محللون: التطبيع بين إسرائيل وإندونيسيا بعيد المنال
تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT
سلط موقع "ميدل إيست آي" الضوء على توالي التقارير بشأن مزيد من اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية والإسلامية، مشيرا إلى أن التطبيع الإسرائيلي مع إندونيسيا غير مرجح في أي وقت قريب.
وذكر الموقع البريطاني، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن مرجوحية التطبيع الإسرائيلي الإندونيسي تعود إلى التزام جاكرتا منذ عقود بدعم القضية الفلسطينية وخطر إثارة الغضب الشعبي حتى لو تابعت المملكة العربية السعودية خطة التطبيع المثيرة للجدل.
وأضاف أن الاتجاه نحو التطبيع بدأ في فقدان زخمه بنهاية رئاسة دونالد ترامب للولايات المتحدة، بعد أن أقامت البحرين والإمارات والمغرب والسودان علاقات رسمية مع إسرائيل، لكن في الأسابيع الأخيرة، أثارت التقارير التي تفيد بأن السعودية تقترب أكثر من أي وقت مضى من إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل سؤالاً حول من يمكن أن يتبعها بعد ذلك.
وظهرت إمكانية التوصل إلى اتفاق بين الرياض وتل ابيب في أوائل شهر مايو/أيار الماضي، عندما أعلن مستشار الأمن القومي لإدارة بايدن، جيك سوليفان، أن التطبيع السعودي الإسرائيلي يصب في المصلحة الوطنية للولايات المتحدة.
والخميس الماضي، أشار ولي العهد السعودي الأمير، محمد بن سلمان، في مقابلة، إلى أن السعودية وإسرائيل على وشك التوصل إلى اتفاق تاريخي، وقال لشبكة فوكس نيوز: "كل يوم نقترب أكثر".
ومع ذلك، رجح خبراء ومحللون لـ "ميدل إيست آي" أن تخالف إندونيسيا، أكبر دولة ذات أغلبية مسلمة في العالم، هذا الاتجاه، ومنهم باجوس هندرانينج كوبارسيه، مدير شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الإندونيسية، الذي قال إن بلاده "ليس لديها أي نية" لإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، مضيفا: "لن نفعل ذلك حتى تحصل فلسطين على استقلالها".
وفي حين تخلى الرئيس الأمريكي، جو بايدن، عن معظم سياسات سلفه في الشرق الأوسط، والتي كانت لصالح إسرائيل، فإن التطبيع مع إسرائيل لم يكن من بينها.
وأثار وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إمكانية إقامة علاقات دبلوماسية بين إسرائيل وإندونيسيا خلال اجتماعه، في ديسمبر/كانون الأول 2021 مع وزيرة الخارجية الإندونيسية، ريتنو مرسودي، في جاكرتا.
وفي الشهر نفسه، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإندونيسية، تيوكو فايزاسيا، لصحيفة "نيكي آسيا" أن بلينكن طرح فكرة التطبيع مع إسرائيل.
وعندما طُلب منه التعليق على إمكانية إقامة علاقات دبلوماسية مع الدولة العبرية، قال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، يوسف زيلبرمان، لـ "ميدل إيست آي"، إن إسرائيل تمد يد السلام والصداقة إلى جميع دول العالم، بما في ذلك إندونيسيا أيضًا".
وفي السياق، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: "بشكل عام، نواصل دعم اندماج إسرائيل الكامل في المنطقة وخارجها".
القضية الرئيسية
وقال محللون إن القضية الرئيسية التي يمكن أن تعرقل أي اتفاق تطبيع محتمل هي المشاعر المؤيدة للفلسطينيين، والتي تمتد عميقاً في جميع أنحاء الدولة الجزيرة وتعود إلى عهد الأب المؤسس لإندونيسيا، سوكارنو.
ورفضت إندونيسيا مشاركة إسرائيل في دورة الألعاب الآسيوية الرابعة التي أقيمت في جاكرتا عام 1962.
وقالت سيتي موتيا سيتياواتي، محاضرة العلاقات الدولية في جامعة "جادجاه مادا"، في يوجياكارتا بجزيرة جاوة الإندونيسية، إن إندونيسيا تدعم القضية الفلسطينية بسبب مبادئ سياستها الخارجية.
وأضافت أن "أغلبية المسلمين الإندونيسيين لا يمكنهم قبول بدء علاقة دبلوماسية مع إسرائيل"، مشيرة إلى مبدأ "الأخوة الإسلامية" كسبب رئيسي.
وتابعت: "هناك تضامن إسلامي يجب أن تستوعبه الدولة لأن الأغلبية [تفكر] بهذه الطريقة"، في إشارة إلى سكان إندونيسيا الذين يشكل المسلمون حوالي 90% منهم.
وأصبحت مثل هذه الآراء تمثل شريحة كبيرة من السكان، حيث يرفض العديد من الإندونيسيين صراحة إمكانية التطبيع.
اقرأ أيضاً
يديعوت: اتصالات سرية لضم إندونيسيا لقطار التطبيع مع إسرائيل
وفي السياق، قال فيتريان زمزمي، الذي يعيش في ديبوك بالقرب من جاكرتا: "مع التعدي المستمر للمستوطنين غير الشرعيين، والهجوم المستمر على الضفة الغربية، والاستفزازات المستمرة في المسجد الأقصى، والحصار المستمر على غزة، فإنه من المستحيل تبرير أي علاقات دبلوماسية بين حكومتنا والحكومة الإسرائيلية الحالية".
وأضاف: "أي فتوى يصدرها علماء السعودية، على سبيل المثال، ليس لها أي وزن على الإطلاق إذا كنا كأفراد نشعر بعمق في قلوبنا أنها تتعارض مع هدي النبي"، في إشارة إلى تأييد بعض رجال الدين في الجزيرة العربية لإقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل.
ويتفق مع ذلك أكنولت كريستيان باكباهان، محاضر العلاقات الدولية في جامعة باراهيانجان الكاثوليكية في باندونج بمقاطعة جاوة الغربية الإندونيسية، قائلا إن "موقف إندونيسيا، باعتبارها دولة ذات قوة متوسطة، استراتيجي للغاية لتقديم الدعم لفلسطين".
الرأي العام
وبصرف النظر عن دعم الحكومة الإندونيسية منذ فترة طويلة للشعب الفلسطيني، فإن العديد من الإندونيسيين لديهم أيضًا آراء سلبية تجاه إسرائيل.
وفي السياق، قالت ممتازة تجاترادينينغرات، التي تعيش في جاكرتا، إنها "تعارض بشدة" فكرة التطبيع، وتساءلت: "كيف يمكننا كإندونيسيين أن ندعم العلاقة مع دولة ارتكبت بوضوح جرائم ضد الإنسانية على مستوى الاحتلال غير القانوني والاستعمار والفصل العنصري؟".
وفقًا لاستطلاع وطني أجرته مؤسسة "سيف موجاني" للأبحاث والاستشارات في مايو/أيار 2022، فإن 69% من الإندونيسيين يكرهون إسرائيل، و20% منهم فقط لديهم انطباع إيجابي عن البلاد.
وبلغ عمق المشاعر المعادية لإسرائيل في إندونيسيا حد حرمان الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) لإندونيسيا، في وقت سابق من العام الجاري، من استضافة كأس العالم تحت 20 عامًا عام 2023 بعد أن عارض بعض السياسيين والمواطنين مشاركة إسرائيل.
وقالت مونيكا ريكرز، مؤسسة منظمة "هداسا" الإسرائيلية غير الربحية، إن "الوقت قد حان لكي تنضم إندونيسيا إلى اتفاقيات إبراهيم".
وأضافت: "يجب على إندونيسيا التركيز على رفاهية إندونيسيا نفسها، ولحل القضية الفلسطينية، يجب أن تقيم إندونيسيا علاقات دبلوماسية (..) إندونيسيا تحتاج إلى التكنولوجيا والابتكارات الإسرائيلية في مجالات الإنترنت والدفاع والصحة والطاقة الخضراء وإدارة المياه والزراعة والاتصالات".
وبينما تنفي إندونيسيا علنًا خططها لإقامة علاقات مع إسرائيل، فقد صدرت ما قيمته 185.2 مليون دولار من المنتجات غير النفطية والغاز إلى إسرائيل في عام 2022، بينما استوردت بضائع بقيمة 47.8 مليون دولار من إسرائيل في ذلك العام، وفقًا للإحصاءات التي نشرتها وزارة التجارة.
وتجاوز حجم التجارة البينية 100 مليون دولار سنويا من 2018 إلى 2022، ما يثبت أن إندونيسيا تحتفظ بعلاقات غير دبلوماسية مع إسرائيل.
اقرأ أيضاً
هاكرز من إندونيسيا ينجح باختراق مواقع 3 وزارات إسرائيلية
المصدر | ميدل إيست آي/ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل إندونيسيا التطبيع السعودية علاقات دبلوماسیة وزارة الخارجیة دبلوماسیة مع میدل إیست آی مع إسرائیل إسرائیل فی
إقرأ أيضاً:
أسوأ أنواع التطبيع وعقيدة دايتون.. أسماء مختلفة للتنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال؟
يشكل التعاون الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، الذي وصفه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بأنه مسؤولية "مقدسة"، ركيزة أساسية لاتفاق أوسلو منذ عام 1993، وعامل أهمية حيوية لبقاء السلطة الفلسطينية ذاتها وسبب وجودها من وجهة نظر "إسرائيل".
وعلى الرغم من تهديدات عباس المتكررة بقطع العلاقات الأمنية مع "إسرائيل" على مر السنين، فإنه لم يفعل ذلك إلا مرة واحدة من قبل، وسط مخاوف من ضم إسرائيلي وشيك في الضفة الغربية بعد إصدار خطة السلام لإدارة ترامب السابقة في عام 2020، لكنه استأنفه سريعا بعد انتخاب بايدن.
ولا يزال التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل غير مرغوب فيه للغاية بين الفلسطينيين العاديين من جميع الأطياف السياسية، الذين يرون فيه "شكلا من أشكال التعاون مع الاحتلال، وخيانة صريحة لمقاومة الشعب الفلسطيني".
ويعد الدور الأساسي للتنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" هو منع "الهجمات والعمليات" ضد الإسرائيليين، سواء كانوا جنودا أو مدنيين (مستوطنين)، بينما لا توجد أحكام أو آليات قائمة لحماية أرواح وممتلكات الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال العسكري منذ حزيران/ يونيو 1967، من التوغلات الإسرائيلية وإطلاق النار والاعتقالات ومصادرة الأراضي والإخلاءات، وحتى من اعتداءات المستوطنين أنفسهم التي تزايدت بشكل كبير تزامنا مع حرب الإبادة المستمرة ضد قطاع غزة.
وتواصل الأجهزة الأمنية الفلسطينية منذ أسبوعين عملية ضد مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية تحت اسم "حماية وطن"، حيث تؤكد أنها تستهدف "الخارجين عن القانون"، وسط اشتباكات مع المقاومين الرافضين لنزع سلاح المقاومة.
ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن "السلطة الفلسطينية تخوض مواجهات مع عناصر المقـ اومة في مخيم #جنين، في محاولة لإثبات قدرتها على فرض الأمن بالضفة الغربية وسعيًا لدور محتمل في إدارة غــزة بعد الحرب." pic.twitter.com/ApCICHEF4L — عربي21 (@Arabi21News) December 22, 2024
ما هو التنسيق الأمني؟
تعاون استخباري وتبادل المعلومات مع أجهزة إسرائيلية مثل "الشاباك"، ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي أي إيه"، ويهدف لحماية الإسرائيليين أساسًا، ونبذ "الإرهاب وأعمال العنف".
ويلزم اتفاق أوسلو الموقّع عام 1993، واتفاق "طابا" عام 1995، السلطة بمحاربة المقاومة ونشطائها ضمن ما سمته الاتفاقيات بـ "الإرهاب"، وجعل السلطة مسؤولة عن اتخاذ الإجراءات المناسبة من خلال التعاون أمنيًا.
وبالتوازي مع تضاؤل آفاقها السياسية والاقتصادية، فإن الوجود الفعلي للسلطة الفلسطينية على الأرض يتضاءل، ومع عجزها عن حماية أرواح الفلسطينيين وممتلكاتهم أو تحدي الاحتلال بأي شكل آخر، سعت المقاومة إلى ملء الفراغ، وخاصة في محافظتي نابلس وجنين في شمال الضفة الغربية، حيث أصبحت أجزاء كبيرة من هذه المحافظات بعيدة عن متناول قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية بسبب الرفض المتزايد بين هذه لعباس، بحسب تقرير سابق لمجلة "فورين بويسي".
ومن المعروف أن هناك أنواعا مختلفة للتنسيق، فمنها التنسيق المدني والعسكري والأمني، حيث بقي الأخير غامضا، ولا يجد من يُقدم تفسيرا واضحا لماهيته، فيما يتهرب قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية من إعطاء أي توضيح لحقيقة هذا التنسيق وما يترتب عليه.
وتمتنع المؤسسات السياسية السيادية من نشر ملحقات اتفاقية أوسلو التي تناولت التنسيق الأمني على صفحاتها الإلكترونية حتى الوقت الحالي.
وجاءت اتفاقية "أوسلو 2"، أو ما سمّي اتفاق "طابا"، لتوضّح مهام اللجنة المشتركة للتنسيق الأمني وهوية وعدد أعضائها ومواعيد اجتماعها، ثم تلتها ما عُرفت "بوثيقة تينت" عام 2002، التي جاءت لتجديد التعاون الأمني في ذروة الانتفاضة الثانية، وبعدما أيّدت أجهزة أمن السلطة الانتفاضة وانخرطت في مواجهات مسلحة مع القوات الإسرائيلية في بدايتها.
"عقيدة دايتون"
بعد فشل قمة كامب ديفيد عام 2000 انهار التنسيق كإحدى النتائج المباشرة للمواجهة الشاملة، لكن بعد طرح "خارطة الطريق" الأمنية عام 2003، عاد بشكل أقوى، وخصوصًا بعد الانقسام الفلسطيني عام 2007.
ونتيجة ذلك عادت الاجتماعات والدوريات المشتركة وتبادل المعلومات وكل أشكال التنسيق، ما حدا بـ "إسرائيل" إلى الإشادة، ولأول مرة، بـ "التعاون الأمني" الفلسطيني، مع الاحتفاظ الإسرائيلي بـ "حق التدخل العسكري" في مناطق السلطة، بحسب ما جاء في "دراسة حالة" نشرها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية "مسارات".
وفي عام 2007، أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية مبعوثا أمنيا إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة لتنفيذ خطة أمنية، سُمِّيت آنذاك خطة الجنرال كيث دايتون، كان هدفها الأساس تأهيل الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، وإعادة تسليحها وتدريبها وفق عقيدة أمنية، تحفظ "أمن إسرائيل"، وتهدف إلى القضاء على المقاومة الفلسطينية وملاحقتها، وتعمل على تفكيك بنيتها التحتية في الضفة الغربية المحتلة.
ونجح دايتون، خلال سنوات عمله، في إعادة تفكيك الأجهزة الأمنية الفلسطينية وإعادة ترتيبها وفق عقيدة أمنية، جوهرها وجود رجل أمن فلسطيني منزوع العداء لـ"إسرائيل"، ومهمته تتمثل بحفظ النظام والأمن فقط، وصدّ أي تظاهرات أو مبادرات فردية من شأنها أن تضرّ بأمن "إسرائيل" ومستوطناتها في الضفة الغربية المحتلة.
وكان دايتون قد استشهد في محاضرةٍ له في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في السابع من أيار/ مايو 2009 باقتباس من رجل أمن فلسطيني خلال تخريج دفعة رجال أمن فلسطينيين حيث قال الأخير: "أنتم يا رجال فلسطين قد تعلمتم هنا كيف تحققون أمن وسلامة الشعب الفلسطيني.. أنتم تتحملون المسؤولية عن الشعب ومسؤولية أنفسكم، لم تأتوا إلى هنا لتتعلموا كيف تقاتلون إسرائيل، بل جئتم إلى هنا لتتعلموا كيف تحفظون النظام وتصونون القانون، وتحترمون حقوق جميع مواطنيكم، وتطبقون حكم القانون من أجل أن نتمكن من العيش بأمن وسلام مع إسرائيل".
وفي ذات المحاضرة أشاد دايتون بـ"قدرة الأمن الفلسطيني على ضبط التظاهرات التي اندلعت في الضفة الغربية، وأجهضت أي محاولة لانتفاضة ثالثة، وحوّلت العنف بعيداً عن الإسرائيليين، وشعر الإسرائيليون بأن بإمكانهم الوثوق بالأمن الفلسطيني ونقل القسم الأكبر من قواتهم إلى غزة خلال عملية الرصاص المصبوب في يناير/ كانون الثاني 2009".
ومع تغير الإدارات الأمريكية جرى في شباط/ فبراير 2023 طرح "خطة فنزل" على اسم المنسق الأمني الأميركي الجنرال مايكل فنزل الذي صاغها، وهي تتلخص كما تلخصت من قبلُ خطة دايتون، بتشكيل قوات فلسطينية خاصة من الأجهزة الأمنية، وإخضاعها لتدريب عالٍ، وتسليحها بهدف كبح جماح المجموعات المقاومة في منطقتي نابلس وجنين، بصورة خاصة.
وتهدف الخطة إلى إعادة سيطرة السلطة الفلسطينية من جديد على منطقة شمالي الضفة وتمكينها من ملاحقة المجموعات المقاومة المسلحة والقضاء عليها.
وكان فنزل أعلن الخطة الأمنية بعد اجتماع جرى في العقبة بالأردن تحت إشراف أميركي من طرف بريت ماكغورك مستشار الرئيس الأميركي بايدن لشؤون الشرق الأوسط، وشارك فيه مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط باربارا ليف.
وهدفت تلك الخطة بحسب البنود التي نشرها الإعلام الإسرائيلي حينها لإعادة سيطرة القوات الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية على شمال الضفة الغربية من أجل تهدئة التوتر بالمنطقة.
وقد أشارت "القناة 14" الإسرائيلية حينها إلى أن رئاسة السلطة وافقت على الخطة وخضعت لضغوط إدارة الرئيس جو بايدن، على أن يكون تنفيذ الخطة جزءا من إعادة إنتاج دور السلطة أمنيا، وتفعيل التنسيق الأمني إلى سابق عهده.
وتتبنى الخطة أهدافها -بحسب ما نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت- بإنهاء المقاومة المسلحة في الضفة الغربية، وتغيير توجهات السلطة الفلسطينية بحيث تصبح أكثر صلابة في التعاطي مع المقاومين الفلسطينيين.
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
وتركز أهداف الخطة بحسب ما نشر عنها على ضرورة إنهاء السلطة الفلسطينية أي محاولات لفتح قنوات للتواصل مع عناصر المقاومة، بل العمل على ضرب بناهم التحتية والقضاء عليهم.
وتضمنت إعادة تدريب قوة خاصة من عناصر الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية قوامها 5 آلاف عنصر، تكون مهمتها مواجهة تشكيلات المقاومة في الضفة وكبداية في نابلس وجنين، بهدف إخضاعها وضرب بنيتها التحتية.
وضمن الحديث المستمر عن "اليوم التالي" في قطاع غزة، تشترط العديد من القوى الإقليمة والدولية وأبرزها الولايات المتحدة على السلطة الفلسطينية إجراء "مزيد من الإصلاحات الضرورية" في هيكل السلطة لتولي إدارة القطاع مستقبلا.
الموقف الإسرائيلي أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن جيش الاحتلال يدرس تزويد أمن السلطة الفلسطينية بمعدات عسكرية، مبديا رضاه عن العملية الأمنية التي تشنها حاليا أجهزة أمن السلطة في مخيم جنين شمالي الضفة الغربية.
وقالت صحيفة "هآرتس" إن الجيش يدرس تزويد أمن السلطة الفلسطينية بمعدات عسكرية "لمواجهة التنظيمات وتعزيز التعاون الاستخباري"، وانه "تلقى تعليمات من المجلس الوزاري المصغر بتعزيز التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية".
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية أن جيش الاحتلال "راضٍ عن العملية الفلسطينية في جنين، ويدعو إلى تعزيز السلطة الفلسطينية"، مشيرة إلى أن القيادة المركزية أوصت بتعزيز آليات السلطة الفلسطينية والتنسيق الأمني معها.
ولفتت إلى أن 300 ناشط مسلح من السلطة الفلسطينية يعملون في مخيم جنين تحت مراقبة جيش الاحتلال في الأيام العشرة الأخيرة.
وعقب ذلك حذر الاحتـلال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس باقتراب انتهاء المدة الممنوحة لعملية أمن السلطة في مخيم جنين ، بحسب ما نقلت "القناة 14" أيضا.
حذرت دولة الاحتـلال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس باقتراب انتهاء المدة الممنوحة لعملية أمن السلطة في مخيم #جنين ، وفقا للقناة 14 العبرية pic.twitter.com/bpDBB7rhas — عربي21 (@Arabi21News) December 23, 2024
واندلعت منذ منتصف كانون الأول/ ديسمبر 2024 اشتباكات عنيفة في مخيم جنين (عملية "حماية وطن") بين المقاومين وأجهزة الأمن التابعة للسلطة، وسط استمرار الأزمة التي أدت إلى استشهاد عدد من المقاومين بينهم القائد الميداني في كتيبة جنين يزيد جعايصة، وإصابة آخرين، ومقتل وإصابة عدد عناصر من الأجهزة الأمنية.
أجهزة أمن السلطة: مقتــل المساعد أول ساهر ارحيل من حرس الرئيس وإصابة اثنين آخرين خلال اشتباكات عنيفة في مخيم #جنين pic.twitter.com/6lp6rPOw27 — عربي21 (@Arabi21News) December 22, 2024
وتشدد كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي على أن الهدف من هذه الحملة الأمنية لأجهزة السلطة على مخيم جنين هو ملاحقة المقاومين ونزع سلاحهم، وترفض تسليم السلاح، في حين أعلنت أجهزة أمن السلطة أنها تلاحق من وصفتهم بالخارجين عن القانون، لنزع سلاحهم وبسط السيطرة على المخيم.
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
أسوأ أنواع التطبيع
في 22 شباط/ فبراير 2023 وقعت مجزرة في مدنية نابلس بعد توغل لجيش الاحتلال الإسرائيلي وقتله لـ11 شخصًا بينهم 3 من المُسنين وإصابة 102 بجروح، حينها وصفت حركة مقاطعة "إسرائيل" وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها "بي دي إس" ما حصل بالقول: "بينما تستمر السلطة بما يسمى بالتنسيق الأمني مع الاحتلال "الإسرائيلي تسلّلت قواته في وضح النهار إلى مدينة نابلس لتنفيذ جريمتها البشعة باغتيال ثلاثة مناضلين فلسطينيين".
ودعت الحركة في بيان لها حينها لـ "تصعيد الضغط الشعبي على السلطة الفلسطينية لتلتزم بقرارات الإجماع الوطني بوقف التنسيق الأمني بشكلٍ نهائي وفعلي، كونه يعدّ أسوأ شكل من أشكال التطبيع مع العدوّ الإسرائيلي".
وذكرت أن "التطبيع عمومًا واتفاقيات الخيانة التي وقعتها أنظمة الاستبداد العربية مع العدوّ خصوصًا يتحملان جزءًا هامًا من المسؤولية عن النكبة المستمرة بحق شعبنا، في القدس والأغوار وحيفا وغزة ويافا والجليل والخليل ونابلس والنقب".
ورغم ذلك، يبدو أنه لا توجد خيارات "جيدة" بالنسبة للسلطة الفلسطينية في كل الأحوال، فقد وصفت مجلة "فورين بولسي" ذلك بأن "التعاون الأمني يمثل وضعًا يخسره عباس، فقطع العلاقات بشكل دائم سيؤدي بفرض عقوبات وتدابير عقابية مما يعرض وجود السلطة الفلسطينية للخطر، والاستمرار يقوض ما تبقى من شرعية داخلية قليلة لديه".