بوابة الوفد:
2025-01-11@10:18:42 GMT

الهروب من الزلزال للسينما!

تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT

عشت سنوات طويلة فى القاهرة، أنا الصعلوك الصغير القادم من أقاصى الصعيد، والذى لم تبهره المدينة بأضوائها ولكن بهرته السينما بنجومها.. ورغم عشقى للشعر وقتها، إلا أن الشعر كان بالنسبة لى منظورًا أرى من خلاله كل الفنون.. مثل رؤية الفلسفة لكل العلوم!

وكانت نوادى السينما هى ملاذى الوحيد، أنا الفقير إلى الله، للاستمتاع بالفرجة على ألوان وأنواع متعددة من سينما مختلفة من دول العالم، وأجزم بأن هذه النوادى أنقذتنى من الوقوع فى فخاخ السينما الأمريكية وكشفتها لى، وعرفت كم هى مزعجة وزائفة وتجارية بحتة حتى فى أفضل أفلامها.

. السينما الأمريكية هى وجه العملة الآخر المتجمّل عن وجهها القبيح فى السياسة بالنظام الأمريكى.. هى سينما تسعى أولًا للسيطرة على عقول المتفرجين فى كل أنحاء العالم قبل أن تحصل على ما تبقى فى جيوبهم!

والحمد لله لم يكن فى جيبى فى ذلك الوقت ثمن تذكرة سينما مترو لمشاهدة فيلم أمريكى. وأتذكر أول فيلم أمريكى شاهدته فى مترو كان فيلم «الزلزال» عام 1979، وذلك بعد إعادة عرضه، فهو من إنتاج عام 1974 بطولة شارلتون هيستون وآفا غاردنر، وإخراج مارك روبنسون، وهو أحد أفلام الحركة الشهيرة فى فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضى، ويروى قصة زلزال هائل فى لوس أنجلوس الأمريكية، ورغم كارثة الزلزال المدمر إلا أن قصة عاطفية كبيرة تطغى على الأحداث، إذ يحتار بطل العمل بين إنقاذ زوجته أو حبيبته وطفلها، وكلاهما عالق تحت الأنقاض، وأعتقد أن إعادة عرضه كان بسبب تطوّر تقنية الصوت من شركة دولبى لتقنية Dolby، وهو نظام صوتى يعمل على نقل إشارات الصوت المحيطى المجسم إلى نظام صوت ستيريو، حيث تم وضع سماعات ضخمة على جانبى الشاشة، فكان عندما يقع الزلزال ضمن أحداث الفيلم تشعر باهتزاز السينما، وكانت مشاهد وقوع الزلزال مع الصوت تثير الرعب فى نفوس المشاهدين وكأنهم وسط أحداث الفيلم وفى قلب الزلزال فعلًا!

وكانت تجربة مزعجة، وتساءلت: ما الهدف من رعب المتفرجين؟ وهل هو جزء من فرض الرهبة الأمريكية فى قلوب الناس بالعالم بقدرات السينما الأمريكية.. أقصد السياسة الأمريكية؟

ومن يومها كانت نوادى السينما فى القاهرة هى الملاذ لرؤية سينما أخرى أكثر جمالًا وإبداعًا من أوروبا وروسيا واليابان وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.. وكان نادى سينما لجمعية الفيلم الذى تأسس عام 1968 بالقاهرة وكذلك المركز القومى للأفلام التسجيلية قد تأسّس فى العام السابق (1967) ثم جماعة السينما الجديدة (1968)، ثم مركز الفيلم التجريبى (1969)، وفيما بعد تأسّست جمعية نقاد السينما المصريين (1972) وجماعة السينمائيين التسجيليين (1972). وكلها كانت منافذ لرؤية سينما أخرى بديلة.. وكان كذلك نادى سينما قصر ثقافة قصر النيل، بالإضافة إلى نوادى المراكز الثقافية الأجنبية مثل جوته الألمانى والفرنسى والإيطالى، وهذا الأخير كان يشرف عليه لسنوات واحد من أكبر نقاد السينما المصرية وعشاقها الأستاذ مصطفى درويش.. ولهذا الرمز المصرى حكاية أخرى فقد عرفته عن قرب رغم أن بينى وبينه أكثر من جيل ولكن الرجل وهو القاضى كان أبسط وأصدق وأعمق مما تتصوره فى علاقته مع السينما وعشاق السينما!

والحقيقة أن المحافظات لم تكن محرومة كثيرًا من دور العرض الشبيهة من هذه النوادى والمراكز.. فقد كانت بعض المصانع الكبرى لديها مجمعات سكنية هى أشبه بالكمباوند الآن مغلقة على موظفى المصنع أو الشركة، وكان بداخلها نوادٍ اجتماعية ودور عرض سينمائية، ولأن الكثير من سكان هذه المجمعات كانوا أجانب وخصوصا الإنجليز قبل ثورة 23 يوليو، فكانت تسمى مستعمرات.. ومنها مستعمرة مصنع شركة السكر بنجع حمادى الذى حافظ على اقتصار السكن فيها ودخولها على صفوة كبار الموظفين المصريين بعد رحيل الأجانب وكانت عروضه السينمائية متميزة. وأتذكر فى المرات القليلة التى نجحت فى دخولها بطلوع الروح شاهدت فيلم العسكرى الأزرق الأمريكى إنتاج عام 1970، وكان ممنوعًا للعرض لمشاهده العنيفة.. فأين ذهبت هذه النوادى الآن؟

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: القاهرة السينما

إقرأ أيضاً:

«أفلام قديمة» كتاب يوثق كلاسيكيات السينما

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

صدر حديثا للكاتب أشرف بيدس كتابا جديدًا تحت عنوان "أفلام قديمة" عن دار زاجل الذي يتناول من خلاله  كلاسيكيات السينما حول 17 فيلما مصريا شكلت ملامح رئيسية في تاريخ السينما.

ويرصد الكتاب بداية صناعة الأفلام القديمة بعضها منها رصاصة في القلب، عثمان وعلي، لعبة الست، مصطفى كامل بائعة الخبز، الآنسة حنفي، ونهر الحب والعديد من الأعمال السينمائية الأخرى، ولأن المتفرج المصري والعربي ارتبطت ذكرياته وذاكرته بأفلام الأبيض والأسود فإن الحنين يزداد إليها مع الأيام، ورغم التطور الذي حدث في صناعة السينما، وظهور أفلام لم تستوعبها أحلام اليقظة، لكن ذلك لم يهيل التراب والتجاهل عليها، ليست لأنها شكلت التراث والرصيد لهذه الصناعة، وإنما لأنها شاركتنا لحظات كثيرة ممتعة من حياتنا وظلت متفردة بروح الهواية حتى مع ظهور أخطاء وصعوبات البدايات.

والكتاب يشهد عرضًا لأفلام عمالقة الكوميديا نجيب الريحاني - علي الكسار - إسماعيل يس وجنتلمانات السينما عمر الشريف، رشدي أباظة، أحمد رمزي.

ويوثق الكتاب أول طلة لمحرم فؤاد وسعاد حسني، يتعرض الكتاب لاثتين من ملكات الرقص الشرقي الأولي تحية كاريوكا في (سمارة) والثاني نعيمة عاكف في (تمر حنة)، كما يوثق علاقة أشهر ثنائي فني (أنور وجدي وليلي مراد) في فيلم عنبر.

مقالات مشابهة

  • خبايا ليلة الهروب .. تفاصيل ساعات الأسد الأخيرة يرويها رئيس وزرائه
  • زلزال جديد بقوة 5.5 درجة يضرب إثيوبيا
  • المخرج يسري نصر الله: نعيش أوضاعا تضر السينما بسبب الرقابة
  • نادي السينما المستقلة يستضيف 3 أفلام في سينما الهناجر.. غدا
  • المفتي قبلان: الهروب من المسؤولية الوطنية خيار مدمّر
  • «أفلام قديمة» كتاب يوثق كلاسيكيات السينما
  • بشعار السينما الأفريقية قمر 14..افتتاح مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية في دورته الــ14
  • بقوة 5.8 درجة.. زلزال يضرب السلفادور
  • حرائق الغابات تجبر مشاهير هوليوود على الهروب من الأوسكار.. القصة الكاملة
  • زلزال بقوة 3.3 درجات يضرب طرابزون