يشارك العرض التونسي "عطش" للمخرجة شيماء فتحي، ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما في دورته السادسة ٢٠٢٣.

وتناقش المسرحية قضية أزمة الجفاف التي تعيشها شخصية "698"، والحرب الوجودية مع المجلس القومي "السيستام" الذي يحاول إرغامها على توقيع أوراق تبني لترك ابنتها تحت رعاية عائلة أخرى بعدما أصبحت عملية الولادة محددة من قبله، من أجل ضمان العدل في توزيع المياة بين الجميع والحفاظ على القانون المبرم والذي يحدد عدد الأماكن لكل أسرة وحددت بثلاث أشخاص"أبوين_طفل" .

وتقول الفنانة التونسية شيماء فتحي، إن مونودراما "عطش" عمل موجه للكهول، وتطرح قضية الصراع بين المعرفة والمصير، فهي رحلة تدعونا للتشبث بالأمل بالرغم من كل الظروف المعاكسة التي تواجه رحلة وجود الإنسان.

وأضافت فتحي، أنه تم الإعتماد في مونودراما "عطش" على التراكمات المعرفية التي اكتسبتها في مرحلة تكويني والتحصل على الإجازة، فحاولنا الجمع بين التراكمات البرشتية، التوجه الاستانسلافسكي، والمايرهولتي / مسرح ما بعد الحداثة .

وأكدت فتحي، أنه محاولة صناعة صورة جمالية توازن بين النص المكتوب والنص الحركي وذلك في محاولة لتطويع الكلمة الشاعرية للفعل المسرحي عبر التعبير الجسدي والحسي للممثل، على مدى ثمانية لوحات مقدمة، متماسكة ومترابطة من حيث الموضوع، ومستقلة جماليا في كل مشهد.

وأوضحت فتحي فيما يخص موسيقى العرض، أنه تم الاعتماد  على المؤثرات الصوتية كوسيلة لتدعيم الخط الدرامي للشخصية، لا كمحرك لتأسيس الفعل الدرامي.

فالموسيقى رغم عدم الحضور المكثف لها، كانت معبر لتعرية الهواجس النفسية للشخصية من ناحية، ومن ناحية أخرى لتعزيز الهوية التونسية في العرض، فوقع اختيارنا على أغنية من التراث التونسي، تحاكي وجع ومخاض رحلة الأمومة أمام مصاعب الظروف، تحت عنوان "ياما وجعتوها" قدمت بصوت الفنانة "لبنى نعمان".

وتشارك الإضاءة في كتابة النص الحركي للأحداث على مدى مدة العرض، لتكون داعم أساسي في بناء خط الفعل الدرامي للعب الشخصية وعلى المساعدة قدر الإمكان على نحت مسارات تعبرية مختلفة، من حيث اختلاف تباين الألوان وتقنيات الإضاءة، فهي تحاكي الحالات النفسية والصراعات الداخلية للشخصية وذلك في بنية منطقية تعزز الرؤية الإخراجية للعرض.

وأشارت المخرجة التونسية، إلى شخصيات العرض كانت أولهما ، ٦٨٩: د.ناباتات.. شخصية تحاول التمسك بالأمل والقوة رغم ما تعيشه من ضغط نفسي بسبب ما تمر بيه البشرية في أزمة الجفاف، والشخصية الأخرى هي شخصية متمردة ، تحاول التمرد على القوانين الصارمة الموضعة من قبل المجلس القومي "السيستام".

وشخصية رجل المجلس القومي، شخصية حاضرة بالغياب، وهي المحرك الدرامي الأساسي لتشكل خطوط الأحداث، وقدمت بصوت الممثل: سحبي عمر .

أما عن شخصية الزوج فهي شخصية حاضرة بالغياب، شاركت في كتابة الخط الدرامي في العرض، قدمت بصوت: سيف الدين رقام .

وعن شخصية دفى، هي شخصية حاضرة بالغياب، شاركت في التعبير عن الهواجس النفسية التى تعيشها الشخصية، وقدمت بصوت: هزار همامي .

وأخر شخصية كانت للصحفية، وهي شخصية حاضرة أيضا بالغياب، وساهمت في نقل الأحداث الخارجية، وقدمت بصوت: فريال بو بكر .

وعن سينوغرافيا العرض، قالت فتحي، إن السينوغرافيا تراوحت بين الواقعي والمتخيل وبين الثابت والمتحرك لتأسيس عالم الشخصية، فجاءت السينوغرافيا مساهمة في تدعيم الرؤية الإخراجية بفضل التوظيف الرمزي لعناصر منها.

وأكدت أن توظيف الاكسسوارات يساعد أحيانا في ولادة الفعل الدرامي وأحيانا في تدعيم الهواجس والصراعات النفسية للشخصية ومدى إيمانها بموجب حق الحياة لكل شخص رغم إنعدام الأمل.

فطغت على كل عناصر الاكسسوار  الألوان ذات الطابع المشرق مقابل السينغرافيا السوداء، لتمثيل القتامة وتجسيد ألوان الحلم للشخصية.

وعن اختيار الملابس قالت المخرجة شيماء فتحي، تم اختيارها على نفس التوجه المتخذ من أجل عملية تأسيس فضاء اللعب، ليكون ملابس الشخصية الأساسي أسود اللون، وهو عبارة عن "كومبين" وقفازات وشراب وردي اللون، والقميص رجالي، شارك في نقل خفايا ما تعيشه الشخصية من صراعات داخلية، والقميص النسائي، لنقل شخصية متخيلة في ذهن ٦٩٨ ، محرك لتغيير نمط اللعب، وملابس الأطفال لنقل مشاعر الأمومة في صورة رمزية، ويعتبر محرك أساسي في تصعيد الصراع بين مشاعر الضعف والقوة .

يذكر أن الدورة السادسة من المهرجان يشارك بها عدة دول من جميع أنحاء العالم ومنها الإمارات العربية المتحدة، وسلطنة عمان، وتونس، والجزائر، والعراق، والسودان، وإيطاليا، والأرجنتين، وألمانيا، وفلسطين، والمغرب، بالإضافة إلى منصتي "الحكواتي"، و"شاشة المونودراما"، وتشارك فيها فرنسا، وجورجيا، والمكسيك، والكويت.

مهرجان القاهرة الدولي للمونودراما، تنطلق دورته السادسة  في الفترة من 1 وحتى 5 أكتوبر المقبل، تحت شعار القاهرة عاصمة المونودراما، ويرأسه المخرج أسامة رؤوف، ويضم في لجنته العليا الفنانة صفية العمر، والفنان لطفي لبيب، والفنان إيهاب فهمي، والفنانة لقاء الخميسي، ويقام المهرجان تحت رعاية وزيرة الثقافة الدكتورة نيفين الكيلاني.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: عطش المسابقة الرسمية مهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما الدورة السادسة

إقرأ أيضاً:

سامح قاسم يكتب | فتحي عفيفي.. رسّامُ الغبار النبيل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في الزوايا التي لا تزورها الكاميرات، حيث لا يجلس الشعراء ولا يمرّ السائحون، وُلدت لوحات فتحي عفيفي. لم يُولد من رحم الضوء، بل من رحم الغبار، من سعال الآلات، من عرق العامل الذي نسي اسمه، وتذكرَ فقط صوت المخرطة.

فتحي عفيفي ليس فنانًا يرسم، بل كائنٌ يُصغي. يُصغي للحديد وهو يتألم، للحائط وهو يتقشّر، للقلب وهو يُطوى داخل بدلة زرقاء. خرج من حيّ السيدة زينب، لكن قلبه ظلّ هناك، يشرب من كوب الشاي المرّ، ينام على صوت الراديو العتيق، ويتأمل وجوه الرجال الذين لم يتعلموا البكاء، فصاروا يُسرّبونه في صمتهم الطويل.

كل لوحة له، ليست عملًا فنيًا، بل مَعلمًا من معالم الأرواح المنسية. كأنه لا يرسم بفرشاته، بل بأظافر جدته، بحنين أبيه، بأحزان أم لم تتعلم القراءة لكنها تحفظ وجه الله في التجاعيد.

في مصنع ٥٤ الحربي، تعلّم أن الحديد له قلب. أن الآلة تُحب. أن الندبة في ذراع العامل ليست عيبًا، بل ختمًا سماويًا. هناك، صادقَ الصدأ، وراقبَ الحزن وهو ينسكب على الخشب والبشر معًا، ثم عاد إلى مرسمه كي يُعيد رسم العالم كما يراه: عالم لا يخجل من شقوقه، ولا يتجمّل.

لوحاته ليست أنيقة. بل صادقة.

ليست لامعة. بل دامعة.

فيها صوت السلم المكسور، وهمهمة الخوف، وبكاء الليل في أذن امرأةٍ تصنع الغداء من الهواء.

هو فنان من طينة نادرة، لا يرى في الألوان بهجة زائلة، بل يرى فيها توثيقًا للعابر، للمنكسر، للهامشي الذي لا تكتبه الصحف. في الأحمر يرى الجرح، وفي الأزرق يرى الغياب، وفي الأبيض يرى جسدًا خرج من العمل ولم يعد.

لوحات فتحي عفيفي ليست مُجرد صُورٍ للمكان، بل هي رحلة في ذاكرة الإنسان، رحلة في قلب العالم الذي يعجّ بالآلات والبشر، بالأحلام التي لا تُكتب، وبالأفكار التي لا تتسع لها الصحف. هنا، في تفاصيل هذا العالم، تجدُ الأجساد غير المرئية تُحاول أن تصرخ، لكنهم لا يمتلكون سوى فمٍ صامت وأيدٍ مهشمة. ولهذا، فقد حمل عفيفي هذه الهمسات الصامتة في لوحاته، وأعطاها حقها في التعبير. فنراه يغير وجه الحياة في كل لون يرسمه، في كل حركة فرشاة تُمرّ على القماش، كأنه يعيد استكشاف المعنى في الأشياء البسيطة.

في جوائزٍ مثل جائزة التحكيم في بينالي القاهرة السابع عام 1998، وجائزة الدولة للتفوق في الفنون عام 2023، كان تكريمًا له، ولكن في حقيقة الأمر كان تكريمًا لكل هذه الوجوه التي رسمها، لكل هذه الأرواح التي لم تجد طريقًا للتعبير عنها سواه. لم يكن عفيفي بحاجة إلى الكلمات ليُعبّر عن نفسه؛ فقد كانت أعماله هي اللغة الأكثر صدقًا، وهي الأداة التي لم تترك بابًا مغلقًا إلا وفتحته، ولم تترك ملامح غريبة في عالمه إلا وأخرجتها من الظلام إلى النور.

لكن الفضل الأكبر في أعماله لا يكمن في الجوائز ولا في التصفيق الحاد، بل في قدرته على جعلنا نرى الحياة كما هي، دون تكلف، دون تجميل، فقط بكل شجاعتها وأحزانها. هو لم يرسم الحياة كما نريدها، بل كما هي بكل قبحها وجمالها. وفي لوحاته، نجح في أن يجعلنا نتأمل في تفاصيل تلك الحياة التي تمرّ دون أن نلتفت إليها. هو لم يكن فنانًا يخبئ الحقيقة في ألغازٍ معقدة، بل كان يضعها أمامنا كما هي، بشكل مباشر، عميق، وحميم.

فقد عرفت لوحاته الطريق إلى القلب، كما عرفت طريقها إلى الذاكرة. فتحي عفيفي، بكل ما يحمله من حزنٍ وطموح، رسم لنا مدينة من صمت وأصوات، مدينة لا نراها، لكنها دومًا في قلوبنا. وبذلك، لم يكن فقط فنانًا يقتصر عمله على الألوان والفرشاة، بل كان شاعرًا أيضًا، يسرد تاريخًا ضاع بين الزوايا، ويغني للأشياء التي لا يسمعها سوى الصامتون.

مقالات مشابهة

  • محمد الشرقي يطلع على التقرير النهائي لمهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما
  • «ع الكنبة».. مشروع تخرج بإعلام القاهرة يناقش قضايا الصحة النفسية والعاطفية
  • تأجيل محاكمة 17 متهمًا في قضية «رشوة الجمارك الثانية»
  • فؤاد عبد الواحد يطرح أحدث أغانيه.. غيابك يوم
  • وظائف شاغرة ومدعوون لإجراء المقابلات الشخصية
  • بعد قليل.. استكمال محاكمة 17 متهما في قضية «رشوة الجمارك الثانية»
  • لـ 14 مايو.. تأجيل محاكمة 64 متهمًا في قضية «خلية القاهرة الجديدة»
  • وسط انتشار أمني.. بدء محاكمة 64 متهمًا في قضية «خلية القاهرة الجديدة»
  • سامح قاسم يكتب | فتحي عفيفي.. رسّامُ الغبار النبيل
  • يد غادة الصغيرة - قصة ألم لا تنتهي جراء الإبادة الإسرائيلية في غزة