ضد الحرب “المليجيشية” فى السودان .. ما هذا يا وزير إعلام الحرب !!
تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT
مدار أوّل:
"ومن ظنّ مِمّن يُلاقي الحُروب ... بأن لا يُصاب.. فقد ظنّ عجزا" ((الخنساء - تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد))
-1-
أكتب اليوم صباح الأربعاء 27 سبتمبر 2023، ومازالت الحرب الكارثية "المليجيشية" بين الدعم السريع والجيش تتواصل وبشراسةٍ غير مسبوقة، فى الخرطوم، كما فى دارفور، وتمضي نحو المزيد من الإقتتال والإحتراب العبثي وبصورة جنونية بين قوات طرفي الإقتتال، دون أدني اكتراث لحياة المدنيين، وكافة الأعيان المدنية، وهو التزام يفرضه القانون الدولي الإنساني، وللأسف مازال الطرفان عاجزان – تماماً - عن الإيفاء به، إذ تستمر المواجهات الشرسة، وسط الأحياء السكنية، وتتصاعد موجات الاشتباك والقصف المتبادل بين طرفي القتال، وتزداد حِدّةً الاقتتال بصورة مروعة كل صباحٍ جديد، وتزداد المخاطر على المدنيين، الذين وجدوا أنفسهم محاصرين بين مطرقة قصف طيران الجيش، وسندان مسيّرات وآلة موت الدعم السريع!.
-2-
مع كل ذلك العنف والعنف المُضاد، تسيطر (البروباقاندا) الحربية على المشهد الإعلامي، ويجري ويتم الإستقطاب للحرب نهاراً جهاراً، وتتعالى أصوات الدعوة لمواصلتها، لتحرق نيرانها الأبرياء والمنشآت الخاصة والعامة، بما فى ذلك دور العِلم والمستشفيات وكافة المؤسسات الخدمية، لتصبح هذه الحرب اللعينة، حرب استنزاف لقدرات وطاقات الوطن، ولا – ولن - ينتج عنها سوى الإهدار الكامل لموارد يصعب إعادة تأهيلها فى القريب العاجل أو الغد البعيد !.
-3-
فى مناخ الحرب الكارثية هذه، يخرج علينا وزير الثقافة والإعلام "المكلّف" الدكتور جراهام عبد القادر – للأسف – فى تصريحات صحفية باهتة المبني والمعني، ليحدثنا – والبلاد والعباد فى حالة حرب وشقاء – بكلامٍ "خارم بارم"، يقول فيه أنّه إلتقى رئيس مجلس السيادة البرهان، وحدّثه و"نوّره" عن الجهود التي قامت بها وزارة الإعلام فى تبني الدعاية الحربية، بدلاً عن تنوير الناس بمخاطر حمي الضنك، وضرورة أخذ الحيطة والحذر اللازمين قبل انتشار وباء الكوليرا التي ظهرت منها حالات مثبتة معملياً، وفق معلومات موثوقة، لنقابة الأطباء السودانيين.. للأسف، يتحدث السيد الوزير حديثاً مُبهماً عن انجازات وزارته، بعيداً عن أيّ أرقام أو إحصائيات، تدعم ادعائه العجيب، ليكون تصريحه الصحفي "كلام ساكت" أو "كلام فاضي" !.
-4-
لنقرأ معاً، التصريح الصحفي الأخير للسيد الوزير، وهو بتاريخ (25 سبتمبر 2023) ونحكم بعد ذلك، للسيد الوزير، أو عليه، بما جرّه عليه لسانه من فارغ القول.. قال الدكتور جراهام: "أنّه أطلع رئيس مجلس السيادة على أداء وزارة الإعلام خلال المرحلة الماضية والملامح العامة لخطط وبرامج الوزارة" وأضاف أنه "قدم (تنويراً) لرئيس المجلس حول الجهود التي قامت بها أجهزة الإعلام الرسمية فى التصدي لـ(مليشيا) الدعم السريع (المتمردة) وتبصير الرأى المحلي والعالمي بالانتهاكات التى قامت بها المليشيا (الإرهابية) ضد المواطنين"، لافتاً إلى أنّ رئيس مجلس السيادة "ثمّن" الدور الكبير الذي ظلت تقوم به الوزارة وتصديها للـمليشيا الإرهابية على الدولة وقيامها بانتهاكات واسعة فى حق المدنيين والمرافق العامة" ...إنتهي التصريح الصحفي !.
-5-
هنا لا نملك سوى أن نقول سبحان الله مغير الأحوال من حالٍ إلى حال، سبحانه الذى غيّر لغة الخطاب الرسمي، تجاه الدعم السريع، أصدقاء الأمس، أعداء اليوم، فأصبح البرهان يدعو إلى تصنيفهم "مجموعة إرهابية"، بعد أن كانوا – بالأمس القريب – أحباب "يشكلون جزءاً مهماً من القوات المسلحة السودانية"، و"لهم دور فى حفظ الأمن داخل البلاد"....إلخ، وهذا ما قاله السيد البرهان حرفياً فى كلمةٍ له فى أم درمان، أمام "قوات درع الصحراء" التابعة للدعم السريع، فى احتفال مشهود بمنطقة أم درمان العسكرية فى مارس 2021 !.
-6-
تصريح وزير الإعلام، يذكرنا ويُعيد إلى أذهاننا ومسامعنا أحاديث السيد جوزيف غوبلز(وزير الدعاية الحربية الألماني فى زمن حكم هتلر)، الذى تعود إليه نظرية "السيطرة على العقول" أو "التأطير"، والتي يمكن تلخيصها فى "ابراز جوانب من القصة الخبرية، والتركيز عليها، وإخفاء جوانب أُخري عمداً، بهدف تضليل المتلقي"، ولن نتردد هنا فى تذكير القراء والقارءات بقليل من كثير من الأقوال المحفوظة للسيد غوبلز: "الدعاية الناجحة يجب أن تحتوي على نقاط قليلة وتعتمد التكرار"، و"كلما كبرت الكذبة، سهُل تصديقها"، و"أكذب ثم أكذب ثمّ أكذب، حتى يصدقك الآخرون"ّ !. وهذا الأسلوب هو عين ما يجري حالياً من إعلام طرفي الحرب فى السودان، حيث تصبح الدعاية للحرب، هي الهدف الرئيس من الرسائل الإعلامية التي يطلقها – ليل، نهار – قادة إعلام الحرب المليجيشية الخاسرة!.
-7-
أليس غريباً ومُعيباً ومُخيّباً للآمال أن لا يفكّر وزير الثقافة والإعلام فى أن يحدثنا عن الأسباب الحقيقية وراء توقف مفاوضات جدة، أو عن الدمار الكبير الذي أحدثته المعارك القتالية والاشتباكات العنيفة بين الطرفين فى البنية الثقافية المهترئة، أو عن توقف الإذاعات عن البث المباشر، أو عن غياب الصُحف عن منافذ التوزيع، أو عن تحويل مباني المسارح - على قلّتها – إلى ثكنات عسكرية، أو عن "حجب" أخبار مُطالبة المواطنين البسطاء بوقف الحرب والإقتتال بين الطرفين، أوعن دور ومجهودات وزارته وأجهزتها الإعلامية فى مناهضة خطاب الكراهية، الذى استشري بصورة كبيرة منذ اندلاع الحرب فى 15 أبريل 2023، أو أن يحدثنا عن دور وزارته فى حماية وسلامة الصحفيين والصحفيات، أو عن أوضاعهم/ن التي تسوء يوماً بعد يوم، وقد أكدت التقارير المنشورة ما يتعرض له الصحفيون والصحفيات فى السودان من عنف واستهداف ممنهج، من قوات الطرفين، بهدف ازاحتهم/ن عن المشهد الإعلامي، لتكريس حالة ((الإظلام الإعلامي)) التي تتسع رقعتها يوماً بعد يوم، وشهراً بعد شهر !.
-8-
الواجب يُحتّم علينا فى (مهنة البحث عن الحقيقة)، مواصلة رفع الصوت ضد الحرب وضد مُشعليها وضد المروجين و"المطبلين" لها، ولنواصل بصبرٍ ونكران ذات مهمة تجميع وتكثيف الجهود لمواجهة صحافة وإعلام الحرب، بإعلامٍ بديل، يبشّر بالسلام واحترام وتعزيز حقوق الإنسان، مهما كانت التحديات..فلنرفع أصواتنا عالية ضد الحرب وضد صحافة وإعلام الحرب، وفى هذا فليتسابق المتسابقون !.
جرس أخير:
"والحربُ يبعثُها القويُّ تجبُّرا .. وينوءُ تحت بلائِها الضُعفاءُ" ((أحمد شوقي))
فيصل الباقر
faisal.elbagir@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
اتهامات للدعم السريع بقتل عشرات المدنيين بكردفان والبرهان يتوعدها
قال والي ولاية غرب كردفان محمد آدم جايد للجزيرة إن قوات الدعم السريع قتلت 76 مدنيا وأصابت عشرات آخرين في بلدة الزعفة غربي الولاية الواقعة وسط السودان.
وأضاف جايد أن المهاجمين أسروا مواطنين ونهبوا ممتلكات وحرقوا منازل عدة، مشيرا إلى أنه لا توجد قوات للجيش السوداني أو أي قوة أخرى تبرر الهجوم.
وقد نددت شبكة أطباء السودان بهجمات الدعم السريع واتهمتها بقتل وتشريد المدنيين في الولاية.
من جهته، قال حامد صافي قائد قوات الاحتياط في غرب كردفان إن الهجوم أدى لحالة نزوح بين المدنيين وإن جثث الضحايا ما زالت في العراء.
وفي إطار الصراع الذي بدأ قبل عامين، سيطرت قوات الدعم السريع على بعض المدن والبلدات في منطقة كردفان.
هجوم عنيف
وفي تطور ميداني آخر، قال مصدر عسكري للجزيرة إن الجيش السوداني يتصدى لهجوم عنيف بدأته قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور من شمال شرق المدينة مستخدمة فيه الأسلحة الثقيلة.
وقالت مصادر عسكرية إن 11 شخصا قتلوا وأُصيب 35 بجروح في قصف قوات الدعم السريع مناطق عدة بالمدينة بينما أدى اشتداد المعارك في المنطقة إلى موجة نزوح من المدينة وضواحيها والمخيمات المحيطة بها.
إعلانوتحاصر قوات الدعم السريع مدينة الفاشر منذ نحو عام وحاولت مرارا اقتحامها لكنها فشلت في ذلك، علما أنها تسيطر على معظم منطقة دارفور غربي السودان.
ومؤخرا اقتحمت تلك القوات مخيم زمزم للنازحين قرب الفاشر، وهو ما دفع مئات الآلاف للهروب.
وتواجه قوات الدعم السريع اتهامات بقتل مئات المدنيين في الفاشر جراء قصفها المتكرر للمدينة، ولكنها تنفي ذلك.
مؤكداً الاستمرار في المعركة حتى القضاء على التمرد وتطهير مدينة الفاشر من المرتزقة والمأجورين.
وأعلن القائد العام للقوات المسلحة عن قيام معسكر لتدريب شباب أمدرمان فلاتة بالمنطقة حتى يكون عوناً وسنداً لأهل المنطقة في إستتباب الأمن والاستقرار. pic.twitter.com/d1v2fuqDeP
— SUDAN News Agency (SUNA) ???????? (@SUNA_AGENCY) April 24, 2025
تصريحات البرهانوأكد رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان أن الجيش ماض في طرد قوات الدعم السريع من كل السودان.
وأضاف البرهان في خطاب جماهيري بمدينة الدندر بولاية سنار أمس (جنوب شرق) أن من وصفهم بالطارئين على تاريخ السودان لا مستقبل لهم، مشيرا إلى أن البلاد منتصرة بإرادة شعبها.
كما أكد خلال زيارته بلدة أمدرمان فلاتة في سنار الاستمرار في المعركة حتى القضاء على ما وصفه بالتمرد وتطهير مدينة الفاشر ممن سماهم المرتزقة والمأجورين.
وكان وزير الإعلام السوداني خالد الإعيسر أكد قبل ذلك أن الحرب الدائرة بالبلاد حاليا لن تتوقف حتى يتحرر كل شبر من الأرضي السودانية، وتُدحر ما سماها مليشيا الدعم السريع.
وفي كلمة أمام حشد شعبي بعنوان نجدة الفاشر بمدينة بورتسودان، اتهم الإعيسر المجتمع الدولي بالتواطؤ مع قوات الدعم السريع، مشددا على أن المجتمع الدولي ليس بإمكانه تفكيك وحدة وتماسك المجتمع السوداني.
وأسفر الصراع المستمر في السودان منذ 15 أبريل/نسان 2023 عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 14 مليونا.
إعلان