لجريدة عمان:
2025-02-01@19:51:47 GMT

فيسبوك.. وإغراء التكاذب!

تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT

لطالما كان الروائي والفيلسوف الإيطالي الراحل أمبرتو إيكو صاحب رواية «اسم الوردة» من أوائل الذين انتبهوا إلى خطورة ما يضخه فيسبوك من إغراء بامتلاء كاذب في نفوس مستخدميه متى ما نفخ أولئك المستخدمون ريشهم من أثر الأوهام التي تضخها اللايكات والتعليقات؛ حين قال ذات مرة: «أدوات مثل تويتر وفيسبوك تمنح حق الكلام لفيالق من الحمقى، ممن كانوا يتكلمون في البارات فقط بعد تناول كأس من النبيذ، دون أن يتسببوا بأي ضرر للمجتمع، وكان يتم إسكاتهم فورا.

أما الآن فلهم الحق بالكلام مثلهم مثل من يحمل جائزة نوبل. إنه غزو البلهاء».

ربما يحسب البعض هذا الكلام تعاليا من الفيلسوف على حق مطلق للبشر في أن تكون لهم منابر مجانية خاصة للتعبير، لكن متى ما تأملنا فيه سنجد أن إيكو يشير إلى أمر آخر، وهو: خطورة أثر الوهم الخادع الذي تضخه تحديثات مستخدمي فيسبوك على البسطاء بطريقة تتغير معها نفوسهم حتى عما جبلت عليه من قبل ذلك!

ربما كان فيسبوك لهذه الناحية متاهة كبيرة لا يمكن لمن يتأمل فيها أن يعرف حقا ولا باطلا حيال الهوية الحقيقية لهذه المنصة! ففي فيسبوك الذي يحاول محاكاة نثر الحياة وهوائها بكل ما فيه إلى درجة قد تشبهه بالسوق أو المقهى، لكن حالة فيسبوك حيال هذه المقارنة، إذا ما طبقنا عليها قياس إمبرتو إيكو، سنجد حتى المقهى أو السوق يعكسان هوية مادية مشخصة تمنع الحرية المطلقة لأي فرد يريد أن يمارس شتما ضد مرتادي المقهى جميعا مثلا، فهو في هذه الحالة ثمة أشياء كثيرة تمنعه من ذلك، كهويته الشخصية وخوفه من الفضيحة، وغير ذلك من الموانع التي تمنع الحرية المطلقة.

هذه الحرية المطلقة يتيحها فيسبوك كما يتيح معها خاصية إخفاء الهوية الأمر الذي يستفز في البعض أشواقا لممارسة بعض الجنون العاري، لاسيما مع الإغراء المحفز لمتابعة أصداء ذلك الجنون حين يطلقه شخص من حسابه تجاه الآخرين، فيتتبع قياس الأثر بنشوة عارمة ومتجددة عبر زيادة اللايكات والتعليقات التي تجعله متشوقا باستمرار لرصد ردود فعل الجنون الذي كتبه ضد آخرين لا يعرفونه لكنهم قد يشبهونه في فعل الجنون والتفاعل معه!

ونظرا للفضاء الأسفيري المهول في أعداد مستخدمي فيسبوك الذين يقترب عددهم حول العالم اليوم من ملياري مستخدم، سيكون ذلك الفضاء العددي العمومي العريض لمستخدمي فيسبوك هو محيط التأثير الذي يفرض مزاجه ذاك على كل من يقبل بقواعد اللعبة في فيسبوك -على ما في تلك القواعد من هوية هلامية لمعنى الحرية- في استخدامات المنصة.

وهكذا ما إن يتوهم أحد أن ثمة إمكانية لقياس ما يكتبه في فيسبوك وفق معايير الشهرة التي يمكن أن يرصد أرقامها المهولة في اللايكات والتعليقات على حسابات من يسمون بطبقة «المؤثرين» في السوشيال ميديا، إلا أصابه أمراض السوشيال ميديا بسبب ما قد توهمه ذات يوم من إمكانية للشهرة عبر أثر لايكات وتعليقات دونها أصدقاء على حسابه مرة أو مرتين ومضوا!

هكذا سيجد المتأمل في الممارسة والملاحظة لتحديثات مستخدمي فيسبوك أن ثمة مستويات دنيا بل رديئة للكتابة والمحتوى لكنها قد تغري البعض بحثا عن اللايكات والتعليقات، فلا يمنعون أنفسهم من تجريبها، ومتى ما فعلوا ذلك بدا لهم الأمر ممتعا ومحفزا للمزيد!

لذلك من المهم جدا في فيسبوك ألا يعول كاتب على قياس أثر محتوى ما يكتب بمعايير ظاهرية خارجة عن هوية المحتوى وجودته، مثل اللايكات والتعليقات التي قد لا تكون خادعة في كل الأحيان، بالضرورة.

وكما قال أمبرتو إيكو في نهاية روايته الجميلة «باودلينو» عن إغراء الأكاذيب للبشر، على لسان شخصية بافنوزيو الحكيم، ناصحا أحد مدوني الأكاذيب في الرواية: «لا تحسبن أنك مـدون الأخبار الوحيد في الكون، فعاجلا أو آجلا سيأتي من هو أكذب من باودلينو ويرويها» وعليه فإن من الخدع المتبادلة في تغذية أوهام بعض مستخدمي فيسبوك؛ رهانهم على ألا يجد خصومهم أتباعا محازبين يصدقونهم باللايكات والتعليقات، متى ما لعبوا معهم تلك اللعبة كمقاييس قيمة وهمية، فحتما إذا كنت من صانعي أكاذيب الفيسبوك ستجد من يسخو عليك باللايكات والتعليقات، فدائما ثمة في البشر معجبون ومعلقون!

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی فیسبوک

إقرأ أيضاً:

مسلسلات رمضان 2025.. دنيا سميرغانم تتصدر فيسبوك بـ «عايشة الدور»

طرحت النجمة دنيا سمير غانم بوسترات أحدث أعمالها الدرامية "عايشة الدور" والذي تشارك به ضمن موسم دراما رمضان 2025، وبمجرد طرحه تصدراسم دنيا سمير غانم ت محركات البحث على فيسبوك وتفاعل معها العديد من محبيها و رواد السوشيال ميديا.

و ظهرت دنيا سمير غانم في البوستر بشخصيتين متناقضتين، وعلقت الصفحة على البوستر الدعائي: «غيّر مودك وفرفش يومك مع دنيا سمير غانم في مسلسل عايشة الدور في رمضان 2025».

يشارك في بطولة مسلسل عايشة الدور عدد من النجوم البارزين بجانب دنيا سمير غانم، منهم محمد كيلاني، أميرة أديب، فدوى عابد، وماجد القلعي، محمد ثروت ومن تأليف أحمد الجندي و كريم يوسف وإنتاج محمد احمد السبكي وإخراج أحمد الجندي ويتكون المسلسل من 15 حلقة، ويتناول قصة اجتماعية مشوقة تتضمن العديد من الأحداث الدرامية التي تعكس واقع المجتمع.

مقالات مشابهة

  • مايكروسوفت تطلق نموذج الذكاء الاصطناعي O1 مجانًا لجميع مستخدمي «Copilot»
  • لجميع مستخدمي واتسآب في لبنان.. نداءٌ مهم
  • في 2025.. عودة «فيسبوك الأصلي» وسط تحولات استراتيجية في «ميتا»
  • بعد طرح البوسترات الفردية.. العتاولة الأكثر بحثا على "فيسبوك"
  • مايكروسوفت تتيح نموذج الذكاء الاصطناعي O1 مجانًا لجميع مستخدمي «Copilot»
  • جوجل تساعد مستخدمي أندرويد في اختيار تطبيقات الـ VPN الموثوقة
  • مسلسلات رمضان 2025.. دنيا سميرغانم تتصدر فيسبوك بـ «عايشة الدور»
  • الأهلي جنة جمهوره .. محمد الدماطي يوجه رسالة على فيسبوك
  • تحديث جديد من آبل.. ميزات مبتكرة تعزز تجربة مستخدمي macOS
  • هل لاحظته؟.. عطل يضرب «فيسبوك» ويظهر المنشورات القديمة