الحكام من آلهة إلى اختيار الشعب!
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
لم يكن للشعوب فى الماضى رأى فى اختيار حكامها، فقد كان الحكام يخلعون على أنفسهم صفة قدسية، إن لم يدّعوا أنهم من طبيعة إلهية، لقد قامت المدنيات القديمة عمومًا فى مصر وفى فارس وفى الهند وفى الصين، على أساس «نظرية الطبيعة الإلهية للحاكم»، فكان فرعون مصر وملوك الشرق الأوسط وأباطرة الفرس وملوك الهند والصين يُنظر إليهم باعتبارهم آلهة، وقد وجدت الفكرة كذلك عند الرومان الذين كانوا يقدسون الإمبراطور ويعدونه إلهًا، بل ظلت موجودة فى العصور الحديثة عند اليابانيين حتى عام 1947.
وترتب على هذا التكيف الإلهى لطبيعة الحاكم أن سلطان الملوك «الآلهة» كان سلطانًا مطلقًا لا حدّ له، وكانت أوامرهم لا مردّ لها، إذ لا يجوز للبشر أن يناقشوا «الآلهة» أو أن ينظروا إلى تصرفاتهم نظرة انتقادية، لأنهم فوق كل مناقشة ونقد بشرى. فقد كان الحكام فى الماضى يفرضون على الشعب باعتبارهم من معطيات الطبيعة، كالتربة والمناخ والمرض، على الإنسان أن يتقبلها، وليس فى مقدوره أن يغير منها، فطالما أن الله هو الذى اختارهم وأودعهم السلطة، فلا مجال بالتالى ليبدى الشعب رأيه فى تعيين حكامه أو حتى البحث فى أساس سلطانهم، ولهذا نجد أن الاستيلاء على السلطة عن طريق القوة والغلبة كان الأسلوب الشائع فى إسناد الحكم، والوراثة الأسلوب العادى لانتقال السلطة من حاكم لآخر، وتتنافى تلك الوسائل «الأوتوقراطية» مع فكرة الاختيار.
ونظرا لأن تطبيقة «الديمقراطية المباشرة» بات أمرًا عسيرًا لجأت الأنظمة الديمقراطية حينها إلى «الديمقراطية غير المباشرة»، وإلى الحكومات التمثيلية التى يختار الناس فيها من يمثلهم فى مباشرة شئون الحكم، فتكون مباشرة شئون الحكم فيها للناس بصورة غير مباشرة عن طريق نوابهم، أو ممثليهم، وأول دولة طبقت النظام التمثيلى النيابى هى إنجلترا، وكان الانتخاب المطبق آنذاك هور الانتخاب بالأغلبية الذى يفوز فيه المشرح، حيث يكون أكثر المرشحين جمعًا للأصوات، ولو لم يفز بأغلبية أصوات الناخبين، وهذا النظام الانتخابى هو أقدم الأنظمة الانتخابية إذ يرجع تاريخه لعام 1265، وكان الانتخاب بالأغلبية على دورين هو السائد فى أوروبا طيلة تلك المرحلة حتى عام 1914.
كانت الانتخابات فى ذلك الزمان تأخذ بنظام الاقتراع المقيد الذى يُحصر التصويت فيه على من يملك قدرًا معينًا من المال، فلا يسمح بالتصويت إلا للفئة الموسرة القادرة على دفع الضريبة، ويُمنع من عداها من المشاركة، وسبب أخذهم بهذا استنادًا إلى أن من يملك مالًا وثروة يكون أكثر ارتباطًا بوطنه، وأكثر تحملًا لقرارات الحكومة، وكذلك كانت القيود والضوابط التى يراد بها تقييد مشاركة الشعب حتى لا تأتى النتائج على خلاف ما تريد السلطة الحاكمة. غير أن الأخذ بالحكومات النيابية التمثيلية لم يكن أمرًا عامًا، وإنما بدأ انتشاره فى الأنظمة الديمقراطية فى القرن الثامن عشر الميلادى، وازداد انتشاره فى القرن التاسع عشر، ثم أصبح مع نهاية النصف الأول من القرن العشرين ظاهرة عامة فى جميع النظم الديمقراطية.
وهكذا انتشرت فكرة حق الشعوب فى اختيار حكامها، وممثليها فى المجالس النيابية عن طريق الانتخاب، واستقرت الفكرة فى ضمائر الشعوب، وارتبطت فى أذهان الناس بالديمقراطية، حتى لتبدو اليوم الأسلوب الوحيد الطبيعى والمشروع لإسناد السلطة السياسية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: اختيار الشعب حكاية وطن مصر الهند الصين
إقرأ أيضاً:
???? اختيار حمدوك .. خفايا و ملابسات (2)
*اول مخالفة للوثيقة الدستورية كانت فى مخالفة المادة 17/2 و التى اشترطت التوافق فى قبول ترشيح مزدوجى الجنسية*
*حمدوك رفض ان يتخلى عن جنسيته الاخرى ، فتم الغاء الشرط وهو نص دستورى*
*بطريقة مشكوك فيها تم تمرير الغاء شرط عدم ازدواج الجنسية ليتم قبول ترشيح حمدوك*
*ابو على… كان يدفع بسخاء لتليين مواقف رافضة لترشيح د. حمدوك*
*ابو على ، استهدف غالب قيادات الحرية و التغيير ( لجنة الاتصال ، لجنة الوثيقة الدستورية ، لجنة الترشيحات)*
*حمدوك خالف معايير الاختيار للوزراء ، و تخطى شرط الترتيب فى التأهيل و المقدرة و القبول*
كانت لجنة الترشيحات قد قطعت شوطآ طويلآ فى مناقشة اسماء مرشحة من الكتل المكونة للحرية و التغييرلمنصب رئيس الوزراء ، استنادآ على المعايير التى اتفقت عليها بالاجماع و اهمها الا يكون المرشح لمنصب رئيس الوزراء من مزدوجى الجنسية ، و لما كان هذا الشرط يقف حجر عثرة امام ترشيح حمدوك ، و لم يؤخذ بمقترح ان يتخلى حمدوك عن جنسيته الاخرى ، تم تعليق اجتماعات لجنة الترشيحات ، و عقدت ورشة على عجل لالغاء شرط عدم ازدواج الجنسية ، و تم اجازة توصيات الورشة بالتمرير بطريقة مشكوك فيها ، و اتضح فيما بعد ان هناك كتلتين لم يتم التشاور معهم اصلآ، احداهما كتلة نداء السودان ،
ابو على ،أماراتى الجنسية ، كانت له مقرات عديدة ، اهمها فى مجمع النفيدى ، و يقوم بعمله تحت عنوان (مجلس الانماء العربى) ، و كان يجتمع مع بعض قيادات الحرية و التغيير، و مهمته اقناع الرافضين لترشيح حمدوك ، و غطت اتصالاته غالب قيادات الحرية و التغيير ( لجنة الاتصال ، لجنة الوثيقة الدستورية ، لجنة الترشيحات)، و بالرغم من ان الامام الراحل الصادق المهدى كان رافضآ لترشيح حمدوك ، الا ان السيد صلاح مناع كان الاكثر حماسآ، و فى تقديرى ان التحركات التى قام بها ابو على، و قد اشتهر بالسخاء، ساهمت فى الترويج لترشيح حمدوك و كان لها تأثير كبير على تراجع ترشيح د. منتصر الطيب و بالذات من الكتلة التى رشحته ابتداءآ ، فجأة.. تخلت عن ترشيحها لدكتور منتصر ، و قدمت و تمسكت بترشيح د . حمدوك ،
محاولات عديدة و اغراءات ، الا ان (العبد لله)و بعد موافقة حزب الامة لم يتبقى فى كتلة نداء السودان غير حزب البعث السودانى ، تمسك بموقف الحزب و بدعم من مكتبه السياسى حتى آخر لحظة ، و سجل تحفظ حزب البعث السودانى على اختيار د. عبد الله حمدوك لمنصب رئيس الوزراء فى محضر اللجنة و فى اجتماع المجلس المركزى ، رغم ضغوط الدقائق الاخيرة و التى كانت تتمنى ان يكون الاختيار بالاجماع ، هذا لم يكن شخصيا ، كان بناءا على معلومات و تحليلات اثبتتها الايام ،
و بينما وافقت كل الكتل على الترشيح ، كان الامام الصادق المهدى رحمه الله ممانعآ ، و تعرض لضغوط هائلة من داخل و خارج حزب الامة ،وهو السبب الذى جعل كتلة نداء السودان تكون آخر الكتل التى وافقت على ترشيح حمدوك ، حتى ذلك الوقت كانت قوى الحرية و التغيير تنتهج التوافق و الاجماع ما امكن ذلك فى اتخاذ القرارات ،و كان تحفظ حزب الامة و البعث السودانى كافيآ لعدم الموافقة بالرغم من ان بقية مكونات الكتلة ( وافقت ) منذ وقت مبكر على ترشيح حمدوك وهى (حزب المؤتمر السودانى و الوطنى الاتحادى و الحزب القومى و التحالف السودانى و حركة حق و المحاربين القدامى ) ،
حظرت الوثيقة الدستورية فى المادة 17/2 ازدواج الجنسية فى مناصب (رئيس الوزراء ، وزراء الدفاع ، الداخلية ، الخارجية ، العدل ) ،واشترطت الا يتمتع شاغل المنصب بجنسية دولة اخرى ، و استثناء بالتوافق بين (الحرية و التغيير و مجلس السيادة) لمنصب رئيس الوزراء ، و بين(الحرية و التغيير و رئيس الوزراء ) لمناصب الوزراء ، و لم يكن هنالك توافق قد حدث حول الاستثناء الوارد فى المادة 17 ، ولم يحفل احد بالالتزام بالنص الدستورى و لو شكلآ ، و حتى اداء القسم لم يطلعنا احد على التوافق الذى حدث بموجب المادة 17 ، و ما جرى يعتبر اول مخالفة للوثيقة الدستورية بعد بضعة ايام على توقيعها،
بتاريخ 22 اغسطس ادى د. عبد الله حمدوك القسم ر ئيسآ للوزراء ، امام السيد رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان ، وفى حضور الفريق شمس الدين كباشى ، و استاذة عائشة موسى ، و الاستاذ محمد الفكى اعضاء مجلس السيادة ، و حتى اعتماد الوزارة و اعلانها بتاريخ 8 سبتمبر ، و فى خلال هذين الاسبوعين تغيرت وجهة و منهج لجنة الترشيحات بطريقة ناعمة، و لم يجد ذلك ، فتم اتخاذ قرار باغراقها بازدواج التمثيل و ليس توسيع قاعدة المشاركة ، فى اول اجتماع عقده رئيس الوزراء حمدوك ، تعرف على طريقة عمل اللجنة و طلب اضافة معايير جديدة لم تكن معتمدة حرفيا ( التمثيل الجغرافى .. واى زول يشوف نفسه فى الحكومة ) ،
هذا الطلب تسبب فى ارباك اللجنة ، و حتى اللحظات الاخيرة لم يكن واضحآ اسماء المكلفين بوزارة الزراعة و الثروة الحيوانية و النقل و البنى التحتية ، وفى هذين الاسبوعين عقد السيد رئيس الوزراء الدكتور حمدوك عدة اجتماعات مع اللجنة و تقدم بمرشحين و اوحى ببعضهم ، و طلب تغيير ترشيح د. عمر مانيس من الحكم الاتحادى الى وزارة مجلس الوزراء التى كانت تصر كتلة ( المجتمع المدنى ) ان تكون من نصيب الاستاذ مدنى عباس مدنى ( وهذه قصة أخرى ) ، و بالرغم من ان معاييراللجنة كانت تقليص الوزارات و انشاء مجالس ( للتعليم – الثقافة و الاعلام –الحكم الاتحادى – الشؤون الدينية ) ، و ايضآ و لذات الاسباب تخطى الاستاذ نصر الدين عبد البارى ثلاثة مرشحين اكثر تاهيلا و تفضيلآ لدى اللجنة و هم حسب الترتيب (ابتسام سنهورى ، د. عثمان محمد على ، د. محمد عبد السلام ) و تسلم وزارة العدل ، وبنفس الطريقة تقدمت الاستاذة ولاء البوشى من المركز الرابع الى الاول وزيرة للشباب و الرياضة متخطية (د. محجوب سعيد ، د. جعفر سيداحمد قريش ، ماجد محمد طلعت فريد) ، نواصل
محمد وداعة