ابتعد مزارعو بنجر السكر في أوروبا عن زراعة هذا المحصول في خطوة قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، حيث تتعارض القواعد البيئية للاتحاد الأوروبي مع محاولته وقف تضخم أسعار الغذاء وتأمين الإمدادات.

وحسب وكالة "رويترز" للأنباء، يقوم المزارعون بتغيير محاصيلهم بعد أن قضت المحكمة العليا في الاتحاد الأوروبي في يناير الماضي بأنه لم يعد من الممكن منحهم إعفاءات من الحظر المفروض على ما يسمى بـ"النيونيكس" وهي المبيدات الحشرية التي تحمي من أمراض مثل الفيروس الذي يصفر في بنجر السكر ولكنها سامة للنحل والملقحات الأخرى الحيوية للنباتات.

وقال مزارعون وخبراء في الصناعة لـ"رويترز" إن الحكم، الذي يقول الاتحاد الأوروبي وجماعات بيئية إنه مهم لحماية الملقحات، وبعضها مهدد حاليًا بالانقراض، أدى إلى خفض المساحة المخصصة لبنجر السكر مع تأثر غلات المحاصيل.

وذكر ألكسندر بيليه، الذي يملك مزرعة مساحتها 240 هكتارًا في وسط فرنسا: "في منطقتنا، فقدنا 15% من مساحة (بنجر السكر هذا العام".

وقال بيليه: "لقد كافحت للوفاء بالتزامات حجم الإنتاج مع مصنع السكر لأن إنتاجي انخفض بشكل ملحوظ بسبب الحظر على مادة النيونيكوتينويد".

ويعد الاتحاد الأوروبي ثالث أكبر منتج للسكر في العالم، لذا فإن خفض الإنتاج قد يؤثر على الأسعار العالمية المرتفعة ويحبط الجهود المبذولة لخفض تضخم أسعار الغذاء.

وقال أحد المحللين لدى أحد أكبر تجار السكر في العالم: "لقد دخلنا نموذجاً جديداً للسكر، والأسعار المنخفضة أصبحت شيئاً من الماضي".

وأضاف "المخزونات العالمية منخفضة، والطلب آخذ في النمو، والعرض ضعيف في جميع أنحاء العالم بسبب تغير المناخ، وصعوبة توسيع الإنتاج في أي مكان، وليس أقلها أوروبا".

ووصلت أسعار السكر في الاتحاد الأوروبي إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، أي ما يقرب من ضعف الأسعار التي شهدتها قبل عامين، ويرجع ذلك جزئيًا إلى زيادة الاعتماد على الواردات المكلفة مع انكماش قطاع السكر المحلي.

وتتوقع المفوضية الأوروبية أن ترتفع واردات السكر بنحو 60% في الموسم الحالي. ويعتمد الاتحاد الأوروبي على السكر المستورد، الذي يخضع في الغالب للرسوم الجمركية، لتلبية حوالي 15% من احتياجاته.

وقد مُنحت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إعفاءات مؤقتة.

ومنذ صدور حكم المحكمة في يناير بحظر الإعفاءات، وصلت المساحة المخصصة لزراعة بنجر السكر في فرنسا، أكبر منتج للسكر في الاتحاد الأوروبي، إلى أدنى مستوى لها منذ 14 عامًا.

وقالت المفوضية الأوروبية إنها تتوقع أن تنخفض مساحة البنجر في الاتحاد الأوروبي بأكملها بنحو 3٪ عن متوسط خمس سنوات هذا العام بسبب الحكم.

وتظهر بيانات الاتحاد الأوروبي أن مساحة البنجر في الاتحاد الأوروبي انخفضت بالفعل بنسبة 17% منذ حكم نيونيكس لعام 2018.

وأدى انخفاض المساحة المزروعة إلى قيام شركة تيريوس، ثاني أكبر منتج للسكر في العالم، بإغلاق مصنع في شمال فرنسا هذا العام، مما أدى إلى فقدان 123 وظيفة. 

وقالت تيريوس في ذلك الوقت إنها تتوقع الحصول على بنجر أقل بنسبة 10% من المزارعين.

ويعتبر واحد من كل 10 أنواع من النحل والفراشات، وهو أمر بالغ الأهمية لحماية التنوع البيولوجي، مهدد حاليًا بالانقراض، وتلقي المجموعات البيئية إلى جانب الاتحاد الأوروبي الكثير من اللوم على مبيدات النيونيكس.

وقالت نوا سيمون ديلسو، المديرة العلمية في منظمة “Beelife”، وهي منظمة غير ربحية مقرها بروكسل: “لا يمكن إنكار الضرر الذي تسببه مبيدات النيونيكس على الملقحات”.

وأضافت “أنها أكثر المبيدات الحشرية التي تمت دراستها في تاريخ البشرية، ونحن نعرف جيدًا كيف تعمل”.

ويمكن أن يؤثر تقلص قطاع بنجر السكر على المحاصيل الأساسية الأخرى لأن المزارعين يحتاجون إلى زراعة بدائل مثل البذور الزيتية في حقول القمح والشعير والذرة كل عامين من أجل الحفاظ على صحة التربة.

وكانت البذور الزيتية واحدة من المحاصيل الأولى التي استهدفها الحظر في أواخر عام 2013، ومنذ ذلك الحين انخفض إنتاج بذور اللفت بنسبة 12٪.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: بنجر السكر اوروبا أسعار الغذاء الاتحاد الأوروبي قطاع السكر أسعار السكر فی الاتحاد الأوروبی بنجر السکر السکر فی

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: خمس حقائق عن الوضع في السودان: أكبر أزمة إنسانية في العالم

تقترب الحرب المدمرة في السودان من إكمال عامها الثاني في نيسان/أبريل 2025، تاركة إرثا من سوء التغذية والنزوح الجماعي للسكان وانعدام مزمن للأمن، وبينما تستعد الأمم المتحدة لإطلاق نداء إنساني للحصول على تمويل قياسي بقيمة 4.2 مليار دولار لدعم عمليات الإغاثة في البلاد، نلقي نظرة على أبرز الأشياء التي تحتاجون لمعرفتها عن الأزمة في السودان التي وُصِفت بأنها "أكبر وأكثر الأزمات الإنسانية وأزمات الحماية تدميرا في العالم اليوم".

1- الحرب: اشتباكات الخرطوم في 2023 تنذر بنهاية عملية السلام
بحلول نهاية عام 2022، كانت هناك آمال في أن تتمخض عملية السلام التي تدعمها الأمم المتحدة عن إدارة مدنية في السودان، بعد فترة مضطربة شهدت سقوط عمر البشير، تلاه قمع شديد للاحتجاجات التي كانت تدعو إلى حكم مدني.

في كانون الأول/ ديسمبر 2022، قال الممثل الخاص السابق للأمين العام للأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتيس، "إن الاتفاق السياسي النهائي يجب أن يمهد الطريق لبناء دولة ديمقراطية". ومع ذلك، حذر من أن "القضايا الخلافية الحرجة" لا تزال قائمة، لا سيما اندماج القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.

وتصاعدت التوترات بين الجانبين في أوائل عام 2023، واتسمت بالاشتباكات المتقطعة. لكن بداية الحرب الأهلية الحالية وقعت مع هجوم قوات الدعم السريع على العاصمة الخرطوم في 15 نيسان/أبريل 2023. وأجبر القتال، الذي امتد بعد ذلك إلى أجزاء أخرى من البلاد، الأمم المتحدة على إخلاء الخرطوم، ونقل مقر عملياتها إلى مدينة بورتسودان المستقرة نسبيا والمطلة على البحر الأحمر.

وأدانت الأمم المتحدة بشدة القتال ومعاناة المدنيين. ودعا الأمين العام، أنطونيو غوتيريش إلى حوار عاجل بين أطراف الصراع. ويواصل المبعوث الشخصي للأمين العام إلى السودان، رمطان لعمامرة، دعم جهود السلام، بالتعاون الوثيق مع المنظمات الإقليمية، بما في ذلك الاتحاد الأفريقي.

2- الأزمة الإنسانية: أكثر من 30 مليون شخص يحتاجون المساعدات
كانت الحرب كارثية بالنسبة للمدنيين في السودان. فنحو 30.4 مليون شخص ــ أي أكثر من ثلثي إجمالي السكان ــ في حاجة إلى المساعدة، من الصحة إلى الغذاء وغير ذلك من أشكال الدعم الإنساني. وأدى القتال إلى انهيار اقتصادي، مما أسفر عن ارتفاع أسعار الغذاء والوقود والسلع الأساسية الأخرى، الأمر الذي جعلها بعيدة عن متناول العديد من الأسر.

كما أن الجوع الحاد مشكلة متنامية، حيث يواجه أكثر من نصف السكان مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وتم الكشف عن ظروف المجاعة في خمسة مواقع في ولاية شمال دارفور وجبال النوبة الشرقية. ومن المتوقع أن تنتشر المجاعة إلى خمس مناطق أخرى بحلول شهر أيار/مايو من هذا العام.

المنسقة المقيمة ومنسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، كليمانتين نكويتا سلامي، حذرت من أن "هذه لحظة حرجة، حيث بدأت بالفعل أجزاء من جنوب كردفان تشعر بعواقب انعدام الأمن الغذائي، إذ تعيش الأسر على إمدادات غذائية محدودة بشكل خطير، وترتفع معدلات سوء التغذية بصورة حادة".

تمت إعاقة الجهود الإنسانية بشدة بسبب انعدام الأمن، مما يفرض قيودا شديدة على الوصول الإنساني، ويعقد حركة الإمدادات ويعرض عمال الإغاثة للخطر. وعلى الرغم من المخاطر، تواصل الأمم المتحدة وشركاؤها الإنسانيون الوصول إلى السكان المعرضين للخطر.

وينقذ برنامج الأغذية العالمي آلاف الأرواح كل يوم، كما نجحت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) في توزيع البذور على أكثر من نصف مليون أسرة خلال موسم الزراعة. وإجمالا، تلقى حوالي 15.6 مليون شخص شكلا واحدا على الأقل من أشكال المساعدة من الأمم المتحدة في عام 2024.

أما النظام الصحي فهو في حالة يرثى لها، حيث تعرضت المرافق الصحية للهجوم وأُجبِر العديد من العاملين الصحيين على الفرار.

ولا تزال منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) تعملان، وتدعمان التحصين ضد الكوليرا والملاريا، وتنشران فرقا طبية متنقلة.

3- النزوح: نزوح جماعي يعادل إجمالي تعداد سكان سويسرا
اضطرت أعداد هائلة من الناس إلى الفرار من ديارهم إلى مناطق آمنة نسبيا، سواء داخل السودان أو في البلدان المجاورة، مما فاقم عدم الاستقرار الإقليمي. ويُصنَف أكثر من ثلاثة ملايين شخص كلاجئين، ونحو تسعة ملايين كنازحين داخليا. ويفوق إجمالي عدد النازحين تعداد سكان سويسرا.

ونظرا لتبدل خطوط المواجهة، كانت هناك موجات متتالية من النزوح، مما جعل مهمة الوصول إلى المحتاجين معقدة بشكل متزايد. ووصفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الوضع في السودان بأنه "أكبر وأسرع أزمة نزوح نموا على مستوى العالم".

ويواجه النازحون، سواء بقوا في السودان أو انتقلوا إلى الخارج، انخفاضا في الوصول إلى الغذاء، وندرة الموارد الطبيعية، وقدرة محدودة على الوصول إلى الخدمات الأساسية. بالإضافة إلى ذلك، تنتشر الأمراض مثل الكوليرا والحصبة في مخيمات اللاجئين والنازحين.

وتعاني العديد من الدول المحيطة من مشاكل اقتصادية وأمنية خاصة بها، وبعضها من بين أفقر دول العالم، مع خدمات محدودة ومثقلة.

المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تعملان حيثما أمكن على حماية الأرواح ودعم الدول التي تستضيف اللاجئين وضمان تلبية احتياجات الفارين بكرامة.

مساعدات نقدية من برنامج الأغذية العالمي.
4- انعدام الأمن: النساء والفتيات الأكثر تأثرا بالصراع
تم الإبلاغ عن مقتل أكثر من 18,800 مدني منذ بداية الصراع، وتزداد مستويات العنف في السودان سوءا. في بداية شباط/فبراير، قُتل ما لا يقل عن 275 شخصا في أسبوع واحد فقط، وهو ما يزيد بثلاثة أضعاف عن عدد القتلى في الأسبوع السابق.

ويتعرض المدنيون لقصف مدفعي وغارات جوية وهجمات بطائرات مسيرة، والمناطق الأكثر تضررا هي ولايتا جنوب كردفان والنيل الأزرق. كما أن عمال الإغاثة كانوا هدفا للترهيب والعنف، مع تقارير تفيد بأن بعضهم اتُهِم زورا بالتعاون مع قوات الدعم السريع.

ووثقت بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان مجموعة من انتهاكات حقوق الإنسان المروعة التي ارتكبتها كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، ودعت إلى إجراء تحقيقات في الانتهاكات، وتقديم الجناة إلى العدالة.

وفي مقابلة مع أخبار الأمم المتحدة، أوضح إدمور توندلانا، نائب رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق لشؤون الإنسانية (أوتشا) في السودان، أن النساء والفتيات هن الأكثر تضررا من الصراع، مع ورود تقارير عن حالات اغتصاب وزواج قسري واختطاف.

وأضاف: "إذا نظرنا إلى الهجوم الأخير الذي أودى بحياة حوالي 79 شخصا في جنوب كردفان، حول كادوقلي، فإن أغلب القتلى كانوا من النساء والفتيات". وأشار كذلك إلى أن الفتيان المراهقين معرضون أيضا لخطر كبير، مضيفا "لا يمكن لهؤلاء التنقل بسهولة بين خطوط المواجهة. وسوف يُشتبه في أنهم يتجسسون".

وكان قد تم تجنيد أعداد كبيرة من الأطفال في الجماعات المسلحة، وأجبروا على القتال أو التجسس ضد الجانب الآخر.

5- التمويل: نحتاج إلى مليارات الدولارات
يحد الافتقار إلى الأموال الكافية بشدة من قدرة الأمم المتحدة على مساعدة سكان السودان. وتمكنت مفوضية اللاجئين وشركاؤها من توفير أقل من الحد الأدنى من الدعم للاجئين، كما تم خفض حصص الطعام بشكل كبير، مما زاد من انعدام الأمن الغذائي.

وفي 17 شباط/فبراير 2025، يطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ومفوضية اللاجئين نداءً للحصول على التمويل، بناءً على خطط الاستجابة الخاصة بكل منهما للأزمة.

وتم تقدير الاحتياجات الإنسانية للسودان بنحو 4.2 مليار دولار، وهو رقم قياسي، مع الحاجة إلى 1.8 مليار دولار إضافية لدعم أولئك الذين يستضيفون اللاجئين في البلدان المجاورة.

وبينما قد يبدو المبلغ المطلوب كبيرا، يؤكد نائب مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان أنه بالنظر إلى "ما يمكن أن يفعله هذا لـ 21 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة، فإن الأمر يتعلق في الأساس بـ 200 دولار أمريكي للشخص الواحد سنويا. وإذا قسمناها بشكل أكبر، نجد أن الطلب هو في الأساس نصف دولار للشخص الواحد يوميا".  

مقالات مشابهة

  • صحيفة روسية: نائب الرئيس الأمريكي يمنح الاتحاد الأوروبي علامة سوداء
  • وسائل إعلام ألمانية: الاتحاد الأوروبي خسر الحرب في أوكرانيا
  • فانس: الخطر الحقيقي الذي يواجه أوروبا يأتي من داخلها لا من روسيا ولا الصين
  • قيادي بالحرية المصري: تيسير إجراءات تصوير الأفلام العالمية يعزز القوى الناعمة لدعم الهوية الوطنية
  • خمس حقائق عن الوضع في السودان: أكبر أزمة إنسانية في العالم
  • الأمم المتحدة: خمس حقائق عن الوضع في السودان: أكبر أزمة إنسانية في العالم
  • حصري: خلاف فرنسي-ألماني بشأن الرد على تهديدات ترامب التجارية
  • الاتحاد الأوروبي ينتقد خطاب نائب ترامب ويعتبره "محاولة لإثارة عراك" مع أوروبا
  • إنقاذ حياة مواطنة من أزمة قلبية حادة بواسطة تقنية إمبيلا بنجران
  • ماكرون: أوروبا يجب أن ترد على "الصدمة " التي أحدثها ترامب