بيضة ورغيف.. أجرة معلم في بلدة الحمرا عام 1954
تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT
الحاج عودة فخر بأنه حصل على شهادة مدرسية في عام 1958 ويقارن تلك الأيام بالحاضر
يحكي الحاج عودة بني خالد ببالٍ حنيني عن بداية دراسته المدرسية، والتي انطلقت في مغارة صغيرة تقع في بلدة الحمراء بمحافظة المفرق عام 1954.
اقرأ أيضاً : توجيهي زمان.. 11 ناجحا في الأردن قبل 89 عاما وأجواء خاصة للاحتفال
يبدأ بالقول إن الأستاذ الذي كان يقوم بتدريسهم كان يأخذ أجرته بشكل مميز، حيث كانت تتمثل في بيضة ورغيف من الخبز، وإذا لم يتمكن من تقديم هذه الأجرة، فإنه كان يرجعه إلى منزله.
ثم يستمر في سرد تلك الفترة التعليمية الرائعة، مشيرًا إلى أنهم بدأوا دراستهم في تلك المغارة عام 1954، واستمرت لمدة أربع سنوات كاملة.
وبعد ذلك، انتقلوا إلى مدرسة جديدة تم تشييدها في بلدة حوشا، التي كانت تبعد نحو 6 كيلومترات عن مكان سكنهم، كان عدد الطلاب في تلك المدرسة الجديدة 4 طلاب فقط.
ويفخر الحاج بأنه حصل على شهادة مدرسية في عام 1958، ويقارن تلك الأيام بالحاضر، حيث أصبحت المدارس تتوفر فيها مكيفات ومراوح، مما يجعل الظروف أكثر راحة مما كانت عليه في الماضي.
ويضيف بأن هذه المغارة الصغيرة شهدت نجاحات عديدة، حيث تخرج منها جامعيون ودكاترة ومهندسون وضباط برتب عالية، مما يؤكد أهمية تلك الفترة البسيطة في تاريخ تعليمهم.
من ناحية أخرى، يشارك الحاج منيزل بني خالد قصة معلمهم السبعاوي، الذي كان ملتزمًا جدًا بتعليمهم.
كان يأتي إليهم يوميًا، ولو لم يحضروا معهم بيضة ورغيف خبز، فإنه لم يسمح لهم بالدخول إلى المغارة.
ويذكر أن والديهم كانوا داعمين لجهود المعلم بشكل كبير، وكانوا يحثونهم على تعلم القراءة والكتابة، ويقولون له "خطيب"، طامحين بأن يصبح أبناؤهم خطباء في المستقبل.
ويختتم الحاج بالإشارة إلى أنه كانت هناك قواعد صارمة في المدرسة، حيث كان يتعرض أي طالب غائب للضرب حتى يصبح داخل الفصل دائمًا. وكان المعلم لديه هيبة كبيرة بالنسبة لهم، مما جعلهم يحترمونه ويقدرون تعليمه.
المصدر: رؤيا الأخباري
كلمات دلالية: وزارة التربية والتعليم المفرق معلمين
إقرأ أيضاً:
الحاج عبد الله السودانية.. عودة حزينة إلى منازل سُرقت منها الحياة
تعود الحياة ببطء إلى مدينة الحاج عبد الله في ولاية الجزيرة وسط السودان، لكنها عودة مثقلة بالألم والحسرة، فالعائدون من النزوح يجدون أنفسهم أمام مشهد قاتم من الدمار والخراب، إذ تحولت منازلهم إلى أطلال وذكريات.
"البيت مخيف"، بهاتين الكلمتين يصف محمد سعيد مشاعره المختلطة عند رؤية منزله، ويروي محمد كيف وجده منهوبا، حتى وثائق زواجه وصور أولاده لم تسلم من السرقة.
وبحسب تقرير لمراسل الجزيرة الطاهر المرضي، فإن آثار الدمار امتدت لتشمل كامل النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمدينة.
فسوق الحاج عبد الله -الذي كان يوما شريان الحياة الاقتصادية في المنطقة- أصبح اليوم ساحة مهجورة يسكنها الفراغ والغبار، وامتد الخراب ليطال جميع الوحدات الإدارية السبع في الولاية، مخلفا وراءه أثرا عميقا على حياة السكان.
وفي محاولة لاستعادة النظام، تسعى الشرطة المحلية إلى جمع المسروقات المبعثرة وإعادتها إلى أصحابها الشرعيين، لكن حجم المأساة يتجاوز هذه الجهود المتواضعة.
فالمؤسسات الحيوية في المدينة تحولت إلى هياكل بلا روح، المستشفى أصبح مبنى مهجورا بلا معدات طبية أو أجهزة منقذة للحياة، والمحكمة التي كانت رمزا للنظام والقانون صارت مجرد أطلال تتناثر فيها أوراق القضايا التي لم يحسم مصيرها بعد.
إعلان
بوادر أمل
يحيى -وهو أحد العائدين- يقف أمام ما كان يوما منزله، محاولا استحضار ذكريات السعادة العائلية التي عاشها فيه "لا زلت أتذكر ضحكات البنات في هذه الغرفة"، ويقول بحسرة "20 سنة من العمل والبناء تبخرت في لحظة".
هذه المشاعر المؤلمة تتكرر في قصص العديد من العائدين الذين يجدون أنفسهم أمام تحدي إعادة بناء حياتهم من الصفر.
ورغم المشهد القاتم فإن بوادر أمل خجولة تظهر مع عودة السكان التدريجية إلى مدينتهم "الحمد لله بدأت العودة"، يقول أحد المسؤولين المحليين، لكنه يضيف بأسى أن "الناس رجعوا ليجدوا بيوتهم منهوبة، يجب أن نبدأ من الصفر".
وبينما تستمر عملية العودة يبقى السؤال الأكبر معلقا: كيف يمكن إعادة بناء مجتمع تعرّض لمثل هذا الدمار الشامل؟ العائدون إلى مدينة الحاج عبد الله يجدون أنفسهم اليوم في مواجهة تحدٍ مزدوج: إعادة بناء منازلهم المادية، وترميم النسيج الاجتماعي والنفسي لمجتمعهم المنكوب، وفي خضم هذه المأساة تبقى قصصهم شاهدا حيا على تكلفة الحرب الباهظة على المدنيين الأبرياء.
وكان الجيش السوداني أعلن في 8 يناير/كانون الثاني الماضي سيطرته على مناطق جنوب وغرب ولاية الجزيرة بعد هجوم واسع على مواقع وارتكازات للدعم السريع ليسترد منطقة الحاج عبد الله.
يذكر أن قوات الدعم السريع سيطرت في ديسمبر/كانون الأول 2023 على أجزاء كبيرة من الولاية، بما فيها مدينة ود مدني، وأدى ذلك إلى نزوح عشرات الآلاف باتجاه القضارف.