بغداد اليوم -  كربلاء 

في السنوات الأخيرة تحول العراق الذي كان يوصف بـ"معبر" للمخدرات فيما سبق، إلى "سوق" لها إثر دخول شحنات مليونية من الحبوب المخدرة والكريستال والحشيشة إلى البلاد سواء بالتهريب أو "الترتيب"، وعبارة "المخدرات أخطر من الإرهاب" تكررت على ألسن جميع رؤساء الوزراء الذين "لم يوفق" أحد منهم بوقف تدفقها إلى العراق طيلة السنوات العشر الماضية، لتستمر إلى اليوم وتغزو محافظات كانت قبل حين ليس ببعيد "شبه فارغة" من تلك الآفة.

وتضع السلطات الأمنية بين تارة وأخرى يدها على كميات "مُذهلة" من الحبوب المخدرة والكريستال الذي يوزن بالكيلوغرام، في حين تصادمت قوات أمنية وفي أكثر من موقع وموقف بالسلاح مع تجار قرروا أن يواجهوا السلطة بالنار للذود عن سمومهم التي يتاجرون بها.

نسبة نسائية

كربلاء لم تخلُ من تدفقات آفة المخدرات هي الاخرى، حيث تقرّ الشرطة المجتمعية في المحافظة، بوجود حالات تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية، لكنها ليست بالعدد الكبير، وترى إن عدد من المدمنين يقصدونا بهدف العلاج، فيما تكشفت دائرة صحة المحافظة إن أغلب المتعاطين هم فئة الشباب وتشكل النساء منهم نسبة (30%)، وشددت على ضرورة إنشاء مصحات خاصة لهم. 

ويقول مدير قسم الشرطة المجتمعية في قيادة شرطة كربلاء، العقيد علاء عزيز الغزالي، إن حالات تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية موجودة فعلياً قبل عام 2003، وعددها زاد ما بعد هذا التاريخ، لكنه ليس كبيراً على مستوى محافظة كربلاء، وإن هناك تهويل إعلامي في هذا الجانب.

ويذكر الغزالي في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن المادة (40) من قانون رقم (50) لسنة 2017 الخاص بالمخدرات، سمحت لمتعاطي المخدرات غير المتاجر أو الممول أو الناقل، العلاج على نفقة الدولة والخضوع لعملية التأهيل والإستطباب من المخدرات، تحت إشراف أطباء إختصاص، مردفاً إن بعض متعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية يقصدوننا وعددهم ليس كبير، ونعمل على توعيتهم وتخليصهم من الإدمان بالتعاون مع المؤسسات الصحية الحكومية ومديرية مكافحة المخدرات".


"وتجمع مصادر أمنية وحكومية رفيعة على أن تعاطي المخدرات في العراق -خصوصا إقليم كردستان العراق- بات أكبر تهديد يواجه البلد، فلم يعد التعاطي مقتصرا على بضعة آلاف في مدن محددة، بل انتشر في كل مناطق البلاد التي تحولت إلى مركز رئيسي للترويج والتعاطي بعد أن كانت لعقود من الزمن تصنف مجرد معبر للمخدرات"

وتكشف تقارير رسمية عن ضبط عشرات الأطنان وملايين من أشرطة المواد المخدرة خلال العامين الأخيرين، وسجلت اعتقال أكثر من 43 ألف شخص بتهم تتعلق بالمخدرات بين عامي 2019 و2022.


رغبة بالتخلّص 

ويوضح، إن" نسبة كبيرة من التعاطي الموجود حالياً هي للمؤثرات العقلية وليس المخدرات، وهناك تنسيق عالي المستوى مع نقابة الصيادلة ومتابعة صرف هذه الأدوية من قبل الصيدليات، مشيراً إلى إن كثير من المتعاطين يرغبون بالتخلص من الإدمان لكنهم يخشون الوصول إلى المؤسسات الحكومية وعادة ما يتوجهون مباشرة إلى مختصي الطب النفسي".

وفي الشأن ذاته يعلن مدير مكتب الصحة النفسية في دائرة صحة كربلاء، د. عامر الحيدري، إن دائرته تستقبل في إحدى مستشفيات المحافظة عددًا من المتعاطين للمؤثرات العقلية والمخدرات، الراغبين بالعلاج والتخلص من الإدمان، لكن الأغلب من هذه الفئة يتوجهون للعيادات الخاصة بالأمراض النفسية، خشية تعرضهم للمساءلة القانونية في المستشفى أو للحفاظ على سريتهم، كاشفاً عن إن الأغلب من متعاطي المخدرات هم من فئة الشباب، وإننا في العيادات الخاصة نستقبل بمعدل حالتين يومياً، وإن نسبة (30%) منهم من النساء".

ردهة واحدة

ويضيف الحيدري في حديثه مع "بغداد اليوم"، إن" رغبة المدمن بالعلاج ذاتياً، تساعد كثيراً في سرعة معالجته بالمقارنة مع من يُجلب دون رغبته، ونحن عادة نستقبل من هذين الصنفين، وإن إستجابتهم ضعيفة للعلاج، نتيجة حصول إنتكاسات نفسية لدى كثير منهم، عازياً تفشي ظاهرة تعاطي المخدرات لضعف الجانب النفسي والتربية والعنف والمشاكل الاسرية والبطالة وأصدقاء السوء". 

ويستطرد الحيدري، إن" في المستشفى لدينا ردهة لعلاج المرضى النفسيين ومعهم المدمنين وهذا ليس صحيحاً، وينبغي أن يكون هناك مركزاً خاصاً لفئة المدمنين، تُطبق فيه برامج تأهيلية محددة ومختلفة عن برامج معالجة الأمراض النفسية، مقراً بوجود ارتفاع في مؤشر تعاطي المخدرات والمؤثرات العقيلة في الوقت الحالي، وهناك حاجة كبيرة لمصحات خاصة بمعالجة المدمنين، وإن وزارة الصحة لديها مساعي لإنشاء مستشفى لعلاج مدمني المخدرات.

مليون حبة

بدوره، يقول مدير إعلام مديرية مكافحة المخدرات في وزارة الداخلية العراقية العقيد بلال صبحي إن الأجهزة الأمنية قبضت عام 2019 على 6074 متهما بتجارة وتعاطي المخدرات، فيما بلغ العدد 7514 شخصا في عام 2020، مع ضبط أكثر من 300 كيلوغرام من المواد المخدرة وأكثر من 14 مليون حبة كبتاغون.

وارتفعت الأرقام سنة 2021، ليبلغ عدد المقبوض عليهم 12 ألفا و822 شخصا، بينهم 60% كانوا تجار مخدرات، وضُبط 481 كيلوغراما من المخدرات ونحو مليوني حبة كبتاغون.

وأشار العقيد بلال إلى زيادة كبيرة في عام 2022، إذ تم اعتقال 16 ألفا و851 متهما بتجارة وترويج المخدرات تراوحت أعمار أغلبيتهم بين 18 و30 سنة، بينهم 500 دون سن الـ18، و250 امرأة وفتاة، مع ضبط 490 كيلوغراما من مادة الكريستال و15 مليون حبة كبتاغون.

وتفيد هذه الأرقام بوجود ملايين المتعاطين في البلاد، بحسب المحامي حسن عبد الله المتابع لقضايا المخدرات والذي يقول "إذا افترضنا أن نصف عدد المعتقلين هم مروجون فنحن أمام كارثة إذا كان كل واحد منهم يزود عشرات من الأشخاص بالمواد المخدرة".

وتتفق المصادر الأمنية -التي تواصلنا معها- على أن الهيروين والحشيش والحبوب المخدرة والكريستال هي من أكثر الأنواع انتشارا اليوم في إقليم كردستان العراق.

 

المصدر: بغداد اليوم + الجزيرة

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: بغداد الیوم أکثر من

إقرأ أيضاً:

العراق يعتمد استراتيجية المدن الدوائية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الأدوية - عاجل

بغداد اليوم – بغداد

كشفت لجنة الخدمات النيابية، اليوم الثلاثاء (28 كانون الثاني 2025)، عن اعتماد حكومة السوداني استراتيجية المدن الدوائية، التي تهدف إلى تحقيق ثلاثة أهداف إيجابية على مستوى العراق.

وقال عضو اللجنة باقر الساعدي لـ"بغداد اليوم"، إن "حكومة السوداني تدرك أهمية تأمين الأدوية للمؤسسات الصحية في بغداد وبقية المحافظات، خاصة أن فاتورة استيراد الأدوية من الخارج باهظة وتصل إلى مليارات الدولارات، خاصة الأدوية النادرة".

وأضاف، أن "استمرار هذه الفاتورة دون حدود سيكون لها ارتدادات سلبية على ميزانية البلاد المالية، لا سيما أن الظروف مهيأة لإعادة تطوير أنواع كثيرة من الأدوية عبر خلق شراكات واستثمارات داخل العراق".

وأشار إلى أن "حكومة السوداني تسعى إلى جذب استثمارات من خلال الانفتاح على عواصم من 10 إلى 14 دولة عبر شركات متخصصة بهدف الوصول إلى مرحلة الاكتفاء من الأدوية خلال فترة لا تتجاوز خمس سنوات، وفق استراتيجية تأخذ بالحسبان تأمين 40 إلى 60 بالمئة من الأدوية والعقاقير المهمة".

وتابع الساعدي، أن "المرحلة الثانية من الاستراتيجية ستكون الانتقال إلى الأدوية النادرة وغالية الثمن، وذلك لتقليل فاتورة الاستيراد"، مشيرًا إلى أن "افتتاح أحد المصانع قبل أشهر سيكون خطوة أولى، تليها خلال عام 2025 افتتاح مصانع أخرى".

وأكد أن "الحكومة تسعى إلى خلق مدن صناعية دوائية في خمس محافظات بضمنها العاصمة بغداد عبر شركات محلية ودولية، مع اعتماد مبدأ تطوير صناعة الأدوية". 

كما أكد النائب الساعدي على دعم "شركة سامراء الوطنية المتخصصة في صناعة الأدوية، التي تعتبر من الركائز المهمة، خاصة وأن خبرتها تمتد لعقود طويلة، ما يعزز إمكانياتها في توفير عدد كبير من الأدوية والعقاقير خلال الفترة المقبلة".

ولفت إلى أن "تأمين الأدوية يعد من الأولويات التي تعتمدها حكومة السوداني، وقد بدأ بالفعل الانفتاح على الشركات الدولية، حيث كان ملف الأدوية من بين الملفات التي تم مناقشتها خلال زيارات الحكومة الخارجية لجذب الشركات والاستثمارات إلى البلاد".

وكان المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، أعلن يوم السبت (19 تشرين الأول 2024) عن إحصائية رسمية بالصناعة الدوائية بعد تبني الحكومة دعم توطينها.

وذكر بيان للمكتب الإعلامي في بيان تلقته "بغداد اليوم"، إن "(18) مصنعاً دوائياً قيد الإنشاء حالياً، وصلت الى مراحل مختلفة، بعضها تم بنسبة 98%، بالإضافة الى (76) طلباً جديداً من قبل القطاع الخاص لإنشاء مصانع جديدة للأدوية والمستلزمات الطبية، باستخدام التكنولوجيا الحديثة".

وأضاف أن "عدد المصانع الدوائية لغاية نهاية عام 2022 كان (24) مصنعاً منذ إقامة أول مصنع في العراق عام 1956، بما فيها شركة أدوية سامراء، وكانت تعمل بطاقات متدنية، وتغطي بحدود 10% من حاجة البلد للأدوية"، مشيراً الى أن "عدد العقود الموقعة مع وزارة الصحة لعام 2023، بلغ 554 عقداً، بمبلغ 408 مليارات دينار، و251 عقداً ( لغاية اليوم من عام 2024)،بمبلغ 454 مليار دينار، مقارنة بعقود عام 2022 التي بلغت (144) مليار دينار فقط".

وتابع البيان، أن "(1212) دواء، جرى تسجيلها بصناعة وطنية ، لغاية نهاية عام 2022، فيما تضاعف عدد الأدوية المسجلة بصناعة وطنية، والمنتجة من قبل المصانع الوطنية بعد برنامج توطين الصناعة الدوائية، ووصل العدد الى (1725) دواء، اشتملت على أدوية جديدة تنتج لأوّل مرّة، منها: (28) دواء لمعالجة ارتفاع ضغط الدم و(28) دواء لمعالجة مرض السكري من النوع الثاني و( 24 ) نوعاً من المضادات الحيوية و( 14 ) مضاداً حيوياً، إضافة الى أدوية جرى تسجيلها لأوّل مرّة".

وأوضح، أن "العمل تضمن البدء بنقل التكنولوجيا لأدوية مهمة منها (8) أدوية من نوع بايوسملر لمعالجة الأمراض النادرة و(18) نوعاً لأدوية معالجة السرطان وتجاوزت نسبة تغطية الأدوية المنتجة محلياً 35% مقارنة بـ 10% عند بدء برنامج التوطين".

مقالات مشابهة

  • العراق يتعاون مع 8 دول في المنطقة لإسقاط شبكات تهريب المخدرات
  • العراق يتعاون مع 8 دول في المنطقة لإسقاط شبكات تهريب المخدرات - عاجل
  • براءة الراقصة دوسة من تهمة تعاطي المخدرات والتحريض على الفجور
  • السجن سنة وغرامة 10آلاف لعاطل في تعاطي المخدرات بالمطرية
  • ظاهرة انتشار المطاعم في العراق.. نشاط تجاري مشروع أم واجهات لغسيل الأموال؟ - عاجل
  • تفكيك شبكة دولية لتهريب المخدرات في البصرة واعدام تسعة تجار في بغداد
  • إعلان انخفاض نسبة الفقر والبطالة في العراق.. هل يعكس الواقع الكامل على الأرض؟ - عاجل
  • العراق يعتمد استراتيجية المدن الدوائية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الأدوية - عاجل
  • العراق يسعى لتوطين 20% من الصناعات الدفاعية بمشاركة 9 دول - عاجل
  • جنسيات من 4 قارات.. طواف العراق الدولي يغادر البصرة قاصداً كربلاء (صور)