البحرين ستظل موطنًا للتعددية والتلاقي الثقافي والإنساني
أدّى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه أمس صلاة العصر في مسجد قصر الصخير، وكان بمعيّة جلالته في الصلاة أصحاب السمو الأنجال الكرام، وعدد من كبار أفراد العائلة المالكة الكريمة وعدد من أصحاب الفضيلة علماء الدين، وذلك تزامنًا مع حلول ذكرى المولد النبوي الشريف.



وألقى فضيلة الشيخ الدكتور راشد بن محمد الهاجري، رئيس مجلس الأوقاف السنية الحديث الديني في هذه المناسبة الكريمة، استهلّها بحمد الله وشكره، ثم الصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وتحدّث فضيلته عن السيرة العطرة للنبي الأكرم عليه أفضل الصلاة وأتم السلام في ذكرى المولد النبوي الشريف،

مضيفًا بأن ربنا تبارك وتعالى أكرم نبينا الكريم بعطايا عظيمة ومزايا كريمة وجعل رسالته عامة للناس وجعل له المكانة العالية بين الرسل والأنبياء من قبله، مبتهلاً إلى المولى جل جلاله بأن يوفق جلالة الملك المعظم لما يحبّه ويرضاه، وأن يُمتعه بموفور الصحة والعافية وأن يوفق ولي عهده الأمين،

وأن يحفظ جيشنا ورجال أمننا وحرسنا المرابطين على جميع الثغور، وأن يكون لهم معينًا ونصيرًا ومؤيدًا وظهيرًا، وأن يتقبّل من مات منهم شهيدًا، وأن يداوي جريحهم ويشافي مريضهم، برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم إنا نسألك لنا ولهم الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل.
البحرين ستظل موطنًا للتعددية والتلاقي الثقافي والإنساني
كما رفع الحضور إلى المقام السامي لجلالة الملك المعظم أحر التعازي وصادق المواساة بالشهداء إثر العمل الإجرامي الغادر الذي تعرضت له قوة الواجب التابعة لقوة دفاع البحرين خلال تأديتهما للواجب الوطني السامي ضمن قوات التحالف العربي المشاركة في عمليات عاصفة الحزم وإعادة الأمل المرابطة على الحدود الجنوبية للملكة العربية السعودية الشقيقة؛ داعين الله جل جلاله أن يتغمدهم برحمته ورضوانه كما رفعوا إلى جلالته حفظه الله أسمى آيات التهاني والتبريكات بذكرى المولد النبوي الشريف، راجين الله جل وعلا أن يعيد هذه المناسبة العطرة على جلالته بدوام الصحة والسعادة وطول العمر وعلى المملكة وشعبها الوفي بمزيد من الخير والنماء والتقدم.

وبهذه المناسبة المباركة، هنأ حضرة صاحب الجلالة حفظه الله ورعاه، الجميع بمولد الرسول الأعظم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، سائلا الباري عز وجل بأن يعيد هذه المناسبات الكريمة على وطننا العزيز وشعب البحرين الكريم وكل بلاد المسلمين والأمتين العربية والإسلامية بالخير واليمن والبركات وعلى البشرية جمعاء بالأمن والسلام. وقد بادلهم جلالته التهاني بهذه المناسبة العطرة لسيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وقال جلالته أن ذكرى ميلاد النبي الأكرم فرصة عظيمة تجدد صلتنا وارتباطنا وعلاقتنا بنبينا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وبسيرته العطرة المباركة.

مؤكدًا حفظه الله أن القيم الإسلامية الرفيعة تتجلى بحلول هذه المناسبة، حيث يستذكر المسلمون السيرة النبوية العطرة والتي يقتدون بتعاليمها السمحة في سائر أحوالهم وتعاملاتهم، ويرسخون من خلالها قيم الإخاء والتعايش والتسامح والمحبة والسلام مع الجميع، حيث أرست سيرته صلى الله عليه وعلى آل وصحبه وسلم دعائم بناء الإنسان وشهدت حضارة العرب والمسلمين أعلى درجات التقدم بفضل اعتزاز أبنائها بدين الإسلام وتمسكهم بكتاب الله تعالى وسنة رسوله الكريم. كما أكد جلالته أن البحرين كانت وستظل موطنًا حاضنًا للتعددية ومركز للتلاقي الثقافي والتعايش الديني والإنساني، حيث أكسب ذلك هذه الأرض الطيبة، العيش المشترك والإخاء والمودة، التي تميز بها أهل البحرين على مر التاريخ، وتمسكهم بالقيم الإنسانية القائمة على احترام كل الشعوب والأديان والنابعة من جوهر شريعتنا الإسلامية السمحاء. ضارعًا جلالته إلى الله تبارك وتعالى أن يحفظ البحرين ويديم على أهلها عزهم ومحبتهم وتكاتفهم، وأن يرحم شهداءنا الأبرار ويسكنهم فسيح جناته.

وقد تشرف فضيلة الدكتور الشيخ راشد بن محمد الهاجري رئيس مجلس الأوقاف السنية بإهداء جلالة الملك المعظم كتابًا من تأليفه بعنوان «جوامع ومساجد مملكة البحرين التي شيدت في العهد الزاهر لجلالته رعاه الله»، وقد أثنى جلالة الملك المعظم على هذا الإصدار القيم، منوهًا بجهود فضيلة الشيخ راشد بن محمد الهاجري بإعداد هذا الكتاب وبجهوده النبيلة والطيبة في خدمة ورعاية شؤون بيوت الله ودور العبادة. والجدير بالذكر أن هذا الكتاب يتناول جوامع ومساجد البحرين التي شيدت في عهد جلالته والتي تشكل منارات ثقافية وحضارية وتعكس الصورة المشرقة لمملكة البحرين، وأن المملكة تولي عناية كبيرة واهتمامًا خاصًا ببناء المساجد والجوامع وتطويرها لتؤدي رسالتها السامية العظيمة.
المزيد من الصور:



المصدر: صحيفة الأيام البحرينية

كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا صلى الله علیه وعلى الملک المعظم حفظه الله

إقرأ أيضاً:

حادثة الإسراء والمعراج وإيمان أبو بكر الصديق

في رحلة اختارها الله لنبيه الكريم تجاوزت حدود الزمان والمكان البشري، لتكون أحد المعجزات التي أراد المشركون التكذيب بها، فدمغهم الرسول الكريم بأدلته الواضحة الجلية بوصفه للمكان الذي جلاه الله أمامه، لتكون نقطة فاصلة في مسألة الإيمان بالله تعالى والإيمان بالغيب، وتجلت حقيقة الإيمان والتصديق المطلق بالرسول الكريم عند المسلمين الذين ما زادتهم هذه الحادثة إلا إيمانا، وأولهم صديقه المقرب أبو بكر الذي سمي بالصديق وأصبح هذا لقبه إلى يوم الدين بسبب تصديقه بهذه الحادثة الفريدة، التي ما زالت ناضحة بالدلالات والإشارات الإيمانية.

فهذه الحادثة تعتبر واحدة من أعظم المعجزات التي حدثت في تاريخ البشرية، ففي ليلة مباركة، انتقل النبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحارم في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى في القدس، ثم عُرج به إلى السماوات السبع، حيث شهد عجائب خلق الله ورأى الأنبياء في أماكنهم السماوية، وعندما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم قومه بما حدث، كان الرد من قريش هو التشكيك والرفض.

ولو تأملنا موقف أبو بكر الصديق لهذه الحادثة العظيمة من خلال مكانته في المجتمع ومن خلال قدراته العقلية والمعرفية التي يمتلكها، ومن خلال نظرته إلى حقيقة الإيمان وتدعيم الإيمان بهذه الحادثة من خلال حادثة أعظم، لوجدنا أن شخصية أبو بكر الصديق كانت شخصية اعتبارية في مجتمعها، فد كان تاجرا بارعا، وعندما وقعت رحلة الإسراء المعراج كان أبو بكر الصديق راجعا من رحلة تجارية، كما أنه عالم بأنساب العرب، فعندما أراد حسان بن ثابت أن يهجو قريشا طلب منه الرسول صلى الله عليه وسلم أن يلجأ إلى أبو بكر الصديق لأنه عالم بأنساب قريش لكي يستل نسب الرسول صلى الله عليه وسلم منهم، فيهجوهم ولا يلحق هجائه لهم بنسب الرسول الشريف، فعلم الأنساب يحتاج إلى قدرات ربط عقلية، وإلى ذاكرة كبيرة، وإلى معرفة بالأعلام وعلاقاتهم وروابطهم الأسرية، وهذا ما تميز به أبو بكر الصديق رضوان الله عليه، فهو في تصديقه المطلق للرسول صلى الله عليه وسلم ليس تصديقا ساذجا لا يستند إلى رجاحة عقلية ومعرفة فكرية، وإنما هو تصديق يتجاوز العقل إلى فضاء أرحب، وهو الإيمان بالغيب وهو أحد أركان الإيمان التي تشربها أبو بكر الصديق من بداية إيمانه بالله وبرسوله، على خلاف المشركين الذين كذبوا الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه أخبرهم بأمر يتجاوز النواميس الكونية، ويتجاوز مدركات ومحسوسات العالم المادي، وهم كان هدفهم المعلن ومقصدهم الأصيل ليس الوصول إلى الحقيقة، وإنما التكذيب بكل ما يأتي به الرسول صلى الله عليه وسلم.

لم يكن تصديق أبو بكر الصديق في حادثة الإسراء والمعراج مجرد قبول عقلي أو منطقي، بل كان تصديقًا نابعًا من قلبه قبل عقله، كان إيمانه قوياً لدرجة أنه لم ينتظر إثباتًا ماديًا لما سمعه، بل قبل الأمر مباشرة من فم النبي صلى الله عليه وسلم، قد يعتقد البعض أن مثل هذه الحادثة العجيبة قد تثير التساؤلات والشكوك، لكن بالنسبة لأبي بكر، كان النبي صلى الله عليه وسلم هو المصداقية بعينها، فالتصديق لم يكن مجرد فعل عقلي، بل كان شهادة على قوة إيمانه.

فالصديق يعلم علم اليقين أن الكون ونواميسه ليس خارجا عن قدرة الله المطلقة التي يستطيع أن يخرق هذه القوانين متى شاء لمن يشاء ومن هنا تنبثق المعجزات للأنبياء والرسل تأكيدا على صدق دعوتهم، وقد دلل أبو بكر الصديق على صدق هذه الحادثة بحادثة أعظم وهي نزول الوحي عليه الصلاة والسلام، فعندما جاء المشركون ليخبروه بما أخبرهم به الرسول صلى الله عليه وسلم من رحلة خارقة، لم يكن لديه أدنى تردد في التصديق، فقال كلمته الخالدة: "إن كان قال فقد صدق" مؤكدا بذلك على إيمانه الراسخ بصدق النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكتف بذلك، بل عزز موقفه بقوله: " إني لأصدقه في ما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة "، في إشارة إلى أن من يؤمن بالوحي لا يمكن أن يشك في قدرة الله على إنفاذ معجزة الإسراء والمعراج.

وأبو بكر الصديق كان ثابتا في موقفه من صدق الرسول صلى الله عليه وسلم قبل بعثته وبعدها، بينما كان موقف المشركين قبل بعثة الرسول الكريم مختلفا بعد بعثته، فقد أطلقوا عليه قبل البعثة لقب الصادق الأمين، فلك أن تتخيل كيف أن مجتمعا بأسره يلقب رجلا بصفتين عرف بهما ولم يعرف بخلافهما، وقد قالوا له من شدة تصديقهم له: "ما جربنا عليك كذبا" لكنهم كذبوا بدعوته، وكذبوا بكل ما يتصل بها من أحداث عنادا وكبرا وحسدا.

في ضوء هذه الحادثة، يمكن القول إن أبو بكر الصديق لم يكن فقط أول المصدقين، بل كان رائدًا في تقديم مفهوم متكامل للتوازن بين العقل والإيمان، فقد كان مؤمنًا لا يتردد، لكنه أيضا لم يكن غافلا عن منطق الأشياء، بل كان يدرك أن هناك أبعادًا لا يصلها العقل وحده، هذا التوازن يطرح سؤالا إيمانيا معاصرا، وهو كيف يمكن للإنسان اليوم أن يحافظ على إيمانه في عالم يفرض عليه رؤية مادية للأشياء، وموقف أبو بكر الصديق يقدم إجابة واضحة وهي أن الإيمان لا يتناقض مع العقل، لكنه أيضًا لا يخضع له بالكامل، بل يتجاوزه نحو أفق أوسع، حيث يدرك الإنسان أن عجزه عن الفهم لا يعني استحالة الأمر، بل يعني فقط أنه لم يصل إلى مستوى الإدراك الكامل بعد، فلذلك يكمل هذا النقص المعرفي بما يخبره به الله من خلال أنبيائه ورسله للعوالم الغيبية، التي لا يصلها العقل.

هذه النظرة الأوسع والأشمل تجعل المؤمن في حالة يقين وطمأنينة واستقرار وأن كل ما يقع في هذه الأرض من أحداث ومواقف، تقع في ملك الله وقدرته وجبروته، وهي تحت عنايته وتدبيره للأمور، وعلى الإنسان أن يسلم بمواقع القدر، ويستقبل الحوادث بصدر رحب، فيرحب بأقدار الله ويعلم علم اليقين أن العاقبة للمتقين.

مقالات مشابهة

  • حادثة الإسراء والمعراج وإيمان أبو بكر الصديق
  • ماذا فعل النبي في شهر شعبان؟.. «ترفع فيه الأعمال إلى الله»
  • ‏قائد المنطقة الشمالية في إسرائيل: حزب الله هُزم وإذا حاول الرد فسنقضي عليه وعلى قيادته
  • من أنوار الصلاة على سيدنا ومولانا محمد عليه الصلاة والسلام
  • عاجل| الهلال الأحمر الفلسطيني: الاحتلال يحتجز مصابا أطلق النار عليه وعلى طاقم للإسعاف أمام مستشفى في مدينة طولكرم
  • الاحتفاء بذكرى الإسراء والمعراج في صلالة
  • حكم أداء ركعتين سنة قبل صلاة المغرب
  • شهر شعبان.. سبب إكثار النبي من الصيام فيه
  • ما الحديث الذى دار بين الله والنبي ليلة الإسراء والمعراج؟.. أمين الفتوى يجيب
  • الإعجاز القرآني فى قوله سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ.. تعرف عليه