«الفضاء الإماراتي» يوظف التكنولوجيا في مواجهة التغير المناخي
تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT
أبوظبي/ وام
تبنت دولة الإمارات، خطوات استباقية للاستثمار في المستقبل، ومواجهة مخاطر التحديات المناخية وتأثيرها السلبي في كوكب الأرض، من خلال إطلاقها مبادرات ومشاريع تتبنى أحدث التقنيات العالمية لا سيما التطبيقات الفضائية، لمواجهة قضايا التغير المناخي وتعزيز الاستدامة البيئية.
وتوظف دولة الإمارات التكنولوجيا المتطورة والبيانات الفضائية والأقمار الاصطناعية من أجل بناء مستقبل مستدام، حيث تعمل على تعزيز قدراتها التحليلية لمواجهة التحديات المناخية، واتخاذ قرارات مستنيرة ومدروسة، عبر المشاركة الفاعلة مع مختلف المنظمات الدولية والاتفاقيات التي تبحث عن حلول فعالة وشاملة للتحديات.
تسير وكالة الإمارات للفضاء، وفق استراتيجية محددة تدعم المبادرات والمشروعات التحولية المختلفة والرامية إلى الحد من التغير المناخي وتطوير القدرات لدراسة آثار تغير المناخ ورصدها وتخفيفها والتكيف معها على المستويات المحلية، والوطنية، والإقليمية، والدولية.
وتنفيذاً لهذه الاستراتيجية، تم إطلاق عدداً من المبادرات والمشاريع التي في تطوير نظام متكامل لمواجهة تحديات التغير المناخي، باستخدام التقنيات الفضائية المخصصة للاستشعار عن بعد. ويشكل مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28» والذي تستضيفه دولة الإمارات، خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي، فرصة مثالية تعزز جهود الدولة الساعية إلى تعزيز التعاون الدولي والشراكات بين القطاعين العام والخاص، للاستفادة من الموارد المتاحة من خلال المبادرات والمشاريع القائمة، وتعزيز الانطلاق نحو مستقبل مستدام للجميع عبر العمل على مواجهة تحديات المناخ بالاعتماد على تقنيات الفضاء.
ويبرز محور «الأثر» ضمن حملة «استدامة وطنية» التي تم إطلاقها مؤخراً تزامناً مع الاستعدادات لمؤتمر «COP28»، التأثير الإيجابي لمبادرات الاستدامة في دولة الإمارات على مختلف المجالات، حيث تهدف الحملة إلى نشر الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية، وتشجيع المشاركة المجتمعية، وهو ما ينسجم مع جهود دولة الإمارات الساعية إلى الاستثمار في تكنولوجيا الفضاء لمواجهة التحديات المناخية.
وتعمل دولة الإمارات من خلال وكالة الإمارات للفضاء، على بناء أساس قوي للمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث أطلقت الوكالة خلال السنوات الماضية عدداً من المشروعات لمواجهة التغيرات المناخية، من بينها مجمع البيانات الفضائية، والمنصة الرقمية المتفردة لجمع وتوفير البيانات الفضائية للعلماء والباحثين والمؤسسات الحكومية والخاصة والشركات الناشئة وأفراد المجتمع، بهدف تطوير برمجيات وإيجاد حلول لمواجهة التحديات الوطنية والعالمية، وعلى رأسها قضايا استدامة البيئة.
ويهدف مشروع مجمع البيانات الفضائية إلى توفير منظومة ابتكارية لبيانات وتقنيات الفضاء لمواجهة تحديات الاستدامة العالمية، إضافة إلى زيادة عدد الشركات الفضائية وبراءات الاختراع، واستقطاب أفضل المبتكرين، وتسريع تطوير المنتجات الفضائية، وتعزيز دور الفضاء في حل التحديات الوطنية والعالمية، إلى جانب رفع نسبة الإنتاج البحثي العلمي وتحسين جودة الحياة ودعم القطاعات الأخرى بالخدمات والتطبيقات الفضائية التي تسهم في تنويع اقتصاد دولة الإمارات.
ويندرج مجمع البيانات الفضائية، ضمن سلسلة المشاريع التحولية التي أعلنتها حكومة دولة الإمارات ضمن جهودها، لتجسيد توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ،رعاه الله، الرامية إلى التركيز على خلق الاقتصاد الأنشط والأفضل عالمياً. وفي إطار دعم رؤية الإمارات، لتكون محوراً للابتكار والتقدم في مجال تكنولوجيا المناخ، أطلقت وكالة الإمارات للفضاء برنامج «ساس» للتطبيقات الفضائية الذي دشنت مرحلته الثانية في مايو 2023، ويتضمن العديد من المشاريع والتحديات بما فيها الأمن الغذائي، ومراقبة غازات الاحتباس الحراري، والمراقبة البيئية، والبنية التحتية، وإجراء الرصد البيئي والغطاء النباتي، لضمان التنمية المستدامة في مواجهة المخاطر المتعلقة بالمناخ.
وعززت وكالة الإمارات للفضاء، جهود الدولة الساعية إلى الحد من مخاطر التغير المناخي بتوقيع اتفاقية تعاون مع شركة «بلانيت لابز»، الرائدة في مجال الخرائط والبيانات حول الأرض، في مايو 2023 لبناء أطلس للخسائر والأضرار بالاعتماد على بيانات الأقمار الصناعية لتمكين الدول من مواجهة التغيرات المناخية. وصمم أطلس الخسائر والأضرار، لتوسيع نطاق تقديم التكنولوجيا والخبرة الفنية للبلدان النامية لمعالجة الخسائر والأضرار الناتجة عن تغير المناخ، بما يتماشى مع مبادرة أنظمة الإنذار المبكر للجميع التي أطلقتها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، لتعزيز توافر أنظمة إنذار مبكر للحد من أخطار الظواهر المناخية في عدة بلدان.
ويسهم أطلس الخسائر والأضرار بدور محوري في تحديد الأضرار الناجمة عن الظواهر المناخية، مثل الفيضانات والجفاف، بهدف المساهمة في إنشاء أنظمة الإنذار المبكر والاستجابة السريعة للتخفيف من الآثار المحتملة، إضافة إلى أنه سيتم تطويره من قبل الشركات الناشئة والمعاهد والجامعات في دولة الإمارات، وسيتم عرضه الأول خلال مؤتمر «COP28».
ويسهم هذا المشروع وغيره من المشاريع والمبادرات في تحقيق أهداف استراتيجية دولة الإمارات الساعية إلى تعزيز التعاون في هذا القطاع للحصول على ملاحظات ورؤى حقيقية وملموسة تساعدها على بناء قدراتها لمواجهة التغير المناخي، عبر ما تمتلكه الدولة من تكنولوجيا لازمة للمساعدة على بناء أنظمة الإنذار المبكر ومواجهة تحديات المناخ.
ورسخت دولة الإمارات جهودها لدعم وتعزيز التعاون الدولي لمواجهة تحديات المناخ بإطلاق «مرصد الفضاء من أجل المناخ» في ديسمبر 2022، المبادرة العالمية التي تهدف إلى جمع الكيانات العامة والخاصة المشاركة في قطاع رصد الأرض، لتنسيق الجهود الهادفة إلى تعزيز الاستخدام السلمي لتكنولوجيا الفضاء بغرض التصدي لتغير المناخ، وزيادة كفاءة تطبيقاتها من أجل العمل المناخي المستدام والناجح على المستويين المحلي والعالمي. ويهدف «مرصد الفضاء من أجل المناخ» إلى دعم العمل المناخي العالمي، وتطوير القدرات لدراسة آثار تغير المناخ ورصدها وتخفيفها والتكيف معها على المستويات المحلية، والوطنية، والإقليمية، والدولية.
ويسعى المرصد كذلك إلى استغلال الإمكانات الكاملة لتكنولوجيات الفضاء لرصد تغير المناخ والتخفيف من حدته والتكيف معه لتحقيق الأهداف المناخية، وزيادة الوعي بفوائدها. وينظم «مرصد الفضاء من أجل المناخ» التبادلات بشأن الإجراءات المناخية التي تدعمها التطبيقات الفضائية، كما يتيح تبادل الخبرات ومجموعات الأدوات والأساليب بشأن تطبيق تكنولوجيا الفضاء للعمل المناخي، وتعزيز استخدام الممارسات الجيدة لتكنولوجيا الفضاء لتحقيق الأهداف المناخية. ويوفر المرصد مجموعة من البيانات عالية الدقة على فترة طويلة تسهم في رفد المراكز العلمية بمعلومات تعينهم على مواجهة المشكلات الناتجة عن التغير المناخي، حيث يسهم المرصد في التغلب على مشكلة أن غالبية الدول لا تتبادل بياناتها المناخية الملتقطة عبر الأقمار الصناعية، وهو ما يضيع على العالم فرصة مواجهة هذه المشكلة.
وفي إطار سعي دولة الإمارات إلى إيجاد حلول للتحديات المرتبطة بالتغير المناخي واستدامة البيئة والمساهمة في التطوير العمراني، أطلقت دولة الإمارات في يوليو 2022 البرنامج الوطني للأقمار الصناعية الرّادارية «سرب» لتطوير سرب من الأقمار الرادارية يوفر تصويراً رادارياً في الليل والنهار وفي جميع الأحوال الجوية على عكس التصوير البصري والمقتصر على التصوير النهاري والمتأثر بالأحوال الجوية كالغيوم. ويسعى هذا المشروع إلى دعم جهود الدولة لمواجهة الكوارث وتحديات الأمن الغذائي وغيرها، وذلك بالاعتماد على الكوادر المواطنة المؤهلة والشركات الإماراتية، علاوة على تشجيع الشراكات مع المؤسسات العالمية وتقديم الحوافز لها.
ويوفر المشروع الذي يمتد لـ6 سنوات ضمن منظومته لدولة الإمارات، بيانات من الفضاء في الليل والنهار وفي جميع الحالات الجوية، حيث يستخدم المشروع تكنولوجيا رادارية متطورة تصل فيها دقة التصوير «إلى أقل من 1 متر».
وسخرت دولة الإمارات الأقمار الصناعية التي أطلقتها خلال السنوات الماضية لدعم جهود المحافظة على استدامة البيئة، حيث تعمل هذه الأقمار على مراقبة البيئة ورصد التغيرات التي تطرأ عليها ومن ثم تمد المراكز البحثية بالصور والبيانات التي ترصد كافة التطورات التي تحدث على الأرض، الأمر الذي يساعد صانعي القرار على وضع خطط استراتيجية لحماية البيئة ودعم مبادراتها المستقبلية.
ويعتبر «خليفة سات»، الذي أطلقه مركز محمد بن راشد للفضاء، أول قمر صناعي لمراقبة الأرض يتم تصميمه وتصنيعه في الإمارات، حيث دعمت صوره عالية الدقة جهود إدارة الكوارث والتخطيط العمراني والتغيرات البيئية والتخطيط الزراعي وغيرها الكثير من القطاعات ذات الشأن.
فيما يسعى القمر الصناعي النانومتري «DMSat-1»، الذي يعتبر أول قمر بيئي نانومتري، والذي طورته بلدية دبي بالتعاون مع مركز محمد بن راشد للفضاء في مارس 2021، إلى توظيف تكنولوجيا الفضاء وتقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز منظومة الرصد البيئي على مستوى الدولة من خلال رصد تركيز الجسيمات العالقة في الغلاف الجوي (10PM-2.5PM) وتركيز الغازات المسببة لظاهرة التغير المناخي.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات الفضاء التكنولوجيا وکالة الإمارات للفضاء البیانات الفضائیة تکنولوجیا الفضاء استدامة البیئة التغیر المناخی تحدیات المناخ مواجهة التغیر دولة الإمارات مواجهة تحدیات تغیر المناخ من خلال من أجل
إقرأ أيضاً:
ما هي الإلكترونات القاتلة بالفضاء التي يسببها البرق؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يعد البرق، المعروف بجماله وروعته، ظاهرة طبيعية مدهشة ذات تأثيرات تمتد إلى ما وراء الغلاف الجوي للأرض، ووفقًا لدراسة جديدة نشرها موقع sciencealert، يمكن للبرق أن يساهم في إطلاق إلكترونات عالية الطاقة من الغلاف الجوي للأرض نحو الفضاء، وهذه الإلكترونات القاتلة تشكل تهديدًا كبيرًا للمعدات الفضائية ولرواد الفضاء.
وتشير هذه الدراسة إلى ضرورة إعادة تقييم تأثير البرق على الفضاء المحيط بنا، فهمنا لهذه الظاهرة سيساعد في تطوير أنظمة حماية أفضل لمعداتنا ورواد الفضاء، بينما يُعتبر البرق مشهدًا طبيعيًا رائعًا على الأرض، فإن تأثيره يمتد إلى الفضاء ليشكل تحديًا جديدًا للعلوم والتكنولوجيا.
الإلكترونات القاتلة وتأثيرها:
1. ما هي الإلكترونات القاتلة؟
هي جزيئات ذات طاقة عالية تتحرك بسرعات قريبة من سرعة الضوء، ولديها القدرة على اختراق المعادن، مما يجعلها خطرة على الأقمار الصناعية والمعدات الفضائية، وتشكل تهديدًا لصحة الإنسان، حيث يمكن أن تسبب أضرارًا بيولوجية خطيرة لرواد الفضاء.
2. مصدر الإلكترونات القاتلة
تُحبس هذه الإلكترونات في أحزمة فان آلن الإشعاعية، وهي مناطق من الجسيمات المشحونة الناتجة عن المجال المغناطيسي للأرض، وتمتد أحزمة فان آلن إلى ارتفاعات مختلفة:
الحزام الداخلي: من 640 إلى 9600 كيلومتر.• الحزام الخارجي: من 13,500 إلى 58,000 كيلومتر.
• هذه الأحزمة تحمي الأرض من الجزيئات المشحونة القادمة من الرياح الشمسية، ولكنها في الوقت ذاته تمثل مصدرًا محتملاً للإلكترونات القاتلة.
البرق ودوره في إطلاق الإلكترونات:
ينتج البرق موجات كهرومغناطيسية تُعرف بالأمواج الصافرة، التي تتفاعل مع البلازما غير المستقرة في الغلاف الجوي، هذه التفاعلات تؤدي إلى تصادم الإلكترونات منخفضة الطاقة، مما يرفع من طاقتها وينتج إلكترونات قاتلة ذات طاقة عالية، والبيانات المجمعة من الأقمار الصناعية أظهرت موجات من الإلكترونات القاتلة مرتبطة بصواعق البرق، وتحدث هذه الظاهرة في أقل من ثانية بعد حدوث البرق.
تأثير الإلكترونات القاتلة على الفضاء والمعدات:
1. الأقمار الصناعية
• تخترق الإلكترونات القاتلة مكونات الأقمار الصناعية، ما يؤدي إلى تلف الدوائر الكهربائية وتقليل عمرها الافتراضي.
• وجود العديد من الأقمار الصناعية في المدار المنخفض يجعلها أكثر عرضة لهذا التهديد.
2. رواد الفضاء
• التعرض لهذه الإلكترونات يزيد من جرعات الإشعاع الكوني، مما يشكل خطرًا صحيًا كبيرًا.
• يُنصح رواد الفضاء بالبقاء في أماكن محمية أثناء العواصف البرقية لتجنب هذه الظاهرة.
اكتشاف جديد وفهم أعمق:
اكتشف الباحثون 45 موجة من الإلكترونات القاتلة بين عامي 1996 و2006، مؤكدين ارتباطها بصواعق البرق، وهذا الاكتشاف يبرز العلاقة بين الظواهر الجوية الأرضية وتأثيرها على الطقس الفضائي، والظروف التي تُحفّز هذه الظاهرة قد تكون مرتبطة بالنشاط الشمسي وكثافة البلازما، لكن الأمر يتطلب مزيدًا من البحث.
التطبيقات والتحديات المستقبلية:
1. الحماية من الإلكترونات القاتلة
• تحسين تصميم الأقمار الصناعية لتكون أكثر مقاومة للإشعاعات الكونية.
• تطوير أنظمة إنذار مبكر لرصد النشاط البرقي وتأثيراته على الفضاء.
2. البحث العلمي
• مزيد من الدراسات لتحليل العوامل المؤثرة في إطلاق الإلكترونات القاتلة.
• مراقبة التفاعل بين موجات البرق والإلكترونات لفهم ديناميكية هذه الظاهرة.