لطيفة بنت محمد: المنتدى منصة مهمة لإعادة تعريف مفهوم الثقافة
تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT
دبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةأكدت سموّ الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، عضو مجلس دبي، أهمية تعزيز الشراكة بين الثقافة والإعلام في المنطقة لتطوير محتوى عربي يعزز الهوية الثقافية العربية، مشددةً على الدور المحوري للاقتصاد الإبداعي الذي بات قطاعاً اقتصادياً بارزاً يساهم في منظومة تطوير الدول.
وأشارت سموها إلى أن «منتدى الإعلام العربي»، فرصة ثمينة لإعادة تعريف مفهوم الثقافة كهمزة وصل وأداة للحوار بين مختلف الشعوب والثقافات، وتسليط الضوء على هذا القطاع بكل ما يحتويه من أدوات وإمكانيات إبداعية، خاصةً وأن جزءاً كبيراً من هذا الدور يقع على الإعلام الذي يحتاج للتعاون مع القطاع لتصحيح مفهوم الثقافة ووضعها في مكانها الصحيح.
وقالت سموها خلال جلسة رئيسية في منتدى الإعلام العربي الذي اختتم أعماله أمس، بعنوان «الثقافة والإعلام.. رؤى إبداعية تصنع المستقبل»، أدارها الإعلامي فيصل بن حريز، إن الثقافة بمفهومها المتعارف عليه، مجموعة القيم والعادات والتقاليد المجتمعية، والإرث الثقافي والاجتماعي، والتوجهات والسلوك ونمط المعيشة، لافتة إلى أنه مع الوقت، اتّسع نطاق الثقافة، وأصبحت قوة تأثير وتغيير لا يستهان بها.
وأضافت سموها: إنه على الرغم من التباين في تعريف مفهوم الثقافة، إلا أنه لا يوجد قصور في فهم هذا القطاع، مشيرةً إلى أنها طرحت سؤالاً باللغتين العربية والإنجليزية على منصة الـ«انستغرام» الخاصة بها، يتعلق بتعريف مفهوم الثقافة، وتضمن السؤال تعريفات واختيارات مختلفة، وأظهرت النتائج أن أغلبية المشاركين اختاروا المفهوم الصحيح للثقافة الذي يمزج بين القيم والعادات والتقاليد والفن والأدب وكل ما يرتبط بذلك، مؤكدة أن مفهوم الثقافة اليوم بات أوسع وأشمل.
وأوضحت سموها، أنه في السنوات الماضية وخاصة خلال جائحة «كوفيد-19»، أثبت قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية حضوره كقطاعٍ حيوي يساهم بشكل فاعل في مسيرة التنمية، وهو ما انعكس على مفهوم الثقافة الذي زادت شموليته ليضم صناعات وقطاعات إبداعية، كالفنون بأنواعها من موسيقى ومسرح وسينما وتصوير، إضافةً إلى الإعلام والألعاب الإلكترونية، والأعمال الأدبية والإبداعات في مختلف المجالات، وأي صناعات تعتمد على عناصر الفكر، والابتكار والإنتاج والتوزيع والنشر والترويج والخدمات ذات الصلة بالتعبير الإبداعي. ودعت سموها إلى ضرورة تعزيز العلاقة التكاملية بين الثقافة والإعلام، حيث لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر، فهما وسيلة الحوار والتواصل الفكري بين الدول، وأشارت إلى أهمية استثمارهما وتوجيههما بهدف إيصال فكر وهوية الدول والثقافات المختلفة، بالإضافة إلى ضرورة تفعيل دور الإعلاميين ووسائل الإعلام في توصيل المنتج الإنساني والإبداعي، فهم جزءٌ لا يتجزأ من المشهد الثقافي والإبداعي المزدهر في دبي والإمارات.
وقالت سموها: «إن المنطقة العربية بحاجة حقيقية لمحتوى ثقافي هادف بمستوى عالمي يُمثِّل الفِكر العربي ويعزز في نفوس الأجيال الشابة القيم والمبادئ المجتمعية الأصيلة، ويساهم في تعزيز حضور الثقافة العربية الغنية بأفضل صورة»، مشيرةً إلى أن المثقف العربي مُطالبٌ اليوم بتغيير أدواته ليكون حاضراً بقوة في المشهد التنموي للمنطقة العربية، فأدوات الخطاب الإعلامي تغيرت، ومن الضروري مواكبة المثقفين لوسائل الإعلام والتواصل الجديدة لتفعيل حضورهم الثقافي إعلامياً على الساحة الإقليمية والدولية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: لطيفة بنت محمد الإمارات دبي منتدى الإعلام العربي مفهوم الثقافة إلى أن
إقرأ أيضاً:
اليُتْمُ الذي وقف التاريخُ إجلالًا وتعظيمًا له
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
بعد أن انتهيتُ من قراءة كتاب "عبقرية محمد" للمفكرِ العملاقِ عباس محمود العقاد، تذكَّرتُ على الفورِ قول اللهِ جلَّ جلالُهُ للنبيِّ الكريمِ سيدِنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم: "وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ"، فأدركتُ السرَّ في انجذاب كلِّ من اقترب من سيرته العطرة، وتذكرتُ على الفور أنه ليس هناك متشهدٌ ولا صاحبُ صلاةٍ إلا ويلهجُ باسمه... وكلُّ من سيقرأُ ما كتبهُ المفكرون عن شخصية النبيِّ الكريمِ قديمًا وحديثًا، سيعرف أثر كرم الله على نبيَّه برفع ذكره منذ مولده وإلى قيام الساعة.
ولذا، لم يدهشني إهتمام الكُتَّابِ في الشرق والغرب به، وقد قرأتُ بإعجابٍ شديدٍ آخرَ ما صدر من مؤلفاتٍ في الغرب عن خيرِ خلقِ اللهِ أجمعين، للكاتبةِ والمفكرةِ البريطانية "كارن أرمسترونج"،وهي مَنْ ؟ إنها الكاتبة المرموقة والباحثة الماهرة التي تتجنُّب التحيُّز الشخصي، ولا تُصدر الأحكام إِلَّا بعد فحص ما لديها من أدلَّةٍ وبراهين بتجرُّدٍ وشفافية، وقد كرَّست حياتها لدراسة الأديان السماوية، مثل الإسلام والمسيحية واليهودية، وكان كتابها "محمد: سيرة النبي"، والذي صدر عام ١٩٩١ وفيه قدَّمت فكرًا عميقًا، يُعدُّ هذا المؤلف من أبرزِ الأعمالِ التي قدَّمت رؤيةً موضوعيةً ومنصفةً عن النبيِّ الكريمِ في العالم الغربي. كما يُعدُّ جسرًا مهمًّا بين الثقافات، ودعوةً للحوارِ والتفاهمِ بين الأديان، بعيدًا عن الصور النمطيةِ والتشويهِ الإعلامي، فقدأَثْبَتَتْ فِي مُؤَلَّفِهَا هذا بأن النبي العظيم رجلًا ذا رؤيةٍ أخلاقيةٍ عَمِيقَةٍ...
ومن إنصافِها فى كتاباتها قالت: "كان محمدٌ رجلًا حنونًا، متواضعًا، وقائدًا بارعًا، لم يسعَ للسلطةِ بقدر ما كان يسعى لإحداث تغييرٍ أخلاقيٍّ عميقٍ في مجتمعه."
كما تناولت الكاتبةُ والباحثة دورَ النبيِّ الكريم في تحسينِ مكانةِ المرأةِ في المجتمع، حيث أشارت إلى أنه منحَ المرأةَ حقوقًا لم تكن موجودةً في الجاهلية، مثل حقِّ الإرث، وحقِّ التعليم، وحقِّ الاختيارِ في الزواج. وكان يسعى لتحريرِ المرأةِ من القهرِ الاجتماعي، ويدعو إلى معاملتها بكرامةٍ واحترام.
ولها أيضًا رأيٌ حرٌّ جريءٌ، إذ أكَّدت أن النبيَّ الكريمَ كان يسعى دائمًا إلى الحلولِ السلمية، وأن المعاركَ التي خاضها كانت دفاعية، ولم تكن من أجل التوسع أو فرض الدين بالقوة... وبذكاءٍ شديدٍ، اختارت صلح الحديبية وقالت عنه: "كان دليلًا واضحًا على براعةِ النبيِّ الكريم في إدارة النزاعاتِ بالسِّلمِ والحكمة، لأنه كان يؤمن بأن السلام هو الوسيلةُ الأقوى لنشرِ رسالته."
وهذه الشهادةُ من هذه الباحثة والتي تُعَدُّ واحدةً من أبرز الْباحثين في الأديان المُقَارَنَةِ تدحضُ الصورةَ السلبيةَ التي رسمها بعضُ المستشرقين لهذا النبي العظيم...
وقد تصدى لهؤلاء المستشرقين والشانئين المفكر الكبير عباس محمود العقاد في مواجهة هذه الافتراءات، حيث قال في كتابه الهام "عبقرية محمد": “إن التاريخ هو فيصل التفرقة بين محمدٍ وشانئيه، فحكمُه أنفذُ من حكمِ الشانئين والأصدقاء، وأنفذُ من حكمِ المشركين والموحدين، وأنفذُ من حكمِ المتدينين والملحدين... إنه حكم الله، وقد حكم له أنه كان في نفسه قدوة المهذَّبين، وكان في عمله أعظمَ الرجال أثرًا في الدنيا، وكان في عقيدته مؤمنًا يبعث الإيمان، وصاحبَ دينٍ يبقى ما بقيت في الأرض أديان، وسيطلع في الأفق هلالٌ، ويغيبُ هلالٌ، وسيذهب في الليل قمرٌ، ويعودُ قمرٌ، وتتعاقب هذه الشهور التي كأنها جُعلت التاريخَ ما بين الصدور، لأن الناس لا يؤرخون بها مواسمَ الزرع، ولا مواعيد الأشغال، ولا أدوار الدواوين والحكومات، ولا ينتظرونها إلا هدايةً مع الظلام، وسكينةً مع الليل: أشبه شيءٍ بهداية العقيدة في غياهب الضمير”.
وقبل أن يَخْتِمَ الكاتب الكبير عباس محمود العقاد صفحات كتابه "عبقرية محمد"، اختار يوم هجرة النبي إلى المدينة فكتب: "ستطلع الأقمار بعد الأقمار، وتقبل السنة القمرية بعد السنة القمرية، وكأنها تقبل بمعلمٍ من معالم السماء يوميء إلى بقعةٍ من الأرض: هي غار الهجرة، أو يوميء إلى يومٍ لمحمدٍ هو أجملُ أيامِ محمد، لأنه أدلُّ الأيام على رسالته، وأخلصها لعقيدته ورجاء سريرته، وهو يوم التقويم الذي اختاره المسلمون بإلهامٍ لا يعلوه تفكيرٌ ولا تعليم..."
ختامًا.. لقد عشتُ أوقاتًا ممتعةً مع كتاب "عبقرية محمد" للمفكر الكبير عباس محمود العقاد، ومن خلال صفحات هذا الكتاب شاهدت التاريخ يقف إجلالًا وتعظيمًا لهذا اليتيمِ الذي بُعث رحمةً للعالمين.. صلى الله عليك وسلم يا خير خلق الله أجمعين...
اللهم إنا نُشهدك أنه بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، فاللهمَّ اجزه عنا خير ما جزيتَ نبيًّا عن قومه، ورسولًا عن رسالته...
ولنا لقاء الأسبوع القادم، بإذن الله، مع قراءة فى كتاب ممتع جديد...