الأخ الناظر متى ستعيد الطنجرة والسجادة …؟؟
تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT
(1)
عندما كنا طلاباً بمدرسة خور عمر الثانوية القومية بالخرطوم ؛ طرأ لي طاريء إستدعى معه خروجي. معلوم ان بالمدرسة العسكرية نظام صارم لا يسمح للطلاب بالخروج إلا مرة كل ثلاث أسابيع - حيث تقوم مركبات المؤسسة العسكرية بنقل الطلاب الي المحطة الوسطى بكل من الخرطوم و ام درمان و بحري بتوقيت الساعة الثالثة ظهرا من يوم الخميس ، منها يذهب كل طالب الي أهله أو اقربائه بإحدي المدن الثلاث ، على ان يعود الي المحطة ذاتها في التوقيت نفسه من يوم الجمعة لنقلهم الي المدرسة الداخلية.
بينما كنت أهم بالخروج تبين لأحد زملائي إختفاء جهاز العزف( اورغن) الخاص به.
شعرت بحرج بالغ رفضت معه المغادرة رغم إلحاح زملائي بالعنبر( الغرفة) .
كنت لألغي خروجي في ذلك اليوم رغم حاجتي إليه.
بعد تفتيش و تحري دقيقين من قبل المشرفين ؛ اتضح ان احد الزملاء قد قام بالتصرف المشين و الذي فصل لاحقاً من المدرسة بعد تكرار فعلته ثانية.
السودانيون في غالبيتهم الأعم و بإستثناء (بعض أهل نظام الإنقاذ) معروف عنهم بغضهم للسرقة - (ممتلكات الناس أو الدولة).
و لأن المدرسة كانت قومية؛ و معروف ان إنتماء الفرد يبدأ تصاعدياً بأسرته، فمجموعته الإثنية ، بلدته، اقليمه ثم وطنه الكبير (وهو تاج الإنتماءات ). هذا بجانب العقيدة و غيرها ؛ شعرت في إختفاء ذلك الجهاز في ذاك التوقيت مس مباشر لشرفي الشخصي على التسلسل المذكور .
(2)
نزف اي جزء من السودان هو نزيف الوطن بأكمله ، ألمه في قلوب جميع بناته و ابنائه.
برغم ذلك فإن الكابوس الذي حل بالخرطوم منذ منتصف ابريل الماضي ؛ ظل عملا يومياً إعتيادياً بقرى أقليم دارفور منذ عام 2004. عندما قام نظام الجبهة الاسلامية بتدريب و تجييش الأميين المحليين و إستجلاب المرتزقة من دول غربي افريقيا لتنفيذ سياسة الأرض المحروقة.
من غرائب الجرائم التي إرتكبها هؤلاء القادمون من كوب غير كوكبنا؛ أنهم أحياناً يقتربون من القرية التي يريدون حرقها و إبادة أهلها
لكن و لأن الظلام يكون دامساً كانوا ينتظرون حتى موعد أذان الفجر، مع إنطلاق صوت المؤذن يطلقون وابل أسلحتهم الثقيلة و التي زودهم بها المخلوع عمر البشير نحو مصدر الصوت و لفترة حتى يسكتوا كل صوت لصراخ الكبار أو الصغار أو أنين البهائم .
هكذا ظلت معاناة اهليكم في دارفور لما يقارب العقدين من الزمان.
و ما قاموا به في مدينة الجنينة هو ما ينتظر جميع مدن السودان !!
(3)
بالأمس الاول تعهد السيد/ بكاري سنغاري وزير خارجية دولة النيجر بالتعاون مع السلطات السودانية لإعادة الممتلكات العامة و الخاصة التي نهبت من السودان إذا ما وصلت تراب بلاده.
و للإنتماء التصاعدي الذي ذكرته ؛ شعرت بإلعار و أنا أشاهد صور السيارات المدنية المسروقة و هي تحمل الاثاثات المنزلية المنهوبة متجهة صوب غرب السودان.
و لأن ثمة ناظر كان قد توعد السودانيين ( و لا اقول اهل الخرطوم) بيوم كيومنا هذا قبل الحرب بأشهر قليلة و ذلك في معرض دفاعه القبلي الأعمى عن الأخ الراحل حميدتي؛ وددت ان أسأله إن كان بإمكانه إرجاع الطناجر و غيرها من الأدوات الطبخ التي أخذت من بيوت المواطنين في الخرطوم.
هذا... ناهيك عن المقتنيات النسوية و السيارات و غيرها من ممتلكات الغير.
ليت الناظر يسمعني !!
بل ليته يعلم أن الحرب ستنتهي و السلام سيعم أرجاء وطننا دون ان تسوى الخرطوم بالأرض و أننا و بحوله تعالى سنعيد بناء بلادنا في ظل حكومة مدنية ديمقراطية، يتساوى فيها الجميع و تتساوى الفرص!!
د. حامد برقو عبدالرحمن
NicePresident@hotmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
رمضان يخفف من قساوة التحديات التي يواجهها رواد الأعمال السودانيون
لم يجد رجل الأعمال مشعل محمود محمد مناصا من مغادرة الخرطوم بحري بعد اندلاع الحرب في السودان منتصف أبريل/نيسان 2023، متوجها إلى إثيوبيا.
كان مشعل يعمل في الخرطوم بالاتجار بقطع غيار آليات الورش، ونجح في تحقيق أرباح جيدة، وظل يعمل في هذا المجال حتى اندلاع الحرب، حيث خسر معارضه التجارية ومنزله وسياراته.
يقول مشعل لـ"الجزيرة نت" إنه خسر كل شيء، حيث سُرقت جميع محلاته ومعرضه في مدينة بحري (شمالي العاصمة)، مما دفعه إلى المغادرة في مايو/أيار 2023.
وبعد وصوله إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا برفقة أسرته، فكر على الفور في العودة إلى مجاله السابق، لكنه واجه واقعا تجاريا مختلفا تماما عن السودان من حيث رأس المال والإجراءات.
وبعد تفكير، يقول مشعل إنه اتخذ قرار افتتاح مطعم لإعداد الوجبات السودانية، خاصة أن الفترة تلك شهدت وصول أعداد كبيرة من السودانيين إلى إثيوبيا لاستكمال إجراءات السفر إلى دول أخرى.
وخلال شهر رمضان من العام الماضي، كان مطعم مشعل يلبي طلبات مواطني بلاده على الإفطار والعشاء بأطباق سودانية ذائعة الصيت، لاقت رواجا كبيرا، خاصة مع تقديم المشروبات الرمضانية السودانية المعروفة، ومنها "الحلومر".
إعلانويوضح مشعل لـ"الجزيرة نت" أن طبيعة العمل كانت في البداية صعبة للغاية في ظل الحاجة إلى تحضيرات متواصلة من دون توقف أو إجازات، حيث كان لزوجته الدور الأكبر في إدارة العمل وتحريكه بشكل رئيسي، ولذلك قرر تسمية المطعم بـ"البيت السوداني"، لأن زوجته تعدّ الطعام كما تفعل في المنزل.
وبالعودة إلى بداية العمل، يرى مشعل أنه كان مزدهرا، حيث كان عدد السودانيين كبيرا، لكنه تراجع حاليا مع تناقص الأعداد وتراجع أرقام العابرين إلى دول أخرى. ومع ذلك، يقول رجل الأعمال الشاب إن الأمور لا تزال تسير على ما يرام، إذ يستعد خلال شهر رمضان الحالي بتحضيرات نوعية، كما يسعى إلى جذب الإثيوبيين وغيرهم لتجربة الطعام السوداني.
ويقول رجل الأعمال خالد بيرم، الذي يشغل أيضا منصب أمين مكتب الشؤون الخارجية للغرفة التجارية بمحلية عطبرة بولاية نهر النيل شمال السودان، إن رمضان هو شهر الخير والبركة، وينعكس كرمه على الجميع.
ويؤكد لـ"الجزيرة نت" أن الحركة التجارية في الشهر الفضيل تُعرف بـ"الموسم"، حيث تزدهر بشكل ملحوظ ويتعاظم الطلب على سلع ومنتجات مختلفة.
ويضيف: "الأعمال والتجارة بشكل عام في السودان خلال الشهر الفضيل تكون في حالة انتعاش ونمو، وتبدأ دائما قبل حلول شهر رمضان بـ10 أيام تقريبا، أو حتى اليوم الذي يسبق بدايته، حيث تشهد الأسواق حركة مكثفة ونشطة".
ويوضح أنه عندما يتعلق الأمر بالمواد الغذائية، فإن الناس يكونون على استعداد لشرائها، وغالبا ما ترتفع أسعارها.
أما فيما يتعلق بالغرفة التجارية في عطبرة، فيشير بيرم إلى أن التجار يقومون بتجهيز سلال للصائمين، تحتوي على المواد الغذائية الأساسية للصائم، كما يقوم بعض التجار بإخراج سلال إضافية لرمضان من أموالهم الخاصة.
إعلانويؤكد بيرم أن هناك حركة واسعة للأموال والتجارة والبضائع، وهذا يزيد الأرباح والدخل، مشيرا إلى أنه كلما زاد الدخل، زاد الإنفاق على الفئات الضعيفة من خلال الصدقات والإكراميات والسلال الغذائية وزكاة الفطر والتبرعات.
ويستطرد قائلا: "اسم رمضان كريم لم يأتِ من العدم، الله يوفّر احتياجات الناس، وهناك حالة من السعادة بين الجميع، بما في ذلك التجار ورجال الأعمال".
صعوبات جمةلمجموعة "أبو الفاضل بلازا" في السودان صيت خاص، خصوصا عند حلول شهر رمضان المبارك، إذ يُعتبر الموسم الذي ينتظره آلاف السودانيين للاستفادة من التخفيضات وشراء المستلزمات المنزلية، حيث تتميز المجموعة بالاستيراد الراقي والأسعار المناسبة.
لكن الحرب ألقت بظلالها القاتمة على المجموعة في كل فروعها المنتشرة في مدن الخرطوم الثلاث (الخرطوم، وأم درمان، والخرطوم بحري)، كما يقول هاشم أبو الفاضل لـ"الجزيرة نت"، حيث خسرت الشركة بضائعها بالكامل إما بالاحتراق أو السرقة أو النهب والتخريب، ولم يتمكنوا من إنقاذ أي شيء باستثناء البضائع التي كانت تحت التخليص الجمركي بالميناء.
ويروي هاشم لـ"الجزيرة نت" سلسلة معاناة صعبة عاشها رواد الأعمال في القطاع الخاص السوداني، بسبب الحرب التي اندلعت فجأة من دون أن يتمكن أصحاب الشركات، خاصة وسط العاصمة الخرطوم، من تدارك الأمر وإنقاذ ما يمكن من رأس المال.
ويشير إلى أن 90% من أصحاب الأعمال عادوا إلى نقطة الصفر، وفقدوا كل شيء تقريبا، ليصبح القطاع الخاص أكبر المتضررين من الحرب المستمرة منذ نحو عامين.
ومع ذلك، يقول هاشم إنهم حاولوا النهوض مجددا والعودة إلى العمل، ورفضوا الخروج بما تبقى من رأس المال إلى خارج البلاد، فقرروا افتتاح فروع جديدة للمجموعة في بورتسودان والعودة للعمل في أم درمان بعد تحسن الأوضاع الأمنية جزئيا.
إعلانلكنه يشكو من تعامل السلطات الحكومية، مشيرا إلى أنها تفرض رسوم جمارك وغيرها من الجبايات بأرقام فلكية، لا تراعي الخسائر الفادحة التي تكبدها القطاع الخاص، ولا تضع في اعتبارها حرص رجال الأعمال على المساهمة في إعادة الإعمار.
ويشبه هاشم أوضاعهم الحالية بمن يمشي على النار، لكنه رغم ذلك يؤكد أنهم حريصون على مواصلة العمل وتجاوز الصعاب الحالية.
خسائر كبيرةوإزاء الأوضاع الاقتصادية في السودان، يقول الخبير في الشؤون الاقتصادية عبد العظيم المهل للجزيرة نت إن القطاع الخاص السوداني خسر الكثير في هذه الحرب قدرت في القطاعين الصناعي والخدمي في الخرطوم بـ90%، وفي ولاية الجزيرة تصل نسبة الخسائر إلى 88% ، أما في ولايات دارفور عدا الفاشر فتقدر الخسائر بـ80% في القطاعين.
ويشير إلى أن تقديرات جملة خسائر القطاع الخاص في كل القطاعات بحوالي 130 مليار دولار 90% منها لا تخضع للتأمين.
ويرى أن القطاع الخاص بحاجة لوقت كي يعود للعمل لكنه يتوقع عودته بنحو أسرع من القطاع العام.
ويأسف المهل لخروج بعض رواد الأعمال في القطاع الخاص من السودان والهجرة للخارج بينما نزح آخرون داخليا وهو ما قد يؤدي إلى تشتت الصناعة والخدمات بعيدا عن العاصمة.
ويرى المهل أن الفجوات تطال كل القطاعات التي ستبدأ من نقطة الصفر ويردف إذا تم ذلك فسوف ينهض الاقتصاد السوداني خلال نحو 3 أعوام، مؤكدا إمكانية التعافي والنهضة في حال وجدت السياسات المستقرة والإدارة الواعية والتكنولوجيا الحديثة في كل المجالات متبوعة بالقبضة الأمنية القوية والاستقرار السياسي.