موقع النيلين:
2024-11-23@14:02:26 GMT

حسان الناصر: الخُبث والخبائث

تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT

حسان الناصر: الخُبث والخبائث


أحياناً! لابد أن تتفاقم المشاكل ليمكن حلها!!
ومن سخرية الأقدار، أن آلاف الورش وجلسات النقاش، التي دارت في ردهات فنادق أديس أبابا؛ نيروبي ومكبالا. ومئات الوثائق التي كتبت، ووقعت بأقلام هؤلاء الأشخاص. لكن غباء العقل لا تعالجه طول التجربة. فلو أنا ربطنا (نعجة) في عنق أحدهم بدلا من (الكرفتة) كان وعيها السياسي سيكون أفضل، و فقهُها الدستوري سيكون أعلى من هؤلاء السفهاء.


ففي الوثيقة التي نشرها، رئيس الوزراء المستقيل عبد الله حمدوك، إدعت فيها قوى إعلان الحرية و التغيير شرعية دستورية نصبت على أساسها نفسها حكومة منقلب عليها. وهذا منافي للعمليات السياسية التي بدأت منذ ابريل 2019م، فالتعريف الأساسي لكل هذه العمليات أنها توافقية سياسية، خلصت في سبتمبر واكتوبر 2021 إلى ضرورة توسعة الشراكة وإكمال هياكل الفترة الإنتقالية والتي شهدت عبث دستوري، (ولعب سياسي) لم تشهده حتى جمهوريات الموز المتخيلة في الخطاب الغربي.

رفضت قوى إعلان الحرية ة التغيير مبادرات حمدوك صاحب المنشور الأخير، والتي جاءت بعنوان الطريق إلى الأمام والذي كان يستوجب ان يقوم بحل الحكومة، وتشكيلها ولكن لرخصه السياسي رفض هذه الخطوة، فما كان من صاحب الشرعية التي منحت الساسة حق الدخول للدولة إلا سحبها عبر إلغاء نصوص الشراكة، وفق إجراءات 25 اكتوبر.

ليدخل حمدوك في مفاوضات برعاية عبد الرحيم دقلو، ويوقع على إتفاق 21 نوفمبر، و تتقدم الحكومة بإستقالة جماعية، وقد كان رد حمدوك عليه بالنص حينها ” متروك لكم الأمر لاتخاذو القرار الذي ترونه مناسبا” مما يعد أن هذه الحكومة مستقيلة بموجب اتفاق حمدوك في نوفمبر.

فشل حمدوك في أن يأخذ خطوة واضحة،فقدم استقالته هو الآخر في يناير، وكان حمدوك قد تمكن بدايةً من اتخاذ قرار مراجعة حالات الإعفاء والتوظيف في الهيئات الحكومية والانتقالية وفق الإتفاق الموقع مع البرهان.

دخلت البلاد في حالة من السيولة البيروقراطية التي يتحمل وزرها السيد رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان في عدم الإلتزام بحديثه وفق المؤتمر الصحفي الذي عقده في نهار 26 نوفمبر على رؤوس الأشهاد، لنعاني من عدم الوضوح ومن ثم التأثير على أجهزة الدولة التنفيذية، وهو الخطأ الذي نحذر منه حاليا أيضا، ونرجو عدم تكرار الموقف.

حاول السيد فولكر رئيس البعثة المستقيل نتيجة المطلب الرئاسي من قبل الحكومة السودانية، ان يقدم خارطة حل خلصت إلى مؤتمر الرياض الذي انعقد تحت اسم اصدقاء السودان، وتكونت الآلية الرباعية منه، لتدخل البلاد في عملية سياسية مغلقة، تعنتت اتجاهها قوى الحرية و التغيير، ومن ثم ترفض في يوليو حديث البرهان المفضي الى خروج المؤسسة العسكرية من العملية السياسية.

بعدها في أغسطس تبدأ صياغه إطار سياسي جديد برعاية من الآلية الرباعية ومباركة من قوى إعلان الحرية و التغيير التي قررت أن تقدم نقدم غبي لفترتها في الحكم، ومن ثم تجلس مع برهان صاحب الشرعية، لتوقع وتهندس الإنفاق الإطاري، الذي قاد إلى هذه المحرقة بجانب تناقضات رئيسة أخرى سابقة لهذا الإنفاق.

إذن من الغباء الإدعاء السياسي بشرعية سياسية او دستورية حتى لوضعيتها، وما تحدثت به مجرد مناورة سياسية لها ما بعدها من أحقية في عملية سياسية، فهي الآن تنسف كل عملية سياسية بعد 25 أكتوبر، وتريد ان تعود بعقارب التاريخ إلى 25 أكتوبر، لتعمل على فك الارتباط مع الوضعية السياسية بعد أغسطس 2022م وهو ما لا يمكن وقوعه سياسيا.

وتريد ان تربك المشهد عبر إقحام حمدوك السيد رئيس الوزراء المستقيل، الذي هو جزء من خطوات سياسية خارجية تكشفت من خلال خطوته الحالية، مما يعني ولوقعه في إيناء فاسد سياسيا،ليثبت لنا أن بردايم أبريل 2019م سياسيا مرتبط مع بعضه البعض ولا يمكن فصله في المصالح، لذلك وجب بل أصبح من الضروري تجاوز هذا الخبث و البلاهة السياسية.

حسان الناصر

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

د. محمد بشاري يكتب: أسطورة الخيال.. بوابة التغيير والإبداع

الخيال هو أداة الإنسان الأبرز لتجاوز حدود الممكن ورسم مسارات المستقبل. إنه القوة الخفية التي تحرك الفكر والإبداع، وتقودنا نحو احتمالات لم تكن يوماً في متناول اليد. عبر التاريخ، لطالما مثّل الخيال مصدر دهشة وإلهام للبشرية، بدءاً من أساطير الحضارات القديمة وصولاً إلى الابتكارات العلمية الحديثة. إنه المساحة التي تتداخل فيها الأحلام مع الواقع، وتحول المستحيل إلى ممكن، وتمنح الإنسان القدرة على صياغة عالم جديد.

في الماضي، كانت أفلام الخيال العلمي والروايات المستقبلية تُنظر إليها على أنها ضرب من الجنون أو الهروب من الواقع. لكن هذه الأفكار، التي بدت يوماً غير واقعية، أصبحت اليوم نبوءات محققة. الرحلات الفضائية، والذكاء الاصطناعي، والسيارات ذاتية القيادة، كلها ولدت من رحم الخيال، لكنها تحولت بمرور الوقت إلى حقائق ملموسة. هذه الظاهرة تثير سؤالاً محورياً: كيف يمكن للبشرية أن تستثمر في الخيال ليس فقط كأداة إبداعية، بل كقوة دافعة للتغيير والتقدم؟

الخيال ليس مجرد أداة للترفيه أو الهروب من الواقع، بل هو مصدر حقيقي للحلول والابتكارات. عندما تواجه المجتمعات تحديات كبرى مثل تغيّر المناخ، والأزمات الصحية، والتوترات السياسية، فإن الخيال يمكن أن يلعب دوراً حاسماً في تقديم رؤى جديدة واستراتيجيات غير تقليدية. في كل مرة يتحدى فيها الإنسان حدود فكره، يفتح أبواباً جديدة للحلول التي لم تكن مطروحة من قبل. هذه القدرة على تجاوز المألوف تجعل الخيال قوة أساسية في تشكيل العالم.

لتحقيق هذا الإمكان، يحتاج البشر إلى تطوير ما يمكن تسميته بـ”التخيّل المنهجي”، وهو القدرة على استخدام الخيال بطريقة منهجية وموجهة نحو تحقيق أهداف محددة. يتطلب ذلك تعزيز التفكير النقدي والإبداعي لدى الأفراد، خاصة منذ مراحل الطفولة. إن الأطفال، بقدرتهم الفطرية على الحلم، يمثلون التربة الخصبة لزرع بذور الخيال. لكن هذه البذور تحتاج إلى رعاية مستمرة من خلال أنشطة تعليمية وثقافية تُعزز من قدرتهم على استكشاف العالم بطرق جديدة.

الخيال لا يقتصر على الأفراد فقط، بل يمكن أن يصبح مورداً جماعياً للمجتمعات والدول. إنه يشكل الأساس لابتكارات كبرى تحولت إلى ثورات صناعية وتقنية، مثل الإنترنت والطاقة المتجددة والأجهزة الذكية. الشركات الكبرى اليوم، مثل تلك التي تقود قطاع التكنولوجيا، تعتمد بشكل كبير على الأفكار التي تبدأ كخيالات طموحة، لكنها تتحول عبر الابتكار والعمل إلى واقع يغير العالم. لذلك، فإن الاستثمار في الخيال ليس ترفاً، بل ضرورة لتحقيق التنمية المستدامة.

يتجلى دور الخيال أيضاً في المجالات الثقافية والفنية. الفنون بجميع أشكالها ليست مجرد وسائل للتسلية، بل هي مختبرات للأفكار. الأفلام والروايات والمسرحيات تلعب دوراً محورياً في استكشاف القيم الإنسانية وإعادة تشكيل العلاقات الاجتماعية. كما أن الخيال الأدبي والسينمائي يمكن أن يكون حافزاً للعلماء والمبتكرين للبحث عن طرق جديدة لتحويل هذه التصورات إلى حقائق. وهكذا يصبح الخيال ميداناً للتفاعل بين المشاعر والأفكار، ومساحة للتجريب الحر الذي يفتح أبواب المستقبل.

لكن الخيال ليس فقط وسيلة للإبداع، بل يمكن أن يكون أيضاً علاجاً نفسياً ووسيلة لتحسين الصحة العقلية. في عالم مليء بالضغوطات والتحديات، يمكن للخيال أن يمنح الإنسان متنفساً للتأمل والتجديد. الانغماس في عوالم خيالية، سواء من خلال القراءة أو الألعاب الافتراضية، يمكن أن يساعد على تهدئة النفس وتعزيز التفكير الإيجابي. في هذا السياق، يصبح الخيال أداة ليس فقط لبناء المستقبل، بل أيضاً لتحسين الحاضر.

إلى جانب ذلك، يمثل الخيال دعوة للتأمل الفلسفي في طبيعة الوجود الإنساني. إنه يعكس قدرة الإنسان على تجاوز حدود الإدراك المادي، واستكشاف احتمالات جديدة للحياة. الفلاسفة الكبار، من أفلاطون إلى كانط، تحدثوا عن أهمية الخيال كوسيلة لفهم الذات والعالم. إنه المساحة التي يتلاقى فيها العقل مع الروح، حيث تتشكل الأفكار التي يمكن أن تغيّر مجرى التاريخ.

لكن الخيال ليس مسؤولية فردية فقط، بل هو مسؤولية جماعية تتطلب التعاون بين الأفراد والمؤسسات والدول. من خلال تعزيز ثقافة الخيال والإبداع، يمكن للمجتمعات أن تبني عالماً أكثر عدلاً واستدامة. الاستثمار في التعليم، وتشجيع البحث العلمي، ودعم الفنون والإبداع، كلها خطوات أساسية لتحقيق هذا الهدف.

في النهاية، يمثل الخيال البوابة السرية التي تقودنا نحو التغيير والإبداع. إنه القوة التي تدفع الإنسان لمواجهة التحديات، وتحقيق المستحيل، وخلق عالم يعكس أحلامه وطموحاته. في زمن يحتاج فيه العالم إلى حلول جذرية وإبداعات غير مسبوقة، يصبح الخيال ليس خياراً، بل ضرورة لبناء المستقبل. لذا، علينا أن نعيد اكتشاف هذه القوة الكامنة، ونمنحها المكانة التي تستحقها في حياتنا ومجتمعاتنا. فقط عبر الخيال، يمكننا أن نصوغ عالماً جديداً يتسع للجميع.

مقالات مشابهة

  • شاهد الشخص الذي قام باحراق “هايبر شملان” ومصيره بعد اكتشافه وخسائر الهايبر التي تجاوزت المليار
  • محمد بن سلمان.. ماذا يعني التغيير الكبير لمستقبل السعودية؟
  • ???? اختيار حمدوك .. خفايا و ملابسات (2)
  • هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها خلال حكم ترامب الثاني المرتقب؟
  • مصر أكتوبر: الدولة المصرية هي الملاذ الآمن لكل اللاجئين
  • وزير الاستثمار: الحكومة تعمل على إزالة التحديات التي يواجها مجتمع الأعمال
  • “سد حسان” .. مكسباً إقتصادياً كبيراً لأبين ..!!
  • ???? الذي تغير أن بريللو أكتشف كذب حمدوك وشلته الذين رسموا له المشهد على غير حقيقته
  • د. محمد بشاري يكتب: أسطورة الخيال.. بوابة التغيير والإبداع
  • طفلة تسائل الحكومة عن تسول الأطفال الذي يمس بسمعة المغرب قبل تنظيم المونديال