سلطت الناشطة المصرية، مي السعدني، الضوء على اتهام السيناتور الأمريكي، بوب مينينديز، بتلقي رشى والعمل لصالح مصر، مشيرة إلى الاهتمام العام في الولايات المتحدة تركز في الغالب على "تفاصيل سخيفة" للائحة الاتهام، مثل سبائك الذهب التي أهديت إلى مينينديز، لكن اللائحة تثير أيضًا تساؤلات جدية حول تدخل الحكومة المصرية في المصالح الأمريكية.

وذكرت مي، في مقال نشرته بمدونة "لو فير Lawfare" الأمريكية المتخصصة في قضايا الأمن القومي، وترجمه "الخليج الجديد"، أن اللائحة تتهم مينينديز بإساءة استخدام دوره القيادي في السياسة الخارجية الأمريكية للموافقة على صفقات لصالح النظام المصري، ولتثبيط وعرقلة شروط المساعدات العسكرية، إضافة إلى تبادله لمعلومات سرية مع مسؤولين أمنيين وعسكريين في مصر على حساب الاعتبارات الأمنية الأمريكية.

وأضافت: "وسط كل النكات حول سبائك الذهب، لا ينبغي للمعلقين أن يفقدوا فهمهم لما قد تعنيه هذه الاتهامات بالنسبة لمستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر".

فعلى مدار عقود من الزمن، تبلور نهج الولايات المتحدة في علاقتها مع مصر من خلال المساعدات العسكرية التي زادت قيمتها حتى الآن على 50 مليار دولار، إضافة إلى 30 مليار دولار من المساعدات الاقتصادية، وذلك نتيجة تفاهم قديم مفاده أنه بدون هذه الوعود، فإن مصر لن تحافظ على السلام مع إسرائيل.

وتقول وزارة الخارجية الأمريكية إن مصر "شريك مهم للولايات المتحدة في عمليات مكافحة الإرهاب ومكافحة الاتجار بالبشر وعمليات الأمن الإقليمي"، ولكن هل مصر هي حقاً الشريك الأمني الذي يمكن الاعتماد عليه كما تصفه الولايات المتحدة؟

تجيب مي السعدني من لائحة الاتهام بأمثلة إضافية على تلقي مينينديز رشاوى للتدخل في بنود جدول أعمال السياسة الأمريكية بناء على طلب من المسؤولين المصريين، بما في ذلك قضايا حقوق الإنسان، والمبيعات العسكرية الأجنبية، والنزاع مع إثيوبيا بشأن سد النهضة ومياه نهر النيل والوصول إليها.

اقرأ أيضاً

رشاوي مينينديز.. دعوات متصاعدة بواشنطن لاستقالته وحجب المساعدات العسكرية لمصر  

 ووفقا للائحة، وافق مينينديز على أو إلغاء القيود المفروضة على المساعدات الأمريكية ومبيعات المعدات العسكرية لمصر ونقل ذلك إلى رجل الأعمال، رئيس الشركة الإسلامية للحوم الحلال، وائل حنا، الذي قام بدوره بإبلاغ المسؤولين المصريين.

وتوفر الشركة، التي منحتها الحكومة المصرية احتكارًا حصريًا لشهادة صادرات الأغذية الأمريكية في سوق اللحوم الحلال إلى مصر، "مصدرًا للإيرادات" يمكن من خلاله دفع الرشاوى، بحسب الكاتبة، مشيرة إلى أن وسائل إعلام مصرية مستقلة، بينها موقع "مدى مصر" كشفت، في عام 2019، عن علاقات للشركة بمؤسسات أمنية رفيعة المستوى في مصر.

وأشارت إلى مزاعم بأن مسؤولي المخابرات المصرية دعوا مينينديز لمواجهة اعتراضات وزارة الزراعة الأمريكية لاحتكار الشركة الإسلامية للحوم الحلال للسوق المصرية، وهو ما فعله مينينديز، ورغم أن لائحة الاتهام تشير إلى أن مسؤولي وزارة الزراعة الأمريكية لم يستجيبوا لمطالب مينينديز، إلا أن الشركة احتفظت باحتكارها.

سجل التدخلات المصرية

وفي وصفه للعلاقة بين الولايات المتحدة ومصر، يشير الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية الأمريكية إلى "قرن من التعاون الدبلوماسي والصداقة"، ويتناول بالتفصيل المساعدات والاستثمارات الأمريكية المكثفة في مصر، إلى جانب التعاون في النزاعات الإقليمية والتجارة والمناخ، إضافة إلى "شراكة دفاعية تمتد لعقود من الزمن"؛ وبرامج التبادل المهني والأكاديمي.

وتعد مصر ثاني أكبر متلق للتمويل العسكري الأجنبي الأمريكي بعد إسرائيل. وفي مواجهة الأدلة الشاملة على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، انتقدت الولايات المتحدة، في بعض الأحيان، سجل مصر واشترطت ربط نسبة مئوية من المساعدة بحالة حقوق الإنسان، وهي مناقشة تستهلك اهتمام دوائر السياسة الخارجية سنويا.

وتصف مي السعدني قبول ميندينينز الرشاوى واتخاذه إجراءات بناءً على طلب حكومة أجنبية، على حساب المصالح الأمريكية، بأنه "أمر لا يصدق"، لكنها أشارت إلى أنها "ليست المرة الأولى التي يتدخل فيها مسؤولو الحكومة المصرية بشكل غير لائق في السياسة الخارجية الأمريكية".

ففي يناير/كانون الثاني 2022، تم إلقاء القبض على رجل من نيويورك، يُدعى بيير جرجس، بعد أن كشف المحققون أنه كان يعمل "بتوجيه وسيطرة العديد من المسؤولين في الحكومة المصرية في محاولة لتعزيز مصالح الحكومة المصرية في الولايات المتحدة دون التسجيل كوكيل عن مصالح دولة أجنبية".

ومن بين أمور أخرى، زعمت وزارة العدل الأمريكية أن جرجس حصل على معلومات عن معارضين سلميين في الولايات المتحدة، وجمع معلومات غير علنية من مسؤولي إنفاذ القانون، ونسق اجتماعات بين سلطات إنفاذ القانون الأمريكية والمصرية في الولايات المتحدة.

وإزاء ذلك، ترى مي السعدني أن السلطات المصرية أصبحت متواطئة في عدد متزايد من حوادث القمع العابر للحدود الوطنية، حيث استهدفت بشكل غير قانوني المواطنين المصريين على الأراضي الأمريكية، انتقامًا من مواقفها السياسية.

وتشير التقارير بموقع "بوليتيكو" الأمريكي، عام 2021، إلى أن مبادرة الحرية وثقت العشرات من حالات مراقبة المعارضين المصريين في الولايات المتحدة من قبل عملاء لحكومة بلادهم، وتلقيهم تهديدات بالقتل، فضلا عن حملات التشهير التي تستهدف الحاملين للجنسية الأمريكية منهم أو الحاصلين على الإقامة الدائمة.

وواصلت مصر اعتقال وتعذيب ومحاكمة عدد من المقيمين الدائمين والمواطنين الأمريكيين بشكل تعسفي، بمن فيهم، مصطفى قاسم، الذي توفي بعد أن أمضى 6 سنوات في السجون المصرية، رغم مناشدات الولايات المتحدة.

اقرأ أيضاً

مينينديز متهم بتسليم مسؤول مصري معلومات حول مقتل خاشقجي.. ماذا حدث؟

ورغم تزايد عدم الاستقرار الذي تساهم فيه الأزمة الاقتصادية وأزمة حقوق الإنسان في مصر، إلا أن فشلها في تحقيق سياسة اجتماعية واقتصادية عادلة لشعبها ظل مستمرا، وبدلاً من ذلك ركزت مواردها وجهودها في بناء مشروعات زائفة وإسكات المعارضة عبر الاعتقالات والملاحقات القضائية.

وقال مينينديز في بيان رده على الاتهامات بحقه: "لقد وقفت بثبات ضد الحكام المستبدين في جميع أنحاء العالم - سواء كانوا في إيران أو كوبا أو تركيا أو أي مكان آخر - وقاتلوا ضد قوى الاسترضاء وأقف مع أولئك الذين يدافعون عن الحرية والديمقراطية"، وهو ما علقت عليه مي السعدني بالقول: "الغريب أن السيناتور لم يذكر الدولة التي يُزعم أنه يتعاون مع حكومتها الدكتاتورية".

وشددت الكاتبة على ضرورة تسليط الضوء على العلاقات الأمريكية المصرية برمتها وليس على الاتهامات "الشخصية" لميندينينز، مضيفا: "بالحد الأدنى، يجب على الكونجرس أن يتحرك لتعليق فوري لمبلغ 235 مليون دولار من التمويل العسكري الأجنبي لمصر، الذي وافقت عليه إدارة بايدن".

وبموجب القانون الأمريكي، تخضع المساعدات المقدمة لمصر بقيمة 320 مليون دولار لشروط حقوق الإنسان؛ ومع ذلك، يمكن لوزير الخارجية التنازل عن هذه الشروط مقابل 235 مليون دولار من هذا التمويل إذا كان ذلك في مصلحة الأمن القومي الأمريكي.

وترى مي السعدني أن تدخلا من هذا النوع، يجب أن لا يستمر، وأن العقوبات ضد المسؤولين المصريين الذين ثبت تورطهم في أعمال الفساد ستكون مبررة في المستقبل.

واختتمت الكاتبة مقالها بأن "الدعم الأمريكي عبر البيانات والمساعدات والمبيعات والقوة الناعمة لا يمكن أن يكون غير مشروط ومساومًا على مصالح الولايات المتحدة وقيمها، بما في ذلك حقوق الإنسان"، مشدة على أن عدم تمكن صناع السياسة الأمريكيون من الاعتراف بهذا الواقع واتخاذ الإجراءات اللازمة ردًا عليه، فإن العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر لن تؤتي أي ثمار ذات معنى.

اقرأ أيضاً

السيناتور الأمريكي روبرت مينينديز يرد على اتهامه بتلقي رشى من مصر.. ماذا قال؟

المصدر | مي السعدني/لو فير - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: بوب مينينديز مصر عبدالفتاح السيسي وائل حنا العلاقات المصرية الأمريكية فی الولایات المتحدة الخارجیة الأمریکیة الحکومة المصریة حقوق الإنسان المصریة فی إلى أن فی مصر

إقرأ أيضاً:

احتفال اليوم الثقافي الكوري بمرور 30 عاما على العلاقات الدبلوماسية المصرية

 نظم مكتب وكالة التعاون الدولي الكوري (كويكا)  بالتعاون مع معهد اللغات للقوات المسلحة (مودلي) فعالية ناجحة بعنوان “اليوم الثقافي الكوري” في المقر الرئيسي لمعهد مودلي بالقاهرة يوم السبت 19 ابريل، وذلك احتفالًا بالذكرى الثلاثين للعلاقات الدبلوماسية بين كوريا ومصر. 

خبير اقتصادي يكشف أهمية قرار استبدال الرسوم بضريبة إضافية موحدةأسعار صرف العملات العربية في البنك الأهلي اليوم الاثنين

 وقد تم التخطيط والتنفيذ الكامل للفعالية من قبل ثمانية من  متطوعي كويكا بغرض تعزيز التبادل الثقافي و توطيد الصداقة بين البلدين.

تضمن الاحتفال مجموعة متنوعة من الأنشطة الممتعة، مثل تذوق الطعام الكوري، تجربة ارتداء “الهانبوك” (الزي الكوري التقليدي)، الألعاب التقليدية (توهو، جيجيشاجي، وتاكجي)، مسابقة للغة الكورية، عروض لفن البوب والرقص الكوري (K-pop وK-dance)، فضلا عن مسابقة معلومات عن الثقافة الكورية. وكان من أبرز الفقرات عرض التايكوندو الذي قدّمه فريق المنتخب المصري وتجربة ارتداء الهانبوك، حيث نال كلاهما إعجاب الجمهور وترك انطباعًا قويًا.

و حضر الاحتفال  300 مشارك، من بينهم السيدة “مينكيونغ كيم” نائب مدير مكتب كويكا في مصر ، العميد تيسير العطار   رئيس  "مودلي"،  الدكتورة "رانيا علوان" مديرة مكتبة مصر العامة بالقاهرة ، كما رافقها السيد "تامر علي إبراهيم" رئيس قسم التدريب بمكتبة مصر العامة، بالاضافة الى طلاب و اثنين من متطوعي كويكا في  المعهد العالي السياحة و الفنادق بالأقصر (ايجوث)، جامعة بني سويف التكنولوجية، وستة من متطوعي كويكا والذين يعملون في القاهرة وبني سويف والأقصر، بالإضافة إلى مواطنين مصريين.


و من جانبها قالت “مينكيونغ كيم” نائب مدير مكتب كويكا في مصر:
“نأمل أن تكون هذه الفعالية بمثابة نقطة انطلاق لمزيد من التبادل الثقافي بين كوريا ومصر. وستواصل كويكا دعم الصداقة والتعاون من خلال مبادرات متنوعة.”

وأضاف ”، العميد تيسير العطار رئيس مودلي "، أنه يتطلع لمزيد من الفرص التي تتيح للمصريين تجربة اللغة والثقافة الكورية، مشيرًا إلى أن فعاليات كهذه تُسهم في تعزيز العلاقات التعاونية بين البلدين.

وقال “ريو أو-يونغ” أحد متطوعي كويكا والذي قاد التخطيط والتنظيم للفعالية:
“لم أكن أتخيل أن مشاركة ثقافتنا ستكون ممتعة إلى هذا الحد. لقد استمتعت بكل لحظة، وهذا ما جعل الأمر ممكنًا. واجهنا بعض العقبات الصغيرة، لكني أعتقد أنها وجدت لتُتجاوز، لا لتُسقطنا. أنا ممتن حقًا لكل من دعمنا في التحضير لهذا الحدث التعاوني، وخاصة موظفي معهد مودلي وزملائي المتطوعين الذين عملوا كفريق واحد.”

قالت شيماء علي، طالبة من مكتبة مصر العامة بالأقصر، أن المتطوعين الكوريين العاملين في المكتبة والمصريين يتباينون  في لون البشرة والثقافة، و لكنهم استطاعوا التواصل كبشر متساوين. وأعربت عن اعتقادها بأن هذا الحدث سيكون فرصة لتعميق التبادل الثقافي بين كوريا ومصر، على الرغم من الاختلافات في العِرق والخلفيات.

وقد شهد الحدث اهتمامًا كبيرًا ومشاركة حماسية من الجمهور المصري، مما يعكس الشعبية المتزايدة للثقافة الكورية وموجة الهاليو في مصر.

تُعد كويكا ( وكالة التعاون الدولي الكورية) هي وكالة حكومية كورية تابعة لوزارة الخارجية، تهدف  لتنفيذ برامج المساعدات الإنمائية لمكافحة الفقر ودعم النمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام في الدول النامية.

تأسس مكتب كويكا في مصر عام 1998، ويعمل على توفير التعليم الفني للشباب، ودعم رقمنة الخدمات الحكومية والأنظمة، بالإضافة إلى تنفيذ برامج لمكافحة العنف القائم على النوع  الاجتماعي ويعزز تمكين المرأة و يدعم الفئات الضعيقة.

مقالات مشابهة

  • إدانة زوجة السيناتور الأمريكي السابق بوب مينينديز في قضية قبول رشوة من مصر
  • إدانة زوجة السناتور الأمريكي السابق بوب مينينديز بتهمة الرشوة.. ما علاقة مصر؟
  • احتفال اليوم الثقافي الكوري بمرور 30 عاما على العلاقات الدبلوماسية المصرية
  • أخبار العالم| وزير الدفاع الأمريكي متهم بنشر معلومات حساسة حول ضربات اليمن.. وانتهاء هدنة عيد الفصح في أوكرانيا وسط تبادل الاتهامات وغياب التمديد
  • الخارجية الأمريكية: الولايات المتحدة ملتزمة بتحقيق وقف إطلاق النار في أوكرانيا
  • السلام البارد أو التصعيد العسكري.. إلى أين تسير العلاقات المصرية الإسرائيلية؟
  • رئيس الجمهورية السيد أحمد الشرع يستقبل في قصر الشعب وفداً من الجالية السورية في الولايات المتحدة الأمريكية
  • تعرف على أخر تطورات تعزيز الشراكة الاستراتيجية المصرية الأردنية
  • مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية : العدوان الأمريكي على البنى التحتية في اليمن جريمة حرب
  • معهد هودسون الأمريكي يوصي إدارة ترامب بتصنيف البوليساريو تنظيماً إرهابياً يهدد مصالح الولايات المتحدة