الحرة:
2025-04-18@21:18:45 GMT

أزمة الرواتب في السودان.. هجرات من نوع آخر

تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT

أزمة الرواتب في السودان.. هجرات من نوع آخر

بعد عودته من صلاة الجمعة بقليل، فوجئ الناطق باسم لجنة المعلمين السودانية المركزية، سامي الباقر، بقوة من الجيش تقتحم منزله وتعتقله موجهة إليه اتهامات واعتداءات لفظية بسبب مطالباته بصرف رواتب الموظفين، قبل أن يتم اقتياده إلى جهة عسكرية. 

قبل اعتقاله، كان الباقر معروفا بمطالباته المتكررة بوقف الحرب ودفاعه عن حقوق المعلمين والمطالبة بصرف رواتبهم المتوقفة منذ أشهر.

 

وقال الباقر الذي تم إخلاء سبيله، الاثنين، لموقع "الحرة": "خلال أربعة أيام تم اعتقالي فيها، كانت التحقيقات تدور حول أسباب مطالباتي المتكررة بصرف رواتب المعلمين، معتبرين أن ذلك خيانة في زمن الحرب وأن أي حديث بشأن هذا الأمر يمثل ضغطا على الدولة". 

وأضاف: "بعد الأسئلة، حاولوا إقناعي بأن أتبنى موقف الجيش في أن صرف الرواتب من شأنه أن يضعف الجانب الأمني". 

لكنه يقول إن "حجب المرتبات أخطر من الحرب نفسها، لأن المعلمين على سبيل المثال عددهم مليون شخص، وهذا يعني أنهم يعيلون ستة ملايين سوداني بحساب أسرهم، من أصل 48 مليون سوداني". 

وعبرت الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، عن خشيتها من وفاة آلاف الأطفال في السودان بسبب سوء التغذية الحاد وتفشي الأمراض في ظل العنف السائد في البلاد خصوصا بعد أن توفي نحو 1200 طفل جراء الحصبة وسوء التغذية في تسعة مخيمات للاجئين في السودان منذ مايو.

الاحتياجات الإنسانية تتفاقم في السودان"اعتقال القيادات العمالية ظاهرة"

يشير القيادي بالجبهة الديمقراطية للمحامين، بابكر ريزا، إلى أن "اعتقال القيادات العمالية من قبل الجيش أصبح يمثل ظاهرة طالت محامين وصحفيين، من أجل تكميم أفواههم خاصة مع تزايد حالات الموت من الجوع بين السودانيين". 

وقال ريزا لموقع "الحرة": "نحن نعيش أسوأ فترات الحقب المتتالية في السودان، حيث أنتجت تشريدا ونزوحا ووفيات. لا يوجد سوداني حاليا أوضاعة المادية أو المعيشية مستقرة سواء كان داخل السودان أو الذين خرجوا بسبب الحرب".

وأوضح أن "معظم الموظفين في كل القطاعات تقريبا لم يحصلوا على مرتباتهم بشكل دوري.. يوجد قطاعات تم صرف جزء من الأجور، لكن قطاعات أخرى لم تحصل على أي أجر منذ بداية الحرب". 

ويشهد السودان منذ 15 أبريل معارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".

المديرة في وزارة التنمية الاجتماعية، سليمى الخليفي، تقول لموقع "الحرة" إن "معظم الموظفين الحكوميين، لم يحصلوا على رواتبهم، حتى في الولايات التي لا تشهد نزاعا بين الجيش وقوات الدعم السريع". 

وأضافت: "بالنسبة لنا كموظفين في الخرطوم، حصلنا مؤخرا على رواتب شهري أبريل ومايو، وبالنسبة لي تحديدا لم أستلم أجر هذين الشهرين، لأن البنك الذي ينزل عليه المرتب مغلق ولم أستطع صرف أي شيء"، مشيرة إلى أن هناك قطاعات أخرى لم تحصل على أي أجور منذ بداية الحرب. 

مديرة مستشفى حكومي، رفضت ذكر اسمها لدواع أمنية، قالت لموقع "الحرة" إن الطواقم الطبية تعاني بسبب عدم صرف الأجور منذ أشهر. 

وأضافت: "حصلنا مؤخرا على شهر واحد فقط، هو شهر أبريل". 

وحذرت الأمم المتحدة الشهر الماضي من أنّ الحرب والجوع يهددان بـ"تدمير" السودان بالكامل وبدفع المنطقة إلى كارثة إنسانية، في وقت تتواصل المعارك، من دون أي مؤشر إلى حلّ في الأفق.

وبحسب وكالات إنسانية، فإن هناك أكثر من نصف الـ48 مليون نسمة بحاجة لمساعدة إنسانية من أجل الاستمرار وستة ملايين منهم على حافة المجاعة. 

وفي 22 أغسطس الماضي، أفادت منظمة "سيف ذا تشيلدرن" (أنقذوا الأطفال) غير الحكومية، أنّ ما لا يقلّ عن 498 طفلاً "وربّما مئات آخرين" ماتوا جوعاً في السودان خلال الأربعة أشهر الأولى من الحرب. 

طبيبة لجأت لبيع الحلوى أمام المستشفى

وتحكي خليفة عن صديقتها الطبيبة التي فرت معها من الخرطوم إلى مدينة كوستي في ولاية النيل الأبيض بسبب الحرب "على أمل أن تجد عملا هنا". 

وتقول: "كانت هذه الطبيبة تعمل في مستفى حكومي ومستشفى خاص وكانت أمورها جيدة حتى اندلاع الحرب وفرارها من الخرطوم، بحثت عن عمل فقيل لها إنها ستعمل بدون أجر، لكنها لا تستطيع أن تفعل ذلك، كيف ستدفع الإيجار وتعيل أسرتها". 

وتكشف أن "هذه الطبيبة تقوم بصنع حلوى "الزلابية" وتبيعها أمام المستشفى من أجل أن توفر لها ولأسرتها لقمة عيش بسيطة". 

وبالنسبة للمعلمين، يقول الباقر: إن تسعة ولايات هي ولايات دارفور الخمس، والجزيرة والنيل الأزرق وسنار وكسلا، من أصل 18 ولاية في السودان لم يحصل فيها المعلمون على أي أجر منذ أبريل الماضي". 

أما الولايات التسعة الأخرى، فقد حصل بعضهم على مرتب شهر أو شهرين أو ثلاثة، لكن في أفضل الأحوال يتبقى شهرين. 

ويوضح السبب بين تفاوت صرف مرتبات المعلمين بين ولاية وأخرى قائلا إنه تم ترك هذا الأمر للولايات، "الموارد في بعض الولايات مثل نهر النيل التي تشتهر بعمليات تعدين الذهب فيها، والبحر الأحمر بسبب قربها من ميناء بورتسودان، أفضل من غيرها". 

"في انتظار الفرج"

وتقول خليفة: "كلنا في انتظار الفرج، أغلب الموظفين الموجودين في الولايات يستقبلون الموظفين النازحين من الخرطوم، هذا يعني أن العبء المالي زاد على هذه الأسر التي تعيش على رواتب متأخرة جدا". 

بالنسبة لعموم الناس، فإنهم يعتمدون على أقاربهم المغتربين في الخارج "في حالتي، أختي موجودة في الإمارات وترسل لنا أموالا، وبالكاد يمكننا أن تعيننا للبقاء على قيد الحياة، لكنها لا تكفي في العادة لتغطية متطلبات الإيجارات التي زادت بشكل كبير في الفترة الأخيرة"، بحسب خليفة، مشيرة إلى أن الكثير من السودانيين أصبحوا يعانون من الجوع. 

ويقول الباقر: إن "كثيرا من المعلمين، أصبحوا يعملون كسائقي مركبات التوكتوك، أو حمّالين، ويدفع بعضهم عجلة صغيرة تحمل البضائع، مضيفا أن الأزمة تكمن فيمن لا يستطيع أن يقوم بهذه الأعمال بسبب كبر السن أو المرض أو معلمات مطلقات أو أرامل. ومع استمرار الحرب لفترة طويلة، تزداد المعاناة أكثر وأكثر". 

كيف يتعامل السودانيون مع الأزمة؟ 

الباحث محيي الدين محمد، المقرب من الجيش يقر في حديثه مع موقع "الحرة" أن "الموظفين في كل الولايات كانوا يعانون من مشكلة لأن البنوك كانت متوقفة". 

لكنه يقول إنه "بعد استعادة النظام المصرفي بدأ صرف المرتبات للموظفين في القطاع العام وتوفيرها، هناك من حصل على شهر وبعضهم على شهرين من الخمسة أشهر المقبلة، ومن المقرر أن تنتظم بدءا من الشهر المقبل".  

وبشأن كيفية تعامل السودانيين مع الأزمة قال: "كانت هناك مشكلة لكن تم تجاوزها بأكثر من وسيلة، فمعظم السودانيين الموجودين في الخرطوم سافروا إلى ولاياتهم الأصلية، وهناك من كان لديه مدخرات صرف منها وهناك مبادرات شعبية من أفراد يقوموا بإعداد الطعام في بعض المناطق ومشاركتها مع المواطنين". 

مبادرات شعبية ظهرت بعد اندلاع الحرب في السودان

وقالت خليفة: "أعرف بعض الناس الذين فروا من الخرطوم وعادوا إلى بلداتهم الأصلية، منهم من عاد للزراعة في قريته الأم، أما من ليس لديه أصول مثل ذلك حاول أن يجد أي فرصة عمل في أي مجال، أعرف زميلا كان مديرا لمركز ثقافي، الآن يحمل الرمل والطوب. كثير من الشباب ومنهم من كان يعمل مهندسا بدأوا بصنع القهوة والشاي والوجبات الخفيفة في الشارع أو بيع خضار في السوق، ليكون مصدر رزق لهم".

سودانيون لجأوا للعمل في السوق بعد اندلاع الحرب

وحذرت المسؤولة الثانية للأمم المتحدة في السودان كليمنتين نكويتا-سلامي إن "الكارثة تحدق بالسودان، على الدول المانحة أن تدفع فورا الأموال الموعودة  للمساعدة الإنسانية التي يمكن أن تنقذ أرواحا".

ومنذ اندلاع المعارك التي تركزت في العاصمة السودانية وإقليم دارفور غرب البلاد، قُتل نحو 7500 شخص بينهم 435 طفلًا على الأقل حسب بيانات رسمية، في حصيلة يرجّح أن تكون أقلّ بكثير من عدد الضحايا الفعلي للنزاع.

كما اضطر نحو خمسة ملايين إلى ترك منازلهم والنزوح داخل السودان أو اللجوء إلى دول الجوار، خصوصا مصر وتشاد، إضافة إلى خروج 80 في المئة من مرافق القطاع الصحي في البلاد من الخدمة.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: فی السودان من الخرطوم

إقرأ أيضاً:

القيادي بحركة جيش تحرير السودان: هذا تعليقي على وجود مناوي خارج دارفور

وزير المعادن محمد بشير أبو نمو القيادي بحركة جيش تحرير السودان لـ(الكرامة) :
(….) هذا تعليقي على وجود منــــــاوي خارج دارفور..
هذه حقيقة الأوضــــــاع بالفاشــــــــر (….)
(….) هنا تم تنويري بخــــــطط تحرير كامل التــــــراب السوداني..
العطا استنكر صمت المجتمع الدولي على استهداف الميليشيا للنازحين..
الفرق تعمل لحصر وتقييم الخسائر.. ونقل الوزارة للعاصمة بيد (….)
حوار : محمد جمال قندول- الكرامة
قال وزير المعادن القيادي بحركة جيش تحرير السودان محمد بشير أبو نمو انّ الأوضاع في الفاشر مطمئنة مع وجود محاولات جادة لفك الحصار.
أبو نمو ذكر في حوار مع (الكرامة) انّ الانتقادات التي توجه لحاكم إقليم دارفور بضرورة ان يكون موجودا بدارفور غير صحيحة على اطلاقها، مشيرًا إلى أنّه موجود وعلى اجتماعات متواصلة مع قادة الجيش وزملائه من قادة مكونات القوة المشتركة، لرسم خطة واضحة وعاجلة لإنقاذ الفاشر بفك الحصار.
أبو نمو تحدث كذلك عن رحلته للعاصمة الخرطوم لأول مرة بعد تحريرها، وإفاداتٍ مهمة أخرى فإلى مضابط الحوار..
كيف هي الأوضاع في الفاشر؟
الأوضاع في الفاشر مستقرة. وهنالك إصرار وإرادة من القوات المسلحة والمشتركة والمستنفرين على الصمود ومحاولات جادة لكسر الحصار.
حدثنا عن لقائك مع مساعد القائد العام، هل تم إقرار خطة عسكرية للتعامل مع الموقف العسكري في الفاشر؟
كانت زيارتي للفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة وعضو مجلس السيادة، لتقديم التهنئة لأعلى رمز وقائد للقوات المسلحة في ولاية الخرطوم بتحرير العاصمة.
تم تنويري بالخطط العسكرية الجارية لتحرير كامل التراب السوداني من دنس الميليشيا، وعلى الخطط العاجلة لفك حصار الفاشر ودحر الميليشيا وتأمين المدينة.
وقد أبدى العطا قلقاً بالغاً من استهداف الميليشيا لمخيمات النازحين في “زمزم وأبو شكوك”، وتساءل عن المواقف الخجولة للمجتمع الدولي وردود فعله الصامتة تجاه ما تقوم به الميليشيا من اعتداءات على النازحين.
هنالك انتقادات حادة لحاكم إقليم دارفور لوجوده خارج دارفور منذ بدء الحرب، ما تعليقك؟
هذا الحديث على إطلاقه غير صحيح. حاكم إقليم دارفور الآن موجود وعاكف على اجتماعات متواصلة مع قادة الجيش وزملائه من قادة مكونات القوة المشتركة، لرسم خطة واضحة وعاجلة لإنقاذ الفاشر بفك الحصار وضمان حماية النازحين والسماح بانسياب العمل الإنساني، ومن ثم البدء في تحرير دارفور من قبضة ميليشيا الدعم السريع.
ما هو تعليقك على صمت المجتمع الدولي تجاه ما يحدث في الفاشر بشكل عام؟
لا يوجد مجتمع دولي فاعل لحسم القضايا الدولية الآن، هنالك قوى مهيمنة على القرار الدولي وتنفيذ هذه القرارات يتم وفق مصالح هذه القوى. يتم التنفيذ إذا القرار منسجم مع مصالح هذه القوى، ما عدا ذلك، تظل القرارات حبيسةً في أضابير المنظمة الدولية. وخير مثالٍ على ذلك، قرار مجلس الأمن الخاص بمطالبة الدعم السريع بفك حصار الفاشر.
حدثنا عن زيارتك للخرطوم لأول مرةٍ منذ تحريرها؟
الزيارة كانت شاملة لكل أذرع الوزارة. وقد رافقني مديرو الوحدات التابعة للوزارة ، علاوةً على مديرو الإدارات المتخصصة الملحقة بالوزارة. وقد كان بمعية الوزير: مدير هيئة الأبحاث الجيولوجية، ومدير الشركة السودانية للموارد المعدنية، ومدير شركة مصفاة الذهب، والمدير المكلف لشركة سودامين، بالإضافة إلى مدير إدارة شرطة تأمين التعدين، ومدير أمن اقتصاديات التعدين، ومدير الإدارة القانونية للوزارة. وهذه إدارات متخصصة ملحقة بالوزارة. وللزيارة هدفان: الأول هو لتقديم التهنئة للقوات المسلحة والمشتركة ووالي ولاية الخرطوم بتحرير العاصمة. والهدف الآخر هو الوقوف على مقرات الوزارة والأذرع التابعة وتقييم الأضرار التي لحقت بها بغرض الإعداد لتهيئتها لمزاولة العمل في الفترة القادمة عند العودة إلى العاصمة.
هل حصرتم خسائر الوزارة بشكل تفصيلي بعد تحرير الخرطوم؟
الأتيام لا زالت تعمل حتى الآن وستقدم تقاريرها فور الانتهاء من عمليات الحصر والتقييم.
هل ستنتقل الوزارة للعاصمة الخرطوم قريباً؟
القرار في هذا الشأن يتم بالتنسيق مع السلطات العليا وفق جاهزية المقرات، ووفق حاجة مواطني ولاية الخرطوم لخدمات الوزارة المعنية.
هنالك حديث عن قرب إعلان حكومة جديدة؟
لا علم لي بذلك. وفي ختام هذا اللقاء، أسجلض شكري وامتناني للرجل النشط المتفاني والى ولاية الخرطوم الأستاذ أحمد عثمان حمزة، الذي استضاف الوفد خلال الزيارة، ورافقنا في كل جولاتنا لمقرات الوزارة والوحدات التابعة لها.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • دمار هائل في مستشفى الخرطوم التعليمي جراء الحرب
  • الخرطوم في قلب الحرب: عامان على انهيار مركز السلطة في سودان ما بعد الاستعمار
  • سفير قطر في السودان يرفع علم بلاده في مقر السفارة بالخرطوم تمهيدا لاستئناف عملها
  • أزمة إنسانية تدخل عامها الثالث في السودان
  • القيادي بحركة جيش تحرير السودان: هذا تعليقي على وجود مناوي خارج دارفور
  • قوات الدعم السريع تعلن قيام حكومة موازية في السودان مع دخول الحرب عامها الثالث  
  • مناوي: الخرطوم كانت محاصرة والآن هي حرة .. الجزيرة كانت محاصرة والآن هي حرة
  • المالية النيابية: أزمة الرواتب فنية وليست سياسية
  • دولة محطمة.. الحرب في السودان تدخل عامها الثالث
  • خلال 6 أشهر.. الأمم المتحدة تتوقع عودة 2,1 مليون نازح إلى الخرطوم