عدن (عدن الغد) خاص:

عقدت منظمة ميون لحقوق الإنسان، اليوم الخميس 28/9/2023، في العاصمة المؤقتة عدن، مؤتمراً صحفياً، عرضت من خلاله تقريراً حقوقياً لها بعنوان (الأطفال المحاربون) رصدت فيه تجنيد الأطفال في اليمن خلال الفترة (1 يوليو 2021 - ديسمبر 2022).

وقالت المنظمة إن تقريرها جاء ضمن تحمل مسؤوليتها بالدفاع عن حقوق الإنسان، لاسيما الأطفال في اليمن، باعتبار تجنيد الأطفال جريمة يعاقب عليها القانون المحلي قبل الدولي.

وأضافت "ميون" بأن هذا التقرير هو الثاني من نوعه، "وذلك إدراكا منها بخطورة انتهاكات تجنيد الأطفال في ظل النزاع المسلح في اليمن، ولما لها من آثار وتداعيات لعقود طويلة على الأطفال والمجتمع ككل، حيث تخلف أطفالاً معنفين، وتزيد حالات الجرائم بحق المجتمع".

وأوضحت أن فريقها الحقوقي والقانوني الذي وصفته بـ"المتمرس"، تمكن  من إنجاز هذا التقرير "وفق أعلى درجات الموثوقية والمعايير المتعارف عليها دولياً، في رصد انتهاكات حقوق الإنسان، وذلك بالتعاون مع فريق الرصد التابع للمنظمة على امتداد المحافظات اليمنية، علاوة على كادر فني ورقابي متخصص"، بحسب التقرير.

وأفادت منظمة ميون بأن تقريرها "وثق عدد ( 2.233) طفلاً مجنداً، تم استخدامهم بشكل مباشر في النزاع المسلح لدى جميع الأطراف، حيث بلغ عدد الأطفال الذين تم التحقق من قيام جماعة الحوثي (أنصار الله) يتجنيدهم في الجبهات (2.209) أطفال، أي ما نسبته (98.9%)، فيما تقع مسؤولية تجنيد (24) طفلاً على الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والتشكيلات المسلحة التابعة لها، وهو ما يمثل نسبة ( 1.1%) من إجمالي الوقائع والحالات".

وقالت إن التقرير "تحقق من مقتل أطفال (1.309) أطفال، أحدهم طفل صومالي الجنسية، وإصابة وتشويه (351) طفلاً، من إجمالي الحالات المجندة في صفوف جماعة الحوثي (أنصار الله)، وأن الفئة العمرية للأطفال ما بين من السادسة عشرة والسابعة عشرة هي الفئة الأكثر تعرضاً لانتهاكات التجنيد والاستخدام كجنود لدى الجماعة".

وأكدت منظمة ميون لحقوق الإنسان أنها وثقت بلاغات بتجنيد (25) طفلاً ينتمون إلى عائلات مهاجرين أفارقة، تحققت من عدد (4) أطفال في محافظتي صنعاء وحجة.

ولفتت المنظمة إلى أنها وثقت منح جماعة الحوثي لـ(556) طفلاً قتلوا في صفوفها رتباً عسكرية موزعة ما بين "ضابط" و"صف ضابط"، ومنحت (753) طفلاً قتيلاً صفة "جنود" في كشوفاتها الرسمية بوزارة الدفاع، موضحة في هذا الشأن استخدام جماعة الحوثي إغراءات منح الرتب الوهمية للأطفال بهدف استقطابهم للتجنيد.

وخلص تقرير "ميون" وفقاً لنتائج الرصد إلى أن أعلى عشر محافظات استقطبت فيها جماعة الحوثي ( أنصار الله) الأطفال المجندين هي (صنعاء، حجة، ذمار، صعدة، أمانة العاصمة، عمران، إب، الحديدة، تعز، المحويت).

كما رصد تقرير منظمة ميون انخفاضاً في عدد الضحايا الأطفال الذين جندتهم جماعة الحوثي ( أنصار الله) في صفوفها خلال فترة الهدن الأممية التي بدأت في إبريل 2021م، وتم تمديدها إلى مرحلتين، بالمقابل لم تتوقف الجماعة عن الحشد والتعبئة والاستقطاب خلال تلك الفترة.

واستعرض التقرير أدوات ووسائل الاستقطاب لتجنيد الأطفال لدى جماعة الحوثي، حيث كان في صدارتها استغلال الظروف المعيشية والاقتصادية للأطفال وأسرهم، يليها منهجية التلقين العقائدي وخطاب الكراهية عبر الإعلام الرسمي والأهلي ومواقع التواصل الاجتماعي، والسيطرة التامة على المؤسسات التعليمية والمؤسسات الدينية، واستغلال المراكز الصيفية، علاوة على استخدام الحيلة والاختطاف وممارسة الضغوط على زعماء القبائل والمشايخ والأعيان.

وعرضت منظمة ميون في ختام تقريرها جملة من التوصيات التي وجهتها للأطراف والجهات المعنية، وهي جماعة الحوثي والحكومة اليمنية المعترف بها، والمجتمع الدولي والأمم المتحدة، وممثل الأمين العام للأمم المتحدة، حيث حثت المنظمة هذا الأطراف على "الالتزام الكامل بالاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجمهورية اليمنية، والتوقف الفوري عن تجنيد الأطفال والتسريح الفوري لكل الأطفال الذين تم إشراكهم في النزاع المسلح، وإحالة الكيانات والأفراد والقيادات المدنية عن تجنيد والعسكرية إلى القضاء لينالوا جزاءهم الرادع".

كما حثهم على "إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي للأطفال المجندين قبل إعادتهم إلى مجتمعاتهم، لما له من تأثير على حالات ينتمون إليها، العنف والقتل في المجتمعات المحلية وعائلاتهم التي ينتمون إليها".

ودعت المنظمة جماعة الحوثي إلى "تشكيل فرق عمل مشتركة مع الأمم المتحدة والمجتمع المدني لحصر وتوثيق وتسريح جماعي للأطفال المجندين في صفوفها، والتوقف عن حملات التعبئة والحشد والتجنيد المستمرة حتى الآن، والانتقال إلى برنامج تسريح وإعادة التأهيل النفسي والاجتماعي للأطفال المجندين، وإدماجهم في المجتمع بخطوات تستند إلى المعايير الدولية، والإعلان عن ذلك على مختلف وسائل الإعلام..

وطالبت الجماعة بـ"منع استخدام المدارس والبيئات التعليمية والمرافق العامية في الاستقطاب لتجنيد الأطفال عبر (المراكز الصيفية)، والتي ثبت خلال الرصد والتوثيق استخدامها في التدريب على الأسلحة والتعبئة العسكرية في ظروف أشبه بالتجنيد، والالتزام بالاتفاقيات الدولية والإعلان العالمي للمدارس الآمنة والصديقة للطفل، والذي ينص على منع استخدام المدارس لأغراض عسكرية".

كما حثت "ميون" جماعة الحوثي على "الإشراك الكامل والبنّاء وغير المشروط للمنظمات الدولية والمحلية في ملف الأطفال والنزاعات المسلحة، وإتاحة فرص الوصول لجمع المعلومات، وتقديم برامج الحماية للأطفال المجندين والمتأثرين في الحرب".

وشددت على الجماعة بـ"التوقف عن استغلال وتجنيد الأطفال من عائلات اللاجئين والمهاجرين الأفارقة والزج بهم في النزاعات المسلحة، وكذلك التوقف عن تعبئتهم وتلقينهم ثقافة الكراهية والعنصرية، باعتبار ذلك مخالفاً لاتفاقية اللاجئين والبرتوكول الملحق بالاتفاقية".

وعبرت منظمة ميون عن ترحيبها بقرار مجلس القيادة الرئاسي "بتشكيل اللجنة العسكرية لإعادة هيكلة القوات المسلحة".. وفي هذا الإطار دعت المنظمة اللجنة العسكرية إلى "اتخاذ كافة التدابير لإدماج سياسة منع تجليد الأطفال في جهود الحكومة أثناء هيكلة القوات المسلحة، بالتنسيق مع اللجنة المشتركة المشكلة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (91) للعام 2018م".

وحثت المنظمة المجتمع الدولي والأمم المتحدة على "وضع اعتبار أن السلام المستدام هو ذلك السلام الذي يكون لمصلحة الضحايا من الأطفال والنساء وهم أصحاب المصلحة الحقيقية في السلام، بما في ذلك الأطفال المتأثرين في النزاع، والذين كلما طال النزاع زادت معاناتهم ومعاناة أسرهم أكثر باعتبارهم يشكلون جيل المستقبل".

ودعت تحت المجتمع الدولي إلى "ممارسة المزيد من الضغوط على جماعة الحوثي، بفرض عقوبات على المسؤولين المتورطين في تجنيد الأطفال بما في ذلك تقييد السفر والملاحقة القانونية".

وأوصت"ميون" الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعني بالأطفال والنزاع المسلح بزيارة اليمن للاطلاع المباشر، وإجراء تقييم بشأن تجنيد الأطفال واستخدامهم كجنود.

ودعت فريق الخبراء المعنى باليمن إلى "إدراج الكيانات والأفراد من جماعة الحوثي، والمذكورة في التقرير السنوي لممثل الأمين العام للأمم المتحدة الخاص بالأطفال في النزاعات المسلحة في قائمة العقوبات الدولية، لما لهذا الإجراء من أثر في ردع المنتهكين لحقوق الطفل أثناء النزاع المسلح".

 

*من صدّيق الطيار

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: المجتمع الدولی النزاع المسلح تجنید الأطفال جماعة الحوثی أنصار الله الأطفال فی منظمة میون فی النزاع أطفال فی فی الیمن

إقرأ أيضاً:

أمريكا في مأزق: تعديل استراتيجي مفاجئ في اليمن يُغير مجرى الحرب

صورة تعبيرية (مواقع)

في تحول لافت في السياسة الأمريكية باليمن، كشفت الولايات المتحدة الاثنين 28 أبريل 2025 عن تعديل جديد في استراتيجيتها العسكرية في المنطقة. هذا التغيير جاء مع دخول الحملة العسكرية الأمريكية التي تستهدف مواقع في اليمن شهرها الثاني، ما يثير العديد من التساؤلات حول أهداف هذه الحملة وموقف أمريكا الحالي في ظل التحديات المستمرة على الأرض.

وأعلنت القيادة المركزية للقوات الأمريكية عبر بيان رسمي على حساباتها بمواقع التواصل الاجتماعي، عن فرض حظر نشر يتعلق بالعمليات العسكرية الحالية والمستقبلية في اليمن. وهو قرار يبدو غير عادي بالنظر إلى الأسلوب الإعلامي الذي اعتادت الولايات المتحدة اتباعه خلال حملاتها العسكرية السابقة.

اقرأ أيضاً هل تغلف طعامك بورق الألومنيوم؟: إليك الأسباب التي قد تدمرك 28 أبريل، 2025 أسعار الصرف في اليمن اليوم: الدولار يعاود ارتفاعا جنونيا في عدن ومأرب وصنعاء 28 أبريل، 2025

ورغم أهمية هذا الإعلان، لم تذكر القيادة أي تفاصيل حول دوافع هذه الخطوة، مما يثير العديد من التكهنات حول التوجهات العسكرية المستقبلية.

وحتى الآن، لا توجد معلومات واضحة حول ما إذا كان هذا التعديل يعني تراجعًا تدريجيًا في العمليات العسكرية الأمريكية في اليمن، خاصة مع ترقب انسحاب حاملة الطائرات "يو إس هاري ترومان" من البحر الأحمر.

هذا الانسحاب قد يكون له تأثير كبير على العمليات العسكرية الأمريكية، كما أنه قد يتجنب تزايد تأثير الهجمات العشوائية التي أضرت بالمدنيين في اليمن، حيث تشير تقارير متزايدة إلى تصاعد القصف العشوائي والذي أسفر عن سقوط ضحايا مدنيين.

ومنذ أكثر من عام، تشن القوات الأمريكية غارات جوية وقصفًا صاروخيًا، مستخدمة في ذلك عشرات البوارج والغواصات ضمن أسطولي حاملتي الطائرات "يو إس ترومان" و"كارل فينسون".

بالإضافة إلى ذلك، تُنفذ الغارات بواسطة غواصات وقاذفات تنطلق من قاعدة في المحيط الهندي. ومع ذلك، يبدو أن هذه العمليات لم تحقق الأهداف التي كانت الإدارة الأمريكية تسعى لتحقيقها، وهو ما أقر به العديد من الخبراء العسكريين.

 

خسارة إعلامية واعترافات بالهزيمة على الأرض:

منذ بداية الحملة العسكرية الأمريكية في اليمن في مارس 2025، عملت الولايات المتحدة على ترويج مزاعم إعلامية عن تدمير قدرات جماعة الحوثيين واستهداف قيادات بارزة، إلا أن هذه الادعاءات تبين لاحقًا بأنها لم تحقق نتائج ملموسة.

بل على العكس، شهدت العمليات اليمنية تصاعدًا ملحوظًا، سواء في دعم غزة أو في الرد على العدوان الأمريكي ضد اليمن، ما أدى إلى ظهور شخصيات عسكرية وسياسية كان قد تم الإعلان عن مقتلها سابقًا.

علاوة على ذلك، يبدو أن الحملة الإعلامية الأمريكية قد تعرضت لهزيمة كبيرة، حيث اعترفت الولايات المتحدة بأنها فشلت في الحفاظ على التفوق الجوي، خاصة بعد أن تمكنت القوات اليمنية من إسقاط العديد من الطائرات الاستطلاعية الأمريكية بشكل متكرر.

 

هل هو تراجع استراتيجي أم مجرد تكتيك مؤقت؟:

التوقيت الذي تم فيه الإعلان عن هذا التعديل الاستراتيجي من جانب الولايات المتحدة يشير إلى أن الإدارة الأمريكية قد تكون في مرحلة تراجع استراتيجي في اليمن، أو على الأقل، تعيد تقييم تكتيكاتها في ضوء التحديات المتزايدة على الأرض.

ووسط هذا الصراع المعقد، يبقى السؤال الأهم: هل ستسعى أمريكا إلى التوصل إلى تسوية سياسية أم أن التعديلات العسكرية ستستمر في إطار هذه الحرب الطويلة والمُرهقة؟.

من المؤكد أن هذه التحولات ستؤثر بشكل كبير على سير العمليات العسكرية في المنطقة، وقد تفتح أبوابًا لمفاوضات قد تغير المشهد العسكري والسياسي في اليمن بشكل غير مسبوق.

مقالات مشابهة

  • العرادة للسفيرة الهولندية: الحوثيون رفضوا كافة المبادرات لتحقيق السلام في اليمن
  • الأونروا تطالب برفع الحصار عن غزة والأمم المتحدة: الوضع يفوق التصور
  • الأونروا: ما يحدث في غزة "حُكم بالإعدام".. والأمم المتحدة تحذر من أيام حرجة
  • قراءة نقدية لمقال المجتمع الدولي والسودان
  • مسؤول أممي ينتقد عجز مجلس الأمن والاستهانة بالقانون الدولي الإنساني
  • المجتمع الدولي يعرّي إسرائيل ويفضح جريمة التجويع والحصار
  • أمريكا في مأزق: تعديل استراتيجي مفاجئ في اليمن يُغير مجرى الحرب
  • سيف بن زايد: رئيس الدولة يتلقى الشكر من روسيا لدعمه حماية الأطفال
  • جماعة الحوثي تتهم أمريكا بالتسبب في تسرب نفطي هائل بالبحر الأحمر
  • من هو القيادي الحوثي عبدالله الرصاص الذي استهدفه الجيش الأمريكي في اليمن؟