يعود تاريخ المديح النبوى فى الإسلام إلى قصيدة «طلع البدر علينا»، التى استقبل بها أهل المدينة المنورة رسول الله وأصحابه لدى هجرتهم من مكة، ثم جاء شعر حسان بن ثابت، شاعر الإسلام، ليتناول بأشعاره خصال النبى الكريم، وفى العصر الحديث أسهم شعراء مصر ومدّاحوها بفيض كبير من الأشعار التى نظموها فى سيرة المصطفى وخُلقه ودعوته وصفاته الخُلُقية والخلقية، وإظهار الشوق لرؤيته، وزيارة الأماكن المقدّسة، التى ترتبط بحياته، مع ذكر معجزاته الماديّة والمعنويّة، لتذخر الثقافة الشعبية المصرية بقصائد وأشعار المديح النبوى بالفصحى والعامية، وأشهرها تلك التى تناولت مولد الرسول الأكرم.

وأشهر قصائد المديح النبوى، تاريخياً، قصيدة البردة أو «الكواكب الدريّة فى مدح خير البرية» للإمام محمد بن سعيد البوصيرى، التى كتبها فى القرن السابع الهجرى، وأجمع الباحثون على أنها أفضل قصائد المديح النبوى. وقال عنها الناقد والكاتب الدكتور زكى مبارك: «البوصيرى بهذه البردة هو الأستاذ الأعظم لجماهير المسلمين». وفى العصر الحديث تُعد «نهج البردة»، لأمير الشعراء أحمد شوقى، أشهر قصائد المديح، خاصة بعد أن تغنّت بها سيدة الغناء العربى أم كلثوم، وتبعها فى ذلك منشدون ومطربون كثيرون.

ويُعد الراحل محمد الكحلاوى، شيخ المداحين، وأشهرهم بمدحه لأنشودة «لاجل النبى»، التى تُعد واحدة من أشهر مدائح النبى بالعامية المصرية، وكذلك تفرّد الشيخ سيد النقشبندى والشيخ نصر الدين طوبار، ومن قبلهما الشيخان على محمود وطه الفشنى، بمدائح نبوية تحتفظ الإذاعة المصرية بمعظمها وتبثّها فى مختلف المناسبات الدينية، وعلى صعيد المديح النبوى المرتبط بالشعر الصوفى وموالد آل البيت والأولياء، يتصدّر الشيخ ياسين التهامى عميد الإنشاد الدينى والشيخ أحمد التونى سلطان المنشدين، رحمه الله، وأمين الدشناوى، كما برز أيضاً من الفنانين المهتمين بالمديح النبوى من خلال الأغانى الدينية، الفنانة المعتزلة ياسمين الخيام، والفنانة شادية، والفنان محمد منير وآخرون.

وفى كتابه «هكذا غنّى المصريون» للدكتور نبيل حنفى، أوضح الكاتب أن المصريين اهتموا بالاحتفال بالمولد النبوى طوال الحقبة الإسلامية من تاريخ مصر، ودأبوا على إنشاء القصائد والموشّحات التى نُظمت فى مدح الرسول، وهناك كم هائل من القصائد والموشّحات التى تناولت ميلاد الرسول وحياته وجهاده خير معين لأجيال المنشدين جمّلت أصواتها بغناء ذلك الشعر ذى الطابع المحبّب إلى القلوب. وقال إن احتفاء المصريين بالمولد النبوى الشريف كان بمثابة مدرسة للغناء والإنشاد تعلم وتخرج فيها عشرات المنشدين والمداحين.

وبدوره، قال د. طه عبدالوهاب، خبير المقامات الصوتية، لـ«الوطن»: الشارع المصرى والإسلامى مرتبط بشكل وجودى بكبار المداحين والمشايخ الكبار، الذين ترتبط ذكريات المصريين بهم فى المناسبات الكبرى، فعلى سبيل المثال، الشيخ سيد النقشبندى، والشيخ ياسين التهامى، والراحل محمد الكحلاوى، والشيخ نصر الدين طوبار، وغيرهم، فهؤلاء الكبار أراد الله أن يرفع ذكرهم، فذكرهم باقٍ إلى أن يشاء الله تعالى، وكذلك عمالقة التلاوة المصرية، فمصر نظمت المديح النبوى ووضعت له رؤية وتصوراً وأصبح تراثاً كبيراً، محبة للنبى وآل بيته الكرام، وكذلك مصر خادمة للقرآن الكريم وستظل على مر التاريخ.

«باحث صوفى»: «مدّاحو النبى» موجودون فى الموالد الشعبية المختلفة

وقال مصطفى زايد، الباحث الصوفى، إن هناك مئات المداحين الذين يجوبون النجوع والقرى والمدن فى ربوع مصر المختلفة، حباً فى رسول الله محمد خاتم الأنبياء، حاملين سيرته العطرة، يتغنّون بفضائله السمحة، والثقافة المصرية الشعبية تعرفهم باسم «مدّاحى النبى»، وهم موجودون فى الموالد الشعبية المختلفة، وأماكن الاحتفال بأولياء الله الصالحين. وأضاف: التاريخ الشعبى المصرى يحمل أسماء عريقة لمداحين مصريين احترفوا المدح النبوى، مثل «التهامى، والتونى والنقشبندى، والكحلاوى»، كما لا يخلو هذا الفن العريق من منشدات نساء، وجميعهم يظهرون فى الأمسيات الرمضانية، وليالى الأولياء بأقاليم مصر.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: المولد النبوي سيدنا الحسين السيدة زينب الصوفية

إقرأ أيضاً:

«فلسطينيون»: الحشود الشعبية المصرية على معبر رفح رسالة برفض مقترح التهجير

أكد عدد من المحللين السياسيين والإعلاميين الفلسطينيين تقديرهم الكبير لخروج المصريين أمام معبر رفح لإعلان رفضهم لتصريحات الرئيس الأمريكى حول تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، مشيدين بالموقف المصرى تجاه القضية الفلسطينية، سواء على المستوى الرسمى أو الشعبى.

«الرقب»: حراك شعبي ورسمي يدفع لفشل مشروع ترامب

ووصف الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، توافد الجموع الشعبية المصرية على معبر رفح بالمشهد المهيب، معتبراً أنه استكمال لمشهد عودة النازحين الفلسطينيين من الجنوب للشمال خلال يومى 26 و27 يناير.

وأوضح أن الحشود الشعبية توصل رسالة للإسرائيليين ولكل من يريد تهجير الفلسطينيين وللعالم أجمع بأن هذا الأمر مرفوض، ليس فقط التهجير لسيناء ولكن مبدأ التهجير بشكل عام وهذا موقف الشعوب العربية بأكملها.

وأشار إلى أن مصر دولة جوار وتعبر جماهيرها عن الرفض بشكل كامل، وعبر الرئيس السيسى برفضه عملية التهجير القسرى وحتى الطوعى بشكل كامل فى بداية الحرب على قطاع غزة، مؤكداً أن هناك حراكاً شعبياً ورسمياً يدفع إلى فشل مشروع ترامب فى التهجير، مشدداً على أهمية البعد الجماهيرى فى هذه المرحلة المهمة.

وأكد الدكتور أسامة شعب، أستاذ العلوم السياسية الفلسطينى، أن خروج الجماهير الحاشدة أمام معبر رفح رد طبيعى ومقدر جداً، باعتبار أن القضية الفلسطينية هى قضية الأمة والعرب جميعاً، ولا يجوز بأى حال تهجير الشعب الفلسطينى حفاظاً عليه.

«شعب»: المصريون شركاء في النضال

ووصف الحشود المصرية الرافضة للتهجير بأنها انعكاس حقيقى يؤكد أن الشعب المصرى هو الحاضن الحقيقى والأول للقضية الفلسطينية وهو شريك فى النضال من أجل التحرر من الاحتلال.

وأعرب نزار نزال، المحلل السياسى الفلسطينى، عن ترحيب الفلسطينيين بهذه الجموع المصرية، واصفاً الشعب المصرى بالأبى العظيم، معتبراً أن ضغط الشارع المصرى مهم وأن المسألة لا تقتصر على الرفض السياسى لمسألة التهجير، متحدثاً عن رسالة قوية من 120 مليون مصرى لترامب وللأمريكان، مشيداً بالتناغم بين الشعب وقيادته السياسية فى مصر، مؤكداً على الترحيب الكبير من الشعب الفلسطينى على هذا الحراك، سواء من الفصائل الفلسطينية أو الشعب الفلسطينى أو القيادة الفلسطينية.

وقالت نور أبوشباب، الإعلامية بهيئة الإذاعة والتليفزيون الفلسطينى، إن الشعب الفلسطينى لم يستغرب هذا الموقف الرسمى والشعبى المصرى المشرف، الذى ساند على مدار عقود طويلة القضية الفلسطينية، تمثلت بداية الموقف المصرى المساند للقضية الفلسطينية كما يعلم الجميع منذ بدء الحرب الإسرائيلية الشرسة التى شنت على قطاع غزة، ومارست فيها ما تسمى إسرائيل أعتى أساليب الإبادة الجماعية التى ارتقت لمستوى جرائم حرب.

وأشارت إلى أن الموقف المصرى بدا واضحاً منذ ذلك الوقت بالوقوف مع الشعب الفلسطينى والحراك الدبلوماسى ومساعدة الفلسطينيين بكل الوسائل التى أتيحت لمصر بما لا يضر بالأمن القومى المصرى.

وتابعت: «لم يكن غريباً علينا موقف الرئيس السيسى، الذى وقف فى مؤتمر خاص ليقول إن تهجير الفلسطينيين هو ظلم لا يمكن أن نشارك به»، معتبرة أن هذا الموقف زاد من إيمان ويقين الفلسطينيين أن مصر العريقة والعظيمة والمحصنة بجيشها وشعبها لديها كلمة قوية، وأضفى بالفعل هذا التصريح كثيراً من الأمان فى قلوب الفلسطينيين بأن هذا الزعيم العربى وقف فى وجه الرئيس الأمريكى ليقول هذا الكلام.

واعتبرت أن وجود عشرات الآلاف من المصريين أمام معبر رفح الذى يمثل السيادة الفلسطينية احتجاجاً على فكرة ترامب المجحفة والمخالفة لحقوق الإنسان وحق الشعب الفلسطينى الأصيل فى أرضه، والمخالفة لكل قرارات الأمم المتحدة، التى تقضى بحق الشعب الفلسطينى فى العيش بكرامة وحرية وتقرير المصير، ويؤكد أن الموقف الشعبى يقف خلف الموقف الرسمى المصرى، وأن هذه الملايين من المصريين مؤمنة إيماناً مطلقاً بالقضية الفلسطينية.

وتابعت: «لا خوف على فلسطين ما دامت مصر أرض الكنانة ناهضة بكل هذه العزيمة وهذه القوة وما دام فيها رجل يسمى عبدالفتاح السيسى، وهو قوى عزيز فى شعبه، وكذلك هو بالنسبة للفلسطينيين الزعيم العربى الأول الذى قال لا لتهجير الفلسطينيين، ولم يكتف ببيانات مكتوبة ونعلم أنه قد فتح أبواب غضب الإدارة الأمريكية، ونثق أن لديه ما يطفئ هذا الجحيم من حكمة وقوة وصلابة، وشكراً لمصر ولقائدها وإنا لمنتصرون».

مقالات مشابهة

  • الحرية المصري: موقف الدولة المصرية تجاه القضية الفلسطينية ثابت ولم يتغير
  • «فلسطينيون»: الحشود الشعبية المصرية على معبر رفح رسالة برفض مقترح التهجير
  • لرفض التهجير .. الإصلاح والتنمية يشارك فى الوقفة الشعبية بمعبر رفح
  • خطيب المسجد النبوي يحذر من هذه الواسطة بينك وبين الله في الدعاء
  • خطيب المسجد النبوي: ملك الله لا يزيد بطاعة الطائعين ولا ينقص بمعصية العاصين
  • أول الدين وآخره.. خطيب المسجد النبوي: الله خلق الخلق لعبادته وحده
  • خطيب المسجد النبوي: توسط الأموات والأولياء بين المسلم وربه في الدعاء يضيع معنى العبودية
  • امام وخطيب المسجد النبوي: عبادة غيرِ اللَّه مبنيَّة على الجهلِ
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • بالصور.. الحارة الشعبية لمسلسل “شباب امرأة” بـ أجواء الحارة المصرية القديمة