شهد نقابة المحامين بالفيوم، أمس، حفل تأبين الشاعر الكبير الراحل محمود قرني، الذي نظمته الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني، بحضور الشاعر مسعود شومان رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية، ولاميس الشرنوبي رئيس إقليم القاهرة الكبرى الثقافي وأسرة الشاعر الراحل وكوكبة من الأدباء والمثقفين والمبدعين.

ليلة الاحتفاء

بدأ الشاعر محمد حسني إبراهيم الحفل، بنبذة عن حياة الشاعر الراحل محمود قرني، وبعض الذكريات التي جمعته به، قائلا: إنها ليلة يحتفي فيها أصدقاؤه وأسرته، في مكانه بنقابة المحامين بوصفه محاميا، موجها الشكر لحازم طه نقيب المحامين بالفيوم، ولهيئة قصور الثقافة على احتفائها بالأدباء ومنجزهم الإبداعي.

توالت فقرات الحفل بعرض فيلم عن الشاعر الراحل، تضمن مقاطع من أعماله، وعرض آخر بصوت الراحل، يتضمن آراءه حول أهمية القوافل الثقافية، ودور قصور الثقافة في حياة كل مبدع ودورها التاريخي في احتضان المواهب في أقاليم مصر.

الشاعر مسعود شومان:  لماذا يموت المبدعون مبكرًا؟!

 

تحدث الشاعر مسعود شومان رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية قائلا: لقد جئت بوصفي صديقا له وليس مسئولا فحسب، إنها ليست ليلة عزاء، بل ليلة احتفاء وتكريم، لم يكن محمود قرني شاعرا فحسب، بل كان مثقفا منخرطا في الحياة الثقافية لذا يمكن أن نطلق عليه بيقين المثقف العضوي من خلال إسهاماته الشعرية والثقافية ودوره في تأسيس عدد من الكيانات الشعرية، وشاعرنا يحتشد لتحميل نصوصه بحمولات ثقافية واجتماعية لدرجة أن بعض النقاد قد أطلقوا عليه الشاعر المعرفي، واتسم شعره بالتمرد علي الأعراف التقليدية، وخرج ممتطيا حصانه الشعري ليكون خارجا عن السائد والمألوف، فهو لم يحارب من أجل مكانة وهمية، بل كان صانعا لمكانته.

وتساءل "شومان": لماذا يموت المبدعون مبكرا، خاصة ممن حققوا تمردا على أعراف الشعر، وحين نتأمل خريطة الفيوم، ربما تكون المكابدة مع السائد والمألوف هي السبب، فقد كان الراحل يتناول الشعر بوصفه مفردة، وكان شعره مليئا بالقضايا الاجتماعية"، مستعرضا مقتطفات من أعماله التي تتناول مفهوم الشعر وتصنيف الشعراء، مؤكدا أن الراحل لم يكن من الشعراء الدين استسلموا للنماذج الراسخة في الشعر، بل كان مارقا على جميع تصنيفات الشعراء، ووجه شومان كلمته لأسرته قائلا: ''لكم أن تفخروا بقامة كبيرة، سيبقي خالدا كرمز من رموز الشعر'.

وطرح الشاعر محمد شاكر رئيس نادي أدب الفيوم ونادي الأدب المركزي، اقتراحا بأن يكون اسم الشاعر الراحل محمود قرني، من ضمن المكرمين الراحلين في المؤتمر العام لأدباء مصر، فقد كان شاعرا مصريا تخطى فكرة الحدود الإقليمية.

وأكد الشاعر د. عبد الحكم العلامي، أننا نحتفي بقامة فكرية شعرية عالمية، وأن الشعراء لا يرحلون، يتركوننا بأجسادهم، ولكن تبقى أرواحهم معنا، وقال: كيف يرحل وهو معنا كل يوم بكلماته وأشعاره، كان مناضلا ممتزجا بهمومنا معبرا عن شخصيتنا، كما أنه قاد جيل الثمانينيات بأكمله، حيث أتى الشاعر محمود قرني ليزيل عن القصيدة العربية، ما علق بها من زوائد وقيود من قصائد السبعينيات، حيث تخلص من الثرثرة النثرية لجيل التسعينيات، الذي أدخلنا في نثرية فجة في تدمير الثوابت بدعوى ما بعد الحداثة.

وأضاف "العلامي" أن الشاعر محمود قرني اخترق البلاغة العربية بمفاهيمها القديمة، وتناول بلاغة الموقف، فهو شاعر رائد بكل المعاني، وصاحب حالات شعرية الفريدة.

وأشار الشاعر د. محمد السيد إسماعيل في كلمته، أن محمود قرني الإنسان، كان مؤمنا بوطنه ومؤسسات الدولة، وكان يكتب مقالاته في الأهرام كل 15 يوما، يكتب رأيه دون قيود، رافضا أن يساق مثل غيره، فكان يمارس دورا تنويريا من خلال الشعر، ثم استعرض دراسات نقدية حول نماذج من أعماله.

وأضاف أن ما يميز محمود قرني مجموعة خصائص منها،  كثافة النبرة الشعرية، محاولة استزراع قصيدة النثر،  استحضار الماضي، والتداخل بين الشعر والرواية والقصة، وتميز أيضا بمهارة المزج بين السرد والشعر، موضحا بعضا من سمات شعره؛ حيث كان مهموما بالقضايا القومية، وله نظرات ثرية في نقد الشعر.

لاميس الشرنوبي: الشاعر لا يموت ومكانه في القلب

 

في كلمتها قدمت لاميس الشرنوبي رئيس إقليم القاهرة الكبرى الثقافي عزاءها لأسرة الشاعر محمود قرني، وكوكبة الأدباء والمثقفين، وعزاء رئيس الهيئة واعتزازه وتقديره للراحل الكبير ومسيرته الإبداعية، كما قدمت الشكر لنقابة المحامين، مؤكدة أن الشاعر لا يموت، وأن مكانه في القلب، قائلة: رغم أنه لم تسعدني الفرصة بمعرفة الشاعر محمود قرني شخصيا، لكنني عرفته من أعماله، نحن فقدنا مثقفا له مكانته على خريطة الثقافة في الوطن العربي.

 

وقالت سماح كامل مدير عام ثقافة الفيوم إننا اليوم نحتفي بشاعر من الشعراء الأجلاء، ممن حققوا مكانة كبيرة داخل مصر وخارجها، والحفل هو تحية لأسرة الشاعر الكبير، مؤكدة أن الأدباء هم وجدان الثقافة، وتبقى جهودهم وأعمالهم في الذاكرة على مر السنين.

وفي كلمة حازم طه نقيب المحامين، وجه الشكر لثقافة الفيوم وإقليم القاهرة الكبري الثقافي، داعيا الله بالرحمة والمغفرة للشاعر الراحل وخالص المواساة لأسرته، وجميع الأدباء والمثقفين، مؤكدا أن الشاعر الراحل أحد أبناء نقابة المحامين بالفيوم، ورمزا من الرموز الأدبية الكبيرة في مصر والوطن العربي.

فيما وجه أحمد محمود قرني نجل الشاعر الراحل، الشكر للحضور، ولجميع القائمين على الحفل، قائلا: رحم الله أبي، ذلك الأب الأسطوري، الذي ترك لنا فيضا من المحبة، عاش كريما أبيا صامدا واقفا كالأشجار، يحارب المرض بالشعر، وظل مخلصا للشعر والكتابة لآخر لحظات حياته'.

بينما قدم أشرف عبد الكريم، مقترح دراسة عن دلالة الأسرة في نصوصه وحول تمرد شعره.

وتحدث القاص عويس معوض مؤكدا الاحتفاء بمحمود قرني، وليس برحيله، حيث تبقى أعماله خير دليل على وجوده بيننا، وقال: كان "قرني" أيقونة للشعر الحقيقي، شاعرا لا يميل إلى مقعد، ولا يستجدي أحدا، وقد أحدث انحناءة جديدة في مجال القصيدة النثرية والشعر. وناشد وزارة الثقافة بمخاطبة محافظ الفيوم، ليُطلق اسمه على أحد الشوارع أو المدارس بقريته بالفيوم، كونه رمزا من رموز الفيوم فهو يستحق هذا الاحتفاء، لتتخذه الأجيال الجديدة القادمة نموذجا لها.

وفي كلمة الأديب عصام الزهيري، أكد أن محمود قرني حمل مجموعة من القيم الإنسانية الكبيرة، وهو من الشعراء الذين يؤكد موتهم انتصارهم للحياة بقصائدهم وأشعارهم، وعلينا جميعا أن ننتصر لحياتهم بعد موتهم، معلنا عن إقامة عدد من الندوات والدراسات التي تناقش أعمال الراحل الفترة المقبلة، وألقى الشاعر مجدي أحمد قصيدة رثاء للراحل.

وفي الختام تم تكريم اسم الشاعر الكبير محمود قرني، وتسلمت درع التكريم زوجة الراحل وابنه أحمد قرني وابنته ريم قرني.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: قصور الثقافة اقليم القاهرة الكبرى الشاعر مسعود شومان محمود قرني عمرو البسيوني الشاعر الراحل الشاعر الکبیر من أعماله

إقرأ أيضاً:

مكتبة محمد بن راشد تحتفي بذكرى الفنان جابر جاسم

دبي (الاتحاد)
احتفاءً بسفير الأغنية الإماراتية، الفنان الراحل جابر جاسم، نظمت مكتبة محمد بن راشد أمسية فنية استثنائية، شهدت حضور أعضاء مجلس إدارة المكتبة، وتوافداً كبيراً من عشاق الفن الإماراتي ومحبي الموسيقى، حيث تألق الفنان سيف العلي في أداء مجموعة من أبرز أغاني الراحل، رفقة الأوركسترا بقيادة المايسترو عبد العزيز المدني.
ويُعد الراحل جابر جاسم أحد أعلام الموسيقى البارزين في دولة الإمارات، أسهم خلال مسيرته الحافلة في تطوير الأغنية الإماراتية، مقدماً مجموعة من الأعمال امتزجت بكلمات تعبق بالحب والوفاء للوطن وأبنائه، ليظل رمزاً خالداً من رموز الثقافة والفن الإماراتي، بعد رحيله عن عالمنا عام 2001.
واستهل الفنان سيف العلي الأمسية بتقديم مجموعة من أشهر أغاني الراحل جابر جاسم، شملت «غزيل فله»، «عيونك تجبر الخاطر»، «وناس»، إضافة إلى «ضاع فكري»، «يا ويل من ضاع فكره»، «شدو العربان»، و«نسيتونا حبايبنا»، وأيضاً «حمام ناح»، «صافني يا صخيف»، و«صاح بزقر»، إلى جانب عدد من روائع التراث الإماراتي التي مزجت بين الإبداع الفني والحنين إلى زمن الفن الأصيل.
وتألق المايسترو عبد العزيز المدني، بقيادته الفرقة الموسيقية باحترافية عالية مع فريق من العازفين، الذي تميز بالتناغم المثالي بين الصوت والألحان، حيث قدم توزيعات موسيقية حديثة نجحت في الحفاظ على الطابع الأصيل لأغاني الفنان الراحل جابر جاسم.
وفي ختام الحفل، قدّم الدكتور محمد سالم المزروعي، عضو مجلس إدارة مؤسسة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم، درعاً تكريمياً لكلّ من الفنان سيف العلي والمايسترو عبدالعزيز المدني، كذلك إلى عيد جاسم المريخي، شقيق الفنان الراحل، الذي حضر ممثلاً عن عائلته الكريمة.

 

أخبار ذات صلة «النسبة الذهبية في الخط العربي» بمكتبة محمد بن راشد اختتام مؤتمر دبي الدولي للمكتبات 2024 بمكتبة محمد بن راشد

مقالات مشابهة

  • بكرة أحلى.. قصور الثقافة تحتفي بأعياد الطفولة مع أبناء الخيالة
  • الشاعر السعودي فيصل العتيبي لـ24: الفوز في جائزة "كنز الجيل" فخر وشرف
  • عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعراء في زمن السيولة التواصلية؟
  • قصور الثقافة تكرم أمل عبد الله رئيس إقليم القناة
  • تجربة بدر بن عبد المحسن في "العين للكتاب"
  • بدر بن عبد المحسن.. تجربة متفردة توجته بلقب أمير الشعر العربي
  • بعد واقعة تكسير الهرم.. رئيس اتحاد الآثاريين العرب: يجب محاسبة المسئول
  • تجليات الحنين في بيت الشعر بالشارقة
  • مكتبة محمد بن راشد تحتفي بذكرى الفنان جابر جاسم
  • مواسم المطر وتجليات الوطن في بيت الشعر بالشارقة