موقع 24:
2025-02-03@20:53:08 GMT

فى مئوية «هيكل».. اجتمع الفرقاء

تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT

فى مئوية «هيكل».. اجتمع الفرقاء

الاحتفال بمئوية ميلاد الأستاذ محمد حسنين هيكل الذى أقيم الأسبوع الماضى فى متحف الحضارة كان مختلفا عن كثير من المناسبات المماثلة التى يجرى فيها تكريم شخصيات سياسية أو أدبية أو علمية مرموقة. فالعرف عندنا أن التكريم يكون بالإسهاب فى وصف أعمال ومواقف وتراث المكرمين، والمبالغة فى التمجيد، والتوقف عند الماضى دون التطلع لما تركوه من أثر على الحاضر والمستقبل.

استثناء من ذلك، نجحت أسرة الأستاذ «هيكل» وعلى رأسها زوجته السيدة «هدايت» فى كسر هذه القاعدة بإحياء ذكراه فى أمسية اشتملت على فيلم شيق وملىء بالأحداث والمعلومات عن سيرته المهنية وارتباطها بالأحداث الجسيمة التى شهدها الوطن العربى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى الربيع العربى وتوابعه، كما تضمنت كلمات تجاوزت المعانى الرثائية التقليدية إلى التأمل فى الأحوال الراهنة، وندوة بين كاتبين مرموقين بريطانيين عن التغيرات العالمية، وكان ختامها تسليم جائزة مؤسسة «هيكل» السنوية إلى صحفيين شابين ودعوتهما لإلقاء كلمتين كانتا أفضل ختام لأمسية بالغة الثراء. وبهذا نجحت السيدة «هدايت» مع أسرتها وأصدقائهم فى تقديم نموذج نادر للتكريم الذى يتجاوز ذكر محاسن وفضائل المكرم إلى تناول قضايا العصر والمستقبل وفتح آفاق التقدم للشباب باسمه.
على أن أكثر ما استوقفنى كان تنوع الحاضرين سياسيا وعبر الأجيال على نحو نادر التكرار هذه الأيام. تقدم الصفوف السيد المستشار عدلى منصور، رئيس الجمهورية السابق، معبرا بذلك عن حضور الدولة ومكانة الأستاذ هيكل المستمرة لديها، وبالطبع حضر المعارضون أيضا. وحضر التيار الناصرى ممثلا بكافة قياداته التاريخية والمعاصرة، وحضر رموز حزب الوفد «الحقيقى» (إذا جاز التعبير)، وبعض المسؤولين من الحقبة الساداتية ومسؤولون أكثر من الحقبة المباركية، والليبراليون واليساريون، والإعلاميون من كل الأجيال ومن مختلف وسائل الإعلام الحكومية والمستقلة، كما حضر الشباب، والضيوف العرب.
دار فى بالى التساؤل حول ما جعل هؤلاء «الفرقاء»، بل أحيانا الخصوم السابقين، يجتمعون حول مئوية الأستاذ «هيكل» مع اختلاف الآراء والتوجهات، حتى إن بعض المتحدثين حرصوا على أن يبدأوا كلماتهم بذكر المسافة الفكرية بينهم وبين صاحب المناسبة.
وأظن أن وراء هذا التجمع نادر الحدوث، وغير المتوقع، أكثر من سبب: بالتأكيد أنها مئوية وأن المحتفى به ليس مجرد كاتب أو صحفى، بل الرجل الأكثر حضورا محليا وعربيا على الصحافة لأكثر من نصف قرن، وصاحب التأثير المباشر الأكبر على الحقبة الناصرية، ثم المؤثر بشكل غير مباشر وإن كان بفاعلية شديدة على الحقب التالية، من موقع الداعم أحيانا والمعارض أحيانا، وصاحب الرؤية الثاقبة فى كل الأحوال.
ولكن بالإضافة لذلك فإن تجمع المئوية جاء - فى تقديرى - معبرا عن اعتبارات ومشاعر أخرى. الحاجة ربما لتجمع الفرقاء للتشاور والتعاون حيال ظروف اقتصادية وسياسية ضاغطة، محليا وإقليميا، ودوليا، وتجاوز خلافات حقيقية أو وهمية سابقة. وقد تكون الرغبة فى استحضار أفكار الأستاذ «هيكل» ومنهجه التحليلى الدقيق والصارم لفهم الأوضاع العالمية وفك ألغاز مستقبل صرنا متفرجين له ومتلقين لتداعياته.
وأخيرا فإن اللقاء كان فيه جانب من استعادة الماضى (ترجمة ربما غير دقيقة لتعبير «نوستالجيا»)، وأقصد بذلك استرجاع ذكريات أزمنة ربما كانت فيها الآراء السياسية متباينة، والمصالح الاقتصادية متعارضة، والتحديات الخارجية كبيرة. ولكن كانت مصر فيها بلا شك رائدة الصحافة والإعلام، وصوت العرب الكاسح، وكانت للمؤسسات الصحفية حتى وهى مملوكة للدولة ساحات لمعارك سياسية ولعمالقة يشتبكون فكريا ولإبداع وتجديد تجاوز كل القيود المفروضة عليه.
مئوية الأستاذ «هيكل» كانت مناسبة للاحتفال ليس فقط بالصحفى والكاتب «الظاهرة»، ولكن بمصر وتنوعها وثراء ثقافتها وقوتها الناعمة والتأمل فى كيفية استعادتها برغم كل الظروف الصعبة.
فشكرا للسيدة «هدايت» وأسرتها وأصدقائهم على إتاحة هذه الفرصة للتأمل والتذكر والتطلع.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني

إقرأ أيضاً:

مِنْ كم يوم بفكر وبتساءل ربما يكون في قحاتي صادق!

مِنْ كم يوم بفكر وبتساءل ربما يكون في قحاتي صادق!
مش صادق بمعنى نبيل ومحترم؛ إنما صادق بمعنى: مُصدّق لقوله وما يدعيه، وعلى إيمان بقضيته!
والحقيقة بديت استشعر مدى فداحة ما يُقاسيه في مثل هذهِ اللحظات وهو مصدوم في “الشعب المعلم”، وإنه كيف حقًّا ممكن ينظر لينا كناس “معلوفة”، ويبدا يكرهنا من أعماقه -بلا وجه حق- ويقول لنفسه: دا شعب مُحبِط، ومُخيِّب للآمال؛ بحب الكيزان والمُستبدين.. وما يستاهل أي نضال وتضحيات قدمناها في سبيله!
هنا بإمكاننا الامساك بحكمة بمذاق الكارثة؛ وهي إنه كيف العقل الضعيف ممكن يتسبب لصاحبه في متاعب جمة، ليبدأ الانسان حامل العقل الفاسد معتنق الأوهام الجنونية الجامحة شقّ طريقٍ طويلٍ من الألمِ والشقاءِ وإلحاق الأذى بالنفس.. ما لسببٍ إلا أنّه كان ضحيةً لأوهام؛ أوهام من صنع نفسه!
وهنا تكمن مُفارقة عجيبة بعض الشئ؛ يعني المرء مِنّا قد لا يكتفي بالمتاعب التي لا يد له فيها.. لا؛ بل ممكن يجتهد ويسعى عشان يجر الويلات على نفسه!
من هنا تبقى رسالة البني آدم إنه بقدر الامكان ما يتوهم أو إن كان لابد من الوهم فليكتفي بالأوهام التي وجدها واعتنقها متورطًا دون إرادة منه.. شوفوا مثلًا سيدنا الإمام علي دون غيره من سائر صحابة رسول الله خُصّ ب”كرّم الله وجهه” وهذا لأنّه “لم يسجد لصنمٍ قط”؛ والكرامة هنا -في اعتقادي- ما لأنّ عليًّا لم يعبد يومًا سوى الله؛ إذ اللهُ غني عن عبادة الخلق. إنّما الصنم تجسيد لرمزية الباطل، وكانت كرامة علي -كرّم الله وجهه- أنّه لم يسجدَ لباطلٍ قط؛ أي: لم يدين بالولاء لباطلٍ، ولم يعتنق الباطل، ولم يتبع الباطل يومًا. ورفض الباطل/ الصنم هذا مُنتهى كرامة الوجه. وذروة سنام الكرامة الآدمية.
القحاتي فيما يبدو مُتطاول ليله مع المحنة؛ فهو إما: في الصورة المعهودة التي تكذب وتعرف أنها تكذب وتعرف أننا نعرفها تكذب.. لكن لا بأس فهي تمتهن الكذب والتخريب وتُحصِّل في سبيل ذلك المال وتحقيق مكاسب ذاتية مع التحلي بالوقاحة واللؤم.
أو: كان في صورة قحاتي مخو ما حلو؛ ينطلق من الوهم الجزافي. الوهم الذي يحملهُ على كراهيتنا دون مبرر؛ الوهم الذي يمنع صاحبه من أن يعيش الحياة السويّة؛ يفرح لفرح الناس ويتألم لآلامهم.
لكن هسي ما فات شي “يا أشرف يا سوكرتا”.. المخ الما حلو دا خليه يأكد ليك إنّنا فعلًا طلعنا شعب ابن كلب جدًا؛ استبدل الديمقراطية بالاستبداد، وما صبر على ثورته المجيدة!
المهم. يلا من هنا.. شوف ليك حائط مبكى عريض ولا تمرين ديمقراطي ولا شوف مشهادك بوين؛ وتلّب من ركشة حياتنا. مصحة أمراض عقلية ذاتو ما عندنا ليك في وضعنا دا.
المهم عيش أحزانك بعيد منّنا وما تفسد لينا مزاج النصر ????

محمد أحمد عبد السلام

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الدمام 8 مئوية.. بيان بدرجات الحرارة الصغرى على بعض مدن المملكة
  • القاهرة الإخبارية: نتنياهو اجتمع باليمين المتطرف قبل زيارته لأمريكا
  • مِنْ كم يوم بفكر وبتساءل ربما يكون في قحاتي صادق!
  • الهروب الكبير؛ ليس من الخرطوم، ولكن من الضعين والجنينة!
  • الدمام 9 مئوية.. بيان بدرجات الحرارة الصغرى على بعض مدن المملكة
  • بالصور.. مئوية الدكتور صوفي أبو طالب في معرض الكتاب
  • المسحل يناقش تغيير هيكل اتحاد كرة القدم
  • بمشاركة نواب وسياسين.. ندوة مئوية الدكتور صوفي أبو طالب بمعرض الكتاب
  • سماح هيكل: نسب التخفيضات في الأوكازيون الشتوي موسم 2025 ستصل إلى 70%
  • ترامب يعد بالتحدث مع بوتين لتحقيق شيء مهم