لوفيغارو: واشنطن قلقة من التراجع الصيني
تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT
قالت صحيفة لوفيغارو الفرنسية إن الانحدار الديمغرافي في الصين -التي جاوزتها الهند هذا العام لتصبح الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان في العالم- وعلامات التباطؤ في الاقتصاد الصيني، أمور تدعو إلى تغيير النظرة إلى هذا البلد، وبدلا من أن تفرح واشنطن التي تخشى أن تتفوق عليها بكين، فإنها تشعر الآن بالقلق بشأن الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها منافستها، لما قد يترتب على ذلك من عدم استقرار سياسي لا يعرف أحد ما سيؤول إليه.
وقد لخص الرئيس الأميركي جو بايدن خلال اجتماع مع المستثمرين سبب هذا القلق قائلا "عندما يقع الأشرار في المشاكل، فإنهم يفعلون أشياء سيئة"، وحذر من مزيج من ارتفاع معدلات البطالة (تقدر بحوالي 20%) وشيخوخة القوى العاملة، مما يجعل الصين "قنبلة موقوتة" في قلب التهديد الاقتصادي العالمي وتهديدا محتملا للدول الأخرى.
ويقول جوشوا آيزنمان، الأستاذ في كلية كيو للشؤون العالمية بالجامعة إن "هذا التحول في المنظور نتيجة لعاملين رئيسيين، أحدهما بنيوي في المقام الأول والآخر يقع بالكامل تحت سيطرة قادة بكين"، أما العامل الأول فهو اقتصادي وله علاقة كبيرة بالتركيبة السكانية، إذ تقترب الصين من نهاية نموذج معين للتنمية كان ناجحا في الماضي، وقد "أضيفت مشاكل أخرى سياسية، تفاقمت بسبب سياسة "صفر كوفيد" التي فرضتها السلطات الصينية والتي استهان الغرب بتأثيرها الاجتماعي في الصين.
إستراتيجية الاحتواء الصينية
يُنظر في واشنطن إلى تصاعد القومية في بكين -وفق مراسل الصحيفة أدريان جولم- على أنه علامة مثيرة للقلق على تصلب السلطات الصينية وتوترها، كما أن مستقبل تايوان -الجزيرة التي تتركز فيها كل التوترات الجيوسياسية بين القوتين العظميين- يبدو أكثر إثارة للقلق في وقت تتصرف فيه الصين بشكل أقل حذرا في الخارج، وبالتالي فإن هذه العدوانية الصينية، وتحالفها مع روسيا الذي يثير هو الآخر قلقا إستراتيجيا أميركيا، يبعث مخاوف من حدوث أزمات مستقبلية.
غير أن إدارة بايدن -التي تخلت عن الخطاب الناري الذي اتبعه سلفها تجاه بكين- مارست منذ توليها السلطة عام 2021 إستراتيجية احتواء للصين بدون التفوه بكلمة، فعززت على الصعيد الدبلوماسي تحالفاتها في منطقة المحيطين الهندي والهادي وطورتها، بدءا من الرباعية التي تجمع الولايات المتحدة والهند واليابان وأستراليا في شراكة إستراتيجية، وأوكوس التي هي تحالف عسكري بين أميركا وأستراليا والمملكة المتحدة، كما زادت من اتفاقيات الدفاع والشراكة مع العديد من الدول، واقتربت بشكل خاص من العملاق الهندي، وأقامت علاقات وثيقة مع فيتنام والفلبين.
منافسة شرسة
من الناحية الاقتصادية، حرمت الولايات المتحدة الصينيين من الوصول إلى تقنيات الرقائق الإلكترونية الأكثر تقدما واستثمرت بشكل كبير لإعادة قطاعات كاملة من صناعتها جزئيا، وتقليل الاعتماد على الصين، ولكن هذا "الفصل" الاقتصادي أثبت أنه أكثر صعوبة مما كان متوقعا، نظرا للروابط بين البلدين. ويقول جوشوا آيزنمان "يجب على الولايات المتحدة أن تستمر في الحوار بشأن مختلف القضايا الحاسمة مثل تغير المناخ والاقتصاد والتعليم".
وأشارت الصحيفة إلى أن ما أفادته التقارير الأميركية من أن الرئيس الصيني شي جين بينغ لم يبلغ فورا من قبل التسلسل الهرمي العسكري بانجراف منطاد تجسس فوق الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا العام يشكل علامة مثيرة للقلق، وقد علق بايدن قائلا "من المحرج للغاية بالنسبة للدكتاتوريين أن لا يعرفوا ما يحدث".
وقد حقق مبدأ بايدن المتمثل في "المنافسة بدون مواجهة" بعض النجاح بمشاركة الدول التي تشعر بالقلق من العدوانية الصينية، ولكنها كانت أقل نجاحا في محاولاتها لإعادة تأسيس حوار إستراتيجي مع بكين، بسبب الشك في النوايا الصينية، وقد علقت وزيرة التجارة الأميركية جينا ريموندو التي زارت بكين هذا العام قائلة "نحن في منافسة شرسة مع الصين على جميع المستويات، وأي شخص يقول غير ذلك ساذج، وبمجرد الاعتراف بذلك، يجب علينا أن نفعل كل ما نستطيع لإدارة هذه المنافسة لأن الصراع ليس في مصلحة أحد".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
الخارجية الصينية تؤكد على أهمية الحوار مع الولايات المتحدة
الصين – صرح متحدث الخارجية الصينية قوه جيا كون إن الصين والولايات المتحدة يجب أن تحلا القضايا القائمة بينهما من خلال الحوار والمفاوضات على أساس المساواة والاحترام المتبادل.
جاء ذلك في إفادة صحفية لقوه جيا كون اليوم الخميس، حيث تابع، تعليقا على إمكانية التوصل إلى اتفاق تجاري جديد بين بكين وواشنطن: “يتعين على الجانبين حل مخاوفهما من خلال الحوار والتشاور على أساس من المساواة والاحترام المتبادل”.
وأكد الدبلوماسي على أنه لا يوجد رابح في الحروب التجارية والجمركية، التي تضر بمصالح الشعوب في جميع البلدان، وأضاف: “ستواصل الصين اتخاذ التدابير اللازمة لحماية حقوقها ومصالحها المشروعة بقوة”.
وكانت وكالة “بلومبرغ” قد ذكرت في وقت سابق أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد ألمح إلى أن الولايات المتحدة والصين قد تتوصلان إلى اتفاق تجاري جديد، حيث أشارت إلى أنه، وعلى الرغم من أن ترامب لم يحدد الشروط المحتملة لمثل هذا الاتفاق، إلا أنه قد يواجه عددا من العقبات، بما في ذلك تلك التي خلقها ترامب نفسه.
وفي هذا الصدد تذكّر الوكالة بالرسوم الجمركية الإضافية البالغة 10%، والتي فرضها ترامب على السلع الصينية المستوردة إلى الولايات المتحدة.
بدورها، فرضت الصين في العاشر من فبراير رسوما جمركية إضافية بنسبة 15% على الفحم والغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، فضلا عن 10% على عدد من السلع الأمريكية الأخرى.
وكما قال نائب مدير المعهد الدولي لأبحاث التسويق التابع لوزارة التجارة الصينية باي مينغ لوكالة “نوفوستي”، فإن جولة جديدة من الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم “قد بدأت بالفعل”.
المصدر: نوفوستي