اعتاد العالم بحلول الثامن والعشرين من سبتمبر من كل عام رؤية آلاف من المصريين وهم يقومون بإحياء ذكرى رحيل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر؛ الرجل الذي لا يكف الكثيرون عن التشبث بذكراه كلما مرت بالوطن واحدة من الأزمات أو القضايا الخلافية الكبرى. 

اعتدنا أن نسمع مقولة "لو كان عبد الناصر حيًا"، أو يخرج علينا واحدًا ممن عاصروه بقول "حدثت أزمة مُشابهة في عهد الرئيس عبد الناصر ففضل أن.

."، وغير ذلك أيضًا ممن اعتادوا تقليب صفحات التاريخ للبحث عن مواقف من حياة الرجل الذي يراه البعض أسطورة مصرية خالصة لن تتكرر، ونعته آخرون بـ"الزعيم المهزوم"؛ لكن كلا الفريقين يؤكد لنفسه دومًا وللآخر أن الرجل ذو الأصول الصعيدية، المولود في الإسكندرية في منتصف يناير ١٩١٨ كان عظيمًا حتى في الإنجازات والأخطاء؛ لتبقى سيرته على مدار الأجيال. 

 

شهد عبد الناصر ثورة ١٩١٩ وعمره قد تجاوز العام بشهرين، لم يكن الطفل الذي لم يتعلم السير وحده بعد يُدرك أن الضجيج المحيط بمنزل العائلة، وقد يكون قد منعه من اللعب، هو نواة تمرد مصري كبير على المستعمر الإنجليزي، سيقوده ويتّوجه بالاستقلال بعد ثلاثة وثلاثين عامًا ابن وكيل مكتب بريد باكوس دائم الترحال؛ الذي اضطر لترك طفله في سن الثامنة -بعد أن توفت والدته وهي تضع شوقي ابنها الرابع- ليرحل جمال الصغير مع إخوته إلى منزل عمه فهمي بالقاهرة، ويستقر لسبع سنوات، قبل أن يعود والده لاصطحابه إلى منزله الجديد بعد نقله إلى القاهرة ليصبح مأمورًا للبريد في حي "الخرنفش" بين الأزبكية والعباسية. 

عندما حصل جمال على شهادة الثانوية من مدرسة النهضة عام ١٩٣٧، كان يتوق إلى دراسة الحقوق، ولكنه ما لبث أن قرر دخول الكلية الحربية، بعد أن قضى بضعة أشهر في دراسة الحقوق، ليتغير مسار حياته نحو طريق الزعامة وسط ٩٠ طالبًا، كانوا تلك الدفعة الاستثنائية من أبناء المصريين، والتي قُدِّر للكثير منهم أن يحكموا مصر فيما بعد؛ منهم رفيقيه أنور السادات وزكريا محيي الدين، اللذان زاملاه بعد تخرجه في الكلية الحربية عام ١٩٣٨، والتحاقه بالكتيبة الثالثة بنادق، حيث تم نقله إلى "منقباد" بأسيوط؛ ثم عاد إلى محل ميلاده في الإسكندرية العام التالي، ليلتقي هناك برفيق الرحلة الأكثر التصاقًا به عبد الحكيم عامر، الذي كان قد تخرج في الدفعة التالية له من الكلية الحربية؛ وفي عام ١٩٤٢ تم نقله إلى معسكر العلمين، وما لبث أن نُقل إلى السودان- ومعه عامر- واستمر هناك حتى عاد ليتم تعيينه مدرسًا بالكلية الحربية، والتحق بكلية أركان الحرب. 

كانت الفترة ما بين عامي ١٩٤٥ و١٩٤٧ هي البداية الحقيقية لتكوين نواة تنظيم الضباط الأحرار؛ فقد كان معظم الضباط، الذين صاروا فيما بعد اللجنة التنفيذية للتنظيم، يعملون في العديد من الوحدات القريبة من القاهرة، وكانت تربطهم علاقات قوية بزملائهم؛ فكسبوا من بينهم مؤيدين لهم؛ وكانت حرب فلسطين ١٩٤٨ التي انخرط فيها الكثير منهم هي الشرارة التي فجّرت عزمهم على الإطاحة بالحكم الملكي، بعد النكبة التي مُنِيَ بها العالم العربي في حرب فلسطين. 

في صيف ١٩٤٩ نضجت فكرة إنشاء التنظيم، وتشكلت لجنة تأسيسية ضمت في بدايتها خمسة أعضاء فقط هم جمال عبد الناصر، وكمال الدين حسين، وحسن إبراهيم، وخالد محيي الدين، وعبد المنعم عبد الرءوف؛ ثم ارتفع عددهم إلى الضعف بعد أن انضم إليهم أنور السادات، وعبد الحكيم عامر، وعبد اللطيف بغدادي، وزكريا محيي الدين، وجمال سالم؛ بينما ظل خارج اللجنة ثروت عكاشة، وعلي صبري، ويوسف صديق؛ وفي ذلك الوقت تم تعيين عبد الناصر مدرسًا في كلية أركان الحرب، ومَنحُهُ رتبة بكباشي -مقدم- بعد حصوله على دبلوم أركان الحرب عام ١٩٥١- في أعقاب عودته من الحرب، وكان قد حوصر هو ومجموعة من رفاقه في "الفالوجا" أكثر من أربعة أشهر، وبلغ عدد الغارات الجوية عليها أثناء الحصار ٢٢٠ غارة. 

ساعدت الأجواء المضطربة في البلاد التنظيم الذي ازدادت قوته في الجيش يومًا تلو الآخر على الوصول إلى ليلة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، لتقوم الحركة التي أطاحت بالملك فاروق، آخر أحفاد محمد علي في الحكم، فلم تلقَ مقاومة تُذكر -ولم يسقط في تلك الليلة سوى ضحيتين فقط هما الجنديان اللذان قُتلا عند اقتحام مبنى القيادة العامة- ويُعلن الجيش سيطرته على مقاليد الأمور في الإذاعة بصورت أنور السادات؛ وتم اختيار اللواء محمد نجيب رئيسًا، لِمَا يتمتع به من احترام وتقدير ضباط الجيش. 

مع استقرار الثورة الجديدة لم ينس أحد في القيادة أن عبد الناصر هو القائد الفعلي للتنظيم؛ فنشأ ما أُطلق عليه "صراع على السلطة" بينه وبين نجيب، سرعان ما أنهاه عبد الناصر لصالحه في نوفمبر ١٩٥٤؛ وكان قبلها قد استطاع أن يعقد اتفاقية مع بريطانيا لجلاء قواتها عن مصر في أكتوبر من العام نفسه؛ وخاضت مصر تحت قيادته العديد من التحديات والقرارات التي غيرت مقادير البلاد، منها قوانين الإصلاح الزراعي، وبدء إنشاء الصناعة الوطنية وغيرها. 

شهد عام ١٩٥٦ واحدًا من أكبر التحديات التي واجهت سلطة عبد الناصر وشعبيته، عندما قرر تأميم قناة السويس في احتفالات ذكرى الثورة؛ ما أدى إلى جنون بريطانيا وفرنسا، إضافة إلى إسرائيل الدولة الوليدة التي أعلن الزعيم عدائها منذ اللحظة الأولى، لتشهد ضفة القناة ملحمة شعبية دفاعًا عن الاستقلال عُرفت عالميًا بـ"حرب السويس"، وشعبيًا بـ"العدوان الثلاثي"، وانتهت بانسحاب قوات الدول المُعادية، بعد أن تدخلت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي -قطبي العالم بعد نهاية الحرب العالمية الثانية- في مجلس الأمن لإنهاء الحرب. 

في عام ١٩٥٨ أقام الزعيم الراحل وحدةً اندماجية مع سوريا وسميت الدولة الوليدة بـ"الجمهورية العربية المتحدة"، ثم حدث انقلاب في الاقليم السوري عام ١٩٦١ أدى إلى إعلان الانفصال؛ ثم عقدت معاهدة وحدة متأنية مع العراق وسوريا عام ١٩٦٤، لكنها لم تستمر طويلًا. 

شهد عام ١٩٦٧ نهاية الحلم الناصري والانكسار الفعلي للزعيم، بعد أن قامت إسرائيل بالعديد من الأفعال الاستفزازية جعلته يُصدر قراره بإغلاق مضيق العقبة في وجه الملاحة الإسرائيلية؛ لتندلع "حرب الأيام الستة" كما أطلق عليها الغرب، أو "نكسة يونيو"، كما أطلق عليها الإعلام العربي؛ وخرج عبدالناصر على الجماهير طالبًا التنحي من منصبه، إلا أنه خرجت مظاهرات في العديد من مدن مصر، وخصوصًا في القاهرة طالبته بعدم التنحي عن رئاسة الجمهورية. 

كانت آخر مهام عبد الناصر الوساطة لإيقاف أحداث أيلول الأسود بالأردن بين الحكومة الأردنية والمنظمات الفلسطينية في قمة القاهرة عام ١٩٧٠، حيث عاد من مطار القاهرة بعد أن ودّع أمير الكويت، لتداهمه نوبة قلبية عن عمر ناهز ٥٢ عامًا، وأعلن عن وفاته في ٢٨ سبتمبر ١٩٧٠، ليخرج فيما وصفته العديد من وسائل الإعلام في الغرب بأنها أكبر جنازة شعبية في التاريخ.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: ذكرى رحيل جمال عبد الناصر عبد الناصر العدید من بعد أن

إقرأ أيضاً:

???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه

???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
( عميد التَنوير ، نِحرِير النبوءاتِ العَتيقة )

في أعمق لحظاتي مع نفسي صدقاً ، لا أراني أعظَمُ مَيلاً للحديث عن الشخصيات، إن تكرَّمَت وأسعفَتني الذاكرة ، فقد كتبتُ قبل عن فيلسوفِ الغناء مصطفى سيد أحمد ، والموسيقار الكابلي ، والمشير البشير ، وشاعر افريقيا الثائر ؛ الفيتوري .

لا أجدُني مضطراً لمدح الرّجال ، ولكنها إحدى لحظات الإنصاف ، ومن حسن أخلاق الرجال أن ينصفوا أعداءهم، دعك من أبناء جلدتهم ونبلائها ، والرجلُ ليس من قومنا فحسب، بل هو شريف قوم وخادمهم ، خطابه الجَسور يهبط حاملاً “خطاب” ابن يعمر الإيادي لقومه ، وخطبة درويش “الهندي الأحمر” ، و”بائية” أبي تمّام ، وتراجيديا الفيتوري في “التراب المقدّس” ..
عبد الرحمن ، لم يكن حالة مثقفٍ عادي ، “عمسيب” مثالٌ للمثقف العضوي قويّ الشَّكِيمَة ، العاملِ علَى المقاومة والتغيير والتحذير ، المحاربِ في ميادين التفاهة والتغييب والتخدير ، المتمرّد على طبقته ، رائد التنوير في قومه ، ظلّ يؤسس معرفياً وبأفقٍ عَالمٍ لنظرية اجتماعية ، نظرية ربما لم تُطرح في السوح الثقافية والاجتماعية من قبل ، أو لربما نوقشت على استحياء في همهمات أحاديث المدينة أو طُرحَت في ظلام الخرطوم عَهداً ثم غابت . هذا الرجل امتلك من الجسارة والثقافة العميقة بتفاصيل الأشياء وخباياها ، ما جعله يُقدم على تحطيم الأصنام السياسية والثوابت الاجتماعية وينفض الغبارَ عن المسكوت عنه في الثقافة والاجتماع والسياسة.

عمسيب قدم نظريةً للتحليل الاجتماعي والسياسي ، يمكن تسميتها بنظرية ( عوامل الاجتماع السياسي) أو نظرية ( النهر والبحر) في الحالة السودانية ، فحواها أن الاجتماع البشري يقوم على أسس راسخة وليس على أحداث عابرة . فالاجتماع البشري ظلّ منذ القدم حول ( القبيلة Tribe ) ثم ( القوم Nation ) ثم ( الوطن Home) ثم ( الدولة country) . هذا التسلسل ليس اجتماعيٌ فحسب، بل تاريخيٌ أيضاً ، أي أن مراحل التحَولات العظيمة في بِنية المجتمعات لا يصح أن تقفز فوق الحقب الاجتماعية ( حرق المراحل).. فالمجتمعات القَبَلية لا يمكنها انتاج (دولة) ما لم تتحول إلى (قومية) ، ثم تُنتج (وطن) الذي يسع عدد من القوميات ، ثم (دولة) التي تخضع لها هذه القوميات على الوطن ، مع تعاقد هذه القوميات اجتماعيا على مبادئَ مشتركة، وقيمٍ مضافة ، كالأمن والتبادل الاقتصادي وادارة الموارد ، والحريات الثقافية ونظام الحكم .

هذه النظرية تشير إلى أن الاجتماع السياسي في السودان ظل في مساره الطبيعي لمراحل التسلسل التاريخي للمجتمعات والكيانات ، إلى أن جاءت لحظة ( الاستعمار) Colonization . ما فعله الاستعمار حقيقة ، أنه وبدون وعي كامل منه ، حرق هذه المراحل – قسراً – وحوّل مجتمعات ما قبل الدولة ( مجتمعات ما قبل رأسمالية) إلى مجتمعات تخضع للدولة.

فالمجتمعات التي كانت في مرحلة ( القبيلة) او تلكَ في مرحلة( القومية) قام بتحطيم بنيتها وتمحوراتها الطبيعيه وتحويلها إلى النموذج الرأسمالي الغربي ، خضوع قسري لمؤسسات الدولة الحديثة، مجتمع ما بعد استعماري ، تفتيت لمفاهيم الولاءات القديمة الراسخة ، بل وتغييرها إلى نظم شبه ديموقراطية، وهذا بالطبع لم يفلح، فبعد أن حطّم المستعمر ممالك الشايقية ودولة سنار ومشيخات العرب بكردفان ومملكة الفور ، وضم كل ذلك النسق الاجتماعي ( القبلي / القومي) إلى نسق الوطن/ الدولة.. أنتج ذلك نخب وجماعات سياسية ( ما بعد كولونيالية ) تعيش داخل الدولة ، لكنها تدير الدولة باللاوعي الجمعي المتشبّع بالأنساق التقليدية ( القبيلة / الطائفة / القومية) ، أي مراحل ماقبل الوطن والدولة.

ما نتج عن كل هذه العواصف السياسية والاجتماعية ، والاضطرابات الثقافية، أن هذه المجتمعات والقوميات التي وجدت نفسها فجأة مع بعضها في نسق جديد غير معتاد يسمى ( الدولة) ، وأقصدة بعبارة ( وجدت نفسها فجأة) أي أن هذا الاجتماعي البشري في الاطار السياسي لم يتأتَ عبر التمرحلات الطبيعيه الانسانية المتدرجة للمجتمعات، لذا برزت العوامل النفسية والتباينات الثقافية الحادة ، الشيئ الذي جعل الحرب تبدأ في السودان بتمرد 1955 حتى قبل اعلان استقلاله . ذات الحرب وعواملها الموضوعيه ومآلاتها هي ذات الحرب التي انطلقت في 2002 ثم الحرب الأعظم في تاريخنا 2023 .

أمر آخر شديد الأهمية، أن دكتور عبد الرحمن ألقى حجرا في بركة ساكنة، وطرق أمراً من المسكوت عنه ، وهو ظاهرة الهجرات الواسعة لقوميات وسط وغرب افريقيا عبر السبعين عاما الماضية ( على الأقل) , فظاهرة اللجوء والهجرات الكبيرة لقبائل كاملة من مواطنها لأسباب التصحر وموجات الجفاف التي ضربت السهل الافريقي، ألقت بملايين البشر داخل جغرافيا السودان، مما يعني بالضرورة المزيد من المنافسة العنيفة على الأرض والموارد وبالتالي اشتداد الحروب والصراعات بالغة العنف، وانتقال هذا التهديد الاستراتيجي إلى مناطق ومجتمعات وسط وشمال السودان ( السودان النّهري)

اذن ، سادتي ، فنظرية (الاجتماع السياسي ، جدلية الهوية والتاريخ ) هذه تؤسس لطرائق موضوعيه ( غير منحازة) لتفسير الظواهر الاجتماعية والثقافية وجدليات الحرب والسلام ، وتوضّح أسباب ظاهرة تعدد الجيوش والميليشيات القبلية والمناطقية والخطابات المؤسسة ديموغرافياً ، وما ينسجم معها من تراكمات تاريخيه وتصدّعات اجتماعية عميقة في وجدان تلك الجماعات العازية .. التوصيات البديهية لهذا الخطاب ، أن الحلّ الجذري لإشكاليات الصراع في السودان هو بحلّ جذور أزمة الهوية، والهوية نفسها لم تكن ( أزمة) قبل لحظة الاستعمار الأولى ، بالتالي تأسيس كيانات جديدة حقيقية تعبّر عن هويات أصحابها والعقد الاجتماعي المنعقد بين مجتمعاتها وقومياتها .

النظرية التي أطلق تأسيسها دكتور عبد الرحمن، لم تطرح فقط الأسئلة الحرجة ، بل قدمت الإجابات الجسورة وطرقت بجراءة الأبواب المرعبة في سوح الثقافة والاجتماع والسياسة في السودان.

Mujtabā Lāzim

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • رائد الموسيقى في مصر والعالم العربي.. ذكرى رحيل فنان الشعب سيد درويش
  • حديث أركو مناوي ..الذي نفذ في خضّم المعركة ورغم مرارات الحرب
  • رحيل أنطوان كرباج.. مسيرة فنية خالدة وأدوار لا تُنسى
  • طوني فرنجية في ذكرى كمال جنبلاط: ألف تحيّة لوليد جنبلاط الذي يلعب اليوم دور صمّام الأمان
  • بن حبتور يشارك في فعالية إحياء ذكرى رحيل شيخ الإنشاد محمد حسين عامر
  • ذكرى رحيل البابا شنودة .. دعّم القضية الفلسطينية وجمع المسلمين والمسيحيين على موائد الإفطار
  • ???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
  • أهالي حمص في ذكرى الثورة.. الشعب السوري واحد
  • شيخ العقل في ذكرى كمال جنبلاط: لتكن مناسبة لإحياء الروح الوطنية
  • ذكرى رحيل البابا شنودة الثالث.. حكيم الكنيسة وصوت الوطنية