سلطت وكالة "بلومبرج" الضوء على تردى البنية التحتية وتهالك السدود في ليبيا، وهو ما ضاعف حجم المأساة التي سببتها الفيضانات.

وقالت الوكالة إن حالة عدم الاستقرار السياسي واستمرار الحرب الأهلية على مدى عقد من الزمان، والبنية التحتية المتداعية، وأنظمة الطوارئ الضعيفة، كل ذلك لعب دوراً في تفاقم المأساة التي تكشفت في الجبل الأخضر شرقي ليبيا.

وذكرت أنه يُضاف إلى ذلك تغيّر المناخ، لتكون النتيجة أعنف عاصفة وأكثرها تكلفة على الإطلاق في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

وأشارت الوكالة إلى أن كل هذه المشكلات ستظل تلقي بظلالها على تعافي ليبيا من كارثة تفاقمت شدتها بسبب المناخ، وعلى الأرجح، ستصعّب على البلاد أيضاً الاستعداد لارتفاع درجات الحرارة، والجفاف، والأمطار الشديدة، مستقبلاً.

وأضافت: "تتعذر الاستفادة من أموال الإغاثة المناخية في ظل الحالة الهشة لمؤسسات الدولة، حتى مع توافر المزيد من الدعم من خلال برامج المؤسسات الدولية".

وأردفت "بلومبرج" أن قمة المناخ "كوب 27" في العام الماضي شهدت انفراجة تاريخية عبر إنشاء صندوق للخسائر والأضرار لمساعدة البلدان الفقيرة التي تعاني من تداعيات الطقس القاسي.

واستدركت: "لكن هذا الصندوق لم يُفعّل بعد، ومن الصعب تحديد مصادر الدعم الجاهزة في أعقاب الكارثة المناخية الأكبر التي ضربت ليبيا".

ولفت التقرير إلى أن الفيضانات أصبحت أشد وطأة، مع وقوع هذه الكوارث بشكل مفاجئ، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الغلاف الجوي يحمل كمية إضافية من بخار الماء بنسبة 7% مقابل كل درجة مئوية من الاحتباس الحراري.

اقرأ أيضاً

ليبيا.. قرار بحبس 16 مسؤولاً على خلفية انهيار سدود درنة

وشهدت ليبيا التي تعاني من بنية تحتية متداعية، ارتفاعاً فعلياً في الحرارة بما يزيد على درجة واحدة منذ عام 1900.

وإذا ظلت انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري للكوكب دون تغيير، فإن متوسط درجات الحرارة في البلاد سوف يرتفع بنحو 2.2 درجة مئوية بحلول عام 2050، و4 درجات مئوية بحلول نهاية القرن الحالي، وفق التقرير.

وقال كيران دونيلي، نائب الرئيس الأول للاستجابة للأزمات في لجنة الإنقاذ الدولية، وهي منظمة غير ربحية تساعد المتضررين جراء الكوارث والأزمات الإنسانية: "ما حدث في درنة هو الوضع الذي سنشهده يتفاقم بشكل متزايد في دول مثل ليبيا".

وأضاف: "الدول الهشة التي تعاني من الصراعات، هي أكثر عرضة لتغير المناخ بشكل كبير، بسبب تدهور الخدمات الاجتماعية وافتقاد البنية التحتية بها إلى الصيانة".

فشل التعامل مع الإنذارات المسبقة

ورصد خبراء الأرصاد الخطر الذي هدد ليبيا قبل ثلاثة أيام من وقوع الكارثة، حيث تسببت العاصفة ذاتها بدمار في اليونان.

لكن هذا الترقب لم يحل دون وقوع الكارثة. فقد أفاد الناجون منها بأنهم تلقوا تنبيهات متناقضة من سلطات مختلفة في الساعات التي سبقت العاصفة.

ويأتي هذا الالتباس جزئياً بسبب وجود حكومتين ليبيتين -واحدة في الشرق، وأخرى في الغرب- واللتين كان نزاعهما المستمر يعني عدم وجود استعدادات منسقة لحالات الطوارئ. لم يتم إجلاء السكان على طول نهر وادي درنة، وهو النهر الذي يمر على امتداد مدينة درنة الساحلية قبل أن يصب في البحر الأبيض المتوسط.

وقالت ماجا فالبيرج، مستشارة المخاطر المناخية في "مركز المناخ" (ومقره في ولاية كاليفورنيا الأميركية)، والذي يتعاون مع منظمتي الصليب الأحمر والهلال الأحمر: "ليس من الواضح إلى أي مدى تم إبلاغ عامة الناس بالتوقعات والتحذيرات، أو فرق الاستجابة المعنية بحالات الطوارئ. يعني هذا أن أي شخص في مسار المياه كان معرضاً للخطر، وليس فقط أولئك الذين هم في العادة معرضون للخطر بشدة".

وأضافت: "كان ذلك أول إخفاق، ثم تبع ذلك انهيار السدود".

وذكرت "بلومبرج" أن الأمر لم يتوقف عند حد خطر جدار المياه الهائل بارتفاع طابقين، والذي اجتاح المدينة نتيجة لهطول الأمطار الغزيرة فحسب. فقد دمرت العاصفة سدين مصنوعين من الطين والصخور يعودان إلى عقد السبعينيات من القرن الماضي.

وكما هي حال الكثير من البنية التحتية في ليبيا، كانت السدود في وادي درنة مهملة لعقود من الزمن.

اقرأ أيضاً

إيكونوميست: حفتر يستغل كارثة فيضانات ليبيا لبسط نفوذه

سدود متهالكة

وقال التقرير إن انهيار عدد كبير من السدود القديمة على مستوى العالم والتي بُنيت بهدف تحمل ظروف مناخية لم تعد قائمة، سوف يصبح مشكلة واسعة الانتشار بشكل متزايد، لا سيما في البلدان النامية ذات موارد الصيانة المحدودة.

وأظهر تحليل مفصل لأكثر من 35 ألف سد، نُشر في وقت سابق من العام الجاري في مجلة "نيتشر" (Nature)، أن متوسط عام البناء على مستوى العالم كان عام 1974، وفق بلومبرج".

وتُعد أمريكا الشمالية موطناً لأقدم سدود العالم، مع متوسط عام الانتهاء من 1963، تلتها أوروبا بمتوسط بناء في عام 1966.

وقال النائب العام الليبي في مؤتمر صحفي متلفز يوم 15 سبتمبر/ أيلول، إن التقارير بشأن حدوث شقوق كبيرة في السدود المنهارة بالقرب من درنة تعود إلى عام 1998 على الأقل.

وحسب التقرير منحت حكومة الرئيس الراحل معمر القذافي، الذي اتسم حكمه لليبيا بالديكتاتورية على مدى 30 عاماً، عقد إصلاح وصيانة إلى شركة تركية في عام 2007. لكن أعمال الصيانة لم تبدأ بسبب مشكلات السداد حتى عام 2010، ثم توقفت فجأة بعد أقل من خمسة أشهر، وذلك في عام 2011، خلال الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالقذافي.

ولم تستأنف أي من الحكومات المتعاقبة صيانة السدود.

قسوة المناخ بالقارة السمراء

وذكر التقرير أنه رغم قسوة الحالة الراهنة في ليبيا، فإنها ليست وحدها التي تعاني من تأثيرات المناخ. إذ يتوقع بحلول نهاية العقد الجاري، أن تزداد مساحة الأراضي الحضرية المهددة بالفيضانات متكررة الحدوث بنحو 270% في شمال أفريقيا، وبـ800% في الجنوب الأفريقي، و2600% في وسط القارة مقارنة بمستويات التهديد في مطلع الألفية الحالية، وفقاً لأحدث تقرير أعده علماء ضمن الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ المدعوم من الأمم المتحدة.

وصُنفت نحو 70% من المدن الأفريقية على أنها شديدة التأثر بالصدمات المناخية.

وتقف وراء كل هذه الظروف حالة الافتقار إلى البنية التحتية الحيوية، وسوء صيانة السدود والجسور والطرق القديمة، والتي غالباً ما تكون متداعية.

وتابع التقرير: "يصف خبراء المناخ الجهود المبذولة لحماية الناس من العبء المدمر الناجم عن الاحترار بأنها "تكيّف" أو "تأقلم"، في مقابل جهود "التخفيف" التي تحد من انبعاثات الاحتباس الحراري. العالم لا ينفق ما يكفي على أي من الجهدين. وفي حين أن الدول الفقيرة واجهت صعوبة في الحصول على تمويل كافٍ للتخفيف، إلا أن برامج تمويل التكيف كانت حتى وقت قريب غير متاحة".

اقرأ أيضاً

إعصار ليبيا.. حكومة الوحدة تعلن حالة الطوارئ لمدة عام بالمناطق المنكوبة

انبعاثات ليبيا الأكبر في القارة

وذكرت "بلومبرج" أن ليبيا تتفوق على غيرها، ولكن بأوجه أخرى. ففي الوقت الذي تصدر فيه العديد من أفقر البلدان وأكثرها عرضة للتأثر بالمناخ انبعاثات محدودة نسبياً، فإن الأمر ليس على هذا النحو بالنسبة إلى ليبيا، موطن أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في أفريقيا، وأعلى انبعاثات للفرد في القارة.

وأوضحت أن هذا يعني أن الحالة المتردية للبنية التحتية الليبية تؤدي إلى تسرب متكرر للميثان، وهو من الغازات الدفيئة فائقة القوة، ناجم عن صناعة النفط والغاز المحلية.

وأضافت: "بهذه الطريقة، يمكن اعتبار البنية التحتية الهشة في ليبيا تهديداً مزدوجاً. فالاحترار العالمي قد تسبب في زيادة حدة العاصفة التي دمرت البلاد هذا الشهر، مما فاقم احتمالية حدوثها بمقدار 50 مرة، وزيادة شدتها بما يكفي لتدمير السدود المتقادمة، وفقاً لتقرير صادر عن علماء من مؤسسة "الإسناد العالمي للطقس".

وأتى الفيضان على ربع درنة، وقسم المدينة إلى قسمين. ولا تزال العديد من الطرق مغمورة بالمياه، والقليل من المساحات المتبقية مزدحمة بالأشخاص الذين يحاولون مغادرة المنطقة أو دخولها.

وتقيم السلطات في شرق ليبيا وغربها نقاط تفتيش على الطرق، وهناك حاجة إلى تصاريح متعددة للانتقال من جانب إلى آخر.

اقرأ أيضاً

كيف تجاهل الليبيون التحذيرات وتسببوا في غرق درنة؟

المصدر | الخليج الجديد + وكالات

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: درنة فيضانات ليبيا ليبيا كارثة مناخية البنية التحتية البنیة التحتیة التی تعانی من اقرأ أیضا فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

اضطرابات النوم بعد رمضان؟ اكتشف الأسباب والحل السريع!

شمسان بوست / متابعات:

ساعات قليلة تفصلنا عن انتهاء إجازة عيد الفطر، وبعد صيام شهر رمضان، وما ترتب عليه من تغيير في الروتين اليومي للكثيرين، حانت لحظة الحقيقة، وهي العودة لساعات العمل الرسمية ونمط الحياة الخالي من قيلولة الإفطار، والسهر لساعات طويلة حتى السحور، أو الاستيقاظ متأخراً خلال إجازة العيد.

قد تعاني عقب انتهاء شهر رمضان من اضطرابات النوم والأرق لأسباب عدة، نتيجة تغيير عادات النوم في فترة الصيام.

أسباب اضطرابات النوم بعد رمضان
النوم المتكرر وغير المنتظم عامة في شهر رمضان يعود إلى طبيعة الشهر الكريم، وما يرتبط به من عادات اجتماعية، وأيضاً طقوس دينية مثل امتداد الصلاة لوقت متأخر من الليل، وتغيير مواعيد الدوام والدراسة بما يتناسب مع مواعيد الصيام والإفطار.
هذه العوامل تخرج الساعة البيولوجية عن مسارها الروتيني، وبالتالي تمهد لمشكلة اضطرابات النوم والأرق، والتي قد تستمر فترة طويلة بعد رمضان.


كيف يؤثر تغيير الروتين اليومي على نومك؟
تتغير العادات اليومية في رمضان، وأهمها مواعيد تناول الوجبة الرئيسية في اليوم قبل مواعيد النوم بوقت قصير. وقد يتبع البعض نهجاً غير صحي خلال الشهر الكريم يتعلق بتناول كميات كبيرة من الطعام والشراب، وعدم ممارسة الأنشطة التي تتطلب حركة كصلاة التراويح.


ويعاني كثيرون أوقاتاً صعبة، يضطرب معها إيقاع الجسم، وساعته البيولوجية التي تتحكم في الشعور بالحرارة والبرودة، والجوع، والرغبة في النوم، وغيرها من الأمور.

وكشف موقع Demo Lab، عن أن النوم المتقطع لساعات غير كافية يسهم في إحداث تغييرات بالساعة البيولوجية، فضلاً عن متاعب عامة من أبرزها:
1– الصداع وتقلب المزاج ويشمل ذلك سرعة الغضب والصداع النصفي.


2– التأثير في الوظائف الإدراكية، فتتراجع القدرة على الاحتفاظ بالمعلومات، واسترجاعها، واتخاذ القرارات وحتى القدرات الإبداعية.


3– زيادة الوزن بسبب التغييرات التي تطرأ على الهرمونات المتحكمة في الشعور بالشبع والجوع.
نصائح للتغلب على مشاكل النوم بعد رمضان
يرتبط النوم والاستيقاظ بالساعة البيولوجية للجسم، ويؤدي تغير مواعيد النوم طوال شهر رمضان إلى اضطراب في إيقاع الساعة البيولوجية، وهو الأمر الذي ينعكس على قدرة الفرد على النوم، والاستيقاظ في مواعيد مناسبة.


كما يصاحب ذلك أيضاً الشعور بالتعب والنعاس طوال النهار مع صعوبة التفكير والتركيز. وفي ما يلي بعض النصائح التي قد تساعدك على حصار تلك المشكلة:
1- تحديد وقت للنوم والاستيقاظ مناسب لروتين يومك سواء كان مواعيد دراسة، أو عمل أو أعمال منزلية.


2- التعرض للضوء والظلام: حاول أن تتعرض لشمس الصباح الباكر، مع الحرص على الابتعاد عن مصادر الضوء قبل النوم بفترة كافية.


3– تجنب أخذ قيلولة في النهار: قد تهدم قيلولة النهار كافة جهودك لضبط مواعيد نومك بعد رمضان، لأنها ستؤدي إلى إفاقة تربك أجهزة جسمك.


4– تناول العشاء مبكراً: حاول أن تتجنب الأكل قبل النوم مباشرة، حتى تحصل على قسط مريح من النوم بلا اضطرابات.


5– تجنب شرب الكافيين: لا تشرب الكافيين قبل النوم بساعتين على الأقل لتتجنب الأرق.


كيفية العودة إلى نمط النوم الطبيعي بعد رمضان
يجب أن تخطط بعد انتهاء إجازة العيد أن تلزم نفسك بضبط روتين جيد للعودة إلى مسار الحياة العادية.


وقد تساعدك الخطوات التالية على الأمر:
* اضبط ساعات النوم والاستيقاظ، وتشير الدراسات إلى أن 95% من الأشخاص في العالم بحاجة من 7-9 ساعات من النوم في حين% 2.5 من الأشخاص ينامون أقل.


•لكي تحصل على ساعات نوم كافية من الضروري أن تعتاد على القراءة قبل النوم، والابتعاد عن استعمال الهاتف الجوال وباقي الأجهزة الإلكترونية التي ينتج عنها الضوء الأزرق المسبب للأرق.
⁠وتساعدك قراءة الكتب الورقية على تقليل الضوضاء، والثرثرة في الدماغ من خلال الانشغال والتركيز بالقصة لتتم عملية النوم بطريقة سريعة وسليمة.

* التزم بالابتعاد عن الأجهزة التي ترسل الضوء الأزرق، نصف ساعة قبل النوم لتحصيل ساعات نوم كافية وصحية.

•حاول أن تبذل مجهوداً حركياً خلال النهار، وابتعد عن الأكلات الدسمة قبل النوم.

مقالات مشابهة

  • اضطرابات النوم بعد رمضان؟ اكتشف الأسباب والحل السريع!
  • الحمل يوفر بعض الحماية ضد كوفيد طويل الأمد
  • مؤشر تغير المناخ 2025.. مصر تحقق تقدما ملحوظا وسط تحديات الطقس والكوارث الطبيعية
  • رصد أزيد من 8 مليون درهم لإتمام مشروع حماية مدينة وزان من الفيضانات
  • رصد 860 مليون لحماية وزان من الفيضانات
  • 73 محورًا جديدًا على نهر النيل بحلول 2030.. خطة الدولة لتعزيز البنية التحتية
  • نظام المناخ العالمي في خطر.. هل تواجه تيارات المحيطات الانهيار؟
  • اليمن.. سلسلة غارات أمريكية ضد البنى التحتية للحوثيين بمحيط صعدة
  • مركز الشارقة الذكي لإدارة مخاطر الطقس يواجه التحديات المناخية
  • أبناء المدخنات أكثر عرضة للسمنة !!