حسان الناصر: الخُبث والخبائث
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
أحياناً! لابد أن تتفاقم المشاكل ليمكن حلها!!
ومن سخرية الأقدار، أن آلاف الورش وجلسات النقاش، التي دارت في ردهات فنادق أديس أبابا؛ نيروبي ومكبالا. ومئات الوثائق التي كتبت، ووقعت بأقلام هؤلاء الأشخاص. لكن غباء العقل لا تعالجه طول التجربة. فلو أنا ربطنا (نعجة) في عنق أحدهم بدلا من (الكرفتة) كان وعيها السياسي سيكون أفضل، و فقهُها الدستوري سيكون أعلى من هؤلاء السفهاء.
ففي الوثيقة التي نشرها، رئيس الوزراء المستقيل عبد الله حمدوك، إدعت فيها قوى إعلان الحرية و التغيير شرعية دستورية نصبت على أساسها نفسها حكومة منقلب عليها. وهذا منافي للعمليات السياسية التي بدأت منذ ابريل 2019م، فالتعريف الأساسي لكل هذه العمليات أنها توافقية سياسية، خلصت في سبتمبر واكتوبر 2021 إلى ضرورة توسعة الشراكة وإكمال هياكل الفترة الإنتقالية والتي شهدت عبث دستوري، (ولعب سياسي) لم تشهده حتى جمهوريات الموز المتخيلة في الخطاب الغربي.
رفضت قوى إعلان الحرية ة التغيير مبادرات حمدوك صاحب المنشور الأخير، والتي جاءت بعنوان الطريق إلى الأمام والذي كان يستوجب ان يقوم بحل الحكومة، وتشكيلها ولكن لرخصه السياسي رفض هذه الخطوة، فما كان من صاحب الشرعية التي منحت الساسة حق الدخول للدولة إلا سحبها عبر إلغاء نصوص الشراكة، وفق إجراءات 25 اكتوبر.
ليدخل حمدوك في مفاوضات برعاية عبد الرحيم دقلو، ويوقع على إتفاق 21 نوفمبر، و تتقدم الحكومة بإستقالة جماعية، وقد كان رد حمدوك عليه بالنص حينها ” متروك لكم الأمر لاتخاذو القرار الذي ترونه مناسبا” مما يعد أن هذه الحكومة مستقيلة بموجب اتفاق حمدوك في نوفمبر.
فشل حمدوك في أن يأخذ خطوة واضحة،فقدم استقالته هو الآخر في يناير، وكان حمدوك قد تمكن بدايةً من اتخاذ قرار مراجعة حالات الإعفاء والتوظيف في الهيئات الحكومية والانتقالية وفق الإتفاق الموقع مع البرهان.
دخلت البلاد في حالة من السيولة البيروقراطية التي يتحمل وزرها السيد رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان في عدم الإلتزام بحديثه وفق المؤتمر الصحفي الذي عقده في نهار 26 نوفمبر على رؤوس الأشهاد، لنعاني من عدم الوضوح ومن ثم التأثير على أجهزة الدولة التنفيذية، وهو الخطأ الذي نحذر منه حاليا أيضا، ونرجو عدم تكرار الموقف.
حاول السيد فولكر رئيس البعثة المستقيل نتيجة المطلب الرئاسي من قبل الحكومة السودانية، ان يقدم خارطة حل خلصت إلى مؤتمر الرياض الذي انعقد تحت اسم اصدقاء السودان، وتكونت الآلية الرباعية منه، لتدخل البلاد في عملية سياسية مغلقة، تعنتت اتجاهها قوى الحرية و التغيير، ومن ثم ترفض في يوليو حديث البرهان المفضي الى خروج المؤسسة العسكرية من العملية السياسية.
بعدها في أغسطس تبدأ صياغه إطار سياسي جديد برعاية من الآلية الرباعية ومباركة من قوى إعلان الحرية و التغيير التي قررت أن تقدم نقدم غبي لفترتها في الحكم، ومن ثم تجلس مع برهان صاحب الشرعية، لتوقع وتهندس الإنفاق الإطاري، الذي قاد إلى هذه المحرقة بجانب تناقضات رئيسة أخرى سابقة لهذا الإنفاق.
إذن من الغباء الإدعاء السياسي بشرعية سياسية او دستورية حتى لوضعيتها، وما تحدثت به مجرد مناورة سياسية لها ما بعدها من أحقية في عملية سياسية، فهي الآن تنسف كل عملية سياسية بعد 25 أكتوبر، وتريد ان تعود بعقارب التاريخ إلى 25 أكتوبر، لتعمل على فك الارتباط مع الوضعية السياسية بعد أغسطس 2022م وهو ما لا يمكن وقوعه سياسيا.
وتريد ان تربك المشهد عبر إقحام حمدوك السيد رئيس الوزراء المستقيل، الذي هو جزء من خطوات سياسية خارجية تكشفت من خلال خطوته الحالية، مما يعني ولوقعه في إيناء فاسد سياسيا،ليثبت لنا أن بردايم أبريل 2019م سياسيا مرتبط مع بعضه البعض ولا يمكن فصله في المصالح، لذلك وجب بل أصبح من الضروري تجاوز هذا الخبث و البلاهة السياسية.
حسان الناصر
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
د. شيماء الناصر تكتب: المرأة العربية والجماعات المسلحة
تتعرض المرأة العربية في الوقت الراهن لعدة تحديات خطيرة نتيجة تصاعد ظاهرة الإرهاب وانتشار الفكر المتطرف في العديد من الدول العربية. إن هذا الوضع يؤثر بشكل سلبي على حقوق المرأة ويعتبر تهديدًا مباشرًا لمكتسباتها الإنسانية والاجتماعية.
تسعى الجماعات الإرهابية إلى سلب حقوق المرأة من خلال فرض أنماط حياة متشددة تروج لفكر تمييزي ضد النساء، مما يؤدي إلى تقييد حريتهن وتعزيز العنف ضدهن, وتعاني النساء في مناطق النزاع من انتهاكات جسيمة، بما في ذلك العنف الجنسي والاستعباد، مما يجعلهن ضحايا مزدوجات، حيث يُحرمن من حقوقهن الأساسية ويُستخدموا كأدوات لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية والأمثلة كثيرة وواضحة تتحدث عن نفسها في أكثر من دولة منها مؤخراً سوريا ومايحدث فيها من دخول للمليشيات المسلحة حيث أجبرت النساء خاصاً في المناطق الريفية بالألتزام بقوانيين صارمة تتعلق بالملابس والسلوك وتم أستهداف النساء النازحات بشكل خاص وانتهاك حقوقهن الأساسية
وفي السودان مثال أخر, حيث نشهده كل يوم على الشاشات من تعرض النساء السودانيات لأنتهاكات جسيمة ترتكب بحقهن في ظل النزاع الداخلى المسلح في غياب تام لأي نظام حماية وطني أو دولي . ولا يختلف كثيراً عن ما تتعرض له المرءاة اليمنية في نظام الحوثي ومايمارسة من ترويع وقتل وأعتقال وسبى النساء والتهجير القسري في الجبال دون أي غطاء حماية للنساء ولحقوهن . ولا يختلف المشهد كثيراً في بلاد أخرى مايعانوه من تمييز وانتهاك لحقوهن الأساسية فكلهن شركاء في المعاناة في ظل توغل ظاهرة الارهاب والمليشيات المسحلة في البلدان العربية مختلفة الأهداف والأيدولوجيات ولم تسلم حتى الدول غير العربية من وطأة الإرهاب.
فمع دخول نظام طالبان لحكم لأفغانستان بنفس الفكر العكسري والتمييزي حرمت الفتيات من حقهن في التعليم والعمل في ظل ظروف معيشية وأقتصادية وصحية متردية كل هذا جعلنا نتسأل أين دور ومنهجية عمل قانون حقوق الانسان ومنظمات الامم المتحدة المعنية وأين دور جامعة الدول العربية من قضية هامة تمس الكل سوء داخل مناطق النزاعات أو خارجها .
ورغم وجود معاهدات دولية مثل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، إلا أن العديد من الدول العربية لم تلتزم بتطبيق هذه الاتفاقيات بشكل فعّال,
وهذا يتطلب من المجتمع الدولي مراجعة آليات التنفيذ وتقديم الدعم الفني والمالي للدول التي تعاني من انعدام الأمن.
وتأتي الأمم المتحدة بمنهجية كأحد الأطر للدفاع عن حقوق المرأة، حيث تنظم برامج ومبادرات تهدف إلى تعزيز الوعي بحقوق النساء وتقديم الدعم للدول في تطوير سياساتها. ومع ذلك، تبقى هذه الجهود عرضة للتحديات مرهونه بمجريات الامور على الأرض، إذ إن وجود قوانين دون تنفيذها على الأرض يجعلها غير فعالة حيث يتعين على الأمم المتحدة العمل بشكل أكثر فعالية على مستوى التنفيذ، من خلال فرض العقوبات على الدول التي تنتهك حقوق المرأة وتقديم الدعم للدول التي تتخذ خطوات إيجابية.
لذلك أقول أن التحديات التي تواجه المرأة العربية ليست مجرد قضايا قانونية أو سياسية، بل هي قضايا إنسانية تتطلب تعاطفًا أكبر من المجتمع الدولي و يجب أن نعمل جميعًا على تغيير الصور النمطية والأفكار السلبية التي تعزز التمييز ضد النساء.
إن تمكين المرأة وتعزيز حقوقها هو استثمار للمستقبل فهن يمثلن نصف المجتمع، ومن دون مشاركتهن الفعالة لن نتمكن من تحقيق السلام والاستقرار المنشود.
ولتحسين وضع المرأة العربية لابد مواجهة شاملة للفكر المتطرف، وتفعيل القوانين الدولية، وتعزيز دور المنظمات الإقليمية مثل جامعة الدول العربية و يجب أن تكون حقوق المرأة في قلب بنود الدستور وكذلك السياسات العامة والمبادرات المحلية، لضمان تحقيق الأمان والكرامة لهن في جميع أنحاء العالم العربي