آية عبد الرؤوف تكتب: مؤيدو الرئيس المزيفون
تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT
تعيش مصر مرحلة حاسمة في تاريخها، حيث تشهد خلال أيام الانتخابات الرئاسية التي تعتبر عرسًا ديمقراطيًا للبلاد. يظهر في هذه الفترة، وتحديدًا قبل كل انتخابات رئاسية بفترات قصيرة، أشخاصًا يمتلكون أحزابًا ملاكية يستخدمونها لأغراض شخصية ولتقنين أوضاعهم في التحليل والتواجد الشكلي.
ذلك بعد غيبوبة لسنوات لم يظهروا فيها ولا تكتمل كياناتهم الوهمية الشكلية في الداخل كما ينص القانون، ولا يعرف الشارع عنهم شيئًا ولم يشاركوا فعليًا في أي دراسات أو تشريعات أو حلول حقيقية يساندون بها الدولة أو يكونوا صوتًا للشارع اليتيم.
يطلون علينا ويصدرون البيانات الرنانة ويرفعون شعارات دعم الرئيس وتأييده ومطالبته بالترشح جولة أخرى، هل هذا هو دعم الرئيس من وجهة نظركم؟، هل هذه هي مساندة تؤيدون؟، لا يا سادة، المساندة والتأييد الحقيقي يأتي من مشاركة فعالة في طرح الحلول للسلبيات الموجودة على الساحة. المساندة الحقيقة هي ممارسة دوركم وتواجدكم بشكل حقيقي على أرض الواقع وسماع المواطنين ومشاكلهم ومحاولة معالجتها وطرح أجندات ورؤى يمكن تنفيذها.
الأغرب من ذلك، عندما تبحث عن هذه الأحزاب "الملاكية" التي لا تسع إلا رئيس الحزب ومحبيه وأصدقائه، ومن منهم يشعر بذاته وقوته تجد له أمانة أو اثنين ثلاثة يتباهى بهم. كل ما يفعلونه هو أن يجتمعون من أجل أخذ الصور التذكارية لكي يتحدثون عن إنجازاتهم الوهمية، يعتقدون أن هذه المواقف تضعهم في مكانة مرموقة وتجعلهم يحصلون على مكاسب ما، ولكن في حقيقة الأمر هذا لا يعبر إلا عن فشلهم حتى وإن حصلوا على أي مكانة ذو قيمة لأنهم ببساطة لا يستطيعون إثبات جدارتهم فيها أو النجاح في المهمة التي ستسند إليهم، فمن فشل في إدارة كشك لا يستطيع إدارة سوبر ماركت.
وأكبر دليل على عدم تواجد هذه الأحزاب على أرض الواقع هو عدد عضويتهم الذي لا يذكر فضلًا عن تمثيلهم سواء في مجلس النواب أو الشيوخ. وإذا سُئلت عنهم في أي محافظة بمصر، لا يعلم عنهم أي شخص شيئًا، وهنا يأتي السؤال الذي يطرح نفسه: كيف تدعمون شخصًا وأنتم لا تستطيعون دعم أنفسكم؟.
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
هند عصام تكتب: الملكة نيت حتب
دائما ما نعود ونشتاق إلى السرد الفرعونى، قصص تتحدث عن أصولنا وماضينا وتاريخ حضارة عريقة عظيمة تثير فضول وأطماع العالم بأسره وكم كانت الحضارة المصرية متقدمة منذ البداية وحتي أن المرأة في مصر القديمة كانت تمتعت بمكانة عالية، لم تحظَ بها مثيلاتها في العالم القديم، بل لم تحظ بها المرأة في العصر الحديث إلا منذ فترة قريبة.
وكان دور المرأة في مصر القديمة كبيرا ومهما للغاية، وكانت مساوية للرجل، ومشاركة له في شتى المجالات وأمور الحياة، وملازمة له في العالم الآخر، إذ كان يرغب الرجال في العودة للحياة في صحبة زوجاتهم حتى يعيشوا حياة أبدية معهن.
وعرفت مصر القديمة عددا كبيرا من الملكات منذ أقدم العصور، وكنا قد تحدثنا عن بعضهم ومنهن من كن زوجات ملوك أو كن ملكات حاكمات لفترات طالت أو قصرت، ومنهن من حفل التاريخ بذكراهن، ومنهن من لم تصل سيرتهن إلى أسماعنا وكلما ظننا إننا قد إنتهينا من سرد قصصهن يتضح لنا إنه ما زال بعد وأن هناك عصور أقدم من عصر الاسرات لنكتشف إننا أمام حضارة لم ولن تندثر.
ومن خلال سرد هذه القصص نلقى الضوء على العديد من ملكات مصر القديمة عصر ما قبل الأسرات حين كان يُحكم بالعدل والحكمة والعلم والإيمان والرحمة والحب.
وسوف نتحدث عن ملكة تحدثنا عن زوجها وأبنها من قبل وهي الملكة نيت حتب وتعتبر الملكة الزوجة والملكة الأم الملكة العظيمة نيت حتب أقدم ملكات مصر القديمة إلى الآن. وكانت زوجة للملك نعرمر (أو نارمر كما يشتهر اسمه بيننا)، آخر ملوك عصر ما قبل الأسرات أو عصر التوحيد، ووالدة الملك الأشهر مينا، موحد القطرين.
ترجع أصول تلك الملكة العظيمة إلى دلتا نهر النيل الخالد. وشاء القدر الجميل لها أن تصبح ملكة وذلك عندما تزوجت من الملك العظيم نعرمر من أهل صعيد مصر الأصيل. ويبدو أن هذا الملك الجنوبى كان قد تزوج من تلك الأميرة الشمالية كى يمهد الطريق لتوحيد قطرى مصر: الشمال والجنوب، أو الدلتا والصعيد. وصور الملك نعرمر على صلايته الشهيرة، التي كانت تستخدم لصحن الكحل، منتصرا على أهل الشمال. وعلى مقعمة نفس الملك، التي كان يقهر بها أعداءه، ربما تم تصوير تلك الأميرة الشمالية، نيت حتب، جالسة في جوسق مما قد يشير إلى إتمام مراسم الزواج بين ذلك الملك الجنوبى الأصل وتلك الأميرة الشمالية. وكانت تلك الملكة رفيقة كفاح زوجها الملك نعرمر في سبيل توحيد شطرى مصر، غير أن الأقدار شاءت أن يتم ذلك التوحيد التاريخى لأرض مصر الخالدة على يدى ابنهما، الملك حورعحا، أو الملك مينا.
وجاء من ثمرة ذلك الزواج المبارك الابن وولى العهد الملك، حورعحا (أى حورس المحارب) بعد ذلك، الذي حمل لقب «ِمنى»، أو مينا كما نعرفه حاليا، بمعنى «المثبت» الذي تمكن من توحيد مصر شمالا وجنوبا، وبدأ العصور التاريخية في مصر، وكوّن الأسرة المصرية الأولى في حوالى عام 3100 قبل ميلاد السيد المسيح- عليه السلام.
ومنذ ذلك الحين البعيد، نشأت الأمة المصرية الموحدة التي تكّون تاريخها على تلك الأرض المصرية المقدسة، ونشأت فيها الدولة المركزية، ولم تنقسم الأمة المصرية إلا قليلا، ولم تغير من دينها أو من لغتها إلا في مرات قليلة معدودات على عكس غيرها من الأمم في شتى بقاع الأرض.
وتعد الأمة المصرية هي الأمة الوحيدة في ذلك الشأن الفريد على وجه الأرض قاطبة.
ويتضمن اسم تلك الملكة اسم المعبودة الشمالية الشهيرة، الربة «نيت»، التي كانت مرتبطة بالملكات المصريات منذ القدم. ويعنى اسم الملكة «الربة نيت راضية» أو «الربة نيت راضية سعيدة». وتعتبر الربة نيت من الربات الحاميات، خصوصا للشمال المصرى. وفى هذا ما يؤكد على أن الملكة نيت حوتب جاءت من الشمال. وكان مركز عبادة الربة نيت هو مدينة سايس أو مدينة صا الحجر في الدلتا الحالية. وكانت تلك الربة ترتدى التاج الأحمر الذي كان يرمز إلى الدلتا.
وتعددت الآثار التي حملت اسم الملكة نيت حتب في شمال مصر وجنوبها، مثل حلوان وأبيدوس ونقادة. ولعل أهمها هو تلك المقبرة العظيمة التي تُنسب، أغلب الظن، للملكة نيت حتب والتى دفنها فيها ابنها الملك الموحد حورعحا في منطقة نقادة في محافظة قنا. وكانت أبعاد تلك المقبرة تزيد على الخمسين مترا في الطول وعلى العشرين مترا في العرض. وعثر بداخل تلك المقبرة على العديد من الأثاث الجنائزى الذي كان يخص تلك الملكة مثل أدوات التجميل والأوانى الحجرية والبطاقات العاجية وطبعات الأختام المصنوعة من الصلصال والتى تحمل أسماء زوجها الملك نعرمر وابنها الملك حورعحا والملكة نيت حوتب نفسها.
وكانت مقبرة تلك الملكة تحتوى على العديد من الحلى الذي دلنا على وجوده تلك البطاقات العاجية التي كان يدون عليها عدد العقود والأساور والأثاث الجنائزى والتى كانت موضوعة في صناديق بجوار جسد الملكة المتوفاة كى تستخدمها في العالم الآخر.
تلك ملكة ساهمت في تأسيس أمة وفى تكوين ملك عظيم وتوحيد ونشأة واستمرارية أمة عظيمة هي الأمة المصرية. فتحية تقدير وإعزاز للملكة الزوجة والملكة الأم الملكة نيت حتب.