الطاقة النظيفة تضع أوبك في مواجهة تحديات كبيرة.. ما علاقة الصين؟
تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT
نشرت صحيفة "التليغراف" البريطانية تقريرًا تحدثت فيه عن التحديات المالية الكبيرة التي تواجه منظمة "أوبك" وتأثيرها المحتمل على سوق النفط العالمي.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن منظمة "أوبك" اضطرت إلى خفض الإنتاج في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي من أجل دعم الأسعار وكان عليها أن تقطع الإنتاج مرة أخرى في نيسان/ أبريل.
بعد ذلك، اضطرت منظمة "أوبك" وروسيا إلى تقليص الإنتاج بمليوني برميل يوميا عند نقطة عالية في الدورة الاقتصادية، بعد إعادة فتح الصين في مرحلة ما بعد جائحة كوفيد، وفي وقت كان فيه الاقتصاد الأمريكي متقدما وكان التوسع المالي يعادل تقريبا ميزانية الرئيس الأمريكي الأسبق "ديلانو روزفلت" للحرب العالمية.
هذا الرقم البالغ 2 مليون برميل في اليوم يمثل تقريبا كمية النفط الخام التي يتم استبدالها حاليا بمبيعات السيارات الكهربائية في جميع أنحاء العالم، وذلك وفقا لموقع بلومبيرغ لتمويل الطاقة الجديدة.
مع ذلك، كان المزاج العام يتسم بالتحدي واللامبالاة في مؤتمر النفط العالمي الرابع والعشرين الذي عقد في مدينة كالغاري هذا الشهر.
وقال أمين الناصر، رئيس شركة "أرامكو" السعودية، إن الحديث عن ذروة الطلب على النفط "يخضع للتدقيق". ومن المقرر أن يرتفع الاستهلاك من 102 مليون برميل يوميا إلى 110 ملايين برميل يوميا بحلول سنة 2030، ثم يرتفع أكثر حتى سنة 2035 قبل أن يستقر عند مستوى عالية حتى منتصف القرن.
وحسب الصحيفة، يتخطى هذا الوضع التفاصيل التي تشير إلى أن السيارات الكهربائية تسير بالفعل على الطريق الصحيح للوصول إلى 60 بالمئة من إجمالي مبيعات السيارات في أكبر سوق للسيارات في العالم في غضون سنتين.
وتتلقى منظمة أوبك ضربات من الجانبين، حيث أصبحت سيارات البنزين والديزل أكثر كفاءة مما يؤدي تدريجيا إلى إزاحة الطراز القديم. وقالت شركة "بريتيش بتروليوم" إن هذا وحده سيخفض الطلب العالمي على النفط بمقدار العشر بحلول سنة 2040.
وذكرت الصحيفة أن مبيعات السيارات الكهربائية في الصين بلغت 38 بالمئة هذا الصيف، رغم إلغاء الإعانات في الغالب. ويأتي هذا قبل الموعد المحدد بكثير في إطار خطة تطوير صناعة سيارات الطاقة الجديدة في بكين.
ووفقا لمركز أبحاث تشيباي الصيني فإن الإجماع الناشئ يتمحور حول حقيقة أن مبيعات السيارات الكهربائية ستصل إلى 17 مليون أو ما يعادل 60 بالمئة من إجمالي حصة الصين بحلول سنة 2025، وترتفع إلى 90 بالمئة بحلول سنة 2030، على افتراض أن الشبكة يمكن أن تواكب ذلك.
ونقلت الصحيفة عن لي شيانغ، مؤسس شركة صناعة السيارات الصينية المزدهرة "لي أوتو"، أن مبيعات السيارات الكهربائية ستصل إلى 80 بالمئة بحلول سنة 2025.
وتبيع شركة "رافال بي دبليو دي" أكثر من 50 ألف سيارة كهربائية أسبوعيًا، بما في ذلك شركة "سيغال" للبيع بالتجزئة، مقابل 10.200 دولار في السوق المحلية.
وأوردت الصحيفة أن فيتنام متأخرة ببضع سنوات ولكن لديها طموحات مماثلة. فقد أصبحت شركتها الناشئة للسيارات الكهربائية "فين فاست أوتو" ثالث أكبر شركة لصناعة السيارات في العالم بعد إدراجها في بورصة "ناسداك" الشهر الماضي، حيث كانت قيمتها لفترة وجيزة تساوي قيمة صناعة السيارات الألمانية قبل أن يتراجع سعر أسهمها.
وسواء تم إنتاجها من قبل الصين أو المنافسين الإقليميين، فإن السيارات الكهربائية الرخيصة سوف تغمر جنوب شرق آسيا وجزءا كبيرا من الجنوب العالمي، مهما فعل الغرب.
وكانت الفرضية الأساسية لمنظمة "أوبك" لفترة طويلة تتلخص في أن صعود طبقة متوسطة قوية قوامها مليار شخص في آسيا الناشئة سوف يعوض بشكل أكبر عن انخفاض استخدام النفط في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. لكن الهند لن تنقذ منظمة "أوبك"، حيث تجاوزت مبيعات السيارات الكهربائية بالفعل مليون سيارة حتى الآن هذه السنة، وقد تم تصنيع العديد منها في مدينة كريشناجيري، عاصمة السيارات الكهربائية في الهند.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة إن الطلب العالمي على النفط سيبلغ ذروته عند 105.5 مليون برميل يوميًا في سنة 2028، ثم سيستقر لبضع سنوات قبل أن يتراجع. وقد أثارت هذه التوقعات غضب أعضاء منظمة "أوبك".
ونقلت الصحيفة عن هيثم الغيص، رئيس منظمة "أوبك"، أن "استبعاد الوقود الأحفوري، أو الإشارة إلى أنه في بداية نهايته، أمر بالغ الخطورة وغير عملي. وما يجعل مثل هذه التوقعات خطيرة للغاية هو أنها غالبا ما تكون مصحوبة بدعوات لوقف الاستثمار في مشاريع النفط والغاز الجديدة".
وأضاف الغيص أن "مثل هذه الروايات لا تؤدي إلا إلى فشل نظام الطاقة العالمي بشكل مذهل وفوضى في مجال الطاقة على نطاق غير مسبوق".
وقال معهد "روكي ماونتن" في تقريره الأخير بعنوان "نهاية العصر الجليدي" إن نصف مبيعات السيارات العالمية يمكن أن تكون سيارات كهربائية بحلول سنة 2026، لتصل إلى 86 بالمئة في وقت لاحق من هذا العقد. وورد في التقرير أنه "بحلول سنة 2030، سينخفض الطلب على وقود السيارات بأكثر من مليون برميل يوميا سنويا، وستكون نهاية ربع الطلب العالمي على النفط في الأفق".
من جانبه، يبرر ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، خفض إنتاج مليوني برميل يوميا من الإمدادات العالمية على أن هناك حاجة لرفع الأسعار لتعزيز الاستثمار العالمي في المشاريع الجديدة، وبالتالي ضمان اقتصاد عالمي منظم.
وقد رفع السعوديون أسعار خام برنت إلى 90 دولارًا، مما ساعد فلاديمير بوتين في هذه العملية، لكن المشكلة في خفض العرض هي أنه يعطي حصة في السوق للمنافسين.
وقال أولي هانسن، رئيس السلع في "ساكسو بنك" إنه "من السهل قطع الإنتاج، ولكن كيف يمكن استعادة حصتك بمجرد أن تخسرها؟".
وتستمر شركات تكسير النفط الصخري الأمريكية في إصدار تنبؤات مربكة بشأن التراجع، وتوصلوا إلى تكنولوجيا جديدة وتدريبات جانبية أطول.
وتتوقع وزارة الطاقة الأمريكية أن يصل إنتاج النفط الأمريكي إلى مستوى قياسي جديد يبلغ 13.4 مليون برميل يوميا في السنة المقبلة، وهو أمر مذهل نظرًا لأن الإنتاج كان عند أدنى مستوى له في سنة 2008 في حدود 3.8 مليون برميل يوميا.
وتتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن يرتفع الإنتاج الأمريكي وإنتاج الدول غير الأعضاء في منظمة "أوبك" بمقدار 5 ملايين برميل يوميا بحلول سنة 2028، وهو ما يتجاوز الارتفاع في الطلب العالمي ويترك لأوبك حصة متضائلة. ويشير هذا إلى أن السعوديين يفرضون سعرا مرتفعا بما يخدم مصلحتهم.
وأوضح هانسن أنه "إذا تجاوز سعر برميل النفط 100 دولار فسوف يسبب ذلك اضطرابا في صفوف المشترين". وربما يكون تراجع أسعار النفط في قطاع النقل بسبب السيارات والحافلات الكهربائية أقرب مما تصوّره أي شخص تقريبا. وربما تكون منظمة "أوبك" على أعتاب الانهيار.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية النفط السعودية أسعار النفط السعودية الولايات المتحدة النفط روسيا أسعار النفط سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مبیعات السیارات الکهربائیة ملیون برمیل یومیا الطلب العالمی على النفط
إقرأ أيضاً:
ديسبروسيوم.. المعدن النادر الذي يهدد مستقبل السيارات الكهربائية
سلطت صحيفة "وول ستريت جورنال" الضوء على المعدن الأرضي النادر ديسبروسيوم، الذي يُستخدم في المغناطيسات بمحركات السيارات الكهربائية، ويُعد من بين الصادرات التي خفضت الصين حجمها ردًا على حرب التجارة مع ترامب.
ويأتي 90 بالمئة من هذا المعدن النادر من الصين ذو الرقم الذري 66 وله لمعة معدنية فضية.
ويُستخدم معدن ديسبروسيوم في المغناطيسات التي تشغل مجموعة واسعة من الأجهزة، بدءًا من المعدات الطبية وحتى محركات السيارات الكهربائية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21" إنه في إطار ردها على الرسوم الجمركية الأمريكية، قامت الصين بتقليص صادرات عدة معادن نادرة ومغناطيسات هذا الشهر، مما أثار حالة من الذعر بين شركات السيارات الأمريكية. وأوضح أحد كبار التنفيذيين في صناعة السيارات: "لا يمكنك بناء المحرك دون المغناطيس. إذا أردنا أن يستمر إنتاج السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة، يجب حل هذه المشكلة".
وبموجب القواعد الجديدة التي فرضتها الصين، يتعين على الشركات الأمريكية التقدم للحصول على ترخيص لتصدير هذه المعادن من الصين، وهي عملية قد تستغرق عدة أشهر وتترك شركات السيارات في حالة من عدم اليقين بشأن قدرتها على تجديد مخزوناتها من هذا المعدن الثمين.
وبينما صرح الرئيس ترامب بأن إدارته على تواصل مستمر مع بكين بشأن التجارة، لم يكن من الممكن تحديد ما إذا كانت هذه المناقشات ستؤدي إلى تخفيف الصين لموقفها بشأن هذه الصادرات الخاصة.
وأضافت الصحيفة أن إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، قال مؤخرًا إن نقص المغناطيسات قد يعوق خطط الشركة لبناء الروبوت البشري "أوبتيموس" في مصنعها بالقرب من أوستن، تكساس.
وقال ماسك في مكالمة الأرباح هذا الشهر: "نأمل أن نحصل على ترخيص لاستخدام المغناطيسات الأرضية النادرة". وأضاف: "الصين تريد بعض الضمانات بأن هذه المغناطيسات لا تُستخدم لأغراض عسكرية، وهو أمر غير صحيح بالطبع".
وأفادت الصحيفة أن المغناطيسات، المعروفة أيضًا بالمغناطيسات الدائمة، تُستخدم في الجزء الدوار من محرك السيارة الكهربائية الذي يدير العجلات. وبينما تحتوي محركات السيارات الكهربائية من تسلا على هذه المغناطيسات الأرضية النادرة، أعلنت الشركة أنها تعمل منذ سنوات على تطوير نسخة لا تعتمد عليها.
وبينت الصحيفة أن الديسبروسيوم هو معدن أرضي نادر تم اكتشافه في 1886 من قبل كيميائي فرنسي، وأُطلق عليه هذا الاسم بناءً على الكلمة اليونانية التي تعني "صعب الحصول عليه".
ورغم استخراج الديسبروسيوم في الصين وميانمار وأستراليا والولايات المتحدة، فإن تحويله إلى مادة قابلة للاستخدام يعد عملية مكلفة ومتعددة الخطوات، مع تركيز الخبرة في تنقيته في الصين.
وأشارت الصحيفة إلى أن المحللين يقدرون أن الشركات خزنت ما يكفي من المغناطيسات لتلبية احتياجاتها حتى نهاية مايو/أيار، مع صنع نحو 900,000 سيارة كهربائية في الولايات المتحدة العام الماضي وفقًا لبيانات الحكومة الأمريكية و"موتور إنتليجنس".
وذكرت الصحيفة أن أسعار هذه العناصر شهدت زيادة كبيرة، حيث ارتفع سعر التيربيوم، وهو معدن أرضي نادر آخر يُستخدم في المغناطيسات، بنسبة 25 بالمئة هذا الشهر، وفقًا لنيها موخيرجي، المحللة الصناعية في "بينشمارك مينيرال إنتليجنس".
وقالت غريسلين باسكاران، مديرة في "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" في واشنطن: "تُستخدم المعادن الأرضية النادرة في كل شيء تقريبًا يعمل بالكهرباء، حيث الاستخدام الرئيسي لهذه المعادن هو المغناطيسات الدائمة".
ووفق الصحيفة فإن المعادن الأرضية النادرة تتوفر بكثرة في الطبيعة، ولكن من الصعب تنقيتها إلى شكلها النقي. وتشكل هذه المعادن الأساس للعديد من تقنيات العصر الحديث، حيث تدخل في مكونات كل شيء بدءًا من الأقمار الصناعية والطائرات المقاتلة وصولًا إلى أجهزة التصوير المقطعي وراديوات هواتف آيفون.
وأوضحت الصحيفة أن صانعي السيارات يجرون حاليًا مراجعة لقوائم قطع الغيار الخاصة بهم للبحث عن الأجزاء المتأثرة بهذه المعادن. وقد اكتشفوا وجودها في شاشات لوحة القيادة، والمكابح، وناقلات الحركة، ومساحات الزجاج الأمامي، وحتى بعض المصابيح الأمامية.
ولفتت الصحيفة إلى أن الصين تعد مصدرًا لأكثر من 90 بالمئة من إمدادات المعادن الأرضية النادرة في العالم، وحتى الآن لم تتمكن أي دولة أخرى من إنتاجها بنفس الحجم والتكلفة، وفقًا للخبراء.
وأشارت الصحيفة إلى أن باسكاران قد عملت على لفت الانتباه إلى خطر الأمن الوطني الذي تشكله الهيمنة شبه الكاملة للصين على المعادن الأرضية النادرة على مدار سنوات، وهي الآن تجد نفسها تحت الأضواء في وقت تتسابق فيه الشركات وصناع السياسات للعثور على استجابة. قالت باسكاران: "لم أكن أعتقد أبدًا أنني سأكون محط اهتمام".
ونوهت الصحيفة إلى أن الفوضى المحتملة التي قد يسببها تباطؤ أحد حلقات سلسلة توريد السيارات يظهر مدى اعتماد صناعة السيارات الحديثة على التجارة العالمية. كما يُظهر أيضًا كيف أن الجهود التي بذلتها إدارة ترامب لإعادة عكس عقود من العولمة تكشف عن ثغرات في الصناعة الأمريكية يصعب ملؤها.
وفي كثير من الحالات، تمكن صانعو السيارات من العثور على قطع غيار لا تستخدم المواد الأرضية النادرة، ولكن لا توجد بدائل فعالة لاستخدامها في مغناطيسات المحركات الكهربائية.
وأحد الخيارات المتاحة هو العودة إلى تقنية قديمة تستخدم المغناطيسات الكهربائية، التي كانت تشغل النسخ الأولى من سيارة تسلا موديل "إس" الفاخرة. إلا أن الشركة تخلت عن تلك المحركات لأن المغناطيسات الأرضية النادرة كانت أكثر كفاءة، مما يسمح للسيارات الكهربائية بقطع مسافات أطول باستخدام نفس الشحنة.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن ميزة الصين تكمن في أنها بدأت في التعدين واستخراج هذه العناصر الثمينة منذ وقت طويل، مما يجعل من الصعب بناء مصادر بديلة.
ووفقًا لما ذكرته موخيرجي من "بينشمارك مينيرال إنتليجنس"، فإن تكلفة استخراج المعدن في منجم بالصين من خام إلى أكسيد تتراوح بين 11 و15 دولارًا للكيلوغرام. وأضافت أن تكلفة المنجم في البرازيل تتراوح بين 35 و40 دولارًا للكيلوغرام، بينما ستكون التكلفة أعلى في الولايات المتحدة أو أستراليا.
كما لفتت باسكاران إلى أن هناك أجزاء رئيسية من عملية التكرير التي تقتصر معرفتها على الشركات الصينية فقط، قائلة: "إنها مشكلة تتعلق بالتراخيص، والمعلومات الفنية، والمشكلات التقنية".