الأوبئة والمتحورات الجديدة بين فرص الانتشار وعوامل المواجهة
تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT
تصدَّرت أخبار الأوبئة التي قد تصيب الإنسان، والمتحورات الجديدة للفيروسات وسائل الإعلام أخيراً، وأصبحت مادة مثيرة للنشر في وسائل التواصل الاجتماعي.
فمع ظهور أولى المعلومات عن «آيرس»، المتحور الجديد لفيروس «كوفيد-19»، وتلك المتعلقة بـ«الطاعون الدبلي»، استشرى القلق بين أفراد المجتمع، وبات الجميع يتابع - بحرص وتوتُّر- أخبار تطورات الأوبئة والتهديدات، وانتشارها، وما قد تُمثّله من مضاعفات على الصحة العامة وسلامة المجتمعات.
وفي زمن يتَّسم بالتطور الطبي والتقدم التكنولوجي يتبادر إلى الذهن أن الإنسان قد تغلَّب على الأوبئة، وتمكَّن من التصدي لها ومنْع انتشارها، ولكنَّ الحقيقة، التي قد تبدو مفاجئة لكثيرين، هي أن الأوبئة ستظلُّ دوماً في طليعة سجل المخاطر التي تهدد البشرية. وقد صار مسلَّماً به أنه حينما نتحدث عن «الوباء المقبل»، فإن الأمر لا يتعلق باحتمال حدوثه فقط، بل بـ«متى سيحدُث؟» أيضاً.
وما يزيد تعقيد انتشار الأوبئة في عصرنا هذا مجموعة متنوعة ومتسارعة من العوامل التي تسهم في ذلك، ومنها النمو العالمي والمتزايد للمناطق الحضرية، والاكتظاظ في المدن، وكذلك سرعة وسائل التنقل وتطورها، إذ أصبح بإمكان فيروس واحد أن يجتاح العالم في أسابيع قليلة، ما يوفّر بيئة مواتية لتفشي الأوبئة.
وإلى جانب ذلك كله تُضيف التغيرات المناخية بُعداً جديداً إلى هذه المعادلة، وينبغي ألا ننسى التداخل المحموم للإنسان مع البيئة، وتآكل بعض العادات الفطرية، والتأثيرات غير المتوقَّعة التي قد تترتَّب عليها. وشهِد العالم العديد من الأوبئة المؤثرة التي غيَّرت مجريات الأحداث، وتركت جروحاً لم تندمل في سجل التاريخ البشري، ومن بينها «الطاعون الدبلي» الذي انتشر في أوروبا إبَّان العصور الوسطى، وأسفر عن فقدان ملايين الأفراد حياتهم، والإنفلونزا الإسبانية في عام 1918، التي أسفرت عن وفاة نحو 50 مليون شخص، وكذلك جائحة الإنفلونزا الآسيوية في عام 1957، التي تسبَّبت بوفاة ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم. ولا يمكن تجاهل فيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، الذي بدأ في ثمانينيَّات القرن الماضي، ويُواصِل التأثير في كثير من المجتمعات حتى اليوم.
ولا تزال الذاكرة الحاضرة متأثرة بما أسفرت عنه جائحة «كوفيد-19» التي اندلعت في أواخر عام 2019، وقلَبت أنماط حياة البشرية رأساً على عقب، وأخلَّت كثيراً بالاقتصادات العالمية، وأصابت عُشر سكان الأرض، وتسبَّبت بوفاة قرابة سبعة ملايين شخص. وحتى مع إعلان العالم انتهاء الجائحة، لا تزال جهود التعافي تتلمَّس طرق العودة إلى الحياة الطبيعية في مرحلة ما قبل الأزمة، في حين باتت بعض التأثيرات محفورة في جوانب مختلفة من الحياة اليومية. وتمثّل هذه الأوبئة التاريخية تذكيراً بقدرة الأمراض على تحويل مسار التاريخ، وتأثيرها الواسع في الحضارات والمجتمعات، كما تجعلنا ندرك أهمية الاستعداد والتنسيق الدولي في مواجهة مثل هذه التحديات الجسيمة.
والسؤال المهم هو: هل نحن مستعدون؟ ولا يعني الاستعداد توافر اللقاحات والأدوية فقط، بل يشمل أيضاً القدرة على الصمود في مواجهة الأوبئة عن طريق زيادة الوعي الصحي للأفراد، والقدرة على الكشف المبكر والاستجابة السريعة لها.
وفي هذا السياق يؤدي الاستثمار في تقنيات المعلومات المتطورة والبحث العلمي والجيني دوراً مهمّاً وملحّاً، ما قد يمكننا من فَهْم الأوبئة بصورة أفضل، وتطوير استراتيجيات أكثر فاعليَّة في التصدي لها. وفي الختام يمكن القول إن الأوبئة لن تغيب عن سجل المخاطر العالمي، ولكي نتمكَّن من مواجهتها يجب أن نعترف بحجم التحدي ونستعد له جيداً، كما يجب أن نعترف بأن مواجهة الأوبئة ليست مهمة القطاع الطبي فحسب، بل هي مهمة مشتركة تتكامل فيها الجهود الصحية العالمية والمحلية، مع تسليط الضوء على دور أفراد المجتمع، والتشديد على أهمية نشر التوعية الصحية السليمة، والأُسس العلمية للوقاية والتحصين.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني
إقرأ أيضاً:
مسؤولة أممية: السودان من الدول الأولى على مستوى العالم التي تعاني أعلى معدلات انتشار سوء التغذية الحاد والملايين يواجهون الجوع
دبي- الشرق/ قالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان كلمنتاين سلامي، الأحد، إن السودان من بين البلدان الأربعة الأولى على مستوى العالم التي تعاني أعلى معدلات انتشار سوء التغذية الحاد، مشيرة إلى أن ملايين الأشخاص يواجهون الجوع، وشددت سلامي في منشور عبر حسابها في منصة "إكس" على الحاجة الماسة لتمويل عاجل لدعم السودان، وقالت إن "المجتمع الإنساني يقدم المساعدات الغذائية والتغذوية، لكن الموارد آخذة في النفاد".
وتدور معارك شرسة في الخرطوم بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، خاصة في مناطق وسط العاصمة التي تضم منشآت حكومية ومقار تتبع لشركات خاصة وعامة، والتي يستهدف الجيش استعادة سيطرته عليها.
وتشير تقديرات إلى أن الجيش السوداني بات يقترب من السيطرة على حوالي 70% من الخرطوم، والتي تشكل إلى جانب مدينتي أم درمان وبحري العاصمة المثلثة، حيث يسيطر الجيش السوداني على كامل محليات بحري وشرق النيل، إلى جانب أكثر من 65% من محلية أم درمان الكبرى ومثلها من محلية الخرطوم، بينما تبقى محلية جبل أولياء في أقصى جنوب الخرطوم خارج نطاق سيطرته.
6 مليارت دولار
والشهر الماضي، قالت الأمم المتحدة، إنها تسعى لجمع 6 مليارات دولار للسودان هذا العام من المانحين الدوليين، للمساعدة في تخفيف معاناة المدنيين في هذه الأزمة الإنسانية، التي تشهد نزوحاً جماعياً واسعاً، وتفاقماً للجوع.
ويزيد المبلغ الذي أعلنت الأمم المتحدة السعي إلى جمعه 40% مقارنة مع نداء أطلقته العام الماضي من أجل السودان، في وقت تتعرض فيه ميزانيات المساعدات في أنحاء العالم لضغوط متزايدة، ترجع لأسباب منها إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب وقف التمويل للمساعدات الخارجية، مما يؤثر على برامج منقذة للأرواح في أنحاء العالم، وفق "رويترز".
الأمم المتحدة تستهدف جمع 6 مليارات دولار لدعم السودان
قالت الأمم المتحدة إنها تسعى لجمع 6 مليارات دولار للسودان هذا العام من المانحين الدوليين؛ للمساعدة في تخفيف معاناة المدنيين.
وتقول الأمم المتحدة إن الأموال "ضرورية"، لأن الحرب المستمرة منذ 22 شهراً أدت بالفعل إلى نزوح خُمس سكان السودان، وفاقمت الجوع الشديد بين نحو نصف السكان، يبدو أنه سيزداد سوءاً.
وتستهدف الأمم المتحدة الوصول إلى ما يقرب من 21 مليوناً في السودان، مما يجعله برنامج المساعدات الإنسانية الأكثر طموحاً حتى الآن لعام 2025، ويتطلب ذلك 4.2 مليار دولار، والباقي للنازحين بسبب الصراع.