فاق النبيين فى خَلقٍ وفى خُلُقٍ.. ولم يدانوه فى علمٍ ولا كرم»، هكذا مدح الإمام البوصيرى سيد الخلق وحبيب الحق سيدنا محمد، ليُدلل على تمتّعه بأخلاق رفيعة فاقت أخلاق النبيين أنفسهم، قسم أساسى من هذه الأخلاق انصرف إلى تعامله الراقى مع زوجاته بما يفوق الوصف.. وصفته السيدة عائشة بقولها «كان خُلقه القرآن». وعُرف عن «المصطفى» أنه كان مشاركاً لأهله فى كل صغيرة وكبيرة، وسُئلت السيدة عائشة، ما كان النبى يصنع فى أهله؟ فقالت: «كان فى مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة»، وكان من تواضع النبى أنه كان يساعد أهله فى أمور البيت، فكان يشغله ما يشغل غيره من مهنة البيت، وكان يعين زوجته فى أعمال البيت، وكان يصلح نعله بيده الكريمة.

وكعادة بيوت البشر، تعرّض بيت النبوة للخلافات والمناوشات بين الحين والحين، تعامل معها رسول الله بالحكمة، فكان الأسوة الحسنة، فما ضرب بيده امرأة ولا خادماً أبداً، وكان يختار أيسر الأمرين، وكان يحل الخلاف بكلمات بسيطة وأسلوب طيب، فذات مرة دخل الرسول على زوجته السيدة صفية بنت حُيى، فوجدها تبكى، فقال لها ما يبكيك؟ قالت: حفصة تقول: إنى ابنة يهودى؛ فقال: قولى لها زوجى محمد وأبى هارون وعمى موسى.

كان رسول الله لا يبخل أن يبلغ حبه لزوجاته ويطيب خاطرهن، فقال فى حب خديجة «إنى قد رزقت حبها»، كما أنه أحب عائشة حباً شديداً، فكان يقول لها: «حبك يا عائشة فى قلبى كالعروة الوثقى»، أى: ‎ﻛﻌﻘﺪة اﻟﺤﺒﻞ، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺗﺘﺮك اﻟﻨبى ﺣﻴﻨﺎً وﺗﺴﺄﻟﻪ: ﻛﻴﻒ حال العقدة؟، فريد ﻋﻠﻴﻬﺎ: «هى ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻬﺎ». ‎ويروى كثير من أهل السير مظاهر حب رسول الله لزوجته مارية أم المؤمنين، لدرجة أنه كان يحرص على رضاها وإكرامها وحُسن عشرتها، وأنزل الله صدر سورة التحريم بسبب مارية القبطية كما ذهب لذلك بعض أهل العلم.

وعندما يشتد الغضب يكون الهجر فى أدب النبوة أسلوباً للعلاج، فقد هجر الرسول زوجاته يوم أن ضيقن عليه فى طلب النفقة، حتى عندما أراد أن يطلق إحدى زوجاته نجده ودوداً رحيماً، فتحكى «بنت الشاطئ» فى كتابها «نساء النبى»، أن النبى أراد تطليق أم المؤمنين سودة بنت زمعة، فبعث إليها فأذهلها النبأ ومدّت يدها مستنجدة فأمسكها رسول الله، وقالت: والله ما بى على الأزواج من حرص، ولكنى أحب أن يبعثنى يوم القيامة زوجة لك، وقالت له: أبقنى يا رسول الله؛ فيتأثر المصطفى لموقف سودة العظيم؛ فيرق لها ويمسكها ويبقيها.

وحسب د. آمنة نصير، أستاذة العقيدة بجامعة الأزهر، لـ«الوطن»، فقد حدث خلاف بين النبى وعائشة، فقال لها من ترضين بينى وبينك، أترضين بعمر؟ قالت: لا أرضى عمر قط. قال أترضين بأبيك بينى وبينك؟ قالت: نعم، فبعث رسول الله رسولاً إلى أبى بكر، فلما جاء قال الرسول: تتكلمين أم أتكلم؟ قالت: تكلم ولا تقل إلا حقاً، فرفع أبوبكر يده فلطم أنفها، فولّت عائشة هاربة منه واحتمت بظهر النبى، حتى قال له رسول الله: أقسمت عليك لما خرجت بأن لم ندعك لهذا. فلما خرج قامت عائشة، فقال لها الرسول: ادنى منى؛ فأبت؛ فتبسم، وقال: لقد كنتِ من قبل شديدة اللزوق بظهرى، ولما عاد أبوبكر ووجدهما يضحكان قال: أشركانى فى سلامكما، كما أشركتمانى فى دربكما».

وفى حديث الإفك، الذى هز بيت النبوة والمجتمع المسلم بكامله، كان موقف النبى نبراساً لكل مسلم، ودرساً للتعامل مع اتهام الأزواج لزوجاتهم، بسبب ومن غير سبب، فتروى السيدة عائشة فى الصحيحين قائلة: فاشتكيت حين قدمناها شهراً، والناس يفيضون فى قول أهل الإفك. وحين يتحدث إليها النبى يقول لها برقته المعهودة: أما بعد يا عائشة، فإنه قد بلغنى عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيُبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب، فاستغفرى الله وتوبى إليه»، حتى أنزل الله من فوق سبع سماوات براءة فرح بها قلب النبى وعائشة والمسلمون جميعاً.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: المولد النبوي سيدنا الحسين السيدة زينب الصوفية رسول الله

إقرأ أيضاً:

هل يحتاج النبي ﷺ إلى الصلاة عليه؟.. الإفتاء توضح

قالت دار الإفتاء المصرية إن الصلاة على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من أسمى مظاهر التكريم له صلى الله عليه وآله وسلم؛ فهو خاتم النبيين والمرسلين، وهو الذي أرسله ربه رحمة للعالمين؛ قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107].

وهو الذي سماه ربه الرؤوف الرحيم، وقد أمرنا الله تعالى بالصلاة على سيدنا رسول الله بعدما صلى عليه هو وملائكته؛ فقال جل شأنه: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].

وحثَّنا عليها الرسول الكريم؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» رواه مسلم في "صحيحه".

وعلى ذلك فيجب على كل مسلم ومسلمة عندما يذكر رسول الله عنده أن يصلي عليه لينال الثواب والجزاء من الله تعالى.

مظاهر عناية العلماءِ ببيان أسماءِ النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم
قالت دار الإفتاء المصرية إن العلماءِ اعتنوا بأسماءِ النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك عن طريق أنَّهم خَصُّوا في كتبهم أبوابًا لأسمائه صلى الله عليه وآله وسلم، بل وأفردوا العديد من الـمُصَنَّفات في جمع أسمائه صلى الله عليه وآله وسلم.


ومن هؤلاء العلماء: ابن دحية، والقرطبي، والرصَّاع، والسخاوي، والسيوطي، وابن فارس، ويوسف النبهاني.

ومن هذه المصنفات: "الرياض الأنيقة في شرح أسماء خير الخليقة" للحافظ السيوطي، و"المستوفى في أسماء المصطفى" لابن دحية، و"أرجوزة في أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم" لأبي عبد الله القرطبي، و"شرح أسماء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم" للرصَّاع.

وقد تواردت النصوص من المذاهب الفقهيَّة في خصوصِ الاهتمام بأسماءِ النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم وأعدادها:

قال العلامة ابن الوزير الملطي الحنفي في "غاية السول" (1/ 39، ط. عالم الكتب): [قَالَ بعض الْعلمَاء: للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وآله وَسلم ألفُ اسْمٍ، وَمِنْهَا: "طه"، وَ"يٓسٓ"] اهـ.


وقد خصَّ كثير من العلماء في كتبهم أبوابًا وفصولًا لـمَنْ تسمّى باسم ياسين على اسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ ومن ذلك:

-  بَوَّبَ الإمام محيي الدين الحنفي في "الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية"، فقال: باب مَن اسْمُهُ ياسين ويحيى.

-  وبَوَّبَ الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"؛ فقال: باب: ذكر مَن اسْمُهُ ياسين.

-  وبَوَّبَ العلامة الحكري الحنفي في "إكمال تهذيب الكمال"؛ فقال: باب: مَن اسْمُهُ ياسين.

- وجاءَ في "تاريخ ابن يُونُس المصري": فصل في ذكر مَن اسمه ياسين.


-  وفي "تاريخ دمشق" لابن عساكر:  فصل: ذكر مَن اسمه ياسين.

-  وفي "تهذيب التهذيب": فصل: مَن اسمه ياسين.

وَتَعُجُّ كتب التراجم والتاريخ والأنساب بالكثير من العلماء المحدثين والفقهاء والرواة تَسَمّوا بِاسم "ياسين"، أو كان من أسماء أبائهم على اسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ ومن هؤلاء:

- العلامة المحدث عاصم بْن ياسين بْن عَبْد الأحد بْن اللَّيْث القَتْباني الْمَصْرِيّ [ت: 273هـ].

- الحافظ أحمد بن محمد بن ياسين الهروي الحدادي؛ ذكره ابن مردويه في "تاريخ أصبهان" [ت: 334هـ].

- المحدث ياسين بن محمد بن عبد الرحيم الأنصاري، من أهل بجانة [ت: 320هـ]؛ ذكره ابن يونس في "تاريخه".


- المحدث أبو الحسن جابر بن ياسين بن الحسن ابن محموية المحموي الحنائي [ت: 464هـ]؛ ذكره العلامة الطهطاوي في "تذكرة الحفاظ".

- الفقيه الصوفي ياسين بن سهل بن محمد أبو روح الصوفي [ت: 491هـ].

- والعلامة المحدث ياسين بن محمد بن محمد بن ياسين [ت: 396هـ]؛ ذكرهما الحافظ الذهبي في "تاريخه".

- القاضي ابن ياسين الباهلي [ت: 378هـ]؛ ذكره السمعاني في "الأنساب".

 

مقالات مشابهة

  • إياك أن تفعل هذا الأمر أثناء نومك.. النبي حذر منه
  • بكاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وشوقه لرؤيتنا
  • رحلات مباركة
  • كيفية الصلاة على النبي صل الله عليه وسلم
  • أوقاف الفيوم تنظم ندوة علمية بمسجد السلام
  • ماذا كان يقول الرسول بعد صلاة الفجر؟.. 5 أدعية تقيك كل مكروه
  • وفاة أحمد عدوية.. أول تعليق لابنه محمد عدوية ورسالة تبكي القلوب (شاهد)
  • فقال لهم الملاك لا تخافوا.. كنيسة السيدة العذراء بروما تحتفل بعيد الميلاد
  • حقيقة بكاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وشوقه لرؤيتنا
  • هل يحتاج النبي ﷺ إلى الصلاة عليه؟.. الإفتاء توضح