قال المستشار السابق لرئيس حزب العدالة والتنمية التركي، الدكتور ياسين أقطاي، إن القمة المرتقبة بين أردوغان والسيسي ستُعقد على الأرجح في العاصمة التركية أنقرة قبل الانتخابات الرئاسية المصرية التي ستُعقد نهاية العام الجاري، لافتا إلى أن تلك القمة "جرى التجهيز لها سابقا قبل نحو شهر، حيث كان من المفترض حينها أن يزور السيسي أنقرة، لكنها لم تتم".



وفي 10 أيلول/ سبتمبر الجاري، التقى أردوغان والسيسي على هامش قمة العشرين التي عُقدت مؤخرا في نيودلهي، وعقدا مباحثات بحضور وزراء الخارجية والمخابرات من البلدين لبحث تعزيز العلاقات بينهما.

وكان أردوغان والسيسي تصافحا، لأول مرة، بحضور أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، عل هامش حضورهما حفل افتتاح كأس العالم لكرة القدم في الدوحة.

وأضاف أقطاي، في مقابلة مصورة مع "عربي21"، أن هناك جهات لم يسمّها تقف خلف محاولات تأجيج العنصرية والكراهية في تركيا؛ فهناك "مَن يريد أن يفرّق بين الأتراك والعرب، حتى يزرعوا الكراهية، ولا يكونوا قوة واحدة، وحتى تنتقل المميزات والإمكانيات والفرص التي تتمتع بها تركيا إلى بلاد أخرى، لكننا بدأنا في مواجهة هذه الأفكار".

وأردف: "قيادات العنصرية في تركيا هم عملاء لبعض الشركات أو بعض الدول التي تنافس تركيا في السياحة أو الاستثمارات؛ فهناك مَن يريد أن يُبعد العرب عن تركيا حتى لا يكون هناك استثمار في تركيا، ولا سياحة تعزز الاقتصاد التركي".

وفي الوقت الذي أكد فيه أقطاي أن فكرة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي باتت جزءا من سياسة تركيا، أوضح أن انضمام بلاده للاتحاد الأوروبي الآن "ليس احتمال وارد، لأن الأوروبيين أثبتوا أنهم عنصريون، ولا يريدون أن تنضم تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بـ 90 مليون مسلم، لأنها ستُشكّل ربع الاتحاد الأوروبي، وهذا يشعرهم بالخطر".

واستطرد المستشار السابق لرئيس حزب "العدالة والتنمية"، قائلا: "لو كانت تركيا دولة غير مسلمة لانضمت إلى الاتحاد الأوروبي منذ زمن بعيد"، وفق قوله.

وإلى نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
كيف ترى المخرجات التي انتهت إليها قمة العشرين في نيودلهي؟
قمة العشرين قمة مُعتادة تُعقد كل عام، وتجمع بعض الدول الكبرى، ويصدرون بيانا في نهاية القمة. وبيان القمة الأخيرة ظهرت فيه إرادة وحث للعالم بأن يكون أفضل، وكان التركيز على إنهاء الحرب بين أوكرانيا وروسيا، وأشير أيضا إلى دور تركيا في هذا الحرب.

كما أن استضافة الهند للقمة كان إشارة إلى أهمية الهند فيما يتعلق بعلاقاتها الدولية، وأيضا تناول البيان موضوع التغيرات المناخية، والعديد من الموضوعات الأخرى.

وأهم نتائج هذه القمة هي الاجتماعات التي عُقدت على هامش القمة بين قادة الدول مثل اجتماعات بعض قادة الدول الإسلامية، والتي تُعتبر مكسبا كبيرا لتركيا وللشرق الأوسط، وللبلدان العربية.

التقارب بين العرب والأتراك على هامش القمة، والذي أسفر عن عقد عدة اتفاقيات بين تركيا والسعودية، وقطر، ومصر.. هذه الاجتماعات التي عُقدت من أهم مكاسب هذه القمة.

كيف ستنعكس نتائج قمة العشرين على الأزمات والقضايا في منطقة الشرق الاوسط؟
عندما ننظر للشرق الأوسط نجد أنه يتكون من بلدان إسلامية -باستثناء الكيان الصهيوني- بينما لا توجد إشارات واضحة على التكامل بين البلدان الإسلامية، ولكن ربما خط التجارة الذي أُعلن عن تدشينه بين الإمارات وتركيا، ومن تركيا إلى أوروبا، ربما سيكون له دور كبير في ارتباط العالم الإسلامي بدول أوروبا، وتركيا ستكون جسرا للتواصل، كما كانت عبر التاريخ؛ فهي جسر بين أوروبا وآسيا، وجسر بين الإسلام والمسيحية، وبين الشرق والغرب، والآن باتت جسرا بين دول الشرق الأوسط وروسيا.

لكن لماذا تم استثناء تركيا ومصر من الممر الاقتصادي الذي سيربط الهند بأوروبا عبر بعض دول الشرق الأوسط؟
أعتقد أن هذا الممر الاقتصادي ما زال عليه تنافس بين الدول، ولا تظن أن اجتماع قمة العشرين سيتفق فيه الزعماء على كل شيء، ويسود العالم مظاهر المساهمة والمشاركة؛ فالمنافسة ما زالت شرسة وشديدة.

أعتقد أن البعض لا يريد أن تجتمع أو تتفق تركيا مع مصر، أو تربحا في أي مشروع؛ فهذا يغضب بعض القوى أو المراكز، وقد يكون هذا السبب في نجاح الوقيعة بين الدولتين حتى الآن، وبغض النظر عن الأسباب الملموسة، والتفاصيل؛ فالتفرقة بينهما فيها مصلحة لبعض العناصر والمراكز الأخرى في العالم، ومن بينها إسرائيل، وقد تكون من بينها الهند نفسها؛ فالهند لا تريد أن تربط تركيا ومصر مع هذا الخط؛ لأن العنصرية في دولة الهند هي عنصرية شاذة، وهي تنافس في عنصريتها قادة النازية عبر التاريخ.

لماذا تُصرّ أمريكا على ربط صفقة مقاتلات أف 16 لتركيا بطلب السويد للانضمام إلى حلف "الناتو"؟
الولايات المتحدة تريد ضم السويد إلى حلف الناتو، وتركيا بيدها هذه الورقة، ولا تريد أن تتنازل عنها بلا مقابل، كما أن ربط صفقة المقاتلات بانضمام السويد للحلف يزعج تركيا؛ لأن تركيا هي حليف كبير، ولا تريد ربط هذا بذاك، وكأنها نوع من التجارة.

رسالتنا ومطالبنا من السويد مطالب واضحة ومنصفة؛ فنحن نريد -على سبيل المثال- أن يقطعوا علاقتهم بالحزب العمال الكردستاني، وأن يكفوا عن مهاجمة القرآن الكريم، وهم يصروا على هذا الخط من السياسة في دعم الإرهاب، وإهانة القرآن، وتركيا هي خط الدفاع الأول في مواجهة الهجوم على كتاب الله، والتصدي للمنظمة الإرهابية.


أردوغان كشف مؤخرا أن هناك خلافات مع مصر بشأن مكان انعقاد القمة بين أردوغان والسيسي.. فهل تعتقد أن هذه القمة ستُعقد قريبا؟
الروايات مختلفة في هذا الشأن، وأعتقد أن هناك بعض الضغوط على «السيسي» للحيلولة دون هذا اللقاء، ولا ندري تحديدا لماذا تأخر هذا اللقاء بينهما.

ربما اجتماعهم في الهند على هامش قمة العشرين قد ساهم في تأجيل اللقاء؛ فمثل هذه الاجتماعات قد تؤجل اللقاء الأكبر؛ لأن الموضوعات العاجلة قد تُحل في مثل هذه الاجتماعات ولا تحتاج إلى قمة كبيرة، ولكن في نهاية المطاف الرئيسان سيلتقيان؛ فكلاهما لديه الإرادة لذلك، ولكن قد تحتاج إلى تحديد التوقيت والمكان المناسب، فالانتخابات التي عُقدت في تركيا كانت من أسباب التأجيل، وكذلك الانتخابات المقبلة في مصر قد تكون من أسبابه أيضا، وعلى كل حال فالعلاقات بين تركيا ومصر ليست متوقفة على مثل هذه الفعاليات.

أشرتم إلى "ضغوط" تُمارس على "السيسي" من أجل عدم عقد القمة بينه وبين «أردوغان».. فمَن يقف خلف هذه الضغوط؟
أنا لا أقصد جهات أو أشخاص بعينهم، ولكن أقصد الضغوط التي أتت نتيجة الظروف؛ فبعد نوع معين من العلاقات استمر عشر سنوات، وما تأسس عليها.. قد يكون من الصعب تجاوزه، وأحيانا التصريحات والمواقف المختلفة تتراكم أمامك فتشكل نوعا من التعقيد يعرقل أو يعوّق بناء السياسات الجديدة.

إلى أي مدى ترى أن النظام المصري صادق وجاد في تطبيع علاقاته مع تركيا؟
في هذه الأمور لا حديث عن الصدق أو الجدية، وإنما هناك علاقات دولية، وأما عن الصداقة بين البلدين تركيا ومصر -بغض النظر عمَن يحكمهما- فلا بد أن تكونا مرتبطتين من الناحية التاريخية والثقافية والجغرافية، وتكونا دائما قريبتان لبعضهم، فقدرهم قدر مشترك، وأعتقد أن هاتين الدولتين لو تعاونا أو تضامنا في أي مجال سيكون لهما دور كبير في تاريخ العالم.

بحسب معلوماتك، متى وأين ستُعقد القمة بين أردوغان والسيسي؟
الأمر ما زال مفتوحا للنقاش بينهما، ولكن بحسب المعلومات كان قد جُهز قبل نحو شهر لزيارة عبدالفتاح السيسي لأنقرة، لكنها لم تتم، والاحتمال الكبير الآن وما أتوقعه أن يزور السيسي أنقرة قريبا تلبية لدعوة الرئيس أردوغان قبل الانتخابات الرئاسية المصرية التي ستُعقد نهاية العام الجاري.

ما موقف الدول الخليجية من التطبيع بين مصر وتركيا؟
موقف الخليج يشجع ويدعم هذا اللقاء، لأن تركيا ومصر عندما يتفقان وينفتحان على بعضهما البعض سينتج عن ذلك فوائد كثيرة، ومصالح جمة لكل الأطراف، لا سيما لدول الخليج؛ فهاتان الدولتان ليستا متنافستان في علاقتهم مع الخليج، بل إن عقد أي اتفاقية سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو ثقافية ستؤثر على الخليج بطريقة مباشرة وإيجابية.

أيهما أشد احتياجا للآخر في الوقت الراهن.. تركيا أم مصر؟
الطرفان يحتاج بعضهما إلى بعض، لأن الأشقاء -مهما حصل بينهم من خلاف- يحتاجون إلى بعضهم؛ فمصر ليست جائعة لتحتاج إلى تركيا، ولا تركيا جائعة حتى تحتاج لمصر، ولا يصح التعامل بهذه الطريقة، والحاجة بينهما تكون من الناحية النفسية والأخلاقية والمعنوية.

الشعب المصري والشعب التركي بينهما تاريخ منذ 500 سنة؛ ففي عهد الدولة العثمانية كانوا دولة واحدة، لأن مصر كانت جزءا من الدولة العثمانية، وتركيا كانت تحمي مصر، وبعد الاحتلال البريطاني استطاع البريطانيون التفرقة بين دول الإسلام، وزرعوا في البلدان الإسلامية أفكار القوميات والانفصال.

البعض يرى أن نظام السيسي في طريقه نحو الانهيار والسقوط، فهل الدولة التركية تنظر لنظام السيسي بهذه النظرة؟
لا نتمنى السقوط لأي دولة، ولا نريد إلا الخير لإخواننا في كل دولة، ونريد من مصر في الفترة الراهنة أن تكون أكثر تقديرا واحتراما لحقوق الإنسان، ولمواطنيها، نريد أن تكون الدولة المصرية والشعب المصري يدا واحدة، وجسدا واحدا "إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر".

وعندما أطلب احترام حقوق الإنسان في أي دولة مسلمة فهذا لا يعني أي تدخل في الشأن الداخلي، وإنما من باب نصيحة الأخ للشقيق، لأن احترام حقوق الإنسان يقوي أي دولة، والعكس: انتهاكات حقوق الإنسان يضعفها، فعدد المسجونين أو المعذبين أو المقتولين في أي دولة إسلامية يضعف قوة وقدرات هذه الدولة.

وعندما نطالب بهذا الأمر فهذا من نابع من إسلامنا، ووظيفتنا المعنوية والأخلاقية بأن ننصح إخواننا، وهذا من باب وصية الرسول -صلى الله عليه وسلم– حين قال: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما، فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلوما، أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره؟، قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره".

عندما نتكلم عن بعض الموضوعات في بعض الدول الإسلامية فهذا معناه أننا نريد الخير للجميع، كما استفدنا نحن من مستوى حقوق الإنسان في تركيا، والذي قوى الشعب التركي، وقوى الحكومة التركية أيضا؛ فالحكومة التركية الآن -والحمد لله- في مستوى عال في كل المجالات.

ما سر حرص تركيا على إكمال مسار التطبيع مع النظام السوري رغم كل الجرائم التي ارتكبها ورغم مهاجمة بشار الأسد للرئيس أردوغان أكثر من مرة؟
هذا شيء غير وارد، وتركيا ليست طموحة لتأسيس علاقات مع نظام الأسد؛ فالأولوية لدى تركيا الآن هي وقف الحرب، ووقف المجازر، والقتال داخل أراضي سوريا، وأن يعود اللاجئون لبلادهم من تركيا، ولبنان، والأردن، والعراق، ومن دول أوروبا.. يعودوا إلى بلادهم آمنين.

الحالة التي يمر بها الشعب السوري الآن لا تعطي هذا الأمل لوقف الظلم وانتهاكات حقوق الإنسان، وأعتقد أن «الأسد» لا يستحق أي كلام إيجابي على الإطلاق؛ لأنه مجرم، ووضعه يختلف من دولة لأخرى، وعندما تكلم "أردوغان" مرة واحدة وذكر هذا الكلام رد "الأسد" من جانبه ردا غير مقبول وغير راشد بالمرة.


كيف ترى المشهد العام في تركيا اليوم بعد مرور نحو 4 أشهر على الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأخيرة؟
المشهد العام في تركيا يشهد استقرارا إلى حد كبير، والوضع الاقتصادي وإن كان يشهد تضخما، إلا أن رجال الاقتصاد والمسؤولين الأتراك يعملون الآن على بعض التدابير، ويحاولون تحسين الوضع من خلال خطط ومشروعات؛ فتركيا لديها إمكانيات كثيرة، وفي حال فشلت خطة في أي مجال -لا سيما في مجال الاقتصاد– فلديها أكثر من خطة بديلة.

الاقتصاد التركي قبل الانتخابات الأخيرة كان له نهج معين، وهذا النهج لم يثبت فعاليته، وأتضح أن هذه السياسة غير ناجحة؛ فتغيرت تلك السياسة، وغُير المسؤولون عن الاقتصاد، والآن تُطبق خطة أخرى، ونتمنى أن يتحسن الوضع في أقرب وقت.

إلى أي مدى نجح أردوغان في هندسة وترتيب البيت السياسي الداخلي، خاصة أنه أكد سابقا أن تركيا أضاعت سنوات ذهبية بسبب التجاذبات السياسية؟
لو تحدثنا عن مكافحة الإرهاب -على سبيل المثال- كان حزب العمال الكردستاني حتى 2016 يحتل شرق تركيا بالقوة، وكانت أعداد العناصر الإرهابية تُقدر بعشرات الآلاف في الجبال فقط، ولا نتحدث عن الذين يسكنون المدن.

ثم جاءت فكرة جديدة، وأعطي لعناصر (pkk) فرصة السلام من خلال ما كانت تسمى «مسيرة السلام»، وهذه المسيرة كانت تُلزم عناصر الحزب بالانسحاب من تركيا بدون أسلحتهم، وأن يوقفوا العمليات الإرهابية، وقد وعدتهم الحكومة التركية في تلك المرحلة بألا تقوم بعمليات أثناء الانسحاب، ولكن بدلا من الانسحاب رأيناهم بدأوا  في تحريض وتجنيد الشباب أكثر مما كانوا عليه قبل «مسيرة السلام»، وأثبت الحزب أنه لا ينوي السلام أو ترك السلاح، بل وقاموا بعمليات إرهابية جديدة، فبدأت الحرب من جديد.

وقام الرئيس أردوغان بتغيير السياسة، وأدخل "سلاح البيرقدار" إلى المعركة، وفي بضعة أشهر رأينا كيف انتهى الإرهاب، ولم يتبق إلا عشرات العناصر في جبال تركيا، بعد أن كان هناك جيشا يضم المئات من الإرهابيين، وكان يُدعم من بعض دول أوروبا، ومن أمريكا، وقد نجح «أردوغان» في القضاء على الإرهاب بنسبة كبيرة جدا.

كما استطاع «أردوغان» الفوز في الانتخابات بعد 21 عاما في الحكم، وهذه معجزة ديمقراطية؛ فلا يوجد مثله في العالم -ولا أقول في تركيا فقط، ولا في تاريخ أوروبا- فقد بقي في الحكم في دولة ديموقراطية، وربما هناك ديكتاتوريات في بعض الدول استمرت فترات أطول، لكن أردوغان يُنتخب كل أربع أو خمس سنوات.

خلال الأسابيع الماضية عاد من جديد ملف المساعي التركية للانضمام للاتحاد الأوروبي.. فما الذي وصلت إليه الجهود الخاصة بهذا الملف القديم الجديد؟
فكرة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي باتت جزءا من سياسة تركيا، وأنقرة لم تغير موقفها من ذلك، لكن كون تركيا دولة مسلمة، والمسلمون يُشكّلون نسبة 99% من شعبها، لكن بسبب بعض المعايير في الاتحاد الأوروبي رأينا أنه "غير مخلص" في توسيع دائرة الاتحاد وضم دولة مسلمة، ولو كانت تركيا دولة غير مسلمة لانضمت للاتحاد الأوروبي منذ زمن بعيد.

أعتقد أن انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي الآن ليس احتمال وارد، لأن الأوروبيين أثبتوا أنهم عنصريون، ولا يريدون أن تنضم تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بـ 90 مليون نسمة، لأنها ستُشكّل ربع الاتحاد الأوروبي، وهذا يشعرهم بالخطر، ونحن نتساءل: ما الخطر؟، هل لأننا مسلمون وأنتم مسيحيون؟، لكن هناك نواحي أخرى تؤكد أن انضمام تركيا سيعود بالفوائد على الاتحاد الأوروبي.

البعض يرى أن تركيا تدرك أنه من المستحيل انضمامها إلى الاتحاد الاوروبي، فلماذا  تُصرّ وتحرص على تلك الخطوة؟
من الخطأ أن نعتبر ذلك مستحيلا، كما أن تركيا استفادت كثيرا من مجرد "الاحتمال"، وهذا لا يعني أن الاتحاد الأوروبي هو اتحاد مقدس، أو نحو ذلك، بل لكونه يشتمل على اتفاقية عقلانية، فيها مصالح وفيها مخاطرات.

الانضمام للاتحاد الأوروبي بالنسبة لتركيا لم يبق ذا ضرورة كبيرة، ربما كانت تركيا سابقا تحتاج الاتحاد الأوروبي أكثر من حاجتها الآن؛ ففي السابق كانت تركيا تحتاج إلى تغيير وتعديل في بعض القواعد والمؤسسات لتجديدها وتحسينها، كما أن السعي نحو الانضمام للاتحاد الأوروبي أعطى تركيا شجاعة وقوة في طريق الديموقراطية.

خلال الفترة الأخيرة تصاعدت العنصرية ضد اللاجئين في تركيا.. فما الأسباب الحقيقية التي أدت لذلك؟
السبب الأول هو ظروف الانتخابات، التي أعطت الفرصة للمعارضة، والمعارضة في تركيا "عنصرية" بحق، لا سيما في كراهة العرب؛ فهم "مسممون"، لأن جمهورية تركيا "القومية" قامت على أسطورة "خيانة العرب لتركيا"، وهو ما يقابله عند بعض العرب بقول: "تركيا كانت تستعمر الدول العربية".


هل تصاعد العنصرية في تركيا خصم من رصيد "العدالة والتنمية" لدى الكثير في الأمة العربية والإسلامية؟
قيادة حزب العدالة والتنمية قيادة واعية، ولها شعبيتها عند العرب، ولا تفرّق بين العرب والأتراك في الناحية الثقافية والتاريخية والمعنوية والهوية، فالعروبة داخل تركيا، وكراهية العرب نوع من الحمق، بل كل الكراهيات وكل العنصرية نوع من الحمق، ونوع من "الجهالة" (نسبة للجاهلية)، فانتماء الإنسان لعنصر معين ليس من اختياره.

وفلسفة حزب العدالة والتنمية تقوم على أخوّة الشعوب، وأخوة الأمة الإسلامية، وهذا سبب شعبية الحزب.

العنصرية غير منتشرة في تركيا فحسب؛ فالجميع يتابع في هذه الأيام أجهزة الإعلام الفضائي والاجتماعي، التي أعطت فرصة الانتشار الفوري والسريع لأي شيء سلبي، والسلبيات لها قوة وقدرة على الانتشار أكثر من بعض الإيجابيات.

هل هناك جهات بعينها تقف خلف محاولات تأجيج العنصرية والكراهية في تركيا؟
نعم بالتأكيد؛ فهناك مَن يريد أن يفرّق بين الأتراك والعرب، حتى يزرعوا الكراهية، ولا يكونوا قوة واحدة، وحتى تنتقل المميزات والإمكانيات والفرص التي تتمتع بها تركيا إلى بلاد أخرى، لكننا بدأنا في مواجهة هذه الأفكار.

قيادات العنصرية في تركيا هم عملاء لبعض الشركات أو بعض الدول التي تنافس تركيا في السياحة أو الاستثمارات؛ فهناك مَن يريد أن يُبعد العرب عن تركيا حتى لا يكون هناك استثمار في تركيا، ولا سياحة تعزز الاقتصاد التركي.

ومن ناحية أخرى، هناك عنصريين بين العرب أيضا؛ فالعنصرية ليست من طرف الأتراك فقط؛ فهناك عنصريون عرب، ومعظمهم من العلمانيين، وهذه طبيعة حال العنصري؛ فهو لا يلتزم بتعاليم الإسلام، ودائما ما تجد العنصري إما علماني أو علماني وقومي، لأن الأفكار القومية زرعت في بلاد الإسلام بيد الاستعمار، ودول الاستعمار تستفيد من العنصرية التي تنتشر بين المسلمين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مقابلات أردوغان المصرية السيسي تركيا مصر السيسي تركيا أردوغان مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إلى الاتحاد الأوروبی للاتحاد الأوروبی العدالة والتنمیة أردوغان والسیسی حقوق الإنسان م ن یرید أن ی العنصریة فی قمة العشرین ترکیا ومصر کانت ترکیا ترکیا إلى تحتاج إلى بعض الدول القمة بین أن ترکیا فی ترکیا على هامش تکون من لا یکون أکثر من أی دولة کانت ت نوع من کما أن

إقرأ أيضاً:

تحقيق لـعربي21 يكشف كيفية اختراق التمور الإسرائيلية لموائد المغاربة (شاهد)

يكشف تحقيق "عربي21" الاستقصائي، خفايا تزييف بعض الشركات المغربية  لمُلصقات تمور إسرائيلية، لتُصبح بغطاء محلي، مستغلّة ثقة المستهلك المغربي وجعله ضحية التزييف والتضليل، الذي يجرّمه القانون؛ وذلك في خضمّ تصاعد حركة المقاطعة لمنتجات الاحتلال الإسرائيلي في المغرب، خاصة التمور.

عبر عدد من الدول التي تُعرف بكونها "دول العبور" (الترانزيت) أهمها مصر والأردن وأيضا العراق خلال الأشهر القليلة الأخيرة، اعتاد سماسرة التمور (باعة الجملة) اقتناء أنواع من التمور الإسرائيلية، أبرزها "المجهول"، ومن تمّ يأتون بها للمغرب، لإعادة تعليبها"، كما قال مصدر مطّلع لـ"عربي21" فضّل عدم الكشف عن هويّته.

بين من يحاول الظّفر بها لكونها بثمن أقلّ، متجاهلا مصدرها؛ وبين جاهل بالمصدر أساسا، يستمرّ باعة تمور دولة الاحتلال الإسرائيلي بالجملة، إدخالها للمغرب، على أساس أنها تمور عربية، وبترخيص من دول العبور. 

وفي المغرب، هناك محطّات للتبريد للحفاظ على جودة التمور، وفي المُقابل تتمّ عملية إعادة التعليب وبيعها على أساس أنّها عربية (مغربية أو مصرية أو أردنية أو عراقية)"، عبر أساليب مُختلفة يوثّقها تحقيق "عربي21" الذي يكشف تواجد التمور الإسرائيلية في المغرب، ويستهلكونها على غير إدراك منهم؛ رغم تأكيد حركة المقاطعة BDS على: "خلو الموائد المغربية من تمور الاحتلال".

حيثُ يُخدع المُستهلك
تُباع تمور دولة الاحتلال الإسرائيلي، لباعة التقسيط المتواجدين في الأسوق الشعبية، فيما تُباع التمور المُعاد تعليبها للمحلاّت التجارية، أو على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، كما يقول فيصل (اسم مُستعار)، والذي كشف لـ"عربي21" عدد من إعلانات التّمور التي تمّ تزييفها، بغرض تضليل المُستهلك، وتجنّبا للمُقاطعة.




وفي شهر رمضان الجاري، بات منتجو التمور في دولة الاحتلال يجدون صعوبات في توزيع منتجاتهم تحت مُلصق "صنع في إسرائيل"، جرّاء تصاعد عدوانهم على قطاع غزة، وتوالي حملات المقاطعة، وفق ما أكّده موقع "ميدل إيست آي".

الأمر نفسه، جعل "حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها"، والمعروفة اختصارا باسم BDS تقع في "فخّ الألعوبة"، ما دفعها إلى نشر بيان، تؤكّد فيه: "نجاح حملة مقاطعة التمور الاسرئيلية في المغرب"، وبأنّ: "موائد الإفطارات خالية من منتجات إسرائيلية".

وجاء في بيان الحركة، الذي وصل "عربي21" نسخة منه: "بعد عدّة جولات في سوق بيع التمور بالدار البيضاء، لوحظ غياب العلامات الصهيونية المعهودة، التي كانت تدخل عبر التهريب، إضافةً إلى التجاهل المقصود من السلطات".

وأوضحت الحركة بأنها استطاعت التأكد من صحّة بعض العلامات الفلسطينية المتواجدة في الأسواق، مثل: (تاج الصحراء، تمور القمر)، وكذلك بعض الماركات الأردنية مثل: (مزارع الأمير، نخلة فلسطين، لينة، بالميرا، ربوع أريحا، طيبات الصحراء)؛ فيما نبّهت الحركة إلى أن بعض مستوردي التمور الصهيونية يلجؤون إلى طرق ملتوية لإدخالها إلى السوق المغربية، سواء عبر شركات فلسطينية/أردنية أو عبر شركات مغربية تقوم بالتغليف والتعليب.



ومن بين أبرز أسماء التمور الإسرائيلية، التي كانت مُتواجدة في السوق المغربي (قبل أن تضطرّ لتغيير اسمها جرّاء تصاعد حملات المُقاطعة): بوماجا، كارمل اجركسكو، تمارا، تمور الجنة، دليلة، الملك سليمان، ماسة الصحراء، حديكل، البحر الأحمر، زيف، سهول الأردن، رابونزيل، الكنز الملكي، نهر الأردن، فيما كانت عدد من المصادر المُتفرْقّة قد أوصت بتجنب هذه الشركات: Mehadrin، MTex، Edom، Carmel Agrexco، وArava.

في المقابل، مصادر كثيرة، أوصت بشراء تمور "المجهول" من مصادر موثوقة، تمَّ التحقق منها، من قبيل: "الزيتون" (Zaytoun) أو "يافا" (Yaffa)، أو من طرف مورّدين في جنوب المغرب معروفين بمصداقيتهم.


كيف يضرب الاحتلال الإنتاج المغربي؟
خداع الاحتلال الإسرائيلي لم يقف عند المزاعين الفلسطينين، بل تعدّاهم إلى ضرب الإنتاج المغربي، الذي يعد تمر "المجهول" أحد أهم مكوّناته، حيث أنّه مع توالي حملات مقاطعة منتجات الإحتلال الإسرائيلي، بات المستهلك في حيرة من أمر، غير قادر على تمييز مصدر التمور.

وفي الأيام الأولى من شهر رمضان الجاري، رصدت لـ"عربي21" عبر جولة في الأسواق بقلب مدينة الرباط، وأيضا على مواقع التواصل الاجتماعي، عددا من التمور الإسرائيلية، خاصّة لدى التجّار بالتقسيط. عند استفسارهم عن المصدر، منهم من يقول إنّها من الأردن، وبين من يبتسم بهدوء ويقول: "لا علم لنا، نشتريها من باعة الجُملة، وجّهي السؤال لهم".

أيضا، على مواقع التواصل الاجتماعي، إعلانات بالجُملة، بينها من يتّضح بعد بحث بسيط كونها تسوّق لمنتجات الاحتلال الإسرائيلي، وبينها من يتبيّن أنها من مزارع بجنوب المغرب، لمُزارعين مغاربة؛ فيما هناك نوعية تجعلك في حيرة من أمرك، وتستفسر: ما مصدرها؟.



شكّت "عربي21" في مصدر التمور التي تسوّقها "آنكل عاشور" إلاّ أنه قبل ساعات قليلة من التواصل مع مدير الإنتاج بها، نشرت حركة المقاطعة BDS، بيانا، تعتذر فيه عن اتّهام الشركة، عقب إفادتها قبل أقلّ من شهر بكون شركة "ليل دو فروي" التي يروّج لها محل "أنكل عاشور"، لها علاقة بالشركة المستوردة "إيطو فود"، ووفقا للأبحاث فإنّه لا وجود لها بالسجل التجاري ولا في لوائح المكتب الوطني للسلامة الغذائية في المغرب (ONssA)".

المكلّف بالإنتاج في شركة "أنكل عاشور"، عاشور بناصر، قال في حديثه لـ"عربي21": "صراحة استنكرنا الاتّهامات التي وجّهت إلينا، هذا الأمر لن يضرّنا بل سيضرّ الإنتاج المغربي ككل، إذ سيُصرف المستهلك النظر، عن تمر المجهول بالمغرب كافّة، ما سيخلق بلبلة".

وتابع بناصر: "ليس علينا تقديم أي إثبات بكون التمور التي نبيع هي مغربية وأردنية، بل كان على حركة BDS تقديم الدلائل، إلّا أنها اعتذرت لنا عبر بيان، بعد أن قمنا بمُراسلتهم مُباشرة. وفي العام الماضي أيضا اتّهمونا، وقمنا بمراسلتهم، ولم يقدّموا أي اعتذار".



ونفى بناصر، تواجد التمر الإسرائيلي بالمغرب حاليا، على الرّغم من رصد جُملة من الصور التي تشير إلى عكس كلامه. إذ قال: "الإنتاج المغربي حاليا في تزايد، فلم سنحتاج إلى الاستيراد؟"، مردفا: "مصدر تمورنا من مزارعنا المغربية الخاصة، ومن مورّدين مغاربة، ولدينا وثائق تثبت".

وأردف: "حاليا لا توجد أي حبّة تمر مجهول إسرائيلي في المغرب، خاصة أنّ معبر سبتة ومليلية، مُغلق، وهناك كانت تتم عملية تهريبه من السوق الأروبي"؛ غير أنّ بحث لـ"عربي21" استخلص أنّ: "الاحتلال الإسرائيلي يمزج تمور المستوطنات، مع بعض التمور الفلسطينية الخالصة، لتمريرها لعدد من الدول، بأسماء عربية".

"هذه الاتّهامات لا تمسّنا فقط"
استطرد المكلّف بالإنتاج في شركة "أنكل عاشور" التي أشيرت لها أصابع الاتّهام، وسرعان ما خفتت من جديد: "فعلا نأتي بكمية من التمور من الأردن، نظرا لأنّ الكمّيات لدينا لا تزال بسيطة، وأحجام النخل في المغرب لا تزال صغيرة؛ سيأتي يوما في المستقبل ليكون المستهلك المغربي، أمام المنتوج الوطني فقط، وبسعر معقول".

"أنا أحترم من يناضل لأجل القضية الفلسطينية، التي تهمّنا كلّنا؛ غير أنّ ليس كل ما يروج هو حقيقة، وهذه الاتّهامات لا تمسّنا فقط، بل حتّى السلطة بكونها تسعى للتغافل عن أشكال تسويقية غير قانونية"، تابع بناصر، مبرزا: "لن أحتاج لأن أوصي المستهلك الذي يحرص أساسا على المنتوج الوطني".

وختم بالقول: "أكثر من رفع بقيمة تمر المجهول، هم الإسرائيليون، لكونهم اشتغلوا عليه، من ناحية التسويق والزراعة، وأسواقهم متواجدة عبر العالم، إلّا في العالم العربي، بحُكم حساسية القضية؛ وشكل المجهول الإسرائيلي: أكبر حجما من المغربي والأردني".

وعبر موقع التواصل الاجتماعي، توصّلت "عربي21" بعدّة تعليقات ورسائل، تبرز نوعية التمور المستهلكة، تشكّلت جلّها في التمور الجزائرية والتونسية وتمر المجهول، وقلّة هم الأشخاص المتأكّدين من مغربية هذا النوع؛ ليظلّ السؤال: أين هو المنتوج المغربي من التمور بداخل الأسواق المحلّية؟.




كيف وصل المجهول للاحتلال؟
المجهول، أو المِجول، أو المجدول، هي مُسمّيات لنوع واحد من التمر (أجود الأنواع وأغلاهم)، الموطن الرئيسي له هو المغرب، من شجرة نخيل التمر، المعروفة باسم (Phoenix dactylifera)، فيما بات يُزرع بقلب عدد من المناطق التي توصف بكونها "دافئة" في: الولايات المتحدة، وجنوب آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط.

في ثلاثينيات القرن الماضي، نجح الاحتلال الإسرائيلي في سرقة سُلالات التمور العربية من: المغرب والعراق، وعمل على نقلها للمُستوطنات الأولى التي أقامها في فلسطين، خلال سنوات الاحتلال البريطاني. هكذا بدأت زراعة التمور في دولة الاحتلال الإسرائيلي، عقب انهيار زراعة الفلفل، جرّاء المنافسة الشرسة بالأسواق الأوروبية.

بات الاحتلال الإسرائيلي، عقب ذلك، يسوّق للتمور، ليصل لإنتاج سنوي، يُناهز 110 ألف طن، يتزعّمها "تمر المجهول" الذي سَرق، وغيّر اسمه لـ"مجدول" بغية إخفاء أصله المغربي؛ فيما عمل على تطويره عبر تقنيات الهندسة الجينية، ليصل لإنتاج سنوي منه يبلغ 30 ألف طن يشكّل "المجهول" 75 في المئة منها، ووصل لأرباح بلغت 340 مليون دولار عام 2022. بحسب أرقام رسمية.



إلى ذلك، على الأراضي الفلسطينية المحتلة، جعلت دولة الاحتلال الإسرائيلي، مستوطنات: غور الأردن المحتل المتواجدة في الضفة الغربية ووادي عربة، مزارع ضخمة لإنتاج التمور، مستخدما فيها مصادر مياه الأراضي المحتلّة، ومدمّرا الزراعة الفلسطينية بكافة الوسائل لمنعها من المنافسة بالأسواق الخارجية؛ وأيضا لدى الاحتلال مزارع  لإنتاج التمور بجنوب أفريقيا.

في المقابل، نجد مدينة أريحا الفلسطينية بقلب الأغوار المحتلة، بها مزارع للنخيل بنسبة 50 في المئة من مساحتها، غير أنّ 86 في المئة من المزارع بها، إمّا مُصادرة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي أو مهدّدة بالمُصادرة، أو بالقصف بغية اقتلاع أرضهم، أو تحويلها لمواقع عسكرية، ما بات واقعا مريرا يُعايشه المزارعين الفلسطينيين، قسرا. 



ويحظر الاحتلال الإسرائيلي بيع أشتال النّخيل للمزارعين الفلسطينيين، فيما يُقدّم من يحاول بيعها للمحاكمة العسكرية، ويُمنع أيضا المزارعون في الأغوار من الحصول على المياه، أو حفر الآبار، كما تُصادرُ كافة آلياتهم ومعدّاتهم الزراعية، وأيضا يواصل الاحتلال التحكّم بمواعيد تلقيح الأشجار وتوريد المبيدات والأسمدة لهم. 

وفي سياق إصرار الاحتلال الإسرائيلي على تدمير موارد رزق المزارعين الفلسطينيين، يسوّق تمور "المجهول" وغيرها من الأنواع، في الخارج؛ فيتحكّم إثر ذلك بالمعابر التجارية وأسعار البيع ومواعيد تصدير المنتجات، ناهيك عن لجوء شركاته لتسويق المُنتجات بأسماء عربية، وغلافات تشمل على صور للمساجد والرموز إسلامية، بغية خداع المُستهلكين، خاصّة في السنوات الأخيرة، عقب تصاعد عدوان الاحتلال على الأراضي الفلسطينية المحتلة. 



أيضا، في مقابل إنتاج الاحتلال الإسرائيلي للتمور، أقدم على طرد عائلات فلسطينية من أراضيها، وتطهير أكثر من 80 في المئة من الأراضي بالقوة العسكرية الهوجاء، في ضرب صارخ للقوانين الدولية والمواثيق المرتبطة بحقوق الإنسان (محكمة العدل الدولية قضت عام 2004 بأن المستوطنات الإسرائيلية التي بُنيت فوق منازل وقرى فلسطينية مدمّرة غير قانونية بموجب القانون الدولي)

في السياق نفسه، أبرزت اللجنة الإسرائيلية لمناهضة هدم المنازل أن "إسرائيل" هدّمت أكثر من 170 ألف منزل فلسطيني بغية زرع التمور. كما أنّ جمع محصول التمور بالمستوطنات هو عمل شاق، يقوم به، قسرا، فلسطينيين يتقاضون رواتب جد قليلة، تحت ظروف عمل قاسية وغير إنسانية (أكثر من 8 ساعات دون استراحة المرحاض، وتمتدّ ظروف العمل للأطفال أيضا، رغم أن القانون الدولي، والقوانين الإسرائيلية والفلسطينية، يحدد سنّ العمل في الـ15 عاما).


اعتراف بالسرقة واستمرار فيها
سبق لصحيفة "ذا ماركر" العبرية، الاعتراف بـ"سرقة الاحتلال للأصناف النادرة من التمر من الدول العربية والإسلامية منذ ثلاثينيات القرن الماضي. إذ بدأت الحركة الصهيونية منذ عام 1924 بزرع النخيل في مستوطنات طبريا، ونهلال، ودجانيا، وعين حرود، من أصناف مصرية، جلبها رئيس بعثة الاستيطان التابعة للهستدروت الصهيونية، يوسيف فيتس".

وكانت شركة "حديكلام" (Hadiklam) المتخصصة في إنتاج التمور، قد اعترفت أيضا، أنه منذ عام 2012 تمَّ شحن التمور تحت ملصق "إنتاج فلسطين" من وادي الأردن إلى أوروبا ودول خليجية مثل الإمارات، فيما لم تكشف عن حجم الإنتاج الذي يأتي من المزارع الفلسطينية أو المستوطنات غير القانونية.

الشركة ذاتها، باعت تمور المستوطنات في المغرب مع ملصق: "صنع في جنوب أفريقيا"، وجرّاء المقاطعة أنهت شركة "كارستين" (Karsten)، وهي المورّد والمستورد الرئيسي للتمر داخل جنوب أفريقيا، العلاقات، فيما تعهّدت بعدم الشراكة مع أي كيان متواطئ في الاحتلال، وفق عدد من التقارير الإعلامية، المُتفرّقة.

وفي عام 2019، أصدرت محكمة العدل الأوروبية، قرارا، يُطالب دول الاتحاد الأوروبي بتحديد المنتجات المصنوعة في المستوطنات الإسرائيلية على ملصقاتها، من أجل عدم تضليل المستهلكين حول حقيقة أن دولة الاحتلال الإسرائيلي: متواجدة على الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ غير أنّ الأمر ظلّ ساريا في الأسواق العالمية، وأضحى قرار المحكمة حبر على وقت، في جُلّ الأحيان.

وبعد ذلك، أوضحت جمعية حماية المستهلك الفلسطيني أنّ: "تبييض التمور والمنتجات الزراعية للمستوطنات (تزوير الحقيقة والتلاعب والغش وخداع المستهلك عبر انتهاك حقه في المعرفة والاختيار) جريمة اقتصادية كبرى، ترقى إلى تهمة الخيانة العظمى، وتخضع لقانون حظر ومكافحة بضائع وخدمات المستوطنات المقامة على أراضي المواطنين العرب المحتلة عام 1967".

وبحسب نص رقم 4 لعام 2010 والمتعلق بحظر ومكافحة منتجات المستوطنات، فإنّ القانون، يٍعاقب بالحبس لمدة لا تقل عن سنتين، ولا تزيد على خمس سنوات، مع غرامة مالية، أو إحدى هاتين العقوبتين، لكل من: تداول منتجات المستوطنات، شارك أو أسهم في تداولها أو ورد سلعة أو خدمة للمستوطنات.

رغم ذلك، يُواصل الاحتلال الإسرائيلي كافة أنواع إجرامه المادي والمعنوي والاقتصادي؛ فيما يواصل عدد من "تجّار الأزمات" في تسويق تمر الاحتلال الإسرائيلي. عبر طرق عدة (أوردنا جلّها في هذا التحقيق)، ويمكن تلخيصها كالتالي: 

تمرير تمور الاحتلال الإسرائيلي وسط تمور المزارعين الفلسطينيين، بيع التمور للسّماسرة (باعة الجملة) لإعادة بيعه بالتقسيط داخل الأسواق أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إعادة تعليب التمور في دول العبور للحصول على ترخيص بإدخالها للدول العربية، ثم التسويق بأسماء عربية..




الاحتلال بقلب أراضي مغربية 
"لا يمكنني مراقبة كل ما يدخل أو يخرج من المغرب" هكذا علٍّق وزير الفلاحة المغربي عام 2019، عزيز أخنوش، والذي يرأس اليوم الحكومة، عند سؤاله عن بيع تمور الاحتلال الإسرائيلي في الأسواق المغربية. فيما استمرّ المسؤولين الحكوميين، قبل اتفاقية التطبيع، ينفون وجود هذه النوعية من التمور.

غير أنّه بخروج العلاقة المغربية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، للعلن، عقب تمرير اتفاقية التطبيع، لم يعد الجانب الرسمي مهتمّا بالأمر؛ ليبلغ  حجم التبادل التجاري بين المغرب والاحتلال الإسرائيلي ما يناهز 38.5 مليون دولار، في النصف الأول من عام 2023، بزيادة قدرها 96.43 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام 2022، وذلك وفقا لبيانات المكتب المركزي الإسرائيلي للإحصاء.

الأمر لم يقف هنا، حيث أن "عربي21" عرفت بوجود مزارع مغربية لتمور "المجهول"، بعدد من مناطق الجنوب، بينها "بوذنيب"، مستغلّيها  إسرائيليين، وليسوا يهودا من أصل مغربي؛ إذ تنتج كميّات توصف بـ"المهمّة" وتنجي أرباحا كبيرة، لا تستفيد منها المنطقة المغربية، المهمّشة، ولا حتّى مزارعيها، حيث تذهب الأرباح للإسرائيليين.



أيضا، على مجموعة مغلقة، خاصة بالمزارعين جنوب المغرب، على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وثٍّقت "عربي21" إعلانات لبيع مزارع للتمور بكميّة نخل مهمّة، أو لاستأجراها، دون شروط، ما يسهّل عملية وصول مستثمرين إسرائيليين، آخرين، للأراضي، واستغلالها، لتمرير تمر "المجهول" للمغاربة، من أرض مغربية، لكن الأرباح كاملة، هم المستفيدين منها.



في المقابل، دعا وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، قبل أسابيع، من جنيف، إلى الوقف الفوري والشامل لحرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة، خلال أشغال الدورة 55 لمجلس حقوق الإنسان الذي يترأسه المغرب.

وقال بوريطة: "قطاع غزة يعيش أزمة غير مسبوقة وكارثة إنسانية لا يمكن للمجتمع الدولي مواصلة غض الطرف عنها، وهو ما جعل الملك محمد السادس، بصفته رئيسا للجنة القدس، يدعو إلى صحوة الضمير الإنساني لوقف قتل النفس البشرية التي كرمها الله عز وجل".

مقالات مشابهة

  • أردوغان يؤكد اقتراب بلاده من هدفها المتمثل في تركيا خالية من الإرهاب
  • الخارجية الروسية: موسكو وسعت قائمة عقوباتها ردا على حزمة العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي
  • تحقيق لـعربي21 يكشف كيفية اختراق التمور الإسرائيلية لموائد المغاربة (شاهد)
  • بلومبيرج: أردوغان يستغل قوة تركيا في الناتو مع التراجع الأمريكي
  • بولندا: انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي أصبح واقعيًا
  • أردوغان عن الاتحاد الأوروبي: لن يتمكن من عكس تراجع نفوذه دون عضوية تركيا
  • محللون: تركيا قد تكون شريكاً رئيسياً في هيكلة الأمن الأوروبي
  • السيسي: هذه المرحلة تتطلب الوعي والإدراك بجميع القضايا والموضوعات التي تطرأ على الساحة
  • الرئيس السيسي: التاريخ يسطر بأحرف من نور المواقف الثابتة والحكيمة التي تخطوها مصر
  • أردوغان يحذر من زرع التفرقة في تركيا بإثارة نعرات عرقية وطائفية