الصدق منجاة للشخص الصادق هو وذريته من بعده، يقول الله وتعالى: (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا [النساء: 9].
والصدق حياة؛ وذلك لأن الإنسان الكاذب يُعتبر إنسانًا ميتًا؛ لأن كذبه يجعله يعيش حياة مزيفة، لا وجود لها في الحقيقة، وهو الذي قتل نفسه بنفسه؛ لأن الله سبحانه وتعالى جبل أنفسنا على الصدق، والصدق صفة لازمة للمؤمن لا تفارقه، يقول الله تعالى في وصف المؤمنين: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) [المؤمنون: 8].
واعتبر علماء الأخلاق الصدق من أفضل الصفات الإنسانية على الإطلاق، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) [الأحزاب: 70].
الصدق من صفات الله تعالى، قال جلت قدرته: ﴿ قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [آل عمران: 95]، وقال جل شأنه: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ﴾ [النساء: 122]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ﴾ [النساء: 87].
الصدق صفة لازمة للأنبياء والرسل؛ فقد كانت قريش تسمي سيدنا محمد "صلى الله عليه وسلم" قبل البعث بالصادق الأمين، وما من رسول أو نبي إلا وصفه الله تعالى في كتابه الكريم بالصدق. وصف الله سبحانه وتعالى سيدنا إبراهم عليه السلام: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا [مريم: 41]. وقال سبحانه وتعالى في سيدنا إدريس عليه السلام: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا[مريم: 56].
وأثنى الله على سيدنا إسماعيل عليه السلام فقال: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا) [مريم: 54]. ووصف سيدنا يوسف عليه السلام بالصدق: (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ) [يوسف: 46]. وأمر الله تعالى رسوله الكريم محمد "صلى الله عليه وسلم" أن يدعو ربه بأن يجعل مدخله ومخرجه على الصدق: (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا) [الإسراء: 80].
وقال السعدي في تفسير قوله: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ). [الزمر: 33]: أي: في قوله وعمله، فدخل في ذلك الأنبياء ومن قام مقامهم، ممن صدق فيما قاله عن خبر الله وأحكامه، وفيما فعله من خصال الصدق وَصَدَّقَ بِهِ أي: بالصدق؛ لأنه قد يجيء الإنسان بالصدق، ولكن قد لا يصدق به، بسبب استكباره، أو احتقاره لمن قاله وأتى به، فلا بد في المدح من الصدق والتصديق، فصدقه يدل على علمه وعدله، وتصديقه يدل على تواضعه وعدم استكباره). والمؤمن الحق لا يكذب قَالَ رَسُولُ الله "صلى الله عليه وسلم": "عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وإِيَّاكُمْ والْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. والصدق مع الله هو أعظم قيمة ترفع شأن الإنسان في الحياة وبعد الممات، وهو شأن المؤمنين الصادقين مع ربّهم؛ فهم إذا عاهدوا الله صدقوا ما عاهدوا الله عليه مهما تكن قيمة البذل وحجم التضحيات، ويقول فيهم الله تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا) (الأحزاب/ 23). اللهم اجعلنا من الصادقين فى القول والعمل، وأعنا على الوفاء بالعهد والعهود، واجعلنا ممن إذا ائتمنوا لم يخونوا إنك على كل شيء قدير وحسبنا الله ونعم الوكيل.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الصدق في الإسلام الإسلام مزيفة ی ه د ی إ ل ى ال سبحانه وتعالى علیه السلام الله تعالى الله علیه الله ع
إقرأ أيضاً:
"الكورة في ملعبها".. أمين الفتوى يوضح حكم طلب الطلاق للمرأة التي تزوج عليها زوجها
أجاب الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على تسأل حول هل يحق للمرأة التي تزوج عليها زوجها طلب الطلاق؟.
اعرف طرق تغيير قيد الزواج أو الطلاق في بطاقة الرقم القومي تعرف على شروط قبول دعوى الطلاق للهجر وإجراءات رفعها؟وقال "عثمان"، خلال حواره ببرنامج "الدنيا بخير" المذاع عبر فضائية "الحياة"، اليوم السبت، لصاحبة السؤال: "الكورة في ملعبك شوفي أنتي عايزة إيه، الشرع لم يضيق عليكي الخناق وقال لكي لازم تعيشي وتمرضي نفسيًا، الشرع لم يأمر بالتحمل".
وتابع أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن عقد الزواج عقد مشترك، ولو أحد الطرفين يرى أنه غير قادر على تحمل الضغطو عليه أن ياخذ جانب حتى لا يمرض نفسيًا، مناشدًا أي شخص يقدم على الزواج للمرأة الثانية أن يفكر في شريكه الأخر ومدى تعلقه به، وهو شيء مهم له في حياته، منوهًا بأن بعض السيدات توجهوا لأطباء نفسيين للعلاج بسبب زواج زوجها بأخرى، مناشدًا المرأة بالتحمل وعدم هدم الأسرة، فهذا يكون ابتلاء وعليها الصبر عليه للحفاظ على بيتهما.