الجزيرة:
2025-04-18@03:10:23 GMT

هل ترسل تركيا قواتها إلى السودان انحيازا للبرهان؟

تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT

هل ترسل تركيا قواتها إلى السودان انحيازا للبرهان؟

يبدو أن الزيارات الخارجية التي قام بها مؤخرا، الفريق عبد الفتاح البرهان قائد الجيش السوداني، لعدد من الدول، التي استهدف من خلالها الحصول على تأييد قادتها ودعمهم لخطته الرامية إلى الانفراد بالسلطة قد آتت اُكُلهَا سريعا، وهو ما بدا واضحا في تكثيف الجيش السوداني لعملياته العسكرية ضد نقاط تمركز قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، في كل من أم درمان والعاصمة السودانية الخرطوم خلال الأيام القليلة الماضية، والذي تزامن مع دعوة البرهان المجتمع الدولي من على منبر الأمم المتحدة لتصنيف الدعم السريع تنظيما إرهابيا.

مبررا هذا الطلب بارتكاب الدعم السريع جرائم ضد الإنسانية، واستهداف المدنيين خلال عمليات القصف التي يقوم بها.

مخاوف من تكرار السيناريو الليبي في السودان

الدعم والتأييد الذي حصل عليه البرهان من مصر، وقطر، وجنوب السودان، وإريتريا، لم يؤخذ بقلق أو حساسية بالغة من جانب أي طرف، كونه جاء من دول عربية وأفريقية تربطها بالسودان علاقات أخوية، وتاريخية، وحدود جغرافية.

إلا أن ما أثار القلق على كافة المستويات العربية، والأفريقية، والدولية، كان استجابة تركيا السريعة لجميع مطالب البرهان، سواء المرتبط منها بالتدخل كوسيط محايد بين الطرفين، أو بتأييد رغبته في تشكيل حكومة تصريف أعمال في بورتسودان مقر إقامته الجديد، وانتهاء بتزويد الجيش السوداني بطائرات مسيرة تمكنه من فرض سيطرته، وإحراز تقدم قد يُفضي إلى إنهاء المعارك الدائرة منذ قرابة الـ6 أشهر.

الموقف التركي الذي بدا داعما بصورة مطلقة لقائد الجيش السوداني في صراعه مع قوات الدعم السريع أعاد إلى الأذهان تدخل أنقرة في الملف الليبي، وتأثير ما قدمته من دعم عسكري ولوجيستي لصالح حكومة الوفاق الوطني ضد قوات خليفة حفتر، الأمر الذي أعاق تقدمه، وحال دون انفراده بالسلطة هناك، وعمل على إعادة التوازن على الأرض بين الطرفين، وهو ما أدى إلى توتر في علاقاتها مع أطراف عربية ودولية متعددة.

أسباب دعم تركيا للفريق عبدالفتاح البرهان

وفي سياق ذلك أعلنت تركيا رسميا عدم وجود نوايا لديها للتدخل عسكريا في هذه الأزمة، وأنها تنأى بنفسها عن السقوط في المستنقع السوداني، مؤكدة سعيها لإنهاء الحرب الدائرة التي تضُر بمصالح الشعب السوداني عبر الطرق الدبلوماسية والسياسية، وتوظف نفوذها لدى الأطراف الإقليمية والدولية لتحقيق هذا الهدف، آخذة في الحسبان عدة إعتبارات منها:

أن دعمها لقائد الجيش السوداني يأتي باعتباره الممثل الشرعي للحكومة السودانية، والمتحدث الرسمي باسمها، ويجب أن يتم التعاطي معه وفق هذه الرؤية، خصوصا وأن القوى الإقليمية والدولية تتعامل مع ما يحدث في السودان على أنه صراع بين طرفين، الجيش السوداني الذي يمثل الحكومة السودانية، وقوات الدعم السريع، دون الخوض في تحديد الطرف الذي يمتلك الشرعية في البلاد، وهو الأمر الذي يربك حسابات البرهان ويمنعه من المضي قدما في طريق إعادة الأمن والاستقرار للبلاد بوصفه ممثلا للشرعية بها والمخول بحمايتها. أن مساندتها العسكرية للجيش السوداني، ودعمه بالمسيرات التي تنتجها مصانعها، ستمكنه من التفوق، وتحقيق نصر سريع لمنع تفاقم الأمور، وتحولها إلى حرب أهلية تقضي على الأخضر واليابس، وتدفع المزيد من السودانيين إلى الخروج من دولتهم بحثا عن مأوى آمن. أن تأمين حزمة أكبر من المساعدات الإنسانية للشعب السوداني الذي أصبح في أمس الحاجة إليها مع تزايد أعداد النازحين عن مدنهم وقراهم نتيجة القصف المستمر الذي يستهدفهم ويهدد أرواحهم، ستُقدم من خلال الجيش السوداني بصفته ممثل الشرعية في البلاد. أن العمل كوسيط حيادي يتمتع بعلاقات جيدة مع طرفي النزاع، يستلزم الحصول على ثقة الطرف الشرعي في البلاد حتى يمْكنَ القيام بدور فاعل، يتيح الفرصة مجددا أمام العودة إلى طاولة المفاوضات بهدف التوصل لاتفاق ينهي الصراع، ويضع حدا للتناحر العسكري الحالي.

إلا أن هذا الإعلان لم يبدد المخاوف عموما من إمكانية تكرارها للسيناريو الليبي في السودان في أي مرحلة من المراحل، خصوصا إذا فشلت محاولات التوسط بين الطرفين، وظل الأمر بينهما يراوح مكانه، بل هناك من رأى في التحرك التركي مقدمة تؤكد وجود نوايا خفية لدى أنقرة للتدخل عسكريا في السودان.

صحيح أن لتركيا مصالح إستراتيجية في السودان لن تقبل التضحية بها بأي حال من الأحوال، سواء تلك المرتبطة بالسودان نفسه، أو بتواجدها في القارة الأفريقية، الذي تسعى لتوسيعه جغرافيا، وزيادة حجمه سياسيا واقتصاديا، فهي ومنذ البداية كان لها هدف أساسي من تطويرعلاقاتها مع السودان، وهو أن تكون هي بوابة السودان تجاه أوروبا، على أن تكون السودان بوابتها الرئيسة في أفريقيا.

أما بالنسبة لمكاسبها من السودان نفسه، فإن التوافق مع البرهان يعيد إليها القدرة على ترسيخ أقدامها مرة أخرى هناك، والمضي قدما في تنفيذ الاتفاقات التي سبق وأن تم التوصل إليها، خصوصا تلك المرتبطة بجزيرة سواكن التاريخية، حيث لدى تركيا رغبة في ترميم الآثار العثمانية الموجودة بها، وتأهيلها لإعادتها مجددا كميناء ملاحي تاريخي عسكري وتجاري، وتحويلها إلى منطقة سياحية حيوية تجذب إليها الزائرين.

إلى جانب ترجيح احتمالية عودة طرح فكرة إقامة قاعدة عسكرية تركية في سواكن لتعزيز الوجود التركي على البحر الأحمر في ظل اهتمام أنقرة بتطوير قدرات أسطولها البحري وصناعاتها الدفاعية البحرية، خاصة وأن هناك اتفاقا على تنشيط عمل اللجنة العليا للتعاون الثنائي، واللجان الوزارية المنبثقة عنها، لإعداد جدول زمني لتفعيل اتفاقيات ومذكرات التفاهم التي سبق توقيعها بين البلدين منتصف عام 2018، خلال فترة حكم عمر البشير، والتي توقف العمل بها نتيجة للتطورات التي شهدها السودان، وهي الاتفاقيات التي تشمل التعاون في مجالات الطاقة، والأمن، والتدريب العسكري، والتصنيع الحربي.

تأثير التدخل في السودان على علاقات أنقرة بالقاهرة

أما على الصعيد الاقتصادي الذي توليه تركيا اهتماما بالغا نظرا للأزمة الطاحنة التي تعانيها، فإن أنقرة تضع نصب أعيُنِها رفع حجم التبادل التجاري مع السودان، وزيادة حجم التعاون في مجال تطوير قطاع الزراعة، خصوصا وأنه سبق للحكومة السودانية الموافقة على تخصيص 100 مليار هكتار من أراضيها الزراعية لاستثمارها من جانب شركات تركية.

إلا أنها في الوقت ذاته تدرك جيدا أن دخولها على خط الأزمة السودانية عسكريا من شأنه أن يؤدي إلى عودة التوتر في علاقاتها الدبلوماسية مع عدد من الأطراف الدولية والإقليمية، وفي مقدمتها القاهرة، مما يعيد علاقتهما إلى المربع الأول، وهو الأمر الذي لا تريده أنقرة، ولن تسعى إليه في هذه المرحلة على الأقل، خاصة وأن تحسين علاقاتها مع القاهرة يصب في صالح تقوية موقفها في أزمة شرق المتوسط، ويعيد إليها حصتها من ثروات المنطقة، التي فقدتها نتيجة تعنت كل من اليونان وقبرص بدعم من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، إلى جانب عدم رغبتها في خسارة المكاسب الاقتصادية التي يمكن أن تجنيها من وراء تحسين هذه العلاقات.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الجیش السودانی الدعم السریع فی السودان

إقرأ أيضاً:

عاجل - الجيش السوداني يعلن تطهير مناطق غرب أم درمان من الدعم السريع ومأساة نزوح جديدة تضرب الفاشر

أعلن الجيش السوداني، اليوم الأربعاء، استعادة السيطرة الكاملة على مناطق غرب أم درمان بعد طرد قوات الدعم السريع منها، مؤكدًا تحقيق "انتصارات نوعية" ضمن عملياته العسكرية في القطاع الغربي.

وجاء في بيان صادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية أن "قوات العمل الخاص بالقطاع الغربي التقت بقوات المرخيات في منطقتي قندهار ودار السلام، وتم تطهيرهما من مليشيا دقلو الإرهابية"، في إشارة إلى قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو المعروف بـ "حميدتي".

"أطباء بلا حدود" تدين الهجوم على مستشفى تابع لها في جنوب السودان: "انتهاك صارخ للقانون الدولي" انتصارات للجيش.. ماذا يحدث في السودان؟

وأضاف البيان أن الجيش ضبط أموالًا مزورة وعددًا من المعدات العسكرية المتقدمة، بينها منظومات تشويش وطائرات مسيّرة ومدافع، كانت قد خلفتها قوات الدعم السريع أثناء انسحابها من المنطقة.

هجوم بمسيّرات في مجمع الصفوة والجيش يتصدى

في المقابل، كشف مصدر عسكري سوداني أن قوات الدعم السريع شنت هجومًا بمسيّرة انقضاضية استهدفت مواقع للجيش السوداني في مجمع الصفوة السكني، الواقع غربي أم درمان، دون الكشف حجم الخسائر.

وتأتي هذه التطورات بعد إعلان سابق للجيش في نهاية مارس الماضي عن طرد قوات الدعم السريع من جميع مناطق العاصمة الخرطوم، لكن آثار الدمار في المدينة ما زالت تتكشف تباعًا.

الشرطة: تدمير مؤسسات الدولة يقدّر بمليارات الجنيهات

من جانبه، صرّح العميد أمير عباس مدني من قوات الشرطة السودانية أن قوات الدعم السريع دمرت عددًا كبيرًا من المرافق العامة والمؤسسات الرسمية، أبرزها دار الشرطة وسط الخرطوم، مشيرًا إلى أن الأضرار المادية الناتجة عن الحرب تقدّر بمليارات الجنيهات السودانية.

ويأتي هذا التصريح تزامنًا مع الذكرى الثانية للحرب التي اندلعت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والتي خلّفت حتى الآن أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة، فيما رجحت دراسات صادرة عن جامعات أميركية أن عدد القتلى قد يصل إلى 130 ألف شخص.

93 ألف نازح من الفاشر ومأساة إنسانية تتكشف

وفي غرب البلاد، تعيش مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور أوضاعًا مأساوية، حيث تشهد موجة نزوح جماعي جديدة.

وأعلن آدم رجال، المتحدث باسم المنسقية العامة لمخيمات النازحين واللاجئين في دارفور، أن نحو 93 ألف نازح من مخيم زمزم توجهوا خلال الساعات الماضية إلى منطقة طويلة التي تبعد 60 كيلومترًا عن الفاشر.

وأشار رجال إلى أن النزوح يجري وسط ظروف إنسانية قاسية، إذ يعاني النازحون من نقص حاد في الماء والغذاء والرعاية الصحية، ما أدى إلى وفاة العديد من الأطفال والنساء بسبب الجوع والعطش والأمراض والصدمات النفسية.

ودعا رجال المنظمات الإنسانية إلى التدخل العاجل لتقديم خدمات الطوارئ، محذرًا من أن المنطقة المنكوبة لا تملك أي مقومات لاستقبال هذا العدد الضخم من النازحين.

قصف عنيف في الفاشر وتمشيط أمني واسع

ميدانيًا، واصلت القوات المسلحة السودانية قصفها المدفعي على مواقع الدعم السريع في أطراف مدينة الفاشر، موقعة خسائر بشرية ومادية في صفوف المليشيا، حسب مصادر عسكرية تحدثت للجزيرة.

وأكدت المصادر أن الجيش نفذ حملات تمشيط في الأحياء الجنوبية للمدينة، أسفرت عن اعتقال متسللين من قوات الدعم السريع وضبط كميات كبيرة من الأسلحة، بالإضافة إلى تدمير طائرات مسيّرة حاولت مهاجمة الدفاعات العسكرية للجيش.

صور أقمار اصطناعية تكشف حجم الدمار في دارفور

وفي سياق متصل، أظهرت صور أقمار اصطناعية، التقطت بين 10 و15 أبريل الجاري، تصاعد أعمدة الدخان في مناطق متفرقة من مدينة الفاشر، نتيجة القصف المدفعي وهجمات المسيّرات التي نفذتها قوات الدعم السريع.

وتُظهر الصور آثار حرائق واسعة في مخيمي زمزم وأبو شوك للاجئين، وهو ما يعكس حجم المأساة التي يعيشها المدنيون في إقليم دارفور، الذي يقطنه أكثر من 1.5 مليون نسمة.

السودان في مواجهة أسوأ أزمة إنسانية

في ظل استمرار الحرب وغياب أي حلول سياسية في الأفق، يواجه السودان أسوأ أزمة جوع في العالم حسب الأمم المتحدة، إضافة إلى انهيار الخدمات الصحية والتعليمية، وغياب الدولة عن إدارة الشأن العام.

وبينما يستمر القتال على الأرض، تتصاعد الدعوات المحلية والدولية للتهدئة وفتح ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية، إلا أن الواقع الميداني يشير إلى مزيد من التصعيد، مما يُنذر بتفاقم الكارثة في البلاد التي كانت تُعد من أكبر الدول الإفريقية من حيث الإمكانات الزراعية والمائية.

مقالات مشابهة

  • عاجل - الجيش السوداني يعلن تطهير مناطق غرب أم درمان من الدعم السريع ومأساة نزوح جديدة تضرب الفاشر
  • الإمارات تقطع بعدم قدرة الجيش السوداني والدعم السريع على تحقيق الاستقرار في البلاد
  • العصائب:الإتفاقيات التي أبرمها السوداني مع تركيا باطلة وضد سيادة العراق
  • الجيش السوداني يعلن القضاء على 8 أفراد من قوات الدعم السريع
  • البرهان في تركيا…أضواء خلف اللقاءات المتعددة
  • حميدتي يكشف عن حل وحيد يطرحه البرهان ويتهم الجيش بإغلاق كل الطرق السلمية
  • فليخسأ الذين يزايدون علي موقف الجيش السوداني من الموقف في الفاشر
  • الخارجية الفرنسية تعبر عن موقفها من الحكومة الموازية وتعلق على قرار الجيش السوداني 
  • الجيش السوداني: نفذنا ضربات جوية ناجحة استهدفت تجمعات الدعم السريع شمال شرق الفاشر
  • الجيش السوداني: نفذنا ضربات جوية ناجحة استهدفت تجمعات الدعم السريع