"جبل الشيطان".. قصة مكان كان الأكثر غموضا في العالم
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
في خضم الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق، قررت واشنطن بناء قاعدة تجسس متقدمة أصبحت فيما بعد واحدة من أكثر الأماكن غموضا على وجه الأرض، قبل أن تتحول لمجرد مبنى مهجور فواحد من أكبر أماكن عرض الغرافيتي.
وتقع قاعدة "جبل الشيطان" التجسسية، وهو الترجمة الحرفية لاسمها بالألمانية في منطقة غرونوالد، غرب العاصمة برلين، بحسب تقرير لصحيفة "الصن" البريطانية.
وكانت التلة الاصطناعية، التي يبلغ طولها 80 مترا، مكانا مثاليا للتجسس على الاتصالات السوفيتية، وفيها أبراج تعلوها كرات يقول السكان إنها تلتقط "أقل همسة" سوفيتية.
ولم تكن مكونات تلك التلة سوى حطام من الحرب العالمية الثانية جلب من برلين، ويعود لكلية عسكرية تكنولوجية غير مكتملة في عهد النظام النازي، مما زاد الرعب بشأن هذه المنطقة.
بداية القصة
وشيّدت وكالة الأمن القومي الأميركية القاعدة عام 1963، وباتت أكبر قواعد التنصت التابعة لها، وزرعت مليون شجرة حول "جبل الشيطان"، لحجب الأعين عن المقر.
ووصف كريستوفر ماكلارين، الذي يعمل حاليا مرشدا سياحيا، الموقع بأنه مثّل "أحد أنواع الإنذار المكبر للغرب".
وأضاف ماكلارين، وهو عسكري سابق في الجيش الأميركي: "كان علينا جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات لمعرفة ما إذا كان السوفييت أو حلف وارسو يتآمرون ضدنا".
وبحسب "الصن"، تم اعتراض الإشارات بين برلين الشرقية والسوفييت ونسخها وترجمتها بواسطة جواسيس في المقر التاريخي.
نهاية الحاجة لها
ولكن بعد سقوط جدار برلين عام 1989، أصبح "جبل الشيطان" مهجورا، إذ سحبت المخابرات الأميركية معدات التجسس منه ولم تترك وراءها سوى المبنى فارغا.
وبات المكان في حالة يرثى لها، ففعلت عوامل الطقس والزمن فعلها فيه.
ومن الصعب التصديق أن هذا المكان كان مقرا لعملاء المخابرات الأميركية والبريطانية الذين كانوا يرصدون ما يجري ورا الستار الحديدي، بات مهجورا، كما تقول الصحيفة.
ورغم أن المقر بات ملكا للقطاع الخاص، إلا أن رسامي الشوارع في أوروبا لم يفوتوا فرصة الرسم فيه محولين إياه إلى واحد من أكبر معارض الغرافيتي في أوروبا، وفيها رسوم نابضة بالحياة وأخرى عبارة عن رسوم كاريكاتورية سياسية.
وتحدث المستثمرون عن خيار تحويل القاعدة إلى متحف للتجسس، لكن الخطط لم يتم حتى الآن.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات برلين الحرب العالمية الثانية منوعات التجسس ألمانيا برلين الحرب العالمية الثانية منوعات
إقرأ أيضاً:
إفيه يكتبه روبير الفارس: "الهوى سلطان ضد الشيطان"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
الصورة المتخيلة في قلب أحداث فنية تمتلك روح وعمق البساطة، والنماذج الدرامية الرومانسية التي تتحرك بسلاسة، صنعت حالة من البهجة المحببة عند مشاهدة فيلم "الهوى سلطان" قصة وإخراج هبة يسري، وبطولة منة شلبي، وأحمد داود، وسوسن بدر، وعماد رشاد، وأحمد خالد صالح، وجيهان الشماشرجي، لكن أعداء البهجة والمتعة سنّوا سكاكينهم ضد الفيلم بحجج لا علاقة لها من قريب أو بعيد بفن الاستمتاع برؤية الفيلم، وهو فن كان يفترض أن نمتلك خبرته، كوننا بلدًا يصنع السينما منذ أكثر من قرن.
ومع ذلك، هناك تشويش أسود يحارب تلك اللحظات المسروقة من واقع قاسٍ، تلك اللحظات التي تمنحنا فرصة لأخذ الأنفاس والراحة قليلًا من هموم الحياة وشرورها، المعتادة والجديدة.
يخلط الذين يهاجمون الأفلام بين النموذج الدرامي المقدم في الفيلم وبين أمثاله في الواقع، فما زال البعض يرفض تقديم شخصية (مثلًا) لطبيب بلا ضمير، خوفًا من أن يصبح هذا النموذج، الذي يمثل ذاته فقط، ممثلًا لكل الأطباء على وجه الأرض. وهي سذاجة غريبة تجدها متكررة في رفض ظهور شخصيات من مهن معينة في صورة سلبية، وقد حدثت ضجات عدة عند عرض أفلام مثل "الحَرَامي والعبيط" لأنه قدم شخصية ممرضة فاسدة، وأيضًا عند عرض فيلم "بحب السيما"" لأنه قدم نموذج زوجة قبطية خائنة، باعتبار أن جميع القبطيات ملائكة!
الأمر نفسه حدث مع فيلم "الهوى سلطان" حيث هاجم البعض نموذج منة شلبي، لأنها تصاحب شابًا وتقضي وقتًا طويلًا معه في البيت والسيارة، باعتبار أن هذا النموذج سيئ وغير موجود في مجتمع يرفض الصداقة بين الرجل والمرأة، ولكن الفيلم أوضح بجلاء أن الشيطان لم يكن موجودًا بينهما، بل كشفت ردود الشابة عن وعيها القوي وتملكها أدوات الحفاظ على نفسها.
الفيلم بذلك يطعن نفاقًا متأصلًا في مجتمع يغطيه التدين الشكلي، لكنه "عريان" في أعماقه ودهاليزه، حيث تسكن قبائل البشاعة بكل أفخاذها، والنموذج المقدم هنا بالتأكيد يمثل ذاته، مهما كان له أشباه حولنا، فهو يتمتع بخصوصية تاريخية في شخصيته الدرامية، إذ تعاني الشابة من الوحدة وتعيش بعيدًا عن أبيها المتزوج.
كما أن الشخصية تتميز بسمات نقاء وبساطة تلقائية غير مصطنعة، يظهر ذلك في حبها للإفيهات القديمة التي تحفظها من الأفلام والبرامج، وهي إفيهات تعزلها عن من حولها الذين لا يتذكرون أين ذكرت هذه الإفيهات، إنها حالة متفردة يسطع نورها الداخلي على من حولها، ليكتشفوا أنفسهم عند الاقتراب منها، وقد أجادت منة شلبي تقديم الشخصية بحضور ممتع.
أما الهجوم الأشرس على الفيلم، فكان بسبب وجود "قبلة" بين البطلين، أعلنت صراحة عن الحب الكامن بينهما، فمنذ وقت طويل، سادت حالة من الغش الفني تحت دعاوى "السينما النظيفة"، وهي السينما التي تخلو من مشاهد الحب ومظاهره. وهذه حالة تناسب النفاق المجتمعي والتدين الشكلي.
المفارقة أنك تجد الاحتفاء بأفلام البلطجة والأفلام الخالية من القبلات، لكنها ممتلئة بعبارات وجمل غير نظيفة، وكأن هذه الأفلام تتطابق مع انتشار حالات المتدين السباب، الذي يقف بالمرصاد ضد الحب ولكنه يقدّس العنف والسباب!
ولا أدري كيف يمكن اعتبار فيلم مثل "عندليب الدقي" لمحمد هنيدي ينتمي لتلك السينما "النظيفة"، بل ومناسب للأطفال أيضًا، بينما يضم عبارات مثل ما يقوله للسكرتيرة "معملتيش علاقات يرفضها المجتمع والناس والعرف"! كما أن محور الإفيهات في فيلم "عسكر في المعسكر" يدور حول معوقات إقامة العلاقة الجنسية بين البطل والبطلة.
فالذين ينزعجون من القبلة المبررة دراميًا لا ينزعجون أبدًا من كلمات جارحة، وفي حين يرفعون شعار "النظافة من الحب"، فإنهم يتسامحون مع مشاهد العنف والقبح!
تبقى حالة إنكار تخص الخط الدرامي بالفيلم، كيف لا يعرف بطلاه حقيقة مشاعرهما إلا عندما يبتعدان ويتعرفان على آخرين؟ أراها حالة صادقة تعبر عن نعم كثيرة نعيش بها ولا نعرف قيمتها إلا عند غيابها.
إفيه قبل الوداع(قبلني في الظلام).. اسم فيلم إنتاج عام 1959