تفسير قول الله "وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد"
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
التدبر فى كتاب الله من صفات المتقين ويقول الله تعالى في كتابه الكريم: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ}[ق: 19].
فما هو معنى لفظة "سكرة"؟
لغويّاً: سَكْرَةٌ- الجمع: سَكَرَاتٌ. [سكر]، (الْمَرَّةُ مِنَ السُّكْرِ)، "اِشْتَدَّتْ عَلَيْهِ سَكْرَةُ الْمَوْتِ": شِدَّتُهُ، وَطْأتُهُ.
سكرة الموت: غشيته وشدّته، يقال سَكِرَ مِنَ الغَضَبِ: اشْتَدَّ غَضَبُهُ، اِمْتَلأَ غَيْظاً وَغَضَباً.
تفسير الطَّبري للآية
الطّبري في تفسيره يقول: "{وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} وجهان من التّأويل؛ أحدهما: وجاءت سكرة الموت، وهي شدّته وغلبته على فهم الإنسان، كالسّكرة من النّوم أو الشّراب بالحقّ من أمر الآخرة، فتبيّنه الإنسان حتى تثبته وعرفه. والثّاني: وجاءت سكرة الموت بحقيقة الموت." [تفسير الطّبري].
هذه الآية تردّ على المنكرين للبعث، بأنّه عند لحظة الموت ونزع الرّوح، سيتبيّن لهؤلاء حقيقة الأمر الذي يكشف كلّ تفاصيل أعمالهم وما أسلفوه في دنياهم.
تفسير المرجع فضل الله (رض)
في تفسير الآية المباركة، يوضح العلامة المرجع السيِّد محمد حسين فضل الله (رض)، أن المصير لا بدّ منه، والنّهاية المكتوبة على الخلق قد تفاجئهم في أيّة لحظة، فالحذر كلّ الحذر، أن يأتينا الموت ونحن في غفلة عن الله تعالى وما أمرنا به:
"{وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقّ} لتنقلك إلى عالم آخر، يختلف عن العالم الّذي أنت فيه، فتفارق كلّ مواقع شغلك، وكلّ ملاعب لهوك وفرحك، {ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ} فتهرب من ذكره، وتبتعد عن مواقعه وإيحاءاته، وتعمل على إلهاء نفسك عنه بأيّ شيءٍ، مما يجلب الغفلة إلى وعيك وشعورك، لأنّك كنت مشدوداً إلى الدّنيا بكلّ غرائزك وشهواتك وعلاقاتك، وبكلّ ما ألفته من أوضاع وأشياءٍ وأعمال.. وها أنت تواجه الحقّ في القضاء الإلهيّ، فتنشغل به في ما يشبه السّكرة عن كلّ مَن حولك مِن النّاس، وما حولك من الأمور".[تفسير من وحي القرآن].
تفسير الشّيخ مغنيَّة (ره)
في سكرة الموت، ينكشف للمرء الحقّ الّذي لا شبهة فيه، والحقيقة التي لا ريب فيها. يقول العلامة الشّيخ محمد جواد مغنيّة التدبر فى كتاب الله من صفات المتقين ويقول الله تعالى في كتابه الكريم: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ}[ق: 19].
فما هو معنى لفظة "سكرة"؟
لغويّاً: سَكْرَةٌ- الجمع: سَكَرَاتٌ. [سكر]، (الْمَرَّةُ مِنَ السُّكْرِ)، "اِشْتَدَّتْ عَلَيْهِ سَكْرَةُ الْمَوْتِ": شِدَّتُهُ، وَطْأتُهُ.
سكرة الموت: غشيته وشدّته، يقال سَكِرَ مِنَ
"﴿وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ﴾: غمرته وشدّته ﴿بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيد﴾: أي تنكر، الموت أوّل لحظة من الآخرة وآخر لحظة من الدّنيا، وفي هذه اللّحظة بالذات، ينكشف لمنكر البعث أنّه حقّ، ويقال له بلسان الحال أو المقال: هذا ما استبعدت وأنكرت".[التفسير المبين].
إنّ سكرة الموت إذا جاءت، والتي كان يهرب منها الإنسان ويتغافل عنها، هي محطة زمانيّة محوريّة وفاصلة بين عالم الدنيا الذي هو عالم الأعمال، وعالم الآخرة وهو عالم الحساب.
ماذا أعددنا لتلك اللحظة المهمة؟ وأين نحن منها؟ فالحذر كلّ الحذر من الغفلة عنها ونسيانها وتجاهل هولها وشدّتها، فالمؤمن الفطن هو من يحسب لهذه اللّحظة كلّ حساب، ويعد لها كلّ العدّة الصالحة التي تؤهّله لأن يواجهها، وأن يدخل الآخرة وهو من الرّاضين المرضيّين.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ال م و ت ب ال ح ق م ا ک نت
إقرأ أيضاً:
عالم بالأزهر: «سيد الاستغفار» يطهر القلب ويزيد القرب من الله
أكد الشيخ أبو اليزيد سلامة، من علماء الأزهر الشريف، أهمية الذكر في حياة المسلم، موضحا وجود أمرين أساسيين يجب أن يلتفت إليهما المؤمن ليحقق الفائدة المرجوة من الذكر، وهما الإكثار من الذكر واستحضار القلب أثناء الذكر.
الإكثار من الذكر والمداومة عليهوقال العالم الأزهري، خلال حلقة برنامج «مع الناس»، المذاع على قناة الناس، اليوم الاثنين: «يجب أن نعلم أن الذكر ليس مجرد ترديد الكلمات بشكل عابر، بل يجب أن يكون مع الإكثار والمداومة، كما ورد في القرآن الكريم في سورة طه: (فَصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ) (طه: 130)، وبالتالي فإن المطلوب هو الإكثار من الذكر، لا مجرد تكرار محدد في العدد، بل الاستمرار عليه يوميا».
وأضاف: «لكننا بحاجة أيضاً إلى استحضار القلب أثناء الذكر، كثير من الناس يذكرون الله سبحانه وتعالى بشكل آلي، بدون أن يركزوا أو يتفكروا في معاني الكلمات، من الأفضل أن يستشعر المسلم قلبه أثناء الذكر ويكون في حالة من التأمل والتركيز الكامل على الله سبحانه وتعالى».
تخصيص وقت للذكروأشار إلى أهمية تخصيص وقت للذكر بعيداً عن الانشغالات اليومية، قائلاً: «أنصح الجميع أن يبدأوا يومهم بخمس دقائق من الذكر، بعيدًا عن الموبايل والتقنيات، بحيث يجلس الشخص في هدوء بعد الفجر ويستحضر قلبه أثناء الذكر. هذه الخمس دقائق كفيلة بأن تغيّر حياة الشخص تمامًا، وتساعده في التركيز في حياته العملية والدراسية والاجتماعية».
وأوضح أن من أفضل الأذكار التي يجب أن يُستحضر القلب فيها هو سيد الاستغفار، الذي علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: «عندما يقول المسلم: (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت)، مع استحضار القلب لهذه الكلمات، فإن ذلك يكون له أثر عظيم في حياة الشخص، ويساهم في تطهير القلب وزيادة القرب من الله».
واختتم قائلاً: «إن 5 دقائق من الذكر كل يوم مع استحضار القلب يمكن أن تغير حياتك بشكل كبير، فتجد نفسك أكثر تركيزًا في عملك وتعلمك وتواصلك مع الآخرين، فاحرصوا على هذه اللحظات المباركة مع الله سبحانه وتعالى».