رأي.. خلف بن أحمد الحبتور يكتب لـCNN: الحرص واجب
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
هذا المقال بقلم خلف بن أحمد الحبتور، رجل أعمال إماراتي ورئيس مجلس إدارة مجموعة "الحبتور" الإماراتية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن وجهة نظره ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
من يتابع نشرات الأنباء في الآونة الأخيرة يخيل إليه أنه يتابع أفلام الحركة (الأكشن) الخيالية، حيث تتوالى الكارثة تلو الأخرى.
فبالعودة إلى السنوات القريبة، نرى أن هناك حالات من الجنون أصابت عددا كبيرا من دول العالم ذات أوجه مختلفة، تتمثل بالفوضى والحروب والصراعات الداخلية والخارجية، ولا يمكن تصنيفها في خانة الصدف، نجدها تتمدد وتستعرّ وتكبر دون رادع.
فالصراعات والقلاقل تنتشر في كل بقاع الأرض وتمدد إلى كل القارات؛ نجدها في قلب أوروبا من خلال الحرب الروسية الأوكرانية، والتظاهرات في الشوارع الفرنسية. ونجدها في آسيا في مجموعة من البلدان كحروب داخلية وحالة عدم استقرار كما في سوريا، ولبنان، والعراق وإيران والأراضي الفلسطينية وإسرائيل، وكصراعات في طريقها إلى أن تصبح حروب، كما يحدث بين أرمينيا وأذربيجان، والكوريتين، الشمالية والجنوبية، والصين وتايوان. عدا عن الحروب الأهلية في السودان وعدد من الدول الإفريقية الأخرى، حتى وصلت حالة عدم الاستقرار الأمني إلى عقر دار واحدة من أقوى دول العالم، الولايات المتحدة الأمريكية.
تشكل هذه الدول ذروة الصراع العالمي الذي لن يتوقف عندها، بل هناك خطر من امتداده خارج حدودها إلى دول ومناطق أخرى ضمن خارطة التنافس على السيطرة والنفوذ الدولي. فالحرب بين روسيا وأوكرانيا هي حرب شبيهة بحرب عالمية بالوكالة بين معسكرين، استخدمت فيها كل أنواع الأسلحة ما عدا الأسلحة البيولوجية والنووية حتى الآن.
في مقاربة سريعة مع الأسباب التي أدت إلى نشوب الحربين العالميتين الأولى والثانية والوضع الدولي الحالي، نرى أنه في المرحلة السابقة تمت إدارة الصراع بين معسكرات مختلفة حيث خرجت منها قوى مؤثرة وخلقت معها واقعاً جديداً اعتمد على إلغاء الآخر والسيطرة على الدول الضعيفة والتحكم بها في كافة الأمور والمقاييس. وها نحن اليوم نشهد مرحلة جديدة من الصراع الدولي يكاد يشبه في حيثياته الأجواء التي رافقت الحرب العالمية الأولى والثانية، ولكن بأساليب مختلفة مع تقارب الأهداف منها.
ما يميز هذه الصراعات عن سابقاتها هي الأساليب المبتكرة المتبعة التي تنجح في حجب حقيقة أهدافها، إذ تعتمد على التضليل والخداع. وذلك عبر استخدام أسلحة ليست عسكرية فقط، بل أسلحة أخرى كخلق صراعات ونزاعات وبؤر توتر اثنية أو طائفية أو قبلية أو أيديولوجية أو أهلية. كما تستخدم السلاح الاقتصادي، من إفقار وتجويع لبعض الشعوب، ما يدفعها إلى الهجرة المبرمجة وبالتالي تنفيذ أجندات تتسبب بها فوضى الهجرة الخلاقة.
وإذا نظرنا بكل تجرد إلى تداعيات تلك الحروب لرأينا تأثيرها السلبي على العالم بأسره، خصوصاً على الدول الأوروبية حيث تستنزف مقوماتها اللوجستية العسكرية والاقتصادية بشكل كبير مما يضعفها ويشكل خطرا مباشرا على كيانها وحياة المواطنين فيها. كما رأينا أيضا تداعيات تلك الحرب على الاقتصاد العالمي أجمع وأزمة الغذاء والحبوب التي طالت الجميع دون استثناء.
وإذا ما ربطنا ما يحصل بين روسيا وأوكرانيا بالصراع الحاصل في أفريقيا، نجد بأن هناك تناغماً في حروب السيطرة الدولية بين القوى الكبرى التي تتنقل بصراعاتها من قارة الى أخرى، وتنقل السيطرة من دولة لحساب أخرى، وتتبدل الأدوار فيها لتسقط رايات وترتفع أخرى، وليزداد معها هاجس الخوف لدى شعوب تلك الدول الأفريقية التي يتم دفعها عمدا إلى الهجرة بكثافة وبكافة أشكالها وأنواعها الشرعية منها وغير الشرعية إلى دول محددة خصوصاً الأوروبية.
أجد أن الزحف الحاصل من مئات آلاف اللاجئين الهاربين من الحروب يشكل خطراً وشيكاً. فالهجرة الممنهجة إلى أوروبا مثلاً من دول عدم الاستقرار، جعلت القارة العجوز موبوءة بنازحين عاثوا فيها خراباً، ولا تستطيع أي من الدول إخراجهم من أراضيها خوفاً من ارتدادات مؤسسات حقوق الإنسان والمؤسسات العالمية الأخرى.
الفوضى، الفوضى ثم الفوضى لمآرب كثيرة حيث تعم مثل هذه الحالة في ليبيا لتلحق بها في عدم الاستقرار دول أخرى كسوريا، والعراق، واليمن، وإسرائيل، وإيران. وإذا انتقلنا الى لبنان، فرغم أزماته الكبيرة ووضعه غير المستقر أمنياً واقتصادياً، فإن مسألة النزوح السوري الكثيف إليه خرجت عن السيطرة ليشكل هذا الأمر خطراً وجودياً عليه لم تشهده الساحة اللبنانية من قبل. والدول الكبرى ليست ببعيدة عن عمليات الفوضى وعدم الاستقرار، فشوارع فرنسا خير شاهد على ذلك.
أمام هذه الصورة المختصرة عن الفوضى التي تعم معظم دول العالم، والصراعات القديمة والمستحدثة، أردت أن أطلق صرخة كمواطن من دول مجلس التعاون الخليجي يخاف من انتقال عدوى الفوضى والصراعات إلى ساحتنا. فما نحن بفاعلين؟ هل سنكون في موقع المتفرج دون اتخاذ أي إجراءات وقائية أو دفاعية؟
الوضع لا يحتمل التراخي، مطلوب أن نكون حذرين وعلى أهبة الاستعداد لحماية أرضنا ووجودنا. فبلحظة ما قد تتوسع رقعة الحروب نتيجة الصراع على النفوذ العالمي بين الدول، لندخل في آتون حرب عالمية جديدة.
بين ليلة وضحاها، على خليفة كل هذه الصراعات الواقعة من حولنا، قد تجد دول مجلس التعاون الخليجي نفسها في مواجهة تحدِّ أمني، وعسكري، وإنساني، حتى اقتصادي، فهل نحن جاهزون لمواجهة تلك المخاطر إن حدثت، مَعاذ الله؟
الوقاية هي أفضل سبل العلاج. وأنا لا أدعو للخوف، إنما أحثّ على الاستعداد لنخرج بأقل الأضرار من أي كارثة قد تصيب العالم، وعلينا في ذلك الاتكال على أنفسنا لمواجهة أي تحد كان ومن أي جهة أتى، دون انتظار النجدة من الشرق أو الغرب. فلا يحك جلدك مثل ظفرك. عدا عن أن هذه الدول في حالة هشّة، لن تهتم إلا لنجدة أنفسها.
أردت من هذا المقال تسليط الضوء على ارتيابي مما يحاك ضد منطقتنا من أهوال ومخاطر بدأت تظهر ملامحها في الآفاق البعيدة وتقترب رويدا رويدا منا، وقد تجرفنا بعواصفها وأعاصيرها مع مخططات صراع ممنهجة بدأت تتوسع من قارة إلى قارة ومن دولة إلى أخرى في إطار عناوين تحمل في طياتها مرحلة جديدة من الصراعات وتقسيم النفوذ.
لذا، أدعو دول مجلس التعاون الخليجي لإنشاء خلية أزمة موحدة تتابع هذه الأوضاع بشكل يومي وتعنى بتجهيز خطط الدفاع عن وجودنا وأمننا واستقرارنا. فخشيتي من نقل الصراع والفوضى إلى خليجنا العربي، ومواجهة أكبر مخاطره، ألا وهو النزوح العشوائي والهجرة غير الشرعية من قبل أفارقة وآسيويين وغيرهم، بشكل مبرمج وممنهج، قد تشكل دولنا محطتهم المقبلة.
خلال سنوات عدة حذرت في مقالاتي التي نشرتها في كتابي "هل من يصغي؟" من أمور حدثت بالفعل، واليوم أستقرأ المرحلة بكل واقعية وشفافية، فلنستعد لحماية أنفسنا ومجتمعنا بتأمين وسائل الدفاع والوقاية اللازمة لها، تحسباً لأي طارىء وحذراً من أي طرف يملك أجندات قد تؤذينا في محيطنا العربي، فأرضنا هي عرضنا ولن نستهين بها.
أوكرانيااليمنروسيالبنانليبياالخليجدول الخليجدول مجلس التعاون الخليجينشر الأربعاء، 27 سبتمبر / ايلول 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتكوبونز CNN بالعربيةCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: الخليج دول الخليج دول مجلس التعاون الخليجي دول مجلس التعاون عدم الاستقرار من دول
إقرأ أيضاً:
أمين الفتوى: الالتفات في الصلاة مكروه وقطعها واجب في هذه الحالات
أكد الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن الالتفات في الصلاة اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ حينما سألته السيدة عائشة رضي الله عنها عن الالتفات في الصلاة، فقال: "إنما هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد".
وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حوار مع الإعلامي مهند السادات، بحلقة برنامج "فتاوى الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم السبت، أن الالتفات اليسير دون حاجة شديدة مكروه، لأنه ينقص من خشوع الصلاة، أما إذا كان الالتفات لمتابعة الأطفال بما لا يقطع الصلاة، كأن يكونوا أمام المصلي دون الحاجة إلى الالتفات، فلا بأس به.
وأضاف أنه من الأفضل الاحتياط قبل الصلاة، وذلك بوضع الأطفال في مكان آمن لتجنب الحاجة إلى الالتفات، مشيرًا إلى أن الشريعة جاءت بالتيسير، فقد كان النبي ﷺ يريد إطالة صلاته، لكنه كان يخففها إذا سمع بكاء الطفل حتى لا تنشغل أمه عنه.
أما في حالة الخطر المحقق، مثل أن يكون الطفل في وضع قد يعرضه للسقوط أو الأذى، فقد أكد أن قطع الصلاة في هذه الحالة واجب، لأن حفظ النفس مقدم على استمرار الصلاة.
واستدل: "إذا كان الشخص في صلاته ورأى ضررًا محققًا على أحد، مثل كفيف على وشك السقوط، أو طفل يقترب من نافذة أو خطر، وجب عليه قطع الصلاة فورًا لإنقاذه".
وتابع: "أن كان المصلي يعلم مسبقًا أن طفله قد يكون عرضة للخطر أثناء الصلاة، فمن الأفضل تأمينه أولًا قبل الشروع في الصلاة، تحقيقًا لمقاصد الشريعة في حفظ النفس".