سواليف:
2025-02-07@08:44:48 GMT

الأردن إلى أين … نبحث عن إجابات !؟

تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT

الأردن إلى أين … نبحث عن إجابات !؟

#الأردن إلى أين … نبحث عن إجابات !؟

#هشام_الهبيشان

ليس بعيداً عن الجدل المثار في #الشارع_الأردني حول التعديل الوزراي الأخير ، فالواضح أنه لا يزال الأردن، حتى يومنا هذا، يعاني من أزمة قديمة جديدة مستعصية وهي أزمة #توريث #المناصب الوزارية ووظائف الدولة العليا بالتقادم، فأزمة التوريث هذه استفحلت وباتت عصيّةٌ على الحلّ، وقد أصبح بعض المناصب متوارثاً لأبناء بعض العائلات عن أسلافهم بكلّ سهولة وقد ورّثوها، بدورهم لمن خلفهم، ليستمر مسلسل التوريث والخاسر الوحيد من كلّ هذا هو الشعب العربي الأردني الذي نراهُ اليوم يتحمّل عبء كلّ ما يجري في هذه البلاد.

وعلى محور آخر وهامّ، يعلم كلّ متابع ومراقب للشأن الأردني الداخلي في هذه الأيام حجم التساؤلات التي يطرحها المجتمع الأردني قلقاً وتوجُّساً من المستقبل قاتم المعالم للدولة الأردنية داخلياً وخارجياً، خصوصاً في ظلّ الحديث عن تفاهمات كبرى تجري اليوم لترتيب ملفات المنطقة من جديد، وأجزم أنّ الأردن سيتأثر سلباً وبشكل كبير من مسار هذه التفاهمات، خصوصاً في ظلّ الحديث عن مبادرة تقودها بعض الأنظمة العربية وبالتنسيق مع قوى غربية بهدف تصفية القضية الفلسطينية، ويبدو أنّ ما يجري الحديث عنه اليوم في بعض الأوساط الأردنية والفلسطينية من فيدرالية أوكونفدرالية بين الأردن وفلسطين بمجموعه يصبّ في خانة التصفية الكاملة للقضية على حساب الأردن وتضحيات شعبه المقاوم الرافض لكلّ هذه المشاريع.

مقالات ذات صلة في ذكرى مولد السراج المنير والشاهد والمبشّر والنذير 2023/09/27

واليوم وأمام الكثير من التحديات التي يعيشها شعبنا في الأردن، تكثر تساؤلات الأردنيّين عن الآتي من الأيام وعن مستقبلهم وهم يستشرفون بألم طبيعة هذا المستقبل، ويتساءلون: هل سيتحسّن الوضع الاقتصادي والمعيشي؟ هل سيجد مئات الآلاف من الشباب الأردني الذين هرموا مبكراً فرص عمل؟.. يتساءل الأردنيون بألم عن مصير أبطال مسلسلات الفساد في الأردن، والذين يتنعّمون بأموال الأردنيين، ويمارسون طقوس شهواتهم القذرة على حِساب دماء ومستقبل الأردنيين، الأردنيون يتكلمون بألم ويتساءلون عن مصير هؤلاء وحجم ثرواتهم التي تراكمت، يتساءلون عن مستقبل أبنائهم وبناتهم الذين باتوا عالةً عليهم، فقر، بطالة، تهميش، جوع، إقصاء. تركة الفاسدين الثقيلة للشعب. مديونية مرتفعة تجاوزت حاجز الـ 43 مليار دولار، يتحمّل أعباءها الآن1.500.000 من الشباب العاطلين عن العمل أو الذين يعملون بأجورٍ زهيدة جدّاً. 

لا نعلم …هل هذه سياسة مُمنهجة مفروضة على الأردنيين!؟ ما زلنا نبحث عن إجابات مقنعة!؟، فـ أزمات الأردن وشعبه اليوم، دخلت في بداية نفقٍ مظلم، ولا نعرف ما هي النهاية التي سيوصلنا إليها هذا النفق والتي ستكون حتماً مأساوية، فاليوم لم تعد تُجدي نفعاً سياسة تكميم الأفواه، ولا ممارسة الترهيب والتخويف الأمني، أو سياسة إرضاء «س» وحرمان «ص»، هذه السياسات بمجموعها لم تعد تُجدي، فتراكم هذه الأزمات بدأ يمسّ هوية الوطن الأردني وبنية المجتمع وهيكلية المفاهيم الوطنية الثابتة، لهذا فإنّ الصمت على كلّ هذه الممارسات في هذه المرحلة، هو خطيئةٌ كبرى بحقّ الأردن وشعبه.

أزمات الأردن تتراكمُ أزمةً فوق أزمة، وللأسف مازال البعض، يتعامى عن رؤية هذه الأزمات ويقف عاجزاً عن وضع رؤى للحلول، ولا يزال غارقاً في أزمات المنطقة التي حمّلت الأردن أكثر مما يحتمل، ويستمرّ مسلسل استنزاف الدولة الأردنية ومقدّراتها بتبديل الوجوه والإبقاء على نفس النهج، والهدف هو إشغال وإلهاء الشعب عن قضايا هامة يجب أن يتنبّه لها في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها المنطقة كلها،المؤلم هنا هو حال الشباب الأردني اليوم فهو يعيش «فعلياً حالة من الاغتراب في مجتمعه ووطنه، وذلك نتيجةً لارتباطه بمتغيّرات وإفرازات المجتمع الذي ينشأ فيه، وكلّ ذلك بسبب سياسات ملتبسة تفرض عليه، ولا تزال أزمة البطالة تلاحقه في كلّ مكان وهو عاجز عن توفير لقمة العيش والمسكن، وهذا على الأقلّ سبب كافٍ لزيادة الشعور بالاغتراب داخل الوطن وفي البيئة المجتمعية الحاضنة لهؤلاء الشباب، في ظلّ عدم حدوث أيّ تغيير حقيقي في ظروفهم الاقتصادية وأحوالهم المعيشية، واتساع المسافة بينهم وبين خطط المسؤولين .

وهنا تبرز ظاهرة الإحباط والقبول به لدى الشباب، وهي أخطر ما يمكن أن يواجهه المجتمع، نتيجة إفرازات الواقع المُعاش وتراكم الكبت الذي أصبح مركباً ومعقداً للغاية، فقد انتشرت بين الكثير من الشباب الأردني، حالة الإحباط جرّاء البطالة والفقر وعدم الاستقرار النفسي، فلا يجد البعض وسيلة للخلاص إلا بإلقاء نفسه في النار، ويسهم في ذلك الفراغ الروحي، واليوم نرى حالة غير طبيعية بانتشار أفكار التطرف وانتشار آفة المخدرات بين الشباب، ولنقس على هذه الظاهره باقي الظواهر عنف مجتمعي، عنف جامعي، ازدياد حالات الانتحار، الأزمات الأخلاقية إلخ… وهي مشكلات مستعصية تنخر في جسد المجتمع الأردني، وأخصّ فئة الشباب منه.

ختاماً، على كل مواطن عربي أردني أن يدرك بشكل كامل، أنّ الدولة الأردنية تعيش اليوم بكلّ مكوناتها واقعاً خطيراً جداً وبظواهر لا يمكن أن يُسكت عنها، لأنّ السكوت عنها في هذه المرحلة خطيئة وجريمة كبرى لا تغتفر بحقّ الأردن وشبابه ومجتمعه وأرضه ومستقبله وهويته.

*كاتب وناشط سياسي – الأردن.

hesham.habeshan@yahoo.com

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الشارع الأردني توريث المناصب فی هذه

إقرأ أيضاً:

ما الذي فعلته البطالة بثقافتنا العراقيَّة؟

آخر تحديث: 6 فبراير 2025 - 11:58 صصفاء ذياب تشير أغلب التقارير إلى انتشار البطالة بين الشباب، لاسيّما وأنَّ هناك أعداداً كبيرة منهم يعيشون على رواتب الرعاية الاجتماعية، التي تؤشّر إلى المشاكل الاقتصادية التي أحدثها توقّف أغلب المصانع والمعامل الحكومية، فضلاً عن ندرة الاستثمارات التي كانت ستستخدم هذه الأيدي الشابة، لاسيّما في ظل تزايد عدد الخرّيجين الذين لا يحصلون على التعيين الحكومي، بسبب الأعداد الهائلة من الخريجين كلّ عام في الجامعات الحكومية؛ بفرعيها الصباحي والمسائي، والجامعات الأهلية التي انتشرت بشكل كبير في المدن العراقية كلّها، فضلاً عن حاملي الشهادات العليا إن كانوا خريجي الجامعات العراقية، أو الإيرانية أو اللبنانية ودول أخرى غيرهما. العلاقة بين البطالة والفقر وثقافة الشباب معقدة وتتأثر بعدّة عوامل. إليك بعض النقاط الرئيسة مثل إنَّ البطالة تؤدي إلى فقدان الدخل، ممّا يزيد من خطر الفقر الذي يحدُّ من فرص التعليم والتدريب، وبحسب علم النفس، فإنَّ البطالة تؤدّي إلى زيادة الوقت الحر، الذي يدعو إلى انخراط في السلوكيات السلبية، وذلك يعود لأسباب كثيرة، منها: تدهور الثقة بالنفس والقيمة الذاتية، تقليل فرص الزواج والاستقرار الاجتماعي، تقليل المشاركة السياسية والاجتماعية. ومن ثمَّ، على الرغم من الوقت الذي يملكه الشباب حينها، فهذا الوقت يشكّل عبئاً جديداً يبعدهم عن القراءة والبيئات الثقافية، وبحسب الباحث نعيم حسين كزار البديري فقد أدّت الأزمات (الحروب والحصار والاحتلال) في العراق إلى نتائج خطيرة ألقت بظلالها على المجتمع العراقي، ولعلَّ أخطر تلك الآثار بث التضخّم في كلِّ مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسلوكية، وبسبب استمرار الأزمات مدّة طويلة كانت آثارها بنيوية على المجتمع العراقي، بمعنى أنَّها تمأسست وترسّخت في عمق الممارسة اليومية الاجتماعية، بحيث حازت آلياتها على الاعتراف الاجتماعي وتغلغلت في الحس الجمعي للناس. إذ إنَّ الاحتلال حرّك في المجتمع العراقي ما أسماه العالم (نيل سملزر) عوامل التهيئة البنائية أو المفضية إلى التوتّر البنيوي التي كسرت روتينية الفعل الاجتماعي وتواتره وانتظامه وحوّلته إلى سلوك جمعي أتسم بالعنف وأسفر عن كلف اجتماعية عالية. فصورة المشهد العراقي اليوم تمثّلت بأزمة هي نتاج لأسباب قد أخذت مأخذاً من بنية ونسيج وأواصر هذا المجتمع، إذ تمثلت أزمة العراق بتبعثر واغتراب قيمي واستلاب ثقافي جاء كنتيجة واضحة لما مرَّ به هذا المجتمع من أزمات خانقة والتي قد جعلت منه إن لم نكن نبالغ بقايا مجتمع يحاول الوثوب والنهوض من جديد. مضيفاً أنَّه إزاء هذا الواقع الاجتماعي المأزوم لتضيف مشكلة البطالة بآثارها ونتائجها مزيداً من التوتّر الاجتماعي بين الشرائح الاجتماعية ومصدراً آخر يرفد مصادر الأزمات بين المجتمع والسلطة الحاكمة وحاضنة رخوة لتفريخ صفحات من العنف والتطرّف والإرهاب. وقد استفحلت هذه المشكلة منذ ثمانينات القرن الماضي إثر تزايد اعتماد العراق على قطّاع النفط، والتوسّع غير المخطّط لقطّاع الخدمات غير المنتجة كالزراعة والصناعة، وإهمال الاستثمار الإنتاجي في النشاطات المدنية وتزايد سيطرة النخبة الحاكمة على مؤسّسات الدولة وتسريح ما يقرب من مليون مجنّد عقب انتهاء الحرب العراقية الإيرانية، ليدخلوا سوق العمل من دون مهارات تؤهّلهم للحصول على عمل ذي دخل مجزٍ، وتفاقمت هذه المشكلة في ظلِّ الحصار الاقتصادي (1990-2003) وتدهور مجمل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتراجع مستويات المعيشة وتزايد معدّلات البطالة والفقر بفعل الحصار. وإذا كانت البطالة مستشريه بين الشباب على الرغم من وجود الكثير من المعامل والمصانع حينها، فكيف هو الحال بعد العام 2003 ودخول العراق في حروب عدّة أوقفت الاستثمارات والصناعات الوطنية.فإذا كانت للبطالة والفقر تأثير على البنية الاجتماعية وتكوين الفوارق الطبقية… كيف يمكن وصف تأثيرهما على البنية الثقافية لجيل الشباب؟ بهرجة الانشغالات الصاخبة يشير الشاعر حسام السراي إلى أنَّه بالرغم من تطوّرات الحياة واندماج قطاعات غير قليلة من الشباب في ممارسات حضاريّة، من بينها مثلاً رغبتهم في التعبير العفوي عن أنفسهم؛ بجرأة، ومن دون تكلّف، وبلا عمق أيضاً في الخطاب والمتبنّيات، لم تعد الرغبة في التثقف والاستزادة المعرفيّة، بمعنى قراءة الكتب وتداول الأفكار لدى هؤلاء، مُغرية وخاضعة للاندفاع نفسه بنحوه المعهود الذي عرفناه قبل عقود؛ هناك صور ابنة لحظتها هو ما يشغل جموع من الشباب اليوم.يبدو أنّنا نعيش زمن وأد وإزاحة الأفكار، الأفكار والأيديولوجيات الكبيرة، وهذا له ظلاله على الواقع، في العراق وتونس ومصر، وفي بلدان لها تقاليد ثقافيّة صارمة وتنتمي للعالم الآخر. لننظر إلى حفل تايلور سويفت الأخير في تورنتو بكندا، وهي مغنّية صف أوّل ونجمة بوب عالميّة، ولننتبه لما يفعله إغواء الصورة والجمهرة التي لا تحتفل بالمغنية الرشيقة فقط؛ بل بوجودها في مشهدية هذه اللحظة الجماعيّة، ضمن سلسلة حفلات حول العالم بلغت ايرادات تذاكرها ملياري دولار خلال عامين تقريباً. هل يمكن لأحداث ثقافيّة رصينة أن تنافس وتجلب هذا التأثير والعوائد الماليّة من سلسلة حفلات توقيع كتب وعروض مسرحيّة وفعاليات نخبوية بالغت في ابتعادها عن عموم الناس؟هذا بالنسبة لمزاج وميول الشباب في مقطع راهن من الألفية الحالية التي يتقدّم فيها ما هو سريع التلقي على ما يحتاج لتأنٍ وصفاء ذهني. محليّاً، لدينا اليوم فوارق طبقيّة بدأت تتفاقم بين شبان لا يحصلون على ما يلبي احتياجاتهم وكثير منهم ضيّعه وضعه المعاشي وأبعده عن التحصيل الدراسي والمستوى التعليمي الجيّد، وبين أقران آخرين يتنعّمون بالترف. هل يمكن لشاب يَحار بقوته اليومي أن يفكّر بالذهاب إلى عرض مسرحي أو اقتناء كتاب؛ بل لندقّق في سلوك هذا النوع من الشباب كيف يتخشّن في الشارع ويكون أحياناً مفتقراً للتهذيب؛ والأسباب ثقافيّة توعوية بحتة، قبالة من يعيشون الرخاء ولا يعانون اقتصادياً، لكنّهم لا يأبهون لشيء اسمه كتاب جديد وعرض للأوكسترا السيمفونية؛ في حين لا مانع لديهم من قضاء ساعات طوال في مقهى مع أراكيل وتزجية عابرة للوقت.نعم البنية الثقافيّة للجيل الشاب تأثّرت بفعل بهرجة الانشغالات الصاخبة والتفكير بمتطلبّات الحياة التي لا تتيح في نهاية اليوم قراءة صفحات من كتاب؛ إنّما البحث عن متعة سريعة لا تتطلّب أيَّ جهد ذهني. وجهاً لوجهه ويبين الشاعر حمدان طاهر المالكي أنَّه من الواضح أنَّ الفقر هو المسبّب الأكبر لكل الأمراض الاجتماعية التي تنخر المجتمع وتمدُّ آثاره الكبيرة على مفاصل الحياة كلّها، وحين نتحدث عن أسباب الفقر لا شكَّ أنَّنا نتحدث عن البطالة التي دائماً تأتي بسبب قلّة فرص العمل وندرتها أمام متطلّبات الواقع الحياتي، أصبح الشباب العراقي مع تزايد السكّان المتسارع وجهاً لوجه مع وحش البطالة، ليست هناك تنمية ولا مشاريع اقتصاديه تستوعب هذه الموجة الكبيرة من العاطلين عن العمل. ويضيف المالكي: أستطيع القول إنَّ هذا الأمر ليس مستحدثاً، لقد بدأ منذ نهايات التسعينيات كمرحلة أولى ثمَّ بدأ بشكل واضح للعيان بعد العام 2003، لقد اتضح أنَّ الحكومات المتعاقبة كلّها على حكم العراق لم تستطع أن تشيّد بنية اقتصادية من معامل ومصانع تستوعب الأيدي العاملة ونتج عن هذا فرضية واقعية أنَّ فرصة العمل الوحيدة المتاحة هي مؤسّسات الدولة، وبدأنا نرى بطالة من نوع آخر هي البطالة المقنّعة التي لا تؤدّي عملاً مهمّتها الوحيدة تسلّم الراتب، لقد قادت عوامل الفقر والبطالة إلى انهيار كبير في مستوى جودة التعليم ومؤسّساته التربوية وانعكس هذا الأمر بشكل كبير على المستوى الثقافي وذلك للارتباط الوثيق بين التعليم والثقافة، نرى اليوم الكثير من خرّيجي الجامعات لا يعرفون شيئاً عن ثقافة وتراث وحضارة بلدهم، وهو مؤشّر خطير على تلك الانتكاسة الكبرى. الفقر يمحو الفنون ويرى الروائي أحمد دهر أنَّ البطالة والفقر يؤثّران بشكل عميق على البنية الثقافية لجيل الشباب، إذ يؤدّيان إلى تغيّرات جوهرية في القيم والممارسات الثقافية. عندما يعاني الشباب من انعدام الفرص الاقتصادية، فإنَّهم يواجهون تحديات في تحقيق تطلّعاتهم الشخصية والمهنيّة، ممَّا يؤثّر بشكل مباشر على رؤيتهم للحياة ومستوى انخراطهم في المجتمع. الفقر والبطالة غالباً ما يؤدّيان إلى انتشار الإحباط واليأس بين الشباب، ممَّا يجعلهم أكثر عرضة لاتباع ثقافات الهامش التي قد تتسم بالعنف أو السلوكيات السلبية. فضلاً عن ذلك، يضعف الفقر القدرة على الوصول إلى التعليم والثقافة، ممَّا يحدّ من تنمية المهارات الفكرية والإبداعية. وبالتالي، تصبح الفجوة الثقافية بين الفئات الاجتماعية المختلفة أكثر وضوحاً، ممَّا يزيد من الفوارق الطبقية. من جهة أخرى، يساهم الفقر في تراجع الاهتمام بالأنشطة الثقافية، مثل القراءة والفنون، بسبب الأولويات الاقتصادية الملحّة. كما أنَّه يعزّز انتشار ثقافات استهلاكية سطحية تركز على المظاهر بدلاً من القيم والمضمون.أي لا يمكن أن تطلب من شاب يخرج في ساعة الفجر ويعود آخر النهار يلقط رزقه وتأتي وتسأله عن ماهية الوجود أو هل الحقيقة نسبية أو مطلقة، فهو في هذه الحال سيرد عليك بالسباب هو يريد أن ينتشي بشيء مضحك ويا حبّذا يكون تافهاً جدّاً فيكفيه تعب الجسد ولا يريد أن يجهد عقله أيضاً. لمواجهة هذه التحديات، يجب على المجتمع والمسؤولين عن الملف الثقافي توفير برامج لدعم الشباب، مثل تعزيز التعليم المجاني، وخلق فرص عمل، وتشجيع الأنشطة الثقافية التي ترفع من وعيهم وتمنحهم أدوات للتعبير عن أنفسهم وتطوير قدراتهم. بذلك، يمكن الحد من التأثير السلبي للفقر والبطالة على البنية الثقافية. ثقافات فرعية وبحسب غسان البرهان، فالفقر يحدُّ من الوصول إلى تعليم جيّد، ممَّا يؤدّي إلى ضعف المهارات الثقافية والمعرفية، وبذلك يصبح الاهتمام بالفنون، القراءة، أو المشاركة الثقافية أقل أولوية.مضيفاً أنَّه مع انعدام فرص العمل وغياب استراتيجيات واضحة لدعم الشباب، تتحوّل أولوياتهم من الطموحات الثقافية والإبداعية إلى التركيز على القيم المرتبطة بالبقاء، مثل البحث عن موارد أساسية تضمن الحد الأدنى من المعيشة، وهذا التحوّل يضعف قدرتهم على الانخراط الفعّال في المشهد الثقافي. أمَّا بالنسبة للشباب في الوسط الثقافي العراقي، فإنَّ انحسار الفرص حدّد وجهتهم وجعلها- إلى حدٍّ كبير- محصورة بالعمل الصحافي والإعلامي، وكلاهما يخضعان لرأس مال سياسي له أجندته وأهدافه وخطابه، الأمر الذي يحوّل هذه المنصات إلى أدوات تكرّس التبعية، بدل تحفيز الشباب ودعم أفكارهم المبتكرة، فضلاً عن إخضاعهم لخطابها.هذا التحوّل في الأولويات يُضعف ارتباط الشباب بمفهوم الهوية الوطنية أو الثقافية ويجعلهم عرضة للاغتراب الاجتماعي والثقافي. كما أنَّ الثقافة المحلّية في ظلِّ غياب فرص العمل، تصبح أقل جاذبية، ويفقد الشباب القدرة على رؤية أنفسهم كمساهمين فعّالين في إنتاجها أو تطويرها، وهذا الاغتراب قد يفسّر انجذاب الشباب إلى ثقافات فرعية قد تتخذ جانباً متطرّفاً من أقصى اليمين أو اليسار. اختلال المعايير ويختتم الدكتور خالد عبد المصلاوي موضوعنا، قائلاً: يَطفو تأثير البطالة والفقر على البيئة الاجتماعية وتكوين الفوارق الطبقية على مشهد البنية الثقافية لجيل الشباب بشكل واضح حينما يفقد الشباب أحلامهم وطموحاتهم بالمستقبل المشرق الذي يصبون إليه، ويَذهَب باتجاه عَكسي في تَحطيم ثقافتهم للانحدار إلى هاوية الجهل والتخلّف الثقافي، وبصورة عفوية تقودهم مرغمين للبحث عن فرصة عمل بشتّى الوسائل والطرق من دون الاكتراث أو التقيّد بأيّة مبادئ أو قيم ثقافية ومجتمعية يحملها وينادي بها مجتمعه.وَيتَجَسّد ذلك في غياب القيم النبيلة، ليصبح هدف الشباب هو الحصول على المادة والمال فقط بأيّة وسيلة حتى إذا كانت غير مشروعة وغير قانونية، لتختفي وتَضعف الأهداف والقيم والمبادئ النبيلة التي كان يحملها فكر الشباب، وليحلَّ محلّها التخلّف والانحدار الثقافي والطمع والجَشَع وانعدام الإنسانية، ما يؤدي إلى تسلّط من هم غير مؤهلين- لكنهم يملكون المنصب أو المال- على طبقة وشريحة الشباب المثقفين وأصحاب الشهادات العليا من الطبقة الفقيرة وتجبرهم للعمل في مسلك لا يَتَناسب ومؤهّلاتهم العلمية والثقافية من أجل الحصول على لقمة العيش، ويؤدي ذلك إلى اختلاف المعايير المجتمعية والثقافية.

مقالات مشابهة

  • العاهل الأردني يحمل "رسائل تحذير" إلى ترامب
  • ما الذي فعلته البطالة بثقافتنا العراقيَّة؟
  • العاهل الأردني: الحل لن يكون على حساب أمن واستقرار الأردن
  • مدير مكتبة الإسكندرية: الهجرة غير الشرعية أبرز التحديَّات الشائكة التي تواجه المجتمع الدولي
  • العاهل الأردني يؤكد لنظيره الفلسطيني رفض أي محاولات التهجير
  • عقب تصريحات ترامب.. الرئيس عباس يلتقي العاهل الأردني في عمّان
  • بعد تصريحات ترامب.. تفاصيل لقاء الرئيس الفلسطيني العاهل الأردني
  • مجلس النواب الأردني يقترح إصدار قانون يمنع تهجير الفلسطينيين إلى الأردن
  • الرئيس الفلسطيني يتوجه إلى الأردن للقاء العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني
  • الملك الأردني يجدد التحذير من خطورة التصعيد في الضفة الغربية