"ذاكرة الطفولة" زاوية نضئ فيها على طفولة أديب عربي، نصغي لأول تجاربه ورؤاه، أول أفراحه وأحزانه.

اندفاعي نحو القراءة والتمثيل والرسم كان بفضل أسرتي ومدرستي

اليتم فجّر معاني الإرادة في أسرتي والتصميم من أجل التفوق والنجاح

علمتني الكتب الصبر والثقة بالنفس ومواجه الصعاب وأهمية الإبداع والوطنية

يقول الأديب والناقد السوري الدكتور هيثم يحيى الخواجة: "أمي عاشقة للأزهار وكان أولادها محور حياتها بعد رحيل الزوج رحمه الله، كانت متعلمة رغم أنها لا تفك الحرف، خبرة لا حدود لها في الحياه، وعاطفة أشبه بشلال دافق، وإصرار على الوجود والحياة، ومواجهة الصعاب، أحببتها وتعلقت بها الى حد جعلني أكره المنزل عند غيابها، كانت ضوء حياتي وعندما غادرت الدنيا ورحلت الى الدار الآخرة، تغيرت حياتي ولم يعد لها طعم حقاً، كانت أشبه بسنفونية مجبولة بالأمل، أما تضحياتها فهي خالدة في تاريخ الأسرة، وقد كتبت قصيدة في رثائها شكلت ديوان شعر، كتب مقدمته رائد قصيدة النثر في مصر الشاعر الدكتور حسن فتح الباب، وما ززلت أفتخر وأعتز برأيه السديد، وأعتبر الديوان عربون وفاء لأم لا أستطيع أن أعبر عن حجم وفائها لزوجها وأولادها.

دائم الحنين

ويضيف في حوار خاص لـ24: "أما جدتي أم رضا فهي حفاظة وراوية لا أعرف عنها الكثير، ولكني لا أنسي وجهها البسّام وعاطفتها الجياشة، وحكاياتها المشوقة المثيرة وقلبها الكبير، كل ذلك أثر في نفسي، وجعلني دائم الحنين لتلك الأيام التي استفدت منها كثيراً:
كيف تركت طفل الياسمين                 هو ذابل في الدار يبكي
ويغوص في حزن مكين                   من ذا يداريني
من ذا يرويني من النبع النمير               من ذا يلون دينتي
ويعد خطواتي                              على سفرة اليقين  
ويتابع "فقدت والدي ولم أتجاوز الخامسة من العمر، أما جدي فلا أعرفه، والذي حل محل والدي هو أخي الكبير عبد الخالق الذي اتسع قلبه لاحتضان إخوته الأيتام، فأخذ بيدنا نحو شاطيء الفرح، كان مثالاً للأب والمربي المثقف، وصاحب يد حانية في الجود والعطاء والأثار والتربية، ودفع مسيرتي نحو العلم والإبداع ومن أهم ما تعلمته منه، الصمود في وجه العواصف، والإرادة الصلبة من أجل تحقيق الأهداف، وترك الأثر الطيب، كان موسيقياً متألقاً، ومثقفا نوعيا، ومربياً متفرداً ولهذا بقي حتى الآن نبراسي، وقدوتي في الحياة وفي الإنجاز الإبداعي، أما أخي الأديب والناقد الدكتور دريد يحيى الخواجة، فقد ساهم في تعزيز إبداعي وثقافتي".

ترياق الإنسانية

ويوضح الخواجة: "لم أعد أعرف من أصدقاء الطفولة المقربين إلا القليل، بسبب اغترابي وغربتي المديدة، وبسبب الحرب وما في الحياه من عواصف، وقد عبرت عن أهمية الصداقة في قصصي وأشعاري ومسرحياتي، والجميل أني وأصدقائي تمسكنا بالصداقة بالأسلوب العلمي، أي بترجمتها إلى فعل، فعندما أزور الوطن يكون اللقاء ولا أروع منه ولا أجمل، رحم الله من رحل، ومد الله بعمر الباقين، فالصديق عطر الحياة وترياق الإنسانية، ولأني أومن بالصداقة الحقة، والتي تجسد إنسانية الإنسان فقد عكست ذلك في مسرحياتي التي كتبتها سواء كانت للكبار أم للصغار".
وبالنسبة لهواياته المفضلة في مرحلة الطفولة، يقول: "في الرياضة أحببت كرة القدم ومارست لعبة الطائرة في المدرسة وفي المباريات البطولية، أما الرسم فقد أحببته كثيراً وشاركت في المرحلة الابتدائية في مسابقة في الرسم على مستوى القطر وفزت بها، وفي صدارة هواياتي القراءة والتمثيل، وقد فزت بجائزة أفضل ممثل عندما كنت في الصف الخامس الابتدائي في مهرجان المسرح المدرسي على مستوى محافظة حمص في سوريا، وألفت إلى أن اندفاعي نحو القراءة والتمثيل والرسم كان بفضل أسرتي وأساتذتي في المدرسة أيضاً".

النجاح أو الموت

أما عن المعلم الذي لا ينساه، فيقول: " النحوي العربي الكبير والمربي محي الدين الدرويش، معلمي الذي أكن له جزيل التقدير وقد قدمت له قصيدة من تأليفي عندما كنت في الصف الثالث إعدادي، فدعاني الى مقابلته في مقهى الفرح في مدينة حمص وهناك، وأمام كوكبة من الأدباء والشعراء والمبدعين أخبرهم أني شاعر وأن مستقبلي كبير، وقد تملكني شعور لا أنساه، خاصة وأني كنت أجهل علم العروض وأكتب الشعر على السمع والإيقاع".
ويذكر "أن محي الدين الدرويش من أول الذين أعربوا القرآن الكريم وقد طبع كتابه، وما زال مرجعاً مهماً في المكتبة العربية، والمعلم الذي لا أنساه اتهمني بسرقة القصيدة من ديوان محمود درويش، فلما نفيت ذلك بشدة وتأكد بنفسه أن القصيدة ليست لدرويش، شعر بالخجل لأنه أخفق في ظنه، أما المعلم والشاعر أحمد الجندي الذي كان يطل من إذاعة دمشق ببرنامجه الشهير أقدار واعدة، فقد خصص حلقة خاصة للحديث عن شعري وجودة قصيدتي".
وعن رحلته مع القراءة يقول: "أحببتها منذ طفولتي والفضل يعود الى أسرتي التي تضع العلم في مصاف الغذاء، وقد وضع أفراد الأسرة عنواناً عريضاً حفر في قلوبهم وعيونهم العلم أولاً، ولا بد ان نترك أثراً في هذه الحياه، النجاح أو الموت، لقد فجر اليتم معاني الإرادة والتصميم من أجل التفوق والنجاح، وقد حقق إخوتي الكثير سواءً كان ذلك في الحياة العملية أم في مناحي الإبداع المتعددة".

الوطنية والفداء

أما أهم الكتب التي تأثر بها ولا ينساها فهي، كتاب الموسيقى  لفلاديمير كورو لينكو، و التلميذة الخالدة لإيف كوري، و التراب الحزين لبديع حقي، هذه الكتب علمتني الصبر والثقة بالنفس ومواجهة الصعاب، وأهمية الإبداع، علمتني الوطنية والفداء وعشق تراب الوطن، علمتني احترام وتقدير إنسانية الانسان" .
وعن بداياته مع المسرح يقول: "بعد أن مثلت دور  خيرو الشملا في مسرحية ثورة حمص، أيام الاستعمار الفرنسي لسوريا ونلت جائزة أفضل ممثل للمهرجان المسرحي المدرسي في مدينتي حمص بسوريا كتبت مسرحية بعنوان حبة وفاء، وهي تعبر عن الوقوف مع قضية فلسطين، وتقدير الشهادة، غلبت عليها الخطابية والمباشرة لأني كنت في الصف السادس الابتدائي وفي المرحلة الإعدادية كتبت خواطر كثيرة عن الدعوة الى الأخلاق والاستقامة والحب والإيمان، كما كتبت الشعر في الصف الثالث إعدادي، وفي الثانوية والمرحلة الجامعية تابعت كتابة الشعر والمسرح وبعد الجامعة كتبت في النقد أيضاً، ونشرت نتاجي في البداية  في مدينة حمص بجريدة العروبة، التي تصدر مساء كل يوم، وبعدها في جرائد سوريا ومن ثم في مجلات ودوريات وجرائد  عربية، كما شاركت في مهرجانات شعرية مثل مهرجان الرابطة الشعري وغيرذلك .

شلال عطاء

 وفي حديثه عن أول مدينة زارها يقول: "في أوائل السبعينات زرت بيروت التي كانت عروساً حلوة تنطق بالثقافة والفرح والحركة والحياه، وهناك تملكني إحساس غريب تنوعت فيه المشاعر وتقافزت الأحلام والأفكار، وكان الحب سيد الموقف، فهي تفيض جمالاً ومفردات المكان تنطق بالسحر، والمسرح يشرئب في حناياها شامخاً ومعتزاً، بيروت تدخل القلب دون استئذان فهي حضن الأبطال والمثقفين والفنانين والمفكرين إنها عروس الشرق في تلك الأيام".
وعن مشاعره تجاه الحب الأول يقول: "علمتني تجربة الحب أن أكون إنساناً يفيض بالصدق والوفاء والتقدير، وأن أصمد في مواجهة زمهرير الحياة، أن أبدع، وأخلص، وأثمن دور الأبوين، وأن أضحي وأجود وأحمل في قلبي عطراً يزداد بهاءً مع الأيام،
وعلى بساط الريح         يا حبيبتي أتيت
في جعبتي                  أفراح أعوام أتيت
الحب شلال عطاء وشمس لا تغيب في حياتي".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني سوريا فی الصف

إقرأ أيضاً:

هيثم شعبان يعتذر عن عدم استكمال مهمته مع الكرخ العراقي

اعتذر هيثم شعبان المدير الفني للفريق الاول لكرة القدم بنادي الكرخ العراقي، عن استكمال مهمته مع الفريق العراقي في الموسم الجاري، وتقدم باعتذار رسمي إلى مجلس ادارة النادي برئاسة كريم حمادي. 


وبناءً عليه تم فسخ التعاقد بين الطرفين بالتراضي، مع استمرار الجهاز المعاون بالكامل، ومن بينهم الكابتن عمرو حسن نجم بتروجت الأسبق مساعد شعبان في جهازه الفني. 


وتردد خلال الساعات الماضية طرح اسم الكابتن هيثم شعبان لتدريب نادي الاتحاد السكندري قبل أن يستقر زعيم الثغر على اسناد المهمة إلى الكابتن طلعت يوسف. 


ويمتلك هيثم شعبان سيرة ذاتية تدريبية مميزة، وكان صاحب إنجاز صعود سيراميكا كليوباترا إلى دوري الأضواء والشهرة، وكان صاحب نواة تكوين الفريق في الدوري الممتاز، وسبق له تدريب الداخلية وبتروجت ومؤخرًا الكرخ العراقي.

مقالات مشابهة

  • طلقة خرطوش كتبت النهاية.. «فودة» شَهر بطليقته فقتله شقيقها بشبرا الخيمة
  • هيثم شعبان يعتذر عن عدم استكمال مهمته مع الكرخ العراقي
  • الكرخ العراقي يُقيل المدرب المصري هيثم شعبان
  • وصول الطائرة الإغاثية السعودية الحادية عشرة لمساعدة الشعب السوري الشقيق التي يسيّرها مركز الملك سلمان للإغاثة
  • مغادرة الطائرة الإغاثية السعودية الحادية عشرة التي يسيّرها مركز الملك سلمان للإغاثة لمساعدة الشعب السوري
  • ترامب: أضرار الحرائق في لوس أنجلوس أشبه بضربة نووية
  • قصور الثقافة تكرّم الأديب محمد عبدالله الهادي في العودة للجذور بالزقازيق
  • قصور الثقافة تكرّم الأديب محمد عبد الله الهادي في العودة إلى الجذور بالزقازيق
  • ترامب: أضرار الحرائق في لوس أنجلوس "أشبه بضربة نووية"
  • الأديب المتنكر في صورة عالم.. من هو الدكتور أحمد مستجير شخصية معرض الكتاب 2025؟