الزيلعي وقراءة في كشف المستور “2-2”
تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT
أن التطور الذي حدث في الحركة النقابية العالمية، كان له انعكاسا على تطور العمل النقابي في السودان، و أن الحركة النقابية كانت ترصد و تتابع التطورات التي تحدث في المجتمع و تكيف نفسها وفقا لهذا التطور. هذا ما أشار إليه الزيلعي في الإجابة على السؤال الذي يبين كان هناك تفاعلا قويا و مفيدا للعضو الحزبي، خاصة عندما يكون فاعلا في العمل النقابي، حيث يضعف دوره داخل المؤسسة الحزبية لضيق مساحة الحرية التي يفرضها الالتزام باللوائح.
أن الحزب الشيوعي يراهن على مضادات المصطلحات، و هي تخلق حالة من الإرباك في الوعي السياسي، يقول الحزب في تقريره السياسي للمؤتمر الخامس ( يتمسك حزبنا " الحزب الشيوعي" بالاستنتاجات الرئيسة التي توصل إليها نهائيا، منذ العام 1967م حول أن أنجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية التعددية، و الانتقال للاشتراكية لا يتم إلا عبر الديمقراطية متمثلة في الحقوق السياسية للجماهير، و ديمقراطية النظام السياسي) السؤال لم يوضح الحزب كيف نربط جدليا بين الثورة و الديمقراطية، و بين الديمقراطية التعددية و الاشتراكية؟ و لكل واحدة من هذه ثقافتها و أدواتها المخالفة للأخرى. و لم يقدم الحزب أي طرح فكري لكي يثبت أن المضادات يمكن أن تخلق وعيا سياسيا ديمقراطيا. لكن يستطيع الحزب أن يتخلص من هذه المضادات في المصطلحات إذا قبلت العقليات الدغمائية التي تقوده التراجع عن تمسكها بالمركزية الديمقراطية، و تعمل من أجل توسيع مواعين الديمقراطية لكي تصبح المؤسسة الحزبية ساحة للجدل الفكري بين الأراء المختلفة حتى داخل المرجعية الواحدة، لكن تمسكها بإرث الماركسية الأرثوذكسية، جعل العديد من الزملاء أن يستثمروا أفكارهم في النقابات و تجمعات المهنيين و يستفيدوا من الحزب أن يدعمهم في تلك المنظمات، و بالتالي يصبح جل نشاطهم مرتبط بالنقابات و التجمعات المهنية التي تتيح لهم ليس فقط تطوير قدراتهم و مهاراتهم في العمل العام، و أيضا في أكتساب وعي جديد من خلال الاحتكاك بتيارات الفكر الأخرى. و الحزب يريد أن يستخدم تلك المنظمات ككروت ضغط على السلطة و الأخرين في صراعه السياسي، لكن هذا الكرت محدود الفاعلية.
استلف مقولة لجورج طرابيشي في كتابه " في الثقافة الديمقراطية" يقول فيها ( فالبنية الداخلية لأي حزب هي بالضرورة بنية سلطوية تقوم على الانفصال و تقسيم العمل ما بين القاعدة و القيادة. و مهما يكن من درجة ليبراليتها، فإنها تطالب العضو المنتسب إليها بالتخلي عن أرائه الشخصية و بالالتزام بالخط العام للحزب، و بالتقيد بانضباطيته التي لا خيار لها إلا في أن تكون مركزية) مثل هذه الخيارات علاجها ليس المنع، و رفض القناعات الخاصة، و لكن الحوار هو الطريق الأفضل للوصول لتوافق بين الرأي الشخصي و رأى الحزب الذي جاء نتيجة تصويت ديمقراطي بالاغلبية. و الديمقراطية أيضا تتيح الأقلية أن تطرح رؤيتها حتى تقنع الأغلبية. و هنا يصبح التناغم بين الرأي الشخصي الملتزم برأي الأغلبية و بين أتاحة الفرص لرأي الأقلية أن يستمر في الجدل بأطروحته داخل البناء الحزبي.
في تسعينات القرن الماضي؛ عندما سقط حائط برلين و سقط الاتحاد السوفيتي فتح الحزب الشيوعي حوارا حول تغيير أسم الحزب، و النظر في أن تكون المرجعية الماركسية واحدة من مرجعيات أخرى. و أصدرت القيادة الخارجية للحزب مجلة " قضايا سودانية" تنشر فيها هذا السجال الفكري، و كانت خطوة جريئة و جيدة أن يشارك في الحوار كل صاحب رؤية فكرية. رغم أن الجدل الفكري كان قاصرا على عضوية الحزب، مثل هذا العمل هو الذي يخلق التفاعل الإيجابي بين الحزب كمؤسسة منتجة للمعرفة و الثقافة و الفكر و بين الجماهير الواسعة، و هذا الحوار يخلق وعيا جديدا في المجتمع يقلل فرص بروز العنف فيه. و للأسف توقفت المجلة، بعد المؤتمر الخامس. و كنت قد زرت المقر العام للحزب الشيوعي في نمر2 و تحدثت طويلا مع الراحل التجاني الطيب، و سألته لماذا أوقف الحزب هذه المجلة، قال كانت فقط مخصصة للحوار الذي حسمه المؤتمر. قلت له إذا كانت مخصصة فقط لذلك الحوار و وجدت نجاحا و إقبال من الجمهور، ماذا يضير الحزب إذا استمر في إصدارها؟ هل كانت القيادة تفكر فقط أن تجتاز تلك المرحلة و تغلق كل منافذ الوعي و التثقيف؟
أن المشكلة التي تعاني منها الأحزاب جميعا، و خاصة التقليدية، فقرها في الإنتاج الفكري و المعرفي و الثقافي، و مادام هي بهذا الفقر كيف تستطيع أن تقود الجماهير إلي التغيير الذي يحتاج لهذا الإنتاج. فالمؤسسات النقابية لا تتيح قوانينها و لوائحها الدخول في العمل السياسي بشكل مباشر، إلا من خلال مطالبها في تحسين أوضاع عضويتها، فهى لا تستطيع أن تسهم في مثل هذه الموضوعات إلا بطريق غير مباشر أن تشتري إصدارات بهدف التثقيف.
في الختام جزيل الشكر و التقدير للصديق صديق الزيلعي على الإجابة على السؤال و نشرها على الصحف يدل على الوعي و محاولة لاتساع دائرة الحوار في زمن تنشر فيه الفزاعات أكثر من الأفكار. و يخاف الناس حتى من طرح الأسئلة. نسأل الله حسن البصيرة
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحرکة النقابیة الحزب الشیوعی العمل النقابی فی العمل
إقرأ أيضاً:
“العمل الإسلامي”: تصريحات الصفدي الأخيرة حول غزة وفصائل المقاومة لا تنسجم مع موقف الشعب
#سواليف
عبر حزب #جبهة_العمل_الإسلامي عن أسفه تجاه ما ورد على لسان وزير الخارجية #أيمن_الصفدي من تصريحات وصف فيها #فصائل_المقاومة الفلسطينية بـ”المليشيات ورفض وجودها خارج إطار السلطة الفلسطينية في #غزة ” في إطار حديثه عن ترتيبات ما بعد معركة #طوفان_الأقصى التي تشكل شأناً فلسطينياً يرسمه ويقرره أبناء الشعب الفلسطيني الذي سطر ملاحم البطولة والصمود في مواجهة حرب الإبادة التي شنها العدو الص~هيوني ضد غزة على مدى 470 يوماً، فيما لا تزال هذه المق~اومة تتصدى للعدوان الإجرامي في الضفة الغربية.
وأكد مسؤول الملف الوطني في حزب جبهة العمل الإسلامي المحامي معتصم أبو رمان أن تصريحات الصفدي لا تنسجم مع موقف #الشعب_الأردني الذي يرى في المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال التي شرعتها كافة المواثيق الدولية، سداً منيعاً في مواجهة المخطط الصه~يوني العدواني التوسعي الذي يستهدف فلسطين والأردن والأمة العربية والإسلامية، والتي لا يتوانى قادة الاحتلال في التعبير عنه ونشر خرائط تظهر أطماعهم في العالم العربي والمنطقة.
وأضاف أبو رمان ” عبرنا مراراً في حزب جبهة العمل الإسلامي عن دعم جهود القوى والفصائل الفلسطينية نحو إنهاء الانقسام الفلسطيني وتشكيل حكومة وحدة وطنية على أساس مشروع وطني فلسطيني يحمي المقاومة كأساس لمواجهة الاحتلال وندعو الحكومة لقيادة جهود تحقيق هذه المصالحة، ونستنكر ممارسات السلطة الفلسطينية التي كانت تنقلب على جهود المصالحة باستمرار واستمرارها في نهج التنسيق الأمني الذي لا يخدم سوى أهداف الاحتلال”.
ودعا أبو رمان الحكومة للانفتاح على فصائل المق~اومة بعد ما حققته من انتصار على العدو الصهي~وني وإفشال مخططاته لتهجير الشعب الفلسطيني الذي وصفه الأردن بأنه إعلان حرب، والتعامل مع هذه المقاومة على أنها عنصر قوة يحمي مصالح الأردن العليا وأمنه الوطني في منع مشاريع تصفية القضية الفلسطينية، كما نؤكد على ضرورة استمرار الجهد الرسمي والشعبي في إسناد صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته في الضفة الغربية في ظل ما تواجهه من عدوان صهيوني مجرم، ودعم جهود الإغاثة وإعادة الإعمار في غزة.