، الواقعة غرب سوريا، شهدت تقليصًا ملحوظًا فى الفترة الأخيرة، فى مؤشر على تراجع العمليات العسكرية المكثفة التى كانت تنطلق منها سابقًا.
لفتت المصادر إلى تعقيدات لوجستية واجهتها موسكو فى إدارة انسحاب جزئى من سوريا، حيث اضطرت سفينتا نقل روسيتان إلى الانتظار لأسابيع قبالة السواحل السورية، قبل أن تحصلا على إذن من السلطات السورية الجديدة للرسو فى القاعدة البحرية الاستراتيجية فى طرطوس، والتى تُعد منفذًا حيويًا لروسيا على البحر المتوسط، وهدفت العملية إلى إزالة معدات عسكرية وتجهيزات روسية من الميناء، وفقًا للتقارير.
وتعتبر القاعدتان العسكريتان حميميم الجوية وطرطوس البحرية بمثابة نقاط ارتكاز حاسمة للحضور العسكرى الروسى فى المنطقة، حيث مكنتا روسيا من تعزيز تحالفاتها، ونشر قواتها، وحماية مصالحها الجيوسياسية فى أفريقيا والشرق الأوسط، خاصة بعد التدخل المباشر عام ٢٠١٥ لدعم نظام الأسد.
وتوازى هذه الخطوات مع مساعى سوريا الجديدة لتحقيق توازن فى تحالفاتها الإقليمية والدولية، وسط تحديات إعادة الإعمار ورفع العقوبات.
رغم عدم وجود إفصاح رسمى عن مصير القاعدتين، تؤكد التطورات الأخيرة أن ملف الوجود العسكرى الروسى فى سوريا بات مرتبطًا بتسويات سياسية واقتصادية معقدة، قد تعيد رسم خريطة النفوذ فى منطقة طالما اعتبرت ساحة صراع دولية.