سوق العملات المشفرة.. السعودية الأسرع نموا والإمارات الأحكم تنظيما
تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT
سلط موقع "المونيتور" الضوء على تصنيف المملكة العربية السعودية باعتبارها الدولة التي تتمتع بأعلى حجم نمو في معاملات العملات المشفرة على مستوى العالم خلال فترة 12 شهرًا، مشيرا إلى أن اعتماد التمويل اللامركزي أكسب عديد البلدان في الشرق الأوسط قوة جذب كبيرة لسوق تلك العملات.
والتمويل اللامركزي هو مصطلح شامل للنظام الرقمي الذي يسمح للناس بشراء وبيع وإرسال واستلام الأصول الرقمية مثل العملات المشفرة دون الاعتماد على الوسطاء التقليديين مثل البنوك، بل على سلاسل الكتل (بلوكتشين) التي يمكن الوصول إليها لإجراء المعاملات.
وتصدرت المملكة قائمة الدول الأسرع نموا بمعاملات تلك العملات عالميًا بزيادة بنسبة 12% لتصل إلى ما يقرب من 31 مليار دولار في الفترة من يوليو/تموز 2022 حتى يونيو/حزيران 2023، مقارنة بالفترة نفسها من 2021-2022.
وجاءت فيتنام في المرتبة الثانية (11.6%)، ثم نيجيريا (9%)، وإسبانيا (6.9%)، حسبما ذكرت شركة "تشينا" لتحليل البلوكتشين ومقرها نيويورك في تقريرها للعملات المشفرة لعام 2023.
وحدد التقرير السنوي للشركة منذ عام 2019 منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا باعتبارها سادس أكبر اقتصاد مشفر عالميًا بقيمة 390 مليار دولار أمريكي في الفترة من يوليو/تموز 2022 حتى يونيو/حزيران 2023، متخلفة كثيرًا عن المناطق الرائدة مثل أمريكا الشمالية (1.22 تريليون دولار) وأوروبا الغربية (1.07 تريليون دولار).
وجمعت الشركة بيانات التقرير من خلال مراقبة خدمات المحفظة المالية اللامركزية التي تسمح بتبادل العملات المشفرة إلى جانب شراء بيانات طرف ثالث لمراقبة حركة المرور الإلكترونية.
وقال كيم غراور، مدير الأبحاث في "تشينا"، إن القيمة المنخفضة لدول العالم العربي تعزى إلى قوتها الاقتصادية الناشئة بشكل عام ولا تعكس مستوى اهتمام المنطقة بالتمويل اللامركزي، موضحا: "الأمر يتعلق بالحجم والسكان أكثر من مستويات التبني الإقليمية".
وأفادت "تشينا" بأن سوق العملات المشفرة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أصبح الأسرع نموًا على مستوى العالم من يوليو/تموز 2021 حتى يونيو/حزيران 2022 حيث حصل على 566 مليار دولار من العملات المشفرة، وهو أعلى بنسبة 48% عن العام السابق.
وأضافت أن "هذا يوضح بشكل خاص الاهتمام الإقليمي وسط سوق العملات المشفرة الهبوطي هذا العام، والذي انخفض من أكثر من 2 تريليون دولار في يناير/كانون الثاني 2022 إلى أدنى مستوى له على الإطلاق عند حوالي 800 مليار دولار بحلول ديسمبر/كانون الأول بسبب سلسلة من انهيارات البورصة وأزمات السوق ونقص التمويل".
اقرأ أيضاً
الكويت تحظر معاملات العملات المشفرة والأصول الافتراضية
وأشار التقرير إلى أن غياب تنظيم النشاط في مجال التمويل اللامركزي أدى إلى بناء حالة من عدم الثقة بين المستثمرين، ولذا فقدت بيتكوين، العملة المشفرة الأكثر شعبية، 60% من قيمتها العام الماضي.
وتعاني معظم مناطق العالم من انخفاض الثروات، وخاصة البلدان ذات الدخل المرتفع. لكن البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط تنمو في معاملات العملات المشفرة، وبمستوى مماثل لما كانت عليه قبل موجة الصعود الأخيرة.
وذكر التقرير أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا شهدت ارتفاعًا في اعتماد العملات المشفرة نظرًا لارتفاع أعداد الشباب الذين يتعاملون عبر الإنترنت، والحاجة إلى التغلب على العقبات الاقتصادية مثل العقوبات وانخفاض قيمة العملات، وبسبب تأثير الأطر التنظيمية الأكثر وضوحًا في بعض البلدان.
محفزات السوق
وفي تركيا، ذكرت "تشينا" أن (USDT)، وهي واحدة من أكبر العملات المستقرة للعملات المشفرة المرتبطة بالدولار الأمريكي، هي الأصل المشفر الأكثر شيوعًا، ويتم شراؤها بالليرة التركية عبر البورصات العالمية، واستخدامها كوسيلة للحفاظ على المدخرات التركية من الانخفاض الهائل في قيمة العملة بالبلاد، الذي أدى إلى انهيار الليرة عام 2021، تلاه ارتفاع التضخم، ما ساهم في خسارة أكثر من 30% من قيمتها هذا العام.
واحتلت تركيا المرتبة الرابعة عالميًا لأكبر حجم معاملات بالعملات المشفرة، إذ تلقت 170 مليار دولار في الفترة من يوليو/تموز 2022 حتى يونيو 2023، وفقًا لتقرير "تشينا"، ولم تتخلف إلا عن الولايات المتحدة والهند والمملكة المتحدة.
وتستخدم إيران أيضًا سوق العملات المشفرة غير المنظم عالميًا لتجاوز الحصار الاقتصادي لتحويل الأموال أثناء خضوعها للعقوبات الغربية.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أفادت "تشينا" بأن شركة "باينانس" العملاقة للعملات المشفرة عالجت ما يقرب من 8 مليارات دولار من المعاملات مع أكبر بورصة عملات مشفرة في إيران "نوبيتكس".
وتعد إيران واحدة من أكبر 30 دولة تتبنى التمويل اللامركزي، وفقًا لتقرير "تشينا"، الذي يشير إلى حجم معاملات يقدر بنحو 23 مليار دولار للبلاد خلال فترة 12 شهرا.
اقرأ أيضاً
دبي تصدر لوائح جديدة لمقدمي خدمات الأصول الافتراضية والعملات المشفرة
وبالانتقال إلى منطقة الخليج، ذكر التقرير أن الجهات التنظيمية المبكرة لسوق العملات المشفرة، مثل دولة الإمارات العربية المتحدة، وفرت بيئة أكثر ثقة لشركات التكنولوجيا المالية للعمل، ما أدى إلى ارتفاع معدلات اعتماد العملات المشفرة من قبل المستثمرين وغيرهم من العاملين في مجال التكنولوجيا المالية وقطاع التمويل اللامركزي.
ويعود ذلك إلى إطلاق الإمارات استراتيجية وطنية للبلوكتشين، في عام 2016، وإنشاء سوق أبو ظبي العالمي كإطار تنظيمي للعملات المشفرة في عام 2018، كما أطلقت هيئة تنظيم الأصول الافتراضية في دبي في أوائل العام الماضي، ما سمح "بتطور منصات العملات المشفرة الرائدة مع الإشراف الذي يحافظ على حقوق المتعاملين"، بحسب التقرير.
سعود خليجي
وقال مازن سلهب، كبير استراتيجيي السوق في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة BDSwiss العالمية للاستثمار والتجارة عبر الإنترنت، إن زيادة الوضوح التنظيمي يعني أن الاستثمار في العملات المشفرة يخضع لتنظيم صارم من قبل السلطات، مشيرا إلى أن ذلك يتضمن إجراءات مثل عمليات "اعرف عميلك" التي تتطلب تنفيذ خطوات إلزامية للتحقق من هوية العميل.
ويرى سلهب ضرورة حصول البورصات على تراخيص صادرة عن الحكومات للعمل مع المستثمرين بالعملات المشفرة، مشيرا إلى أن سياسات العملات المشفرة في الإمارات تساعد في توليد الثقة التي تنعكس في سوق الدولة.
ولفت سلهب إلى أن "الأرقام تظهر أن 35% من سكان الإمارات يستثمرون في العملات المشفرة، وهذه واحدة من أعلى المعدلات في العالم".
وتتمتع الإمارات، إلى جانب سنغافورة، بأعلى معدل اعتماد عام للعملات المشفرة على مستوى العالم، وفقًا لتقرير ثروة العملات المشفرة الصادر عن شركة Henley & Partners والذي نُشر في أوائل سبتمبر/أيلول.
وفي المملكة العربية السعودية، فعلى الرغم من أن البنك المركزي السعودي لم يشرع في رحلة تنظيمية مماثلة لدولة الإمارات، إلا أن سلهب أشار إلى أن معدل اعتمادها سريع النمو ومكانتها كأكبر اقتصاد في العالم العربي ستجعل منها سوقًا تنافسية.
وأوضح: "هناك اهتمام متزايد بين الشباب السعودي بالعملات المشفرة"، مشيرا إلى أنهم يمثلون غالبية سكان المملكة.
وتشير تقديرات الدراسات المختلفة إلى أن جيل الألفية (الذين تتراوح أعمارهم بين 25 إلى 40 عامًا) والشباب من الجيل Z (الذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 24 عامًا) يشكلون ما يتراوح بين 70% إلى 94% من جميع مشتري العملات المشفرة على مستوى العالم.
وقال سلهب إن الطبيعة عالية المخاطر والعائدات العالية لسوق العملات المشفرة تجذب أيضًا عقلية المستثمر العادي في المملكة.
وأضاف: "إن المتداولين في السعودية مجازفون، ليس فقط في سوق الأصول المشفرة ولكن في جميع المجالات (..) وهذا هو أفضل سيناريو تبحث عنه شركات العملات المشفرة".
وخلص سلهب إلى أنه من غير المرجح أن يضيف البنك المركزي السعودي لوائح جديدة للعملات المشفرة في أي وقت قريب لتقليل مخاطر سوق العملات المشفرة بالسعودية.
ومع ذلك، فإن الزخم الاقتصادي للمملكة، إلى جانب الزخم الاقتصادي لدور الريادة الإقليمية، مثل الإمارات، سيدفع السعودية إلى إجراء مناقشة حقيقية حول ممارسات صناعة التمويل اللامركزي في السنوات القادمة، حسب توقعات سلهب.
اقرأ أيضاً
أثرياء العملات المشفرة.. شباب الخليج يقودون انتعاشة كبيرة لسوق العقارات الفاخرة في نيويورك
المصدر | المونيتور/ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: السعودية العملات المشفرة بيتكوين إيران بلوكتشين منطقة الشرق الأوسط وشمال سوق العملات المشفرة على مستوى العالم للعملات المشفرة من یولیو تموز ملیار دولار المشفرة ا حتى یونیو عالمی ا
إقرأ أيضاً:
انهيار غير مسبوق بسوق العملات الرقمية يتسبب في خسائر ضخمة
عرضت قناة القاهرة الإخبارية، تقريرا تليفزيونيا بعنوان «انهيار غير مسبوق في سوق العملات الرقمية يتسبب في خسائر ضخمة».
مقاضاة مصلحة الضرائب الأمريكية.. أزمة جديدة في سوق العملات الرقمية بالولايات المتحدة اقتصادي: 2025 العام الذهبي للعملات المشفرة وسعر البتكوين سيتضاعف خلال أسابيع (فيديو) عاصفة اقتصادية تضرب أسواق العملات الرقميةوأفاد التقرير: «عاصفة اقتصادية تضرب أسواق العملات الرقمية لتكشف هشاشة هذا السوق أمام قرارات وسياسات عالمية عابرة للحدود، ففي غضون 24 ساعة فقط هوى سعر عملة البيتكوين إلى ما دون 100 ألف دولار في مشهد عاد للأذهان ذكريات الانهيارات الكبرى التي أربكت المستثمرين».
وتابع: «ولم تكن هذه الخسائر معزولة، إذا انخفضت الإيثيريوم بنسبة 8% خلال أسبوع، بينما تكبدت عملة ترامب الرقمية خسارة صادمة أيضا بلغت 273%، تأتي هذه الانتكاسة نتيجة تفاعل عوامل عدة أبرزها قرار بنك اليابان برفع أسعار الفائدة بشكل غير متوقع، ما أثار قلق الأسواق المالية».
الانهيار قد يعيد تشكيل خريطة سوق العملات المشفرةوأضاف التقرير: «تقارير اقتصادية حديثة تشير إلى أن هذا الانهيار قد يعيد تشكيل خريطة سوق العملات المشفرة مع احتمال فقدان جزءً من قيمتها السوقية المقدرة بملايين الدولارات، فيما يحذر الخبراء من أن هذه الأزمة قد تمتد خاصة مع تزايد المخاوف من تجديد السياسات النقدية عالميا».
جدير بالذكر أن جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، نظم في دورته السادسة والخمسين، ندوة بعنوان "العملات الرقمية والمراهنات الإلكترونية .. رؤية شرعية وقراءة اقتصادية".
حاضر فيها الدكتور فياض عبد المنعم، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة الأزهر ووزير المالية الأسبق، الدكتور أبو اليزيد سلامة، مدير عام إدارة شئون القرآن الكريم، وأدار الندوة الإعلامي القدير حسن الشاذلي.
قال الدكتور فياض عبد المنعم، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة الأزهر ووزير المالية الأسبق، أن البيتكوين والعملات الرقمية المشفرة من الظواهر الاقتصادية الحديثة التي تحمل العديد من المخاطر، ورغم الفرص التي قد توفرها، فإنها تفتقر إلى الرقابة المركزية، مما يجعلها عرضة للمضاربات وتقلبات حادة تهدد استقرار الاقتصاد، كما تساهم في تعزيز الأنشطة غير القانونية مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتشكل خطرًا على الأفراد بسبب غياب الضمانات التقليدية، مبينًا أنه من الضروري التعامل مع هذه العملات بحذر وتنظيمها لضمان حماية الأفراد والاقتصاد، لأنها باتت تشكل تحديات معقدة على الصعيدين الشرعي والاقتصادي، ويترتب عليها نتائج اقتصادية سلبية، حيث تساهم في زيادة القمار وتعميق الفقر لدى بعض الأفراد.
ومن الناحية الشرعية، أوضح الدكتور فياض أن المعاملات الرقمية المشفرة، يجب أن تدرس بعناية وفقًا للضوابط الشرعية، خاصةً فيما يتعلق بالربا والتعاملات التي قد تتعارض مع مبادئ الإسلام، مثل المراهنات الإلكترونية، معتبرًا أنها تتعارض بشكل صريح مع الشريعة الإسلامية التي تحظر القمار بكل أنواعه، وهو ما يتطلب ضرورة تبني ضوابط صارمة في التعامل مع هذه القضايا لضمان تحقيق التوازن بين الفوائد الاقتصادية والالتزام بالمبادئ الشرعية.
من جانبه أوضح الدكتور أبو اليزيد سلامة، مدير عام إدارة شئون القرآن الكريم، أن العالم شهد في الآونة الأخيرة تطورًا واسعًا في استخدام العملات المشفرة والمنتجات المالية الرقمية، وشهد ثورات تكنولوجية غيرت وجه التاريخ، مما يتطلب من الجميع مواكبة التطورات والتعامل معها، ويفرض العديد من التحديات الجديدة، نظرًا لأن هذه التعاملات الرقمية الجديدة، تأتي مع قواعد معقدة ومتعددة، وهناك خطر من تعارض المصالح الخاصة والعامة في استخدامها، حيث تُستثمر أموال ضخمة يصعب مراقبتها والتحكم فيها، بالإضافة إلى أن منصات التداول الخاصة بها غالبًا ما تكون خارج النظام الرسمي، ويترتب على ذلك أن التداول بهذه العملات يرتبط بأنشطة مضاربات ومراهنات، تهدد المدخرات الشخصية وتساهم في إهدارها.
وأكد مدير عام إدارة شئون القرآن الكريم، في سياق حديثه عن العملات الرقمية المشفرة والممارسات المرتبطة بها مثل البيتكوين، أن هذه العملات لا يعلم مصدرها ولا قيمتها على وجه اليقين والتي من الممكن في أي لحظة أن تذهب بمال الإنسان ومدخراته، ولذلك لا يجوز التعامل بهذه العملة حتى توضع لها الضوابط المحكمة التي تجعلها عملة موثوق فيها، موضحًا أن المؤسسات الدينية في مصر تحرم التعامل مع هذه العملات، نظرًا للمخاطر والمضاربات التي تتضمنها، والتي لا تتوافق مع شروط التعامل النقدي الطبيعي، كما نبه إلى أن هذه العملات تمثل تهديدًا للاقتصاد الوطني، وتؤثر سلبًا على العملة المحلية، والاستثمار في هذه المعاملات الرقمية عالي المخاطر، محذرًا من خطورة التداول بالعملات المشفرة والمراهنات الإلكترونية، ليس فقط لكونها مخالفة للشريعة الإسلامية، ولكن أيضًا لأنها تمثل تهديد اقتصادي وأخلاقي يستدعي التدخل العاجل.
ويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56 وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبنَّاه طيلة أكثر من ألف عام، ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.