قال قداسة البابا شنوده الثالث، في  كتاب "كتاب كلمة منفعة" بمناسبة الاحتفال بعيد الصليب، إن أول علاقة لنا بالصليب هي في المعمودية، حيث صلب إنساننا العتيق حتى لا نستعبد بعد للخطية..

وتابع : الصليب قد حملته الكنيسة في حركة الاستشهاد وفي كل الاضطهادات التي لحقت بها على مر العصور. والجميل في هذا الصليب أن الكنيسة قد حملته بفرح وصبر دون أن تشكو منه أو تتذمر.

.

تحوَّل الصليب في حياة الكنيسة إلى شهوة تشتهيها وتسعى إليها. وكان إقبال المسيحيين على الموت يذهل الوثنيين، وكانوا يرون فيه الإيمان بالأبدية السعيدة، واحتقار الدنيا وكل ما فيها من ملاذ ومتع.

تحولت السجون إلى معابد، وكانت ترن فيها الألحان والتسابيح والصلوات من مسيحيين فرحين بالموت.

وثالث مجال نحمل فيه الصليب هو الباب الضيق..
فيه يضيق الإنسان على نفسه من أجل الرب.  يبعد عن العالم وكل شهواته   ومن أجل الله يزدرى بكل شيء.  في سهر، في أصوام، في نسك، في ضبط النفس، في احتمالات لإساءات الآخرين.

ويمكن أن يدخل في هذا المجال صليب التعب..
فيتعب الإنسان في الخدمة من أجل الرب.  ويتعب في (صلب الجسد مع الأهواء) كما يقول الرسول "ويتعب في الجهاد وصلب الفكر، والانتصار على النفس ويعلم في كل ذلك أنه ينال أجرته بحسب تعبه" حسبما قال بولس الرسول (1 كو 3: 5).

 والمسيحية لا يمكن أن نفصلها إطلاقا عن الصليب..
والسيد المسيح صارحنا بهذا الأمر، فقال "في العالم سيكون لكم ضيق" وقال أيضًا "تكونون مبغضين من الجميع لأجل اسمي"..

ونحن نفرح بالصليب ونرحب به، ونرى فيه قوتنا، كما قال الرسول "كلمة الصليب عند الهالكين جهالة، أما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله".

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أقباط البابا شنودة

إقرأ أيضاً:

خواطر رمضانية

#خواطر_رمضانية

د. #هاشم_غرايبه

يقول تعالى في الآية 59 من سورة النساء: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ..”.
إن التشريع القرآني قد أغفل قصدا توصيف طبيعة نظام الحكم المقبول شرعيا، لأن الله يعلم أن متغيرات العلاقات البشرية وتطورات مفاهيم البشر ستحدث أنماطا للحكم جديدة قد تلبي متطلبات الحكم الرشيد، لذلك ترك التفاصيل المتغيرة حسب الظرف الزماني والمكاني، لكنه لم يغفل المبدأ السليم الذي بموجبه يتم تداول السلطة.
هذه الآية الكريمة تشكل دستورا ربانيا تحدد مرتكزات النظام السياسي في الدولة الإسلامية، ومنها تستمد السلطة الحاكمة شرعيتها، لذلك لا يجب أن نمر عليها مرورا عابرا بل نتأمل في كل الجزئيات، ونفهم مرادات الشارع الحكيم، في هذه الصياغة اللغوية الجامعة.
1 – بداية يجب التنبه الى أن الخطاب موجه للمؤمنين، أي مواطني الدولة الإسلامية كافة، وذلك يعني أن ما سيرد بعده هو أمر واجب التنفيذ يشمل كل فئات المجتمع الإسلامي حكاما وفقهاء ومحكومين.
2- أول ما يستوقفنا هو تكرار لفظة (أطيعوا)، لبيان الأمر بطاعة الله والرسول، وإذا ما علمنا أن الله لا يكرر كلمة واحدة في القرآن لضرورات الإختصار البلاغي، إن لم يكن لهذا التكرار معنى أراده تعالى، فلماذا لم تأت الصياغة بشكل: (أطيعوا الله والرسول)؟، طالما أن طاعة الرسول هي من طاعة الله ” مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ” [النساء:80].
إن طاعة الله أمر مقطوع به، فهو الإله المعبود والرب المتصرف بكل أحوال البشر، ولا اختيار للمخلوق بين طاعته وعصيانه بعد إذ هو في قبضته.
لكن طاعة الرسول متأتية من عنصرين: الأول أنها في الجانب التشريعي جزء من طاعة الله، وفي الجانب الآخر كقائد سياسي للأمة المسلمة.
3 – هنا نفهم لماذا لم تكرر (وأطيعوا) قبل (أولي الأمر)، فطاعة ولي الأمر عطفت على طاعة الرسول لأنها ليست كالطاعتين السابقتين، بل هي جزء من طاعة الرسول كقائد سياسي كون الحاكم خليفة له ، لكن ليست من طاعة الرسول التشريعية.
4 – وهذا هو الدليل القاطع على أن الدولة الإسلامية ليست دولة دينية، وبخلاف كل الامبراطوريات التي كانت معروفة زمن التنزيل، وكانت تعتبر الحاكم من نسل الآلهة ويحكم بأمره، فالحاكم ليس له موقع تشريعي ولا يستمد السلطة من الإرادة الإلهية، بل من التفويض القيادي السياسي كخليفة لأول قائد للدولة الإسلامية الذي هو النبي صلى الله عليه وسلم، بصفته السياسية وليس التشريعية.
لذا فليس في الإسلام تحديد للحاكم بأنه محصور بالفقيه ولا وليه، بل أيٌّ ممن يختارهم المسلمون من بينهم، فقد انقضت الخلافة التشريعية بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لا نبي بعده، وبقيت الخلافة السياسية.
5 – وبما أن طاعة ولي الأمر معطوفة على طاعة الرسول، فهي طاعة مستمدة منها وليست أصيلة بذاتها، بمعنى أنه تكون واجبة إن كان ولي الأمر مطيعا للرسول متبعا لنهجه، ومطبقا تماما للشريعة التي جاء بها، كشرط أول.
6- والشرط الثاني أن يكون (منكم)، أي من بينكم كمسلمين وباختياركم الحر، وليس مفروضا عليكم من جهة أخرى خارج إطار المرجعية الوحيدة، ألا وهي طاعة الله ورسوله، أي دولة إسلامية تطبق منهج الله.
رغم أن النص التشريعي القرآني مقدم على أي مصدر تشريعي سواه، لكن ظهر لدينا من فقهاء الحكم العضوض من استدل بحديث “ولو جلد ظهرك” على وجوب طاعة ولي الأمر المستولي على السلطة جبريا طاعة مطلقة، مع أننا رأينا كم يتعارض ذلك مع التشريع القرآني الآنف توضيحه.
استمرت هذه الظاهرة من خلال جماعات تدعي أمها تتبع السلف الصالح، ظهرت في العصر الحديث برعاية من أعداء الإسلام، بقصد إضفاء الشرعية على حكام أقاموهم في بلاد الإسلام وأرض النبوة من أجل خدمة مصالحهم، ومنع توحد الأمة من جديد.
هؤلاء الجماعات التي تدعي أنهم يجاهدون في السنن، يجدر بهم أن يتبعوا كتاب الله أولا.
ثم أليس أبو بكر شيخ السلف الصالح وأميرهم، فلم لا يتبعوا منهجه؟.
أم يعتبرونه أقل فهما لمنهج الخلافة من شيوخ السلاطين حينما قال: “أَطِيعُوني ما أَطَعْتُ اللَّهَ ورسولَه فإِذا عَصَيْت اللَّهَ ورسولَه فلا طاعةَ لي عليكم”!؟.

مقالات ذات صلة خواطر رمضانية 2025/03/12

مقالات مشابهة

  • الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تحيي الذكرى الثالثة عشرة لرحيل البابا شنودة الثالث
  • الفاتيكان: الحالة الصحية للبابا فرنسيس مستقرة
  • الفاتيكان: تقليل استعانة البابا بأجهزة تنفس صناعي
  • كثرة تصدُّق الرسول في رمضان
  • ذكرى رحيل البابا شنودة الثالث.. حكيم الكنيسة وصوت الوطنية
  • البابا في مستشفى جيميلي: وضع مستقر وتعاف بطيء
  • بطريرك السريان يترأّس رتبة درب الصليب من الأسبوع الثاني من زمن الصوم الكبير
  • في ذكرى رحيله .. إعلامية: البابا شنودة شخصية خالدة تجاوزت الزمن
  • يسرا تنعى الأميرة نورة بنت بندر آل سعود بهذه الكلمات
  • خواطر رمضانية