سياسة التسليح..هل تنم عن خلاف بين ألمانيا وفرنسا؟
تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT
يسعى وزير الفرنسي ونظيره الألماني إلى تسريع مشروع الدبابات المشترك
لأن الرمزية وحدها لا تكفي، ومن أجل التغلب على أزمة التعاون الألماني الفرنسي في مجال التسليح، دعا وزير الدفاع الفرنسي، سيباستيان ليكورنو، نظيره الألماني، بوريس بيستوريوس، إلى مدينة إيفرو الفرنسة. على بعد 90 كيلومتراً شمال غرب باريس، يسير التعاون بين البلدين بالطريقة التي ظل السياسيون يرددونها في خطاباتهم الكلاسيكية لعقود من الزمن.
يمثل سرب النقل الجوي الثنائي القومي في نورماندي، علامة فارقة للتعاون العسكري الوثيق المتفق عليه في معاهدة الإليزيه في عام 1963. في حين أن اللواء الألماني الفرنسي يفصل بين جميع الوحدات تقريباً على المستوى الوطني، فإن أطقم ألمانية فرنسية مختلطة تتولى قيادة ناقلات النقل في إيفرو الفرنسية - ويأتي الطاقم الأرضي أيضاً من كلا البلدين.
فشل العديد من المشاريع الألمانية الفرنسية
غير أن سحباً سوداء تخيم على سماء التعاون بين البلدين في مجال التسليح. المنافسات الصناعية والمصالح السياسية المختلفة بينهما تلقي بثقلها على مشروع الدبابة الألمانية الفرنسية المشتركة MGCS. وهو مشروع واعد للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. فبعد انتخابه لمنصبه، اتفق هو والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، في يوليو/ تموز عام 2017 على قائمة مشاريع أسلحة مشتركة تبلغ قيمتها أكثر من 100 مليار يورو. وعلى رأس هذه القائمة يأتي، نظام القتال الجوي (FCAS)، وكذلك طائرة دورية بحرية، وطائرة بدون طيار مسلحة، ودبابة قتال جديدة. وكان من المرتقب أن تحل الدبابة الألمانية الفرنسية المشتركة MGCS محل الدبابة الفرنسية Leclercوالألمانية Leopard 2 اعتباراً من عام 2035.
باريس أم برلين؟ الصراع على الهيمنة
تريد باريس وبرلين تقاسم تكاليف تطوير الدبابة، وتتولى ألمانيا المشروع، بينما تتولى فرنسا بدورها السيطرة على الطائرات المقاتلة (FCAS). كان من المقرر في البداية تطوير الدبابة الألمانية الفرنسية المشتركة MGCS بواسطة KNDS، وهي شركة قابضة جمعت بين شركة KMW الألمانية وشركة Nexter الفرنسية المصنعة للدبابات التابعة للدولة.
سرب النقل الجوي الفرنسي الألماني في الخدمة في موقع إيفرو بفرنسا.
منذ انضمام شركة راينميتال إلى المشروع في عام 2019، اشتكى الفرنسيون من الهيمنة الألمانية. وقد تنضم إلى هذا المشروع بلدان أخرى. وقال ليكورنو إن إيطاليا وهولندا مهتمتان بالحصول على صفة مراقب. ويرى جاكوب روس من المجلس الألماني للعلاقات الخارجية (DGAP) أن هذه المناورة تعد بمثابة "رحلة إلى الأمام". ويتابع روس: "لكن هذا لا يمثل إنجازاً كبيراً للمشروع"، خاصة وأن ألمانيا وفرنسا لم تتوصلا إلى اتفاق بشأن القضايا الموضوعية في إيفرو أيضا.
جيران مع خطط دبابات مختلفة
مشروع الدبابة الألمانية الفرنسية المشتركة MGCS يثير الجدل. فبينما تفضل شركة راينميتال مدفعًا عيار 130 ملم، تصر شركة Nexter على تطوير مدفعها عيار 140 ملم. الصراع على المليمترات مهم عسكريا لأن العيار يحدد قدرات السلاح. وأياً كان من سينتصر في هذه القضية فمن المرجح أن يحدد هذا معيار حلف شمال الأطلسي لعقود من الزمن. ولم يسفر الاجتماع غير الرسمي بين المستشاراالألماني، أولاف شولتس والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون في الصيف عن التوصل إلى اتفاق.
وفي الأسابيع القليلة الماضية، قام الطاقم العسكري في برلين وباريس بكتابة متطلباتهم ضمن قائمة مشتركة. وافق بيستوريوس وليكورنو على هذه القائمة في إيفرو و سيتم تحديد مناطق نظام الدبابات التي ستتولى فرنسا أو ألمانيا زمام المبادرة فيها حتى ديسمبر/ كانون الثاني.
عواقب حرب أوكرانيا
ولأن كلا البلدين لديهما أهدافاً استراتيجية مختلفة وكذلك سعي الشركات إلى تحقيق مصالح متعارضة، يحول بشكل متكرر دون إحراز تقدم في الماضي. بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا ارتفع الطلب على الدبابات القتالية الرئيسية من طراز ليوبارد 2. ويريد صانعو الدبابات الألمان تأمين هذا السوق بسرعة من خلال تحديث ليوبارد 2. وفي مؤتمر إيفرو، أكد الوزراء على أن الدول باعتبارها المشتري هي التي تحدد المتطلبات الدقيقة - وليس الصناعة. وتصر فرنسا بشكل خاص على نظام تم تطويره بشكل أساسي. بالإضافة إلى هذه المعارك الكلاسيكية، هناك أيضاً الجدل حول النيران الكهرومغناطيسية ونيران الليزر والقتال المتصل عبر الذكاء الاصطناعي. ويمكن أيضاً للمركبات ذاتية القيادة أن ترافق الدبابة التي يحرسها الجنود.
نموذج نظام القتال الجوي المستقبلي (FCAS)
هل تسعى ألمانيا إلى المزيد من القوة؟
في الوقت نفسه ظلت نتائج مبادرة التسلح الألمانية الفرنسية اعتباراً من عام 2017 متواضعة للغاية. فقد تم إلغاء طائرات الدورية البحرية المشتركة، ولهذا الغرض تقوم ألمانيا بشراء آلات أمريكية. حتى أن برلين تخلت عن مشروع طائرات الهليكوبتر الهجومية المشتركة من طراز تايغر. لقد أدت "نقطة التحول" الألمانية إلى تحولات في السلطة، كما يحلل إيلي تينينباوم من مركز أبحاث السياسة الخارجية IFRI في باريس. قررت ألمانيا، في عهد المستشار الألماني، أولاف شولتس، أن تصبح القوة الدافعة في الركيزة الأوروبية لحلف شمال الأطلسي. ويعتقد تنينباوم أن "ألمانيا تريد - كما هو الحال مع نظام الدفاع الصاروخي الأوروبي - التعاون مع مجموعة من الدول الأوروبية الأصغر حجما. وليس لفرنسا مكان في هذا التشكيل".
الرمزية وحدها لا تكفي لمشروع الأسلحة الألماني الفرنسي
احتفل المضيف ليكورنو في إيفرو بالعلاقة الخاصة مع نظيره الألماني، الذي أكد حبه لفرنسا. ويعرف بيستوريوس البلد واللغة ليس فقط من خلال إجازاته، ولكن أيضاً من خلال دراسته اللغة الفرنسية في الجامعة الكاثوليكية في أنجيه.
لكن هل من الممكن إنقاذ المشروع الذي تبلغ قيمته مليار دولار من خلال الرمزية؟ ومن المحتمل أن تتولى البرلمانات في نهاية المطاف المهمة غير السارة المتمثلة في دفن مشروع تسلح فرنسي ألماني آخر. في نهاية المطاف يتعين على النواب الموافقة على تمويل كل خطوة تنموية رئيسية - لكن الانتقادات التي تطال المشروع تزداد في البوندستاغ.
في الجمعية الوطنية، يعتمد ماكرون حتى على دعم المعارضة، التي تنتقد بشدة مشروع الدبابة الألمانية الفرنسية المشتركة MGCS. ويعتقد الخبير الفرنسي روس أن الخروج ربما لن يكون ممكنا دون أضرار جانبية: "إذا فشل مشروع الدبابة الألمانية الفرنسية المشتركة MGCS، فسيتم القضاء على الطائرة المقاتلة FCAS أيضا. وقد قرر البوندستاغ ذلك بوضوح. وسيكون ذلك خسارة كبيرة لماء الوجه، خاصة بالنسبة لماكرون. وسوف تستغل المعارضة ذلك."أندرياس نول / إ.م
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: التسليح ألمانيا وفرنسا التسليح ألمانيا وفرنسا من خلال
إقرأ أيضاً:
ما سر خلاف الجيش السوداني و«الدعم السريع» حول معبر «أدري»؟
أعلنت الحكومة السودانية التي تتخذ من مدينة بورتسودان الساحلية عاصمة مؤقتة، الاستجابة لمطلب تمديد فتح معبر «أدري» الحدودي مع دولة تشاد، لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى المستحقين، وتنسيق عمل المعبر بالتعاون مع المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة العاملة في المجال الإنساني.
لكن المعبر الحدودي الحيوي الواقع بين ولاية غرب دارفور السودانية، ومدينة أدري التشادية التي يحمل المعبر اسمها، تسيطر عليه فعلياً قوات «الدعم السريع» التي تحارب الجيش، وهو واحد من 3 معابر على الحدود السودانية - التشادية التي يبلغ طولها 1400 كيلومتر من جهة الغرب.
وقال رئيس «مجلس السيادة السوداني» الانتقالي وقائد الجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان في تغريدة على حسابه في منصة «إكس»، الأربعاء، إن حكومة السودان «قررت وبناءً على توصية الملتقى الثاني للاستجابة الإنسانية واللجنة العليا للشؤون الإنسانية، تمديد فتح معبر أدري بدءاً من 15 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024».
الماضي، على فتح معبر «أدري» لمدة ثلاثة أشهر تنتهي الجمعة، استجابة لاتفاق سوداني - أممي، بهدف تسهيل دخول حركة الإمدادات الإنسانية للبلاد التي يواجه نحو نصف سكانها نذر مجاعة ناتجة عن الحرب.
مهم للبلدين
وفي المقابل أثار قرار فتح المعبر حفيظة قوات «الدعم السريع» التي تسيطر على المعبر، ووصف مستشار قائد القوات تطبيق القرار بـ«المزايدة السياسية»، وعدّه «مناورة سياسية» للتغطية على رفض قائد الجيش للمفاوضات التي كانت تجري في جنيف آنذاك، كما عدّه «عطاءً ممن لا يملك»، استناداً على أن المعبر يقع تحت سيطرة قواته.
ويُمثل معبر أدري رابطاً اقتصادياً وثقافياً بين تشاد وإقليم دارفور السوداني، وتعتمد عليه التجارة الثنائية بين البلدين، لكون تشاد «دولة مغلقة» من دون شواطئ بحرية، كما تعتمد عليه حركة السكان والقبائل المشتركة بين البلدين، ويلعب موقعه الجغرافي دوراً مهماً في تسهيل عمليات نقل المساعدات الإنسانية، وهو المعبر الوحيد الآمن بين البلدين.
سبب أزمة المعبر
وتعقدت قضية معبر أدري بسبب الاتهامات التي وجهتها الحكومة السودانية باستمرار، بأنه يمثل ممراً لنقل الأسلحة والإمداد اللوجيستي لقوات «الدعم السريع» من تشاد التي تتهمها بالضلوع في مساندة قوات «الدعم السريع»، لكن الأخيرة ترد بأن الحدود بين تشاد ودارفور مفتوحة وتقع تحت سيطرتها، ولا تحتاج لاستخدام «أدري» إن كانت مزاعم الجيش السوداني صحيحة.
ومع ذلك تتمسك قوات «الدعم السريع» بإدخال المساعدات عبر معبر أدري على الحدود مع تشاد، بينما ترى الحكومة أن هناك معابر أخرى، عبر الحدود مع مصر وعبر جنوب السودان، إضافة إلى معابر أخرى عبر الحدود مع تشاد نفسها، لكنها رضخت للضغوط الدولية والإقليمية، رغم شكوكها القوية حول استخدامه لأغراض غير إنسانية.
وتطلّب فتح المعبر في أغسطس الماضي، وفقاً للاتفاق مع الأمم المتحدة، إنشاء «آلية مشتركة» لتسهيل إجراءات مراقبة المنقولات، وتسريع منح أذونات المرور لقوافل المساعدات الإنسانية.
الشرق الأوسط: