لبيك يا رسول الله عبدالملك والذين معه
تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT
لم يكن مطلوباً أكثر من أن يطلق قائدهم صرخته، لبيك يا رسول الله . إذن فلتخرج الملايين إلى الشوارع والميادين في ذكرى المولد النبوي الشريف .
إنها صنعاء أنصار الله، وهي اليمن 21سبتمبر، إنهم أبطال إخراج الإخوان من المشهد، وهم فدائيو عبد الملك الذين ما زالوا لم يتقاضوا رواتبهم منذ 7سنوات، وهناك من عمي قلبه وبصيرته يفاوضهم عليها وآخرون مرتزقة وعملاء يهددونهم بها .
تصور فقط أنك مدرس أو موظف منضبط وملتزم بالذهاب يومياً إلى عملك وتحاسب إن أخطأت ومع ذلك لا تتقاضى أجراً . ما كل هذا الظلم !
تخيل أن بلادك تمتلك مصادر دخل كالبترول والمعادن وأجود المنتجات الزراعية وموانئ تجارية ضخمة وغير ذلك من فضل الله على يمن السعد والتاريخ البعيد ، وتحرم من كل هذا بل تعيش على مساعدات الأمم الكافرة .
تصور أن تكون فريسة لأبشع أنواع الأسلحة وأكثرها تقدماً على وجه الأرض وتُقتل وتُجرح وتتشرد ويُطلق عليك لفظ نازح في بلدك بينما كنت أنت ابن الأكرمين .
هنا اليمن دولة اللامعقول، هنا صنعاء معنى الصمود، هنا عواصم كل المحافظات حواضر المولد النبوي الشريف .
هنا الأنصار حقاً الذين يمدون أيدهم لكل إخوانهم العرب والمسلمين، أن نحن في خدمة قضايا شعوبنا في مواجهة أمريكا وإسرائيل وكل صبيانهم شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً .
هنا عبدالملك الحوثي والذين معه جزيرة العرب وما حولها، هنا أصحاب المبدأ الواضح واليقين الظاهر، ليس لديهم ما يخفونه، ولم يجرب عليهم كذباً أو لفاً ودوراناً .
بصرخة الزعيم الشاب خرج الملايين ليطفئوا نار غضبهم من إخوة لهم قتلوهم وآخرين خرسوا عن كلمة الحق أو على الأقل بذل مجهود أكبر لوقف عدوان جاهل أحمق صحراوي جاحد يكره التاريخ ويعادي الجغرافيا ويتمحك في ثقافات ليست ثقافته ويسرق تراثاً ليس ملكه ولا ملك أخيه وأمه وأبيه ولا صاحبته وبنيه . .. لن يكون هذا .
لبيك يا رسول الله
إنها صرخة هو صاحبها ليجمع الذين معه ويحوّلوا ليل صنعاء والمدن والقرى بكافة المحافظات إلى اللون الأخضر معلنين رغبتهم في الحياة ورفضهم للقتل .
إنه سيد الثورة التي وصفوها بالانقلاب، وهي فعلاً كذلك لأنها انقلبت على السفير الأمريكي الذى كان يحكم بلادهم عياناً بياناً . وعلى سفراء آخرين اشتغلوا بالنخاسة والتجارة في الرقيق وفي الآثار وفي كل المحرمات … الخ .
إنه الرجل الذي قال : بالعشر لا نبالي في بداية العدوان، والآن يقول وإن جنحوا للسلم فسوف نجنح لها، بعدما أحرق الذين معه دبابات الأبرامز الأمريكية بالولايات، واستولوا على عشر كتائب مدرعة في ليلة واحدة في معركة الجوف، ومعارك أخرى كثيرة كان النصر حليفه فيها .
إنه الرجل الذى صرخ وهو يعاني إن هذا الرأس، رأس عبدالملك بدر الدين الحوثي فداء لهذا البلد ولشعبه .
في مولد حبيبنا رسول الله تحصل صنعاء المحاصرة على كأس البطولة المحمدية، وترفع عالياً همة اليمنيين والعرب والمسلمين، بل وهمة كل معاني الإنسانية، ما زال رسول الله بقوله وفعله وسنته وعترة آل بيته بيننا، وإن لم تنصروه فقد نصره الله .
هنيئاً لليمن عيداً سيسجله التاريخ باسمها كدولة، وهنيئاً لصنعاء يوماً سيسجله التاريخ عيداً لسكانها، وهنيئاً لجميع المسلمين في شتى بقاع الأرض بمحمد وآله وصحبه.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: في حديث جبريل
حدَثٌ غريبٌ يستحق منَّا النظرَ والتأمل.. إنه ذلك الحضور الحسىّ لأمين الوحى سيدنا جبريل عليه السلام، فى صورة رجل غريب رآه الصحابة كما يرى بعضُهم بعضاً، وسمعوه كما يسمع بعضُهم بعضاً.
وقد جاءت أحداث هذا الحدَث جاذبة لكل الجالسين، بحيث تلفت انتباههم لكل ما يُقال، فالحاضر رجلٌ غريب تتطلع لمعرفته الأنظار، له وجه حسَنٌ لا تلتفت عنه العيون، طيّبُ الريح بحيث تأنسُ له النفوس، ثيابه نظيفة لا يُرى عليها شىء من آثار السفر كالغبار والعرق! رغم أنه غريب غير معروف، فليس من أهل المكان وليس ضيفاً على بعض أهله! إنه شأن يجذب الحواسّ.
ثم هو يسلم على سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويستأذنه فى الاقتراب منه مراراً، وقد جاء وصف هذا فى رواية الإمام النَّسَائىّ التى جاء فيها «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس بينَ ظَهْرانَى أصحابه [أى: بينَهم]، فيجىءُ الغريب فلا يَدرى أيُّهم هو حتى يسألَ، فطلبنا إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم [أى: استأذناه] أن نجعلَ له مجلساً يعرفُهُ الغريب إذا أتاه، فبَنيْنَا له دُكَّاناً مِن طين [أى: دَكَّةً يقعد عليها] كان يجلس عليه، وإنا لجلوس ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم فى مجلسِه إذ أقبل رجلٌ أحسنُ الناس وجهاً، وأطيب الناس ريحاً، كأنَّ ثيابه لم يمسّها دنَس، حتى سلَّمَ فى طرَفِ البساطِ، فقال: السلام عليك يا محمدُ. فردَّ عليه السلام، قال: أَدنُو يا محمد؟ قال: «ادنُهْ». فما زال يقول: أدنو؟ مِراراً، ويقول له: «ادنُ»، حتى وضع يده على ركبتى رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم».
هذه الأمور كلها تتآزر لجذب انتباه الجالسين، بحيث تعى قلوبهم كل ما سوف يُقال، أليس فى هذا إرشادٌ للمعلمين وللدعاة وللآباء كيف يهيئون نفوس مَن يريدون توجيه الكلام والنّصح إليهم بحيث تكون قلوبهم أوعية واعية لما يوجّه إليهم من إرشاد؟!
ثم يبدأ الحوار الذى يرويه لنا سيدنا عمر الفاروق، رضى الله عنه وأرضاه، فيحكى قولَ الرجل الغريب الذى تمثَّلَ فى صورته سيدنا جبريل عليه السلام، إنه يبدأ الكلام، فيقول: يا محمدُ أخبرنى عن الإسلام.
البدءُ بالسؤال عن الإسلام أمر منتظرٌ من غريب جاء ليعرفَ الدين؛ فليس هذا غريباً أو عجيباً، ولكن الغريب حقّاً هو ما سوف يقولُه سيدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، كيف يستطيع صلى الله عليه وسلم أن يُلخّصَ شأن هذا الدين الذى هو رسالة الله تعالى للعالمين فى كلمات قلائل.. لو قيل لجمع كبير من العلماء الذين أفنَوْا أعمارَهم فى دراسة هذا الدين أن يلخّصوه فى كلمات ما استطاعوا، إنهم يحتاجون أن يُفرّغوا حتى يضعوا مؤلَّفاً لبيان هذا الدين، ثم هم كلما أعادوا النظر فيه زادوا فيه وبدّلوا وغيّروا.
وها هو سيدُ الخَلق، صلى الله عليه وسلم، يُلخصُّ الإسلام فى كلمات قليلات، فيقول، صلى الله عليه وسلم: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيم الصلاة، وتُؤتى الزكاة، وتصومَ رمضان، وتحجَّ البيت إن استطعتَ إليه سبيلاً».
لقد بدأ صلى الله عليه وسلم تعريفه للإسلام بقوله: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم». إن الإسلام يبدأ من الشهادتين الكريمتين؛ الشهادة لله تعالى بالوجود والوحدانية، والشهادة بصدق سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فى دعواه النبوة والرسالة.
ولا بد من الانتباه إلى خصوصية كلمة (أشهد) التى أشار إليها السادة العلماء، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يقل بدلاً منها: (أعترف)، أو: (أُقرّ)، أو غير ذلك... وإنما قال: (أشهد) تلك الكلمة التى لا بد من أن ينطقها مَن يريد أن يدخل فى هذا الدين، ويُردّدها المسلم فى كل أذان وصلاة.
والشهادة يُعرّفُها العلماء بأنها «قولٌ صادرٌ عن علمٍ حصَلَ بمشاهدةِ بصيرة أو بصر»، إذن الإسلام يبدأ من هذه النقطة، من نقطة إزاحة أىّ غشاوة عن البصر والبصيرة، حتى يشهد الإنسان شهادة ليس فيها أدنى لبس بوحدانية الله تعالى وصدق رسالة رسوله الكريم، صلى الله عليه وسلم.