محللون: التطبيع بين إسرائيل وإندونيسيا بعيد المنال
تاريخ النشر: 28th, September 2023 GMT
سلط موقع "ميدل إيست آي" الضوء على توالي التقارير بشأن مزيد من اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية والإسلامية، مشيرا إلى أن التطبيع الإسرائيلي مع إندونيسيا غير مرجح في أي وقت قريب.
وذكر الموقع البريطاني، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن مرجوحية التطبيع الإسرائيلي الإندونيسي تعود إلى التزام جاكرتا منذ عقود بدعم القضية الفلسطينية وخطر إثارة الغضب الشعبي حتى لو تابعت المملكة العربية السعودية خطة التطبيع المثيرة للجدل.
وأضاف أن الاتجاه نحو التطبيع بدأ في فقدان زخمه بنهاية رئاسة دونالد ترامب للولايات المتحدة، بعد أن أقامت البحرين والإمارات والمغرب والسودان علاقات رسمية مع إسرائيل، لكن في الأسابيع الأخيرة، أثارت التقارير التي تفيد بأن السعودية تقترب أكثر من أي وقت مضى من إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل سؤالاً حول من يمكن أن يتبعها بعد ذلك.
وظهرت إمكانية التوصل إلى اتفاق بين الرياض وتل ابيب في أوائل شهر مايو/أيار الماضي، عندما أعلن مستشار الأمن القومي لإدارة بايدن، جيك سوليفان، أن التطبيع السعودي الإسرائيلي يصب في المصلحة الوطنية للولايات المتحدة.
والخميس الماضي، أشار ولي العهد السعودي الأمير، محمد بن سلمان، في مقابلة، إلى أن السعودية وإسرائيل على وشك التوصل إلى اتفاق تاريخي، وقال لشبكة فوكس نيوز: "كل يوم نقترب أكثر".
ومع ذلك، رجح خبراء ومحللون لـ "ميدل إيست آي" أن تخالف إندونيسيا، أكبر دولة ذات أغلبية مسلمة في العالم، هذا الاتجاه، ومنهم باجوس هندرانينج كوبارسيه، مدير شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الإندونيسية، الذي قال إن بلاده "ليس لديها أي نية" لإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، مضيفا: "لن نفعل ذلك حتى تحصل فلسطين على استقلالها".
وفي حين تخلى الرئيس الأمريكي، جو بايدن، عن معظم سياسات سلفه في الشرق الأوسط، والتي كانت لصالح إسرائيل، فإن التطبيع مع إسرائيل لم يكن من بينها.
وأثار وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إمكانية إقامة علاقات دبلوماسية بين إسرائيل وإندونيسيا خلال اجتماعه، في ديسمبر/كانون الأول 2021 مع وزيرة الخارجية الإندونيسية، ريتنو مرسودي، في جاكرتا.
وفي الشهر نفسه، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإندونيسية، تيوكو فايزاسيا، لصحيفة "نيكي آسيا" أن بلينكن طرح فكرة التطبيع مع إسرائيل.
وعندما طُلب منه التعليق على إمكانية إقامة علاقات دبلوماسية مع الدولة العبرية، قال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، يوسف زيلبرمان، لـ "ميدل إيست آي"، إن إسرائيل تمد يد السلام والصداقة إلى جميع دول العالم، بما في ذلك إندونيسيا أيضًا".
وفي السياق، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: "بشكل عام، نواصل دعم اندماج إسرائيل الكامل في المنطقة وخارجها".
القضية الرئيسية
وقال محللون إن القضية الرئيسية التي يمكن أن تعرقل أي اتفاق تطبيع محتمل هي المشاعر المؤيدة للفلسطينيين، والتي تمتد عميقاً في جميع أنحاء الدولة الجزيرة وتعود إلى عهد الأب المؤسس لإندونيسيا، سوكارنو.
ورفضت إندونيسيا مشاركة إسرائيل في دورة الألعاب الآسيوية الرابعة التي أقيمت في جاكرتا عام 1962.
وقالت سيتي موتيا سيتياواتي، محاضرة العلاقات الدولية في جامعة "جادجاه مادا"، في يوجياكارتا بجزيرة جاوة الإندونيسية، إن إندونيسيا تدعم القضية الفلسطينية بسبب مبادئ سياستها الخارجية.
وأضافت أن "أغلبية المسلمين الإندونيسيين لا يمكنهم قبول بدء علاقة دبلوماسية مع إسرائيل"، مشيرة إلى مبدأ "الأخوة الإسلامية" كسبب رئيسي.
وتابعت: "هناك تضامن إسلامي يجب أن تستوعبه الدولة لأن الأغلبية [تفكر] بهذه الطريقة"، في إشارة إلى سكان إندونيسيا الذين يشكل المسلمون حوالي 90% منهم.
وأصبحت مثل هذه الآراء تمثل شريحة كبيرة من السكان، حيث يرفض العديد من الإندونيسيين صراحة إمكانية التطبيع.
اقرأ أيضاً
يديعوت: اتصالات سرية لضم إندونيسيا لقطار التطبيع مع إسرائيل
وفي السياق، قال فيتريان زمزمي، الذي يعيش في ديبوك بالقرب من جاكرتا: "مع التعدي المستمر للمستوطنين غير الشرعيين، والهجوم المستمر على الضفة الغربية، والاستفزازات المستمرة في المسجد الأقصى، والحصار المستمر على غزة، فإنه من المستحيل تبرير أي علاقات دبلوماسية بين حكومتنا والحكومة الإسرائيلية الحالية".
وأضاف: "أي فتوى يصدرها علماء السعودية، على سبيل المثال، ليس لها أي وزن على الإطلاق إذا كنا كأفراد نشعر بعمق في قلوبنا أنها تتعارض مع هدي النبي"، في إشارة إلى تأييد بعض رجال الدين في الجزيرة العربية لإقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل.
ويتفق مع ذلك أكنولت كريستيان باكباهان، محاضر العلاقات الدولية في جامعة باراهيانجان الكاثوليكية في باندونج بمقاطعة جاوة الغربية الإندونيسية، قائلا إن "موقف إندونيسيا، باعتبارها دولة ذات قوة متوسطة، استراتيجي للغاية لتقديم الدعم لفلسطين".
الرأي العام
وبصرف النظر عن دعم الحكومة الإندونيسية منذ فترة طويلة للشعب الفلسطيني، فإن العديد من الإندونيسيين لديهم أيضًا آراء سلبية تجاه إسرائيل.
وفي السياق، قالت ممتازة تجاترادينينغرات، التي تعيش في جاكرتا، إنها "تعارض بشدة" فكرة التطبيع، وتساءلت: "كيف يمكننا كإندونيسيين أن ندعم العلاقة مع دولة ارتكبت بوضوح جرائم ضد الإنسانية على مستوى الاحتلال غير القانوني والاستعمار والفصل العنصري؟".
وفقًا لاستطلاع وطني أجرته مؤسسة "سيف موجاني" للأبحاث والاستشارات في مايو/أيار 2022، فإن 69% من الإندونيسيين يكرهون إسرائيل، و20% منهم فقط لديهم انطباع إيجابي عن البلاد.
وبلغ عمق المشاعر المعادية لإسرائيل في إندونيسيا حد حرمان الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) لإندونيسيا، في وقت سابق من العام الجاري، من استضافة كأس العالم تحت 20 عامًا عام 2023 بعد أن عارض بعض السياسيين والمواطنين مشاركة إسرائيل.
وقالت مونيكا ريكرز، مؤسسة منظمة "هداسا" الإسرائيلية غير الربحية، إن "الوقت قد حان لكي تنضم إندونيسيا إلى اتفاقيات إبراهيم".
وأضافت: "يجب على إندونيسيا التركيز على رفاهية إندونيسيا نفسها، ولحل القضية الفلسطينية، يجب أن تقيم إندونيسيا علاقات دبلوماسية (..) إندونيسيا تحتاج إلى التكنولوجيا والابتكارات الإسرائيلية في مجالات الإنترنت والدفاع والصحة والطاقة الخضراء وإدارة المياه والزراعة والاتصالات".
وبينما تنفي إندونيسيا علنًا خططها لإقامة علاقات مع إسرائيل، فقد صدرت ما قيمته 185.2 مليون دولار من المنتجات غير النفطية والغاز إلى إسرائيل في عام 2022، بينما استوردت بضائع بقيمة 47.8 مليون دولار من إسرائيل في ذلك العام، وفقًا للإحصاءات التي نشرتها وزارة التجارة.
وتجاوز حجم التجارة البينية 100 مليون دولار سنويا من 2018 إلى 2022، ما يثبت أن إندونيسيا تحتفظ بعلاقات غير دبلوماسية مع إسرائيل.
اقرأ أيضاً
هاكرز من إندونيسيا ينجح باختراق مواقع 3 وزارات إسرائيلية
المصدر | ميدل إيست آي/ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل إندونيسيا التطبيع السعودية علاقات دبلوماسیة وزارة الخارجیة دبلوماسیة مع میدل إیست آی مع إسرائیل إسرائیل فی
إقرأ أيضاً:
محللون: الأونروا تواجه تحديات وستعمل بكامل طاقتها بمجرد فتح معبر رفح
مع دخول قرار الاحتلال الإسرائيلي حظر وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) حيز التنفيذ، يواجه الفلسطينيون في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة وضعا ينذر بالانهيار التام للخدمات الأساسية التي تقدمها الوكالة.
وحذر المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني من العواقب الكارثية، وقال في بيان صحفي "إن تنفيذ الحظر سيكون كارثيا لأن الأونروا هي العمود الفقري للمساعدات الإنسانية في غزة. ولا يمكن لأي كيان آخر أن يملأ هذا الفراغ".
وحسب المدير العام لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة الدكتور منير البرش، فإن 80% أو أكثر من سكان قطاع غزة يأخذون احتياجاتهم الأساسية من الأونروا، حيث تقوم بتعليمهم ورعياتهم صحيا.
وأضاف أن الأونروا ارتكبت منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 "خطيئة" اتجاه أهل غزة من خلال انصياعها -كما قال- لتهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وبالتالي انسحابها من شمال قطاع غزة إلى جنوبه.
واتهم البرش الوكالة بعد تطبيق القانون الإنساني الدولي بحماية سكان القطاع الفلسطيني، الذين تعرضوا لإبادة وتطهير عرقي.
وحمّل المجتمع الدولي أيضا والاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عن الأوضاع الكارثية التي يواجهها سكان قطاع غزة الذين عادوا إلى بيوتهم المدمرة في شمال القطاع، لكنهم لم يجدوا حتى مكانا يجلسون فيه.
إعلان حرب كونية على الفلسطينيين
وفي المقابل، رفض الخبير في شؤون الأمم المتحدة الدكتور عبد الحميد صيام تحميل الأونروا المسؤولية عن الوضع الراهن، وقال إنها أخلت بعض المواقع لكنها لم تتخل عن الغزيين، بدليل أن 60% من المساعدات خلال الحرب كانت من الوكالة.
ولفت إلى وجود قرار إسرائيلي بتدمير الأونروا، وهو ليس جديدا لأن "الوكالة تمثل نكبة 1948، وهي التي تربط اللاجئ الفلسطيني بوطنه وبقرار 194 الذي يخوله حق العودة". وقال إن "هناك حربا كونية تشن على الشعب الفلسطيني، يقوم بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب من خلال دعوته لتهجير الفلسطينيين، وتقوم بها إسرائيل بإلغاء عمل الوكالة الأممية".
وقال إن بعض الدول، ومنها البلدان العربية، شاهدت الوكالة الأممية تغرق ماليا وتستنفد إمكانياتها، لكنها لم تساعدها.
ووفق عبد الحميد صيام، فإن الأونروا ستعمل بكامل طاقاتها في قطاع غزة بمجرد فتح معبر رفح الحدودي بين القطاع ومصر، ودعا الحكومة المصرية إلى التعاون مع الوكالة التي قال إنها فقدت 273 موظفا.
يذكر أن إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي قالت إن قواته انسحبت من معبر رفح، في حين أعلن الاتحاد الأوروبي انتشار بعثته المدنية في المعبر، ومن المنتظر أن يعاد فتحه يوم السبت بعدما احتلته إسرائيل قرابة 9 أشهر خلال حرب الإبادة على قطاع غزة.
ومن جهته، أكد مدير العمليات السابق الأونروا البروفيسور لكس تاكنبرغ أن ما تقوم به إسرائيل إزاء الوكالة الأممية هو انتهاك للقانون الدولي، واتهمها بخلق فوضى تعيق نقل المساعدات الإنسانية إلى الغزيين، إذ إن اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة ينص على زيادة هذه المساعدات.
ورأى أن الأونروا التي تواجه تحديات كبيرة، عليها القيام بعملها في قطاع غزة، خاصة وأنها تستلم الأوامر من الجمعية العامة للأمم المتحدة وليس من إسرائيل.
إعلانوفي المقابل، قال الخبير في شؤون الأمم المتحدة عبد الحميد صيام إن القرارات الملزمة تأتي من مجلس الأمن الدولي، وفي المجلس هناك "وحش أميركي يرفع سيفه أمام كل من يقترب من إسرائيل".